الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيارة السيد معاون المدير: هموم مسؤول بعثي في زمن السلم

أحمد مولود الطيار

2007 / 9 / 12
كتابات ساخرة


طاش صوابه وتبددت أحلامه وبدأ يشعر أن العمر قبضة رمل تتسلل من بين أصابعه . خطط كثيرا ومنذ طفولته لامتطاء كرسي وثير دوار وسيارة فارهة وزوجة حسناء يتباهى بها أمام القوم .
درس وسهر الليالي كثيرا ليحصل على " الشهادة " وكان له ما أراد . أهمل كل شئ الا اختصاصه حتى أن البعض بدأ يتهمه بأنه لا يفقه في أمور الدنيا أي شئ، الامر الذي يزعجه ويسبب له ألما لكنه لم يأبه، فما يخطط له كبير وكبير جدا . خطوته الثانية بعد حصوله على " الشهادة " كانت انتسابه الى الحزب الحاكم فلقد أدرك بفطرته وحسه "السليم" أنه الطريق الى المال والمجد والشهرة ؛ بدأ يجلب كتب منظري البعث ، تعرف الى ميشيل عفلق وزكي الأرسوزي وبدأ يحفظها عن ظهر قلب وكان الكتاب الأثير الى قلبه " المنطلقات النظرية لحزب البعث " وكلما فرغ من قراءة " منطلق نظري " واستظهره بصما يجول القرية مستعرضا " ثقافته " يناقش هذا ويستعرض على ذاك ومن يتجرأ على محاججته وتفنيد "شرعيته الثورية" ينهال عيه بسيل من الاتهامات تبدأ من : " أنت لا تفهم شيئا " هل أنت فهيم أكثر من الرفيق العفلق والأرسوزي وعندما يضعه محاوره في الزاوية يبدأ اسطوانة التخوين والعمالة لأمريكا واسرائيل وجماعة 14 آذار "لاحقا" .

تقدم الى فحص العضوية العاملة ونجح بامتياز فلقد كان السؤال الموجه اليه يعتمد على الفطنة والبديهة الحاضرة وهو كان يتباهى بأنه يمتلكها . كان السؤال الموجه اليه من قبل اللجنة الفاحصة هو : 8 آذار من عام 1963 في أي شهر؟!

خرج من غرفة الفحص مشرئبا بعنقه حتى اعتقد أنه سيطاول أعنّة السماء .

ابتدأ مسلسل المجد ، بدأ يتدرج في ارتقاء المناصب : معاون مديرمدرسة، فمدير مدرسة، أمين حلقة، فأمين فرقة، فأمين شعبة، وبين الحين والآخر وأثناء صعودة الى القمة ، لابأس من تقرير هنا وآخر هناك لاثبات الوطنية والقومية لمرؤوسيه في الأعلى .

يتهاوى الحلم .

لم يستطع اقتناء الزوجة الحسناء لأن تقاليد القرية قاسية جدا والسيارة التي كان يتهادى بها وهو يدخل قريته المتواضعة رافعا يده من نافذتها يسلم على اقربائه ستسحب عما قريب .

أضحى " المنصب " كشيك بلا رصيد . بدأ يهلوس في مناماته : لماذا يا ربي لماذا ؟ عندما بدأت أحلامي تتحقق يتبعثر كل شئ ، هكذا بلمح البصر يطير الحلم ، كيف سينظر اليّ رجال قريتي ؟ سيقولون عني : مسؤول بدون سيارة . أيعقل هذا ياربي ؟! هل سيحترمونني بعد اليوم ؟ لا أعتقد ذلك فشعبنا يحب " البروظة " وسيضحك في عبّه عندما يراني مدحوشا في الميكرو أو السرفيس والعرق يتصبب مني في ذهابي وايابي من والى " الجرية " .

تقول زوجته في وصف حال زوجها معاون المدير : ساء وضعه الصحي كثيرا ، قلّت شهيته للأكل ، بدأ يعصب كثيرا ولأتفه الأسباب ، بدأ يضرب الأولاد ، نومه غدا مضطربا ويهلوس كثيرا ، يصدروهو نائم أصواتا تشبه زمامير السيارة وشخيره أشبه ما يكون ب " اشطمان " محروق .

تقول : تمّ عرضه على طبيب نفساني فنصحنا بادخاله الى " العصفورية " لأن حالته ميئوس منها . علاجه الوحيد كما أكد لنا الطبيب الفهمان هو : تراجع السيد رئيس مجلس الوزراء عن قراره بسحب السيارات الحكومية من المسؤولين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا