الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بينظير بوتو : العودة على الحصان الأمريكى

عبد المجيد راشد

2007 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


عادت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظيربوتو إلى بلادها بعد ثماني سنوات قضتها في منفاها الاختياري لتجد نفسها وسط الدماء والأشلاء، فقد تحول موكب الزعيمة السياسية بينظير بوتو إلى بيت عزاء كبير على أرواح أكثر من 130 شخصا معظمهم من أنصارها، وهو مؤشر على أن طريق بوتو إلى رئاسة الوزراء التي عادت من أجلها مليء بالأشواك أو حتى بالدماء. في مشهد يعكس المرحلة السياسية المعقدة التي تمر بها باكستان،

و تحت عنوان "فرصة ضئيلة ولكنها كل ما تملكه باكستان" قالت صنداي تلغراف في افتتاحيتها إن الصفقة التي أبرمتها بينظير بوتو مع الرئيس برويز مشرف تقدم على أقل تقدير أملا بأن تقي البلاد من سيناريو الكابوس.

وأوضحت أن الكابوس يتمثل في سيطرة المتطرفين على البلاد، وهو ما اعتبرته أمرا مخيفا مذكرة بأن باكستان تمتلك قنابل نووية. وقالت إن وجودها في متناول حكومة إسلامية يشكل تهديدا مروعا.

ومضت الصحيفة تقول إن الدبلوماسية الغربية تركز على محاولة التقليل من فرص تحول ذلك الكابوس إلى حقيقة، ولهذا اعتبرت تلك الاتفاقية بين بوتو ومشرف في غاية الأهمية قائلة إن التحالف بين الطرفين هو خير أمل يضمن بقاء باكستان حليفا غربيا .
أما العنوان الذي اختارته فايننشال تايمز لافتتاحيتها كان " فترة انتقالية دامية " قائلة إنها لا تستبعد على الإطلاق أن يكون الجهاديون هم من نفذوا الهجوم الانتحاري الذي استهدف بوتو في كراتشي، وخلف مئات الضحايا.لكن الصحيفة نبهت إلى أن لهذه المرأة أعداء كثرا، وأن السياسة في باكستان أصبحت متفجرة. وأضافت أن ما هو واضح هو أن باكستان تنتظر حصيلة الفترة الانتقالية التي تم التلاعب بها ليظل الرئيس برويز مشرف زعيما للبلاد وحلفاؤه قادة للجيش, على أن يغطى كل ذلك بورقة توت من الشرعية توفرها بوتو بعد أن أسقط عنها تهما بالفساد .

وفي مقال له في غارديان قال الكاتب ضياء الدين زردار إن القوى الأجنبية حولت باكستان إلى برميل بارود, مؤكدا أن المجزرة المروعة التي شهدتها كراتشي كانت وحشية لكنها مثلت استعارة حقيقية لما عليه الوضع السياسي بباكستان .و انتقدت الجماعة الإسلامية في باكستان عودتها إلى البلاد استنادا إلى عفو رئاسي واتفاق على إسقاط التهم الموجهة لها أمام القضاء، معتبرة أن عودة بوتو جاءت بناء على اتفاق أميركي بريطاني مع الرئيس برويز مشرف



فقد وصف عبد الغفور أحمد نائب أمير الجماعة الإسلامية في باكستان عودة بينظير بوتو إلى مسقط رأسها في كراتشي بناء على تفاهم مسبق مع مشرف بأنها تعكس مدى خوف بوتو من مواجهة القضاء وعدم قدرتها على رد تهم الفساد الموجهة إليها.

وكانت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة قد أكدت بعد وصولها اليوم إلى مطار كراتشي جنوب باكستان ، أن عودتها تأتي في إطار مساعيها لإنهاء نظام الحكم الشمولي الديكتاتوري في البلاد، مشيرة إلى أن باكستان تقف على مفترق طرق بين الديمقراطية والديكتاتورية.



وعلق المراقبون الباكستانيون على هذه التصريحات بوصفها رسالة واضحة إلى الرئيس برويز مشرف تثير علامات استفهام كبيرة حول طبيعة الاتفاق الذي تم بينه وبين بوتو على تقاسم السلطة مقابل السماح لهذه الأخيرة بالعودة إلى البلاد والمشاركة في الحياة السياسية. و قال المحلل السياسي الباكستاني أكرم شجاع إن هذه التصريحات ستزيد من المصاعب التي ستواجهها بوتو بعد عودتها إلى البلاد، لافتا إلى أن مسألة الاتهامات الموجهة إليها بالفساد لا تزال قائمة.



وأوضح أن التاريخ السياسي الباكستاني لم يشهد من قبل العفو عن زعيم متهم بالفساد والسماح له بالعودة إلى الحياة البرلمانية، واعتبر أن المعركة على هذا الصعيد ستكون قاسية بين مشرف والقضاء.



ولم يستبعد شجاع أن تنال بوتو نصيبا كبيرا من انتقادات الجيش بسبب إشارتها الواضحة إلى الحكم العسكري الشمولي الذي يسيطر على البلاد. كما لفت إلى أن تصريحاتها حول إقليم وزيرستان والتطرف الديني ستؤدي إلى مواقف مضادة من قبل التيارات الإسلامية المعارضة لحكم مشرف .

وفي أوضح اتهام يوجه إلي عناصر مرتبطة بنظام "مشرف" نقلت وكالة رويترز للأنباء عن "آصف زرداري" زوج "بوتو" في تصريح له من دبي اتهامه للمخابرات الباكستانية بالوقوف وراء العملية مشيرا إلي أن هذا العمل لا يمكن أن يتم إلا عبر أجهزة استخباراتية. من جهتها ردت السلطات الأمنية الباكستانية علي الأصوات المنتقدة لعجزها عن تأمين الحماية لموكب بوتو بعد عودتها إلي البلاد متهمة الزعيمة السياسية ومساعديها بتجاهل التحذيرات الأمنية. كما انتقدت السلطات المعنية القائمين علي الترتيبات الأمنية التي أعدت لها خاصة تباطؤ الموكب واستغراقه نحو عشر ساعات للوصول إلي مقبرة "محمد علي جناح" حيث كان من المقرر أن تلقي "بوتو" خطابا في حشد من أنصارها، الأمر الذي جعل موكبها هدفا سهلا لمنفذي العملية. أول كشف رسمي عن وقائع عملية الاغتيال أعلن وزير الداخلية الباكستاني "افتاب شيرباو" أن الهجوم تم بعمليتين انتحاريتين لأن بإمكان التجهيزات الإلكترونية المثبتة علي سيارات قوي الأمن أن تبطل مفعول أي عبوة ناسفة زرعت من قبل أو أي قنبلة موقوتة. كما أعلنت الشرطة الباكستانية أمس انها عثرت علي رأس رجل يرجح انه منفذ الهجوم الانتحاري. وقال "رجا عمر خطاب" الضابط في الشرطة الجنائية "عثرنا علي رأس رجل ونحن متأكدون من أنه الانتحاري.. وأن عينات اخذت من الرأس ارسلت إلي مختبر للطب الشرعي في محاولة للتعرف علي شخصيته بإجراء تحاليل للحمض النووي ". وعرض الرأس علي شبكات التلفزيون. وقد بدت ملامح الوجه واضحة ويمكن التعرف عليها. بينما أكد حزب الشعب الباكستاني علي لسان "صفدار عباسي" القيادي في الحزب أن بوتو ستبقي في باكستان لتقود الحزب إلي الانتخابات التشريعية في منتصف يناير القادم، مضيفا إننا "لن نعدل مخططاتنا، معركتنا من اجل الديموقراطية ستتواصل، سنشارك في الانتخابات" التشريعية المقررة منتصف يناير. من جهة أخري أدان مشرف الاعتداء بحزم وقوة ووصف الهجوم بأنه "مؤامرة ضد الديموقراطية" وهو ما يتواكب مع الانتقادات الدولية من امريكا واوروبا وفرنسا واستراليا للهجوم.

المؤكد فى كل الأحوال أن يكون لهذا الهجوم تداعيات كبيرة علي مستقبل الوضع السياسي في باكستان برمته وهو ما يقود إلي أحد السيناريوهات التالية:- أولها تعزيز التحالف بين "مشرف" و"بوتو" في مواجهة القاعدة وطالبان وهو سيناريو تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعي إلي تقوية تحالف المعتدلين في مواجهة المتطرفين الإسلاميين وهو ما يقتضي تبرئة أجهزة الدولة من التورط أو التقصير في محاولة الاغتيال بعد اتهامات زوج "بوتو" لها. السيناريو الثاني يتضمن وصول العلاقة بين "بوتو" و"مشرف" إلي حد الأزمة نتيجة لظهور وقائع تؤكد اتهام زوجة "بوتو"، أو رفض المحكمة العليا التصديق علي رئاسة "مشرف" أو رفض العفو الرئاسي الذي اسقطت بموجبه تهم الفساد عن رئيسة الوزراء السابقة، وهو ما سيؤدي إلي إعلان "مشرف" حالة الطواريء أو الأحكام العرفية، وسيقود البلاد إلي حالة عميقة من عدم الاستقرار السياسي. السيناريو الثالث ويرتبط باستمرار اتفاق تقاسم السلطة بينهما مما يعني دخول حزب الشعب الانتخابات المقبلة وتقوية احتمالات تولي بوتو رئاسة الوزراء بعد تخلي "مشرف" عن قيادة الجيش .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE