الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرموز المؤسسة للسلفية المعاصرة الألباني نموذجا

أبواللوز عبد الحكيم

2007 / 9 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ولد في ناصر الدين الألباني في عام 1914 من أسرة فقيرة، وقد تخرج والده من المعاهد الشرعية في العاصمة استانبول، بعد تحول العاصمة التركية على مدينة علمانية، اختار أبوه الاستقرار في دمشق
تلقى الألباني التعليم في دمشق ونظرا لرأي والده السلبي تجاه المدارس النظامية قرر ألا يستكمل ابنه دراسته ووضع له برنامجا مركزا من خلاله تعلم القرآن والتجويد وفقه مذهبه الحنفي، توجه الفتى إلى التخصص في علم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثرا بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها محمد رشيد رضا يقول محمد المجدوب في كتابه "علماء ومفكرون" بلسان الألباني:".. ذات يوم لاحظت بين الكتب المعروضة أدى احد الباعة جزءا من مجلة المنار فاطلعت عليه ووقفت فيه على بحث بقلم رشيد رضا ويصف فيه كتاب الإحياء للغزالي، ويشير على محاسنه ومآخذه..ولأول مرة أواجه مثل هذا النقد العلمي فجذبني ذلك إلى مطالعة الجزء كله..".
و نظرا لأصله الأعجمي كان تقي الدين الألباني مستهجنا في بداية مسيرته من طرف العلماء السعوديين، لكنه كان يلقى دعما سريا من عديد الشيوخ السلفيين المعاصرين ، و سرعان ما نجح في نيل مكانة مرموقة وسط العلماء السلفيين، كما اعترفت له السلطة الدينية الرسمية السعودية بصفة العالم، وذلك بعدما قامت لجنة الإفتاء في الرياض بإرسال خطاب للشيخ المحدث عبيد الله الرحماني يسألونه عن حديث غريب، فقام جمع من العلماء بإحالة كتاب بالأمر على الألباني مزكين إياه لدى الحكام السعوديين من خلال وصفهم له بأكبر محدث في العصر الحالي، ونظرا للمكانة الجديدة أصبح الألباني مدرسا رسميا بالجامعة الإسلامية، كما اختارته الإدارة العامة للإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض للسفر على مصر والمغرب ليقوم على الدعوة إلى العقيدة السلفية، لم يتردد الألباني في مقابل ذلك، في الثناء على السعودية وصفا إياها بدولة العقيدة الصحيحة، ومحمد بن عبد الوهاب بإمام الإسلام وشيخه.
يقترن أسم الألباني بعلم الحديث، فقد عرف بالاعتناء بنقد الحديث سندا ومتنا، بحيث أبدى في كتابه " الأحاديث الصحيحة والضعيفة" نزعة نقدية فاحصة ومتعمقة، وكان من حيث الابتكار والنزعة البحثية أشيه بالمؤلفات الكلاسيكية. وقد زاد من انتشاره تناقص مثل هذه الإصدارات وسيادة المختصرات والشروح والكتب المدرسية في مجال علم الحديث منذ وقت طويل، وقد أضيف هذا الكتاب وغيره من مؤلفات الألباني في علم الحديث (صحيح الرهيب والترغيب، وصحيح الجامع، صحيح السنن الأربعة، إرواء الغليل) إلى الصحاح من كتب الحديث، والتي تعد اليوم من أبرز المؤلفات التي يعتمدها الدارسون لعلم الحديث من السنة .
وفي الكتب التي قام تخريج أحاديثها، أظهر الألباني براعة في علم الإسناد من خلال الاشتغال بالحديث تصحيحا وتضعيفا وتحسينا، معتمدا على ضبط سلسلة الرواة ونقدهم بالتعديل والتجريح، كما اظهر نزعة نقدية شديدة، ومن مواقفه الدالة على ذلك عدم قبوله الحديث الصحيح أو الحديث من المتفق على صحته عند المحدثين جميعا إذا كان مضمونه غير مقبول لسبب توهمه، فهو يأخذ ببعض الحديث الضعيف عندهم إذا كان معناه مقبولا في نظره.
وفي مجال الفتوى، اعتبر الألباني أن النقد المتبادل بين أهل العلم تخطئة وبحثا ومناقشة، من علامات أهل السنة التي يتميزون بها على أهل البدعة، ولهذا السبب غلب على فتاوى الألباني فتاوى طابع العنف اللفظي. بحيث اتخذ من التخطئة والتنكيل بالأشخاص أسلوبا للنقد، فاعتبر أن إتباع المفتي لعقيدة مخالفة للسلفية سببا كافيا للطعن في عدالته ورد فتواه، فلا تستحق الفتوى النظر والدراسة إلا إذا صدرت على أساس الدعوة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة. وبعبارة أخرى، كان الألباني يري أن من شروط الحوار الفقهي الاتفاق على السلفية كمرجعية إيديولوجية وليس فقط على مرجعية معرفية ودلالية واحدة.
كما عرف الألباني بالجرأة في مواجهته لأتباع المذاهب ، ونقده الشديد لمخالفي المذهبية السلفية مهما كان شأن القائل ومكانته، وكان من أهم ردوده، إجازته لوصف "الضال" الذي أطلقه أحد مشايخ السلفية على محمد الغزالي الفقيه المصري بسبب النحلة الاعتزالية لهذا الأخير. ولم يتوقف الألباني عند هذا الحد، بل أفتى بعدم جواز قراءة كتبه، ومنعها على صغار الطلبة، حتى لا ينخدعون بما أوتي من فصاحته وبلاغة، فيظلوا بضلاله.
من بين مقولاته في هذا الإطار مساواته بين المذهب الحنفي والإنجيل المحرف، حيث قال في تبريره لهذا الحكم "وإنما أردت الرد على فرية نكراء اخترعها بعض متعصبة الأحناف، وخلاصتها أن عيسى عندما سينزل سيحكم بالمذهب الحنفي، فكتبت ذلك التعليق نقضا لهذه الخرافة. "
نفس الجرأة كان يواجه بها المتعاطفين مع المتمذهبين أو من يدافع عنهم، سواء علم المتعاطف بذلك أو تعامى عنه. كما أنه أنتقد بعض فتاوى ابن باز في أول نقد مباشر يوجه إلى شخص رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية قبل حرب الخليج. كما كان الشخصية الوحيدة من العلماء السلفيين الذي أنتقد جهرا ابن تيمية واصفا بعض فتاويه بالزلات.
من مفارقات مواقفه، انه اعتبر الانتساب إلى المذاهب الفقهية خروجا عن السلفية، وهو ما يؤدي من الناحية المنطقية إلى إخراج الفقهاء الكلاسيكيين الذين يعتبرهم السلفية رموزا لها، ومنهم بن رجب الحنبلي وابن كثير الشافعي، والحطاوي الحنفي، وابن عبد البر المالكي...
وقد جعلته هذه الجرأة يتمتع بمكانة خاصة بين الشباب وصغار الطلبة السلفيين، حتى أخد عليه فتحه الباب أمام هؤلاء للجرأة على الفقهاء وهجر كتب أهل العلم الأخذ مباشرة من الكتاب والسنة. وقد أفتى ابن العثيمين الفقيه السلفي المعروف في إشارة مبطنة للألباني بأن "ملئ القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأنهم، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها، فإن تكلم العلماء لم يثق الناس بكلامهم"
أخيرا تشير المصادر إلى أن الألباني مارس في أواخر حياته نقدا ذاتيا على منهجه العنفي في الدعوة، فاعتذر عن التجريح الذي لحق العلماء بسبب آراءه ، واعترف بتفاوت الجهود المبذولة في الدعوة فانتقد انصراف جل مجهودات الدعاة إلى مجال تصفية العقائد من المعتقدات المخالفة، في مقابل شح المجهود المبذول في مجال التربية على حسن الأخلاق ومعاملة الغير . وكان يعبر عن ذلك بقوله "أفرطنا في التصفية وفرطنا في التربية"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي


.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل




.. بحجة الأعياد اليهودية.. الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي لمدة


.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر




.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري