الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلق فيتنامين، أو ثلاثة أو أكثر..ذلك هو الشعار(!)

ارنستو تشي غيفارا

2019 / 8 / 23
الارشيف الماركسي


هذه ساعة اللظى
ويجب ألا نرى سوى الضياء
جوزيه مارتي

لقد مضى على نهاية النزاع العملي الأخير إحدى وعشرون سنة، وتحتفل بالحدث الذي يرمز إلى هزيمة اليابان نشرات مختلفة، بعدد كبير من اللغات. ويسود جو من التفاؤل في قطاعات عديدة من معسكرات متباينة تقسم العالم.

إحدى وعشرون سنة، زمن يبدو طويلا. في هذه الأيام التي تشهد مجابهات عليا، وصدامات عنيفة وتبدلات مفاجئة. ودون أن نحلل النتائج العملية لهذا السلم الذي نناضل كلنا دفاعا عنه، (البؤس، الانحطاط، الاستثمار المتعاظم لقطاعات عظيمة من العالم) يحسن أن نتساءل إذا كان هذا السلم واقعيا.

إن هذه المذكرات لا تطمح لسرد تاريخ مختلف النزاعات ذات الصفة المحلية التي تعاقبت منذ استسلام اليابان، وليست مهمتنا أيضا جرد الحصيلة المتزايدة للنضالات المدنية التي جرت خلال هذه السنوات من السلم المزعوم. ويكفي أن نعارض هذا التفاؤل غير المتزن بمثالي الحربين في كوريا وفييتنام.

ففي كوريا تعرض الجزء الشمالي من البلاد، بعد سنوات من الصراع الوحشي، لأرهب تخريب عرفته حوليات الحرب الحديثة، فقد أمطرت بوابل من القنابل، وأضحت بلا مصانع، ولا مدارس، ولا مستشفيات، وأصبح عشرة ملايين نسمة من سكانها بلا لا مأوى.

لقد تدخلت في حرب كوريا. تحت علم الأمم المتحدة الخادع، عشرات البلدان بقيادة الولايات المتحدة العسكرية، وباشتراك أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين، واستُخدم فيها السكان الكوريون الجنوبيون طعما للمدافع.

وفي المعسكر الخصم كان الجهاز السوفياتي يساعد الجيش والشعب الكوري المتطوعين من جمهورية الصين الشعبية ويمدها بالمؤن. وجرب الجانب الأمريكي جميع أنواع أسلحة التدمير: وإذا كانت الأسلحة النووية الحرارية قد استبعدت، فإن الأسلحة الجرثومية والكيمائية قد استُعملت على نطاق محدود.

وفي فييتنام تتالت أعمال حربية، خاضتها بلا انقطاع تقريبا القوات الوطنية ضد ثلاث دول إمبريالية: اليابان التي عانت سقوطا عموديا بعد قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، وفرنسا التي استعادت مستعمراتها الهندوصينية من هذا البلد المغلوب وتجاهلت الوعود التي قطعتها في الأوقات الصعبة، والولايات المتحدة، في هذه المرحلة الأخيرة من الصراع.

وحصلت في القارات كلها مجابهات محدودة، رغم أنه لم تحدث على القارة الأمريكية خلال زمن طويل سوى محاولات للكفاح التحرري وانقلابات، حتى اللحظة التي قرعت فيها الثورة الكوبية ناقوس الخطر وأثارت غضب الإمبرياليين، مما اضطرها على الدفاع عن وساحلها، أولا في بلاياخيرون، ثم خلال أزمة تشرين الأول.

وكان ثمة خطر من أن يثير هذا الحدث الأخير حربا ذات أبعاد لا تُحد، بسبب المجابهة بين الأمريكيين والسوفياتيين حول كوبا.

بَيْدَ أن بؤرة التحشدات، في هذا الوقت، موجودة، بطبيعة الحال، في أراضي شبه الجزيرة الهندوصينية وفي البلدان المجاورة. فاللاوس والفييتنام تهزمها حروب أهلية، تكف عن أن تكون ما هي عليه منذ اللحظة التي تحضر فيها الإمبريالية الأمريكية، بكامل قوتها، وتصير المنطقة كلها متفجرا خطيرا جاهزا للانفجار.

لقد اتخذت المجابهة، في الفييتنام، حد قصوى. ولا ننوي هنا أيضا سرد قصة هذه الحرب. بل سنشير ببساطة إلى بعض النقاط الرئيسية.

في عام 1954، بعد الهزيمة الساحقة في ديان بيان فو، وُقِّعَتْ اتفاقات جنيف، التي قسمت البلاد إلى منطقتين ونصت على إجراء انتخابات خلال ثمانية عشر شهرا لتقرير من يجب أن يحكم فييتنام وكيف ستتوحد البلاد. لم يوقع الأمريكان هذه الوثيقة وبدأوا يناورون لاستبدال الإمبراطور باوداي، العميل الفرنسي، برجل يستجيب لمقاصدهم. فكان نغودين دييم الذي يعرف العالم كله نهايته المحزنة، نهاية البرتقالية التي عصرتها الإمبريالية.

ساد التفاؤل في معسكر القوى طوال الأشهر التي تلت توقيع اتفاقات جنيف. ففككت في جنوب البلاد تجهيزات الصراع ضد الفرنسيين وكان الناس ينتظرون تنفيذ الميثاق. بَيْدَ أن الوطنيين أدركوا دون إبطاء أن الانتخابات لن تتم إلا إذا شعرت الولايات المتحدة أنها قادرة على فرض إرادتها في الاقتراع، وهو أمر لم يكن بالمستطاع حدوثه، حتى لو لجأت إلى جميع أشكال الغش التي تملك سرها.

واستمر القتال من جديد في جنوب البلاد وازداد شدة شيئا فشيئا، حتى صار الجيش الأمريكي، في الوقت الحاضر، مؤلفا من نصف مليون غازٍ تقريبا بينما تتناقص القوات العملية وتفقد قدرتها على القتال فقدانا تاما.

منذ ما يقارب العامين بدأ الأمريكان قصف جمهورية فييتنام الديموقراطية بصورة منتظمة في محاولة جديدة للجم قدرة الجنوب على القتال وفرض المفاوضات انطلاقا من موقف القوة. وفي البداية، كانت الغارات قليلة إلى حد ما كانت تتذرع بأعمال ثأرية ضد استفزازات مزعومة من الشمال، ثم زادت الغارات شدة، وصارت منظمة، حتى تحولت إلى رحلات صيد جبارة تقوم بها الوحدات الجوية للولايات المتحدة، يوما بعد يوم، بهدف تدمير كل أثر من آثار الحضارة في المنطقة الشمالية من البلاد. ذلك هو أحد فصول التصعيد السيء الشهرة.

إن الأهداف المادية الأمريكية للعالم، قد تحقق معظمها رغم المقاومة العنيدة لوحدات الدفاع ضد الطائرات في فييتنام، ورغم الـ 1700 طائرة التي أُسْقِطَت، ورغم مساعدة المعسكر الاشتراكي بالمعدات الحربية.

ثمة واقع أليم: فالفييتنام، هذه الأمة التي تجسد مطامح، وآمال النصر لعالم منسي بأسره، تقاتل وحدها مع الأسف.

إن تضامن العالم التقدمي مع شعب فييتنام يشبه السخرية المرة المتمثلة في تشجيع عامة الشعب للمتبارزين في السيرك الروماني. فليست القضية تمني النجاح لضحية العدوان، بل مشاركته مصيره، ومرافقته إلى الموت أو إلى النصر.

فإذا حللنا العزلة الفييتنامية يتملكنا الأسى لهذه اللحظة غير المنطقية التي تعيشها الإنسانية.

الإمبريالية الأمريكية ارتكبت عدوانا، وجرائمها كبيرة وتمتد إلى العالم كله، هذه أمور نعرفها أيها السادة: لكن المجرمين هم أيضا أولئك الذين ترددوا، ساعة اتخاذ القرار في جعل فييتنام جزءا من الأرض الاشتراكية لا تنتهك حرمتها، إنهم لو فعلوا لتعترضوا فعلا لأخطار حرب على النطاق العالمي، لكنهم يكونون قد اجبروا الإمبريالية الأمريكية أيضا على اتخاذ قرار. مجرمون هم أولئك الذين يواصلون حرب الشتائم والشغزبيات، الحرب التي بدأها منذ طويل ممثلوا أقوى دولتين في المعسكر الاشتراكي.

لنطرح المسألة للحصول على جواب شريف: هل الفييتنام منعزلة أم لا، بإتباعها توازنات خطرة بين الدولتين تتخاصمان؟

كم هو عظيم هذا الشعب! وكم هو ثابت الجناح وشجاع! وأي درس يمثل كفاحه بالنسبة للعالم!

لن نعلم قبل زمن طويل إذا كان الرئيس جونسون يفكر جديا بالشروع ببعض الإصلاحات الضرورية لشعب من أجل نزع حدة التناقضات الطبقية التي تتبدى بقوة انفجارية وبازدياد مضطرد. فالأمر الأكيد، هو أن الإصلاحات المعلنة تحت عنوان فخم، عنوان الكفاح في سبيل «المجتمع العظيم» قد سقطت في البالوعة الفييتنامية.

إن أعظم دولة إمبريالية تعاني في أحشائها للنزيف الدموي الذي سببه لها بلد فقير ومتخلف ويتأثر اقتصادها الأسطوري من المجهود الحربي. لقد كفّ القتل عن أن يكون التجارة التي تدر أكثر الأرباح على الاحتكارات. فكل ما يملكه أولئك الجنود الرائعون، بالإضافة إلى حب الوطن، وحب مجتمعهم، وشجاعة تصمد للمحن، أسلحة دفاعية، وبكميات غير كافية. وتتحول الإمبريالية في فييتنام، ولا تجد مخرجا وتبحث يائسة عن طريق يتيح لها أن تتلافى بكرامة التهلكة التي وقعت فيها. بَيْدَ أن «النقاط الأربع» التي يقترحها الشمال و«النقاط الخمس» التي يقترحها الجنوب تضعها بين فكي كماشة وتجعل المجابهة أشد مضاء.

فكل شيء يدل على أن السلم، ذلك السلم الموقت الذي لم يطلق عليه هذا الاسم إلا لأن نزاعا عالميا لم يحدث، مهدد من جديد بخطر الانقطاع لقاء مبادهة أمريكية لا تقبل الرجوع، ولا يمكن قبولها.

ونحن، المستثمَرين في العالم، ما هو دورنا؟ فشعوب القارات الثلاث تلاحظ وتتعلم درسها من الفييتنام وبما أن الإمبرياليين، يهددون الإنسانية بالحرب، فإن الجواب الصائب هو عدم الخوف من الحرب. ويجب أن يكون التكتيك العام للشعوب، الهجوم بعنف وبلا انقطاع في كل نقطة من نقاط المجابهة.

لكن، ماذا ستكون مهمتنا، حيثما يتحطم هذا السلم البائس الذي نعانيه؟ أن تتحرر بأي ثمن.

إن مشهد العالم معقد تعقيدا كبيرا. وما تزال مهمة التحرير تنتظر بلدان أوروبا الشائخة، التي نمت نموا كافيا لتشعر بتناقضات الرأسمالية كلها، لكنها ضعيفة إلى حد لا تستطيع معه إتباع طريق الإمبريالية أو سلوك هذا الطريق. هنا ستبلغ التناقضات صفة انفجارية في السنوات القادمة، بَيْدَ أن مشكلاتها –وبالتالي حلها- تختلف عن مشكلات شعوبنا المرتبطة والمتخلفة اقتصاديا.

إن الحقل الرئيسي الذي تستثمره الإمبريالية يشمل ثلاث قارات متخلفة: أمريكا، آسيا، أفريقيا. ولكل بلد مميزاته الخاصة، إلا أن القارات بمجموعها تتصف أيضا بهذه الميزات.

وتشكل أمريكا مجموعة متجانسة بعض التجانس، تحظى فيها الرساميل الاحتكارية الأمريكية بأولوية مطلقة. ولا تستطيع الحكومات العميلة، أو الضعيفة والمتحرزة في أحسن الحالات أن تعارض أوامر المعلم اليانكي. لقد كاد الأمريكيون يصلون إلى قمة سيطرتهم السياسية والاقتصادية ولن يستطيعوا بعد الآن أن يتقدموا، وأي تبديل في الوضع قد يتحول إلى تراجع لأولويتهم. إن سياستهم هي المحافظة على ما اكتسبوا. ويقتصر خط العمل في الوقت الحاضر على استخدام القوة الفظّة لخنق حركات التحرير، أيا كانت.

إن شعار «لن نسمح بكوبا أخرى» يخفي إمكانية ارتكاب اعتداءات دون رادع، كالعدوان على الجمهورية الدومينيكية، أو مجزرة باناما، في وقت سابق، والتحذير الصريح بأن الجيوش الأمريكية مستعدة للتدخل في أي مكان من أمريكا يختل فيه النظام القائم ويعرض المصالح الأمريكية للخطر. ولا تلقى هذه السياسة أي رادع على الإطلاق، فمنظمة الدول الأمريكية، رغم أنها فقدت رصيدها، تستخدم كقناع ملائم، ومنظمة الأمم المتحدة غير فعالة إلى درجة تدعو للسخرية والأسى، وتستعد جيوش البلدان الأمريكية كلها للتدخل من أجل سحق الشعوب. لقد تشكلت أممية الجريمة والخيانة، في الواقع. يضاف إلى ذلك، أن البرجوازيات الوطنية لم تعد قادرة على معارضة الإمبريالية –إذ سبق لها أن عارضتها- وتشكل الآن ساحتها الخلفية. لم يعد ثمة تبديلات يجب القيام بها: فأما ثورة اشتراكية أو صورة هزلية للثورة.

آسيا قارة ذات مميزات متباينة. فقد أدت نضالات التحرر ضد مختلف البلدان الاستعمارية الأوروبية إلى إقامة حكومات تقدمية إلى حد ما، كان تطورها اللاحق، في بعض الحالات، تعميقا لأهداف التحرر الوطني الأولى، وفي حالات أخرى، عودة إلى أوضاع موالية للإمبريالية.

كانت الولايات المتحدة، من الوجهة الاقتصادية، في وضع يسمح لها بأن تخسر القليل وتربح الكثير في آسيا. فالتبديلات في صالحها، وتناضل لإزاحة دول استعمارية جديدة أخرى لتنفذ إلى دوائر عمل جديدة على الأرض الاقتصادية، مباشرة أحيانا، وعن طريق استخدام اليابان أحيانا أخرى.

بَيْدَ أنه توجد شروط خاصة، وعلى الأخص في شبه الجزيرة الهندوصينية. تضفي على آسيا مميزات ذات أهمية استثنائية وتلعب دورا كبيرا جدا في الاستراتيجية العسكرية الإجمالية للإمبريالية الأمريكية. فهذه الإمبريالية تمد حول الصين حزاما يشمل على الأقل كوريا الجنوبية، واليابان وتايوان وجنوب فييتنام وتايلاند.

هذا الوضع المزدوج، مصلحة استراتيجية هامة أهمية التطويق العسكري لجمهورية الصين الشعبية وطمع الرساميل الأمريكية في الولوج إلى أسواقها الكبرى التي لم تهيمن عليها بعد، يجعل من آسيا أحد الأمكنة الأكثر انفجارا في العالم الراهن، رغم الاستقرار الظاهري الذي يسود المنطقة الفييتنامية.

والشرق الأوسط، الذي ينتمي جغرافيا لهذه القارة، ويتميز بتناقضات خاصة، يبلغ أقصى حدود الغليان، دون أن نستطيع توقع نسب هذه الحرب الباردة بين إسرائيل، يدعمها الإمبرياليون، وبين البلدان التقدمية في المنطقة. إنه أحد البراكين التي تهدد العالم.

وتقدم أفريقيا مميزات أرض تكاد تكون عذراء للغزو الاستعماري الجديد. وقد حصلت فيها تبدلات أرغمت الدول الاستعمارية الجديدة، إلى حد ما، على التنازل عن امتيازاتها القديمة ذات الصفة المطلقة. فحينما تنمو التسلسلات دون انقطاع، يعقب الاستعمار عنف، استعمار جديد لا تختلف نتائجه في ميدان السيطرة الاقتصادية عن سلفه.

إن الولايات المتحدة لا تملك مستعمرات في هذه القارة وهي الآن تكافح للتسرب إلى ممتلكات شركائها. ونستطيع التأكيد أن أفريقيا تكون في الخطط الاستراتيجية للإمبريالية الأمريكية خزانا طويل الأمد، فتوظيفاتها الحالية ليست هامة إلا في اتحاد جنوب أفريقيا وقد بدأت بالترسب إلى الكونغو، ونيجيريا، وإلى بلدان أخرى، حيث مهد الطريق أمام مزاحمة عنيفة (ذات سليمة في الوقت الحاضر) مع دول إمبريالية أخرى.

ليس للإمبريالية حتى الآن مصالح كبرى يجب أن تدافع عنها فيما عدا حقها المزعوم في التدخل بأي مكان من العالم تشم فيه احتكاراته رائحة أرباح طائلة أو وجود احتياطات كبيرة من المواد الأولية.

هذه المعطيات كلها تبرر أن نتساءل عن إمكانيات تحرر الشعوب في المدى القصير أو المتوسط. فإذا حللنا أفريقيا، نجد أن الصراع محتوم بقدر معين من الشدة في المستعمرات البرتغالية، غينيا، وموزامبيق، وأنغولا، وأنه يلاقي نجاحا ملحوظا في الأولى، ونجاحا متحولا في المستعمرتين الأخريين. وما نزال لا نشهد الصراع بين خلفاء لومومبا وشركاء تشومبي القدماء في الكونغو، وهو صراع يبدو أنه يميل في الوقت الحاضر لصالح شركاء تشومبي، الذين «هدَّأوا» لمصلحتهم جزءا كبيرا من البلاد، إلى درجة أن الحرب ما تزال باقية فيها بحالة كامنة.

أما في روديسيا، فالمشكلة مختلفة: ذلك أن الإمبريالية البريطانية قد استخدمت جميع الآليات المتوفرة لها لتسليم السلطة للأقلية البيضاء التي تحكم في الوقت الحاضر. فالنزاع، من وجهة النظر الإنجليزية، ليس رسميا على الإطلاق، وقد اكتفت هذه الدولة، مستخدمة مهارتها الدبلوماسية المعتادة المسماة أيضا بوضوح رياء –بإبراز واجهة من الاستنكار للتدابير التي اتخذتها حكومة أيان سميث، وحظي موقفها المخادع بتأييد بعض بلدان الكومنويلث التي تتبعها، وهاجمه جزء كبير من بلدان أفريقيا السوداء، سواء أكانوا تابعين طيعين للإمبريالية الإنجليزية أم لا.

إن الوضع في روديسيا، ممكن أن يصير انفجاريا بصورة غير عادية إذا ما تبلورت جهود الوطنيين السود لحمل السلام وإذا ما لقيت هذه الحركة مساندة فعلية من الأمم الأفريقية المجاورة. أما الآن، فهذه المشكلات كلها تناقش في أجهزة غير مجدية كمنظمة الأمم المتحدة، والكومنويلث، أو منظمة الوحدة الأفريقية.

ومع ذلك، فإن التطور السياسي والاجتماعي في أفريقيا لا يسمح بتوقع وضع ثوري قاري. إن نضالات التحرر ضد البرتغاليين يجب أن تنتهي بالنصر، ولو أن البرتغال لا تعني شيئا في لائحة أجراء الإمبريالية. فالمجابهات الثورية هي التي تحبط الجهاز الإمبريالي. بَيْدَ أن علينا مع ذلك واجب الاستمرار في الكفاح لتحرير المستعمرات البرتغالية الثلاث وتعميق ثوراتها.

وعندما تبدأ الجماهير السوداء في أفريقيا الجنوبية أو روديسيا نضالها الثوري الأصيل، أو عندما تنطلق الجماهير الفقيرة إلى العمل لانتزاع حقها في حياة كريمة من أيدي الطغمات الحاكمة، يكون قد بدأ في أفريقيا عصر جديد.

الانقلابات تتوالى حتى الآن، فتحل جماعة من الضباط محل جماعة أخرى أو حكومة لم تعد تخدع مصالحهم الطبقية ولا مصالح الدول التي تحركهم سرا، لكن التشنجات الشعبية لم تحصل بعد. إن ذكرى لومومبا، في الكونغو، قد بعثت الحياة في هذه الحركات المتميزة التي فقدت قوتها خلال الأشهر الأخيرة.

أما الوضع في آسيا فمتفجر، كما رأينا، ونقاط الاحتكاك لا توجد فقط في فييتنام واللاوس حيث يدور الصراع. بل توجد أيضا في كامبردج حيث تتعرض لخطر العدوان الأمريكي المباشر في كل لحظة، وفي تايلاند، وماليزيا، وبطبيعة الحال في أندونيسيا، حيث الشعب لم يقل كلمته الأخيرة، كما نعتقد، رغم إبادة الحزب الشيوعي في هذه البلاد عندما استلم الرجعيون الحكم. وهنالك، بالتأكيد الشرق الأوسط.

وفي أمريكا اللاتينية، يناضل الناس والسلاح بيدهم: في غواتيمالا، وكولومبيا، وفنزويلا، وبوليفيا، وقد بدأت علائم هذا النضال المسلح تلوح في البرازيل. وهناك بؤر أخرى للمقاومة تنبجس ثم تنطفئ. بَيْدَ أن بلدان هذه القارة كلها تقريبا قد نضجت لمثل هذا النضال، الذي يستلزم على الأقل قيام حكومة ذات اتجاه اشتراكي.

ففي هذه القارة يتكلم الناس عمليا لغة واحدة، باستثناء البرازيل التي يمكن أن يحسب شعبها من الشعوب التي تتكلم الأسبانية، نظرا لتماثل اللغتين. ويوجد بين طبقات هذه البلدان تماثل كبير يبلغ حد الهوية ذات الصفة «الأممية الأمريكية»، هوية أكمل بكثير منها في أية قارة أخرى. فاللغة، والعادات والدين، والسيد الواحد، كلها عوامل توحدها، وتتساوى درجة أشكال الاستثمار، فيما يتعلق بإثارة، سواء بالنسبة للمستثمَرين أو المستثمِرين في معظم بلدان أمريكتنا هذه، ويدخل التمرد طور النضج بوتيرة متسارعة.

ويمكن أن نتساءل:كيف يستمر هذا التمرد؟ وأي شكل سيتخذ؟ إننا نعتقد منذ زمن طويل أن النضال في أمريكا سيبلغ، عندما يحين الوقت، أبعادا قارية نظرا لتشابه المميزات. وستكون أمريكا مسرحا لمعارك عديدة كبرى تخوضها الإنسانية من أجل تحررها.

وفي إطار هذا النضال ذي المدى القاري، لن تكون النضالات التي تتوالى الآن بصورة فاعلة سوى فصول، وهي فصول قدمت الشهداء الذين سيحتلون مكانهم في التاريخ الأمريكي لأنهم أدّوا ضريبة الدم اللازمة لهذه المرحلة الأخيرة من الكفاح في سبيل حرية الإنسان التامة. وستبرز في لائحة الشهداء أسماء المقدم تورشيوس ليما، والأب كاميلو توريس، والمقدم فاير يشبو أو جيدا، والمقدمين لوباتون ولويس دولابوانته أو شيدا، صور تحتل المقام الأول من الحركات الثورية في غواتيمالا، وكولومبيا، وفنزويلا، والبيرو. بَيْدَ أن التعبئة الفاعلة للشعب تخلق قادته الجدد، فسيزار مونتس ويون سوزا يرفعان الراية في غواتيمالا، وفابيو فاسكيتر ومارولاندو يرفعانها في كولومبيا، وبرافو في الغرب وأميركو مارتان في جبال باشيلر يقودان جبهتهما في فنزويلا.

إن بؤرا جديدة للحرب ستنجبس في هذه البلدان وفي غيرها من البلدان الأمريكية، كما هو الحال في بوليفيا، وستزداد أكثر فأكثر، بكل التقلبات التي تتضمنها هذه الصفة الخطرة، صفة الثوري الحديث. سيموت الكثيرون ضحايا أخطائهم، وسيسقط آخرون في المعركة القاسية التي تقترب، وسينبثق مناضلون جدد وقادة جدد من نار الكفاح الثوري. وسيكوّن الشعب شيئا فشيئا مقاتلين وقادة في إطار الحرب ذاتها، ويزداد عملاء القمع الأمريكان. واليوم، يوجد مستشارون في جميع البلدان التي يستمر فيها الكفاح المسلح، ويبدو أن الجيش البيروي الذي يدربه الأمريكيون ويقدمون له المستشارين، أحرز نجاحا على ثوريي تلك البلاد. لكن إذا توفر لبؤر الحرب قيادة تتمتع بما يكفي من الذكاء السياسي والعسكري، فستصبح قوية لا تقهر وستتطلب إرسال المزيد من اليانكي. ففي البيرو ذاتها، تعيد تنظيم الكفاح الغواري بعناد وحزم، وجوه جديدة، لم تعرف بعد. وستستبدل الأسلحة القديمة الكافية لقمع عصابات مسلحة صغيرة، ليحل محلها تدريجيا أسلحة حديثة ويستبدل المستشارون بمقاتلين أمريكان، حتى يأتي وقت يرون أنفسهم مضطرين لإرسال المزيد من الجيوش النظامية لضمان الاستقرار النسبي لحكم يتفكك جيشه القومي العميل تحت ضربات المغاوير. ذلك هو السبيل الذي سلكته فييتنام، وهو السبيل الذي ستسلكه أمريكا، بالإضافة إلى خاصة متوفرة فيها هي أن الجماعات المسلحة يمكن أن تكوّن مجالس تنسيق لتصعيب مهمة القمع على الإمبريالية وتسهيل قضيتها هي.

إن أمريكا، القارة التي نسيتها نضالات التحرير السياسية الأخيرة، والتي بدأت تسمع صوتها من خلال مؤتمر القارات الثلاث بصوت طليعة شعوبها، الثورة الكوبية، ستتحمل مهمة أبرز بكثير: مهمة خلق فييتنام الثانية أو الثالثة في العالم.

وفي الختام، يجب أن تأخذ بالحسبان واقعة أن الإمبريالية هي نظام عالمي، والمرحلة العليا للرأسمالية، وأنه يجب ضربها في مجابهة عالمية كبرى. فالهدف الاستراتيجي لهذا الصراع يجب أن يكون تدمير الإمبريالية. ودورنا، نحن المستثمَرين والمتخلفين في العالم، محو قواعد وجود الإمبريالية في بلداننا المضطهدة، التي تستنزف رسامليها، والمواد الأولية، والتقنيين واليد العاملة الرخيصة وتصدر إليها رساميل جديدة –أدوات السيطرة- وأسلحة وجميع أنواع البضائع، وتخضعنا لارتباط مطلق.

إن العنصر الأساسي لهذا الهدف الاستراتيجي سيكون عندئذ التحرير الواقعي للشعوب، التحريري الذي سيحصل عبر الكفاح المسلح، في معظم الحالات، والذي سيتخذ حتما في أمريكا صفة ثورة اشتراكية.

وعندما نبحث في تحطيم الإمبريالية، يحسن بنا تحديد هوية رأسها، الولايات المتحدة الأمريكية دون سواها.

يجب أن ننفذ مهمة ذات صفة عامة، هدفها التاكتيكي إخراج العدو من محيطه الطبيعي بإرغامه على الكفاح في الأماكن التي تصطدم فيها عادات حياته بالوسط المحيط. ويجب ألا نقلل من قيمة الخصم، فالجندي الأمريكي يتمتع بمقدرات تقنية ويستند إلى وسائل من السعة بحيث يصير مخيفا، وتنقصه جوهريا البواعث الإيديولوجية المتوفرة بدرجة عالية جدا لدى أعند خصومه اليوم: الجنود الفييتناميين. ولن نستطيع الظفر بهذا الجيش إلا بمقدار ما نتوصل إلى نسف معنوياته. وستنسق هذه المعنويات بالهزائم التي تلحق به وبالآلام المتكررة التي تسبب له.

بَيْدَ أن هذا الرسم المبسط للانتصارات يتضمن تضحيات جسيمة تبذلها الشعوب، ويجب أن تبذل من اليوم، على ضوء النهار، تضحيات قد تكون أقل إيلاما من تلك التي سنعانيها إذا تجنبنا باستمرار خوض المعركة، وانتظرنا أن يأتي غيرنا ليسحب لنا الكستناء من النار.

بديهي أن البلد الأخير الذي سيتحرر سيصل على الأرجح إلى هذا التحرر دون كفاح مسلح، وسيتفادى آلام حرب طويلة وقاسية، كتلك التي يشنها الإمبرياليون. لكن ربما كان من المستحيل تجنب هذا الكفاح أو نتائجه، في نزاع عالمي، يعاني فيه الناس الآلام نفسها، إن لم يكن أكثر. لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل، إنما يجب ألا نستسلم أبدا للإغراء الجبان بأن نكون حملة راية شعب يطمح إلى الحرية، ويتهرب من الكفاح الذي تقتضيه، وينتظر النصر كمن يستعطي صدقة.

إنه لأمر عادل إطلاقا تجنب كل تضحية لا جدوى منها. ولذا كان من الأهمية بمكان تسليط النور على الامكانات الفعلية التي تمتلكها أمريكا المرتبطة كي تتحرر بوسائل سلمية. الجواب، بالنسبة لنا، واضح، فقد تكون اللحظة الراهنة أو لا تكون اللحظة المناسبة لبدء الكفاح، لكننا لا نقدر أن نتوهم، ولا يحق لنا أن نتوهم بأن الحصول على الحرية ممكن دون قتال. ولن تكون المعارك شوارع بسيطة، وحجارة يقابلها الغاز المسيل للدموع، ولا اضرابات عامة سلمية، ولن تكون كذلك كفاح شعب غاضب يحطم في يومين أو ثلاثة جهاز القمع للطغمات القائدة، ستكون كفاحا طويلا، في المدن، في منازل المحاربين –حيث يبحث القمع عن ضحايا هينة بين أقربائهم- بين السكان الفلاحين الذين يذبحون، وفي المدن والقرى التي تدمرها قنابل العدو.

لقد ألجأونا إلى هذا الكفاح، ولم يبق لنا سوى مورد الإعداد له والتصميم على الشروع به.

لن تكون البدايات سهلة. فطاقة القمع كلها، وطاقة الوحشية والديماغوجية كلها التي توفر للطغمات ستستخدم في خدمة هذه القضية. وستكون مهمتنا، في الأيام الأولى، أن نظل على قيد الحياة، ثم يعمل المثال المستمر للغوار عمله، فيحقق الدعاية المسلحة، حسب المفهوم الفييتنامي لهذا التعبير، أي بعبارة أخرى، دعاية الطلقات النارية، والمعارك الرابحة أو الخاسرة، التي تدور رحاها ضد الأعداء. وسيتشرب المحرومون التعاليم العظيمة عن عدم إمكانية قهر الغوار. وهي غلفنة الروح القومية، والإعداد لمهمات أقسى للصمود في وجه أعمال قمع أعنف. والكراهية كعامل من عوامل الكفاح، كراهية العدو كراهية لا تنثني، العدو الذي يتجاوز الحدود الطبيعية للكائن الإنساني ويجعل منه آلة للقتال فعالة، عنيفة، منتقاة، باردة. وهكذا يجب أن يكون جنودنا. إن شعبا بلا حقد لا يمكن أن ينتصر على عدو قط.

يجب أن نخوض الحرب إلى الحد الذي يصله العدو: أن نشنها في عقر داره، في أماكن لهوه، ويجب أن تكون حربا شاملة. يجب أن نمنعه من الهدوء دقيقة واحدة، يجب ألا يستريح دقيقة واحدة خارج ثكناته، بل وداخلها، يجب أن نهاجمه حيثما وجد، وأن يشعر أنه وحش طريد في كل مكان يمر فيه. عندئذ سيفقد معنوياته شيئا فشيئا. ويصير أكثر حيوانيه أيضا، وسنلاحظ لديه علامات الخور.

كما يجب أن نُنَمِّي أُممية بروليتارية حقيقية، بأسلحة بروليتارية أُممية، يصير معها العلم الذي يقاتل الناس في ظله القضية المقدسة، قضية خلاص الإنسانية، بحيث يكون الموت تحت رايات فييتنام، وفنزويلا، وغواتيمالا، واللاوس، وغينيا، وكولومبيا، وبوليفيا «والبرازيل -اقتصرنا على ذكر المسارح الحالية للكفاح المسلح- موتا مجيدا ومحببا أيضا إلى الأمريكي، والآسيوي، بل والأوروبي».

إن كل نقطة دم تسفح على أرض لم تولد تحت علمها هي تجربة يتلقفها من يظل حيا ليطبقها فيما بعد على الكفاح من أجل تحرير بلده الأصلي. وكل شعب يتحرر كسب لمرحلة من مراحل العراك في سبيل تحيري شعب آخر.

لقد أزفت ساعة الاعتدال في خلافاتنا ووضع كل شيء في خدمة الكفاح.

فأن نهز العالم المكافح في سبيل الحرية محاولات كبرى، ذلك أمر نعرفه جميعا ولا نستطيع إخفاءه. وأن تبلغ هذه المحاولات صفة وحدة يبدو معهما الحوار والتصالح عسيرين غاية العسر، أمر معروف كذلك. إن البحث عن طرائق لبدء حوار يتجنبه الخصوم مهمة لا طائل تحتها. بيد أن العدو حاضر، يضرب كل يوم ويهددنا بضربات جديدة وهذه الضربات ستوحدنا اليوم، وغدا أو بعد غد. فالذين يشعرون بضرورته ويستعدون لهذا الاتحاد الضروري سيحظون بعرفان الشعوب.

ونظرا للسلاقة والتعنت اللذين يدافعون بهما عن كل قضية، فإننا، نحن المحرومين لا نستطيع الانحياز لهذا الشكل أو ذاك من أشكال التعبير عن الخلافات، حتى لو كنا متفقين مع بعض مواقف هذا الجانب أو ذاك. إن الشكل الذي تتخذه الخلافات الحالية يكون، في زمن الكفاح، ضعفا، بَيْدَ أن الرغبة في تسويتها، في الحالة التي وصلت إليها، بكلمات تعتبرونها. فالتاريخ سيمحوها رويدا رويدا أو يعطيها مغزاها الحقيقي.

وفي عالمنا المكافح، كل خلاف يمس التكتيك، وطرائق العمل للحصول على الأهداف المحددة، يجب أن يحلل بالاحترام الواجب لتثمينات الآخرين. أما الهدف الاستراتيجي الكبير، تدمير الإمبريالية تدميرا شاملا عن طريق الكفاح، فيجب ألا نتساهل فيه.

لنلخص مطامحنا في النصر كما يلي: تحطيم الإمبريالية بإزالة حصنها الأمنع:

السيطرة الإمبريالية للولايات المتحدة الأمريكية الشمالية. وتتبنى التحرير التدريجي للشعوب كرسالة تكتيكية، تحريرها شعبا فشعبا، أو مجموعات من الشعوب، بإجبار العدو على خوض كفاح مرير على أرض ليست أرضه، وبتصفية قواعد وجوده في الأراضي المرتبطة به.

يعني هذا خوض حرب طويلة. ونكرر القول مرة أخرى إنها حرب قاسية فلا يخدعن أحد في زمن إطلاقها ولا يترددن أحد في إشعال نارها خوفا من النتائج التي قد تسببها لشعبه. إنها الأمل الوحيد في النصر.

لا نستطيع أن نصمّ آذاننا عن نداء الساعة. فالفييتنام تعلمنا ذلك بدرسها الدائم من البطولة، درسها الأليم واليومي من الكفاح والموت لإحراز النصر النهائي.

وفي فييتنام، يعرف الجنود الأمريكيون ضيق من يجب أن يجابه أرضا معادية، وقد اعتاد على مستوى الحياة الذي تنادي به الأُمة الأمريكية، وقلق من لا يجرؤ أن يسير خطوة واحدة دون أن يشعر أنه يطأ أرضا عدوة، وموت من يتقدمون خارج متاريسهم المحصنة، والعداء الدائم من الشعب كله. كل هذه الأمور تسبب ارتدادات في الحياة الداخلية للولايات المتحدة وتفجر عاملا تخفف منه الإمبريالية عندما تكون بكامل قوتها: نضال الطبقات على أرضها ذاتها.

كم نستطيع أن ننظر إلى المستقبل القريب، الباهر، لو أن فييتناميين أو ثلاث أو أكثر ازدهرت على سطح الكرة الأرضية، بنصيبها من القتلى والمآسي العظيمة، ببطولاتها اليومية، بضرباتها المتكررة الموجهة إلى الإمبريالية، والتي تجبرها على بعثرة قواتها، تحت ضغط هجمات الكراهية المتزايدة من شعوب العالم!

وكم يكون المستقبل عظيما وقريبا لو كنا قادرين على التوحد، لتوجيه ضربات أصلب وأثبت، لتكون المساعدة بجميع أشكالها للشعوب المكافحة أكثر فعالية أيضا!

ولو قدِّر لنا، نحن الذين نقوم، في نقطة صغيرة من خارطة العالم، بواجب أن نقترح ونضع في خدمة الكفاح ذلك القليل الذي يتاح لنا إعطاؤه، حياتنا، وتضحيتنا، لو قدِّر لنا أن نسلم في أحد الأيام النفس الأخيرة على أية أرض، صارت منذ الآن أرضنا، ونسقيها بدمنا، فاعلموا أننا قسمنا مدى أفعالنا وأننا لا نعتبر أنفسنا سوى عناصر من جيش البروليتاريا الكبير، وأننا نشعر بالفخر لأننا تعلمنا من الثورة الكوبية ومن قائدها الأعلى الدرس العظيم الذي يصدر عن موقفه في هذا الجزء من العالم: «ما قيمة الأخطار أو تضحيات رجل أو شعب، عندما يتعلق الأمر بمصير الإنسانية».

إن عملنا كله صرخة حرب ضد الإمبريالية ونداء مدوٍ لوحدة الشعوب ضد العدو الكبير للجنس البشري، الولايات المتحدة الأمريكية الشمالية. ولا يهمنا أين سيفاجئنا الموت، بل نرحب به شريطة أن تسمع صرختنا، صرخة الحرب، وأن تمتد يد أخرى تقبض أسلحتنا، وأن ينهض رجال آخرون لينشدوا الأناشيد الحزينة وسط قصف الرشاشات ويصرخوا صرخات أخرى للحرية والنصر.


عن: تشي غيفارا الأعمال الكاملة
من صفحة 527 إلى صفحة 540








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نصدق الثوريين مثل جيفارا وليس اعداء الثورة!
طلال الربيعي ( 2019 / 8 / 23 - 20:36 )
الشيوعي والثوري الكبير ارنستو جيفارا يتحدث عن جرائم الإمبريالية الأمريكية في فيتنام او الهند الصينية.
وخلافا لكل منطق وسرديات التاريخ, ينكر بعض اتباع ستالين الآن امبريالية امريكا! فاذا كانت امريكا ليست امبريالية فما سبب معاداتها للشيوعية وقتلها للشعوب كما في فيتنام, لاوس, كمبوديا, العراق, وافغانستان وغيرها كثير جدا, اضافة الى فرضها حصار اقتصادي ظالم على الشعوب كما في كوبا وفنزويلا الآن والعراق من قبل؟

اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.