الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الجرس
صالح جبار
2007 / 10 / 27الادب والفن
توالت السنوات بلا عدد احسبه .. لكني لازلت احمل أ ملا كبيرا في النفاذ نحو الحياة الدافقة ...
تطلعت طويلا في المرأة , لمحت الشيب المترعرع في ثنايا لحيتي وراسي ... لأبدو مثل رخامة بيضاء ...
فجأة انتابني الضجر ومضيت نحو السرير المزوي في الركن البعيد .. تمددت فقراتي المتعبة على الفراش , لم اشعر بعد بالطمأنينة ...رحت اسمع صدى نبضات قلبي المتناسلة , مع الخواطر المثالة , في أتون الأيام المستمرة ... بفوران لايتوقف ...
أظل أترقب لعل الفرج آت , تناغمت ذكرياتي , مع عبق الود , حين يحوي الأجساد المنهكة , ونحن نبحث باستمرار , عن رزق كفيف , يملئ قربة المعدة ويثوي عند قرصات الجوع , لكنها تبقى مشرئبة , نحو الحنين المتجذر في النفوس الطيبة ...
كنت أتمنى الليلة , ان تأتيني زوارق الغياب , وندهن الجدار نذرا بحناء الوداعة ... لعل من رحلوا , يتنفسوا الدرب , وتدلهم حيطان العبث ,على تواريخ منسية لذاكرة ينهشها الخرف .
يتواءم الليل مع نبضاته المتدافعة , نحو الشيخوخة , وثمة أمل يطوي الفزع الملتاث , يمضي نحو تخوم تتداعى عندها وصمة الهذيان .....
شراع يطوي المسافات , برفيف أدرك معه .. ان عدة عملي تحمل عني آهة , تند في حرقة زفير اعتراضاتي المستمرة ....
سرت نحو باب المنزل الموصد , باستمرار .. للتأكد بأن جميع إفراد أسرتي لم يغادروا الدار فقد كنت اخشي عليهم , من هول الانفجارات المتلاحقة بتواصل مفزع ..ربما لايترك لديهم فرصة للنجاة , فنحن نعيش حياة من نوع أخر ...
عدت ثانية , لأبقى حيث رائحة القهوة والشاي المعطر .. لطالما كنت اسمع كلمات الثناء والمديح على الشاي الذي اصنعه , واستلم الإكراميات الصغيرة , لأجل ذلك , فأقوم بإخفائها في جيب سري لسروالي الأسود ... لأنني كنت أعي ان زوجتي ستبحث في ملابسي, لتأخذ ما ادخرته .. وهي تصرخ :
لم يعد الراتب يكفي .. لأن الدروس الخصوصية وأسعار الوقود .. تمتص المعاش
انتبهت للجرس الموضوع إمامي يرن ... نهضت بلا اكتراث , تحركت مفاصلي , شعرت بها تتحرك في الفضاء وحدها بدون نقطة أر تكاز ... والبلاطات بدت تتمطى مثل بالونه منفوخة .. حاولت ان أمد يدي نحو الباب المتراخي في فزع واصل إلى رتاجه الذي يحمل بصمات الهدوء ... دفعته , لم يصر منذ ان دهنته في الشتاء الماضي ,خفت صوته .. لكنني أحسست ان صريره أصبح يصدر من مفاصلي الموجوعة ..
تذكرت فقد شاهدت البارحة , في الباب الشرقي , عند الباعة المفترشين الأرصفة , أنبوبة دهان للمفاصل والأعصاب .. أتذكرها جيدا فقد لصقت عليها صورة إنسان بلا جلد .. خلته يشبهني , مما جعلني أتمتم داخلي :
آه يا أخي ...
كانت أمور العمل تتغير باستمرار .. فلم تعد الأمور كما كانت في السابق , فقد شحت الإكراميات , وبدا البعض يعاملني بخشونة , وكنت كثيرا ما امتعض من أساليب المحيطين بي .. لكني تعلمت كيف اخفي اضطرابي وراء منظري الوقور بسحنتي الداكنة ..
نهرني صاحب العمل بشدة , تمنيت لو أنفذ بجلدي المسلوخ من هذه الزاوية إلى غير رجعة , لكني لااستطيع فعل ذلك, وورائي كوم لحم ... كما تردد زوجتي دائما ...
في الخارج كان صوت الرصاص يسمع بوضوح , تطلعت من النافذة , رأيت الناس يهربون بفزع موجع , فيما كانت جثة ملقاة على الجانب الأخر من الشارع .. استشعرت بالخوف , وأحسست ان نهايتي قريبة ...
مرة أخرى عاود الجرس يرن ... لم اعره اهتمامي , فقد كنت أفكر بمصيري , ومصير عائلتي , خالجني شعور غريب , ترى هل استطيع الوصول إلى شارع ( أبو نواس ) لأحتمي بمقر الأمم المتحدة !!!
لابد ان أجد لوسيلة لذلك .. هبطت من البناية الجاثمة وسط الهلع ودوي الانفجارات اقتربت من الباب الرئيسي .. بدا الشارع مقفرا , الأمن بقايا صحف وأوراق متطايرة ... وأشلاء ممزقة .. بلا ملامح محددة .. هالني المنظر , وفكرت طويلا قبل ان اخرج نحو المجهول !!
حاولت ان أوقد قنديلا في تجاويف ذاكرتي واتسائل مع نفسي :
لابد من قانون يوقف النزيف المجنون ... هل هناك من يستطيع فعل ذلك ... ؟؟!! حتما يوجد قانون دولي وأنساني يعطيني وإفراد أسرتي الحماية , من هذا الطوفان المتشظي في الإرجاء بلا رادع ...
تركت الجرس يرن , ومضيت وسط الأهوال , اسحق الزجاج المتكسر على امتداد الطريق , وأقاوم رغبة عنيفة بالبكاء من المنظر البائس ...
ازت بالقرب من راسي رصاصة , سمعت احدهم يصرخ بي , وقد كان مختبئا خلف برميل القمامة ... بعدها اهتز المكان بدوي مخيف ...
لم اعد اشعر بألم مفاصلي , واستلقيت على ظهري المحدودب والشقوق تخترق جلدي الممزق ... بحثت بأصابعي المرتجفة , عن مساماتي التي أودعتها تحت الملابس , لم اعثر عليها , بل ارتدت يدي , تحمل سائلا لزجا , بلون الدم ...
وحل الظلام في عيني , وسكن النبض ي جسدي , لكني كنت اسمع أصوات أبواق متلاحقة ..
فشعرت بأني أطير بخفة عجيبة ... تسألت :
هل أحلم ...؟؟!!
حاولت فتح حدقتي .. لمحت نورا يأتيني من فوق جسدي المسجى , يلسع عيوني , فأعيد اغماظها ... سمعت صوت باب يفتح , وهمهمات لم افهمها ... عاودت بعناد , فتح أجفاني المغلقة , شاهدت من وراء ضباب عيوني أناس يحملونني بتؤدة ولمحت خلفهم سيارة إسعاف
رسم عليها ( هلال احمر ) ... تساءلت مع نفسي :
هل الجرس لازال يرن .. ؟؟!!
ودسست يدي في الجيب السري لبنطالي الأسود .. أتحسس نقودي ... ثم هدأت ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح