الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البديل الاشتراكي هو ثمرة العمل الجماعي لليسار

سامر سليمان

2007 / 12 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تأسس التحالف الاشتراكي في يونيو عام 2006، لكي يكون إطاراً للعمل المشترك بين مجموعات وتنظيمات اليسار المصري، أو على الأقل يلعب دور منتدى للحوار بين اليساريين. هذا التحالف هو الإطار الوحيد الذي تلتقي فيه الآن جماعات اليسار في مصر. ولهذا من المهم الحفاظ عليه. أكتب هذه المقالة بناءً على اتفاق مع زملاء منتمين للتحالف الاشتراكي يرون ضرورة الدخول فوراً في حوار يساري/يساري. وقد اقترحت أن تكون جريدة البديل هي أحد الساحات التي تنظم وتحتوي الحوار. وقد تكرم الزملاء المسئولين في البديل بالموافقة على فتح صفحاتهم لهذا النوع من الحوار تحت عنوان "البديل الاشتراكي".

هذا ليس أول مشروع لحوار يساري/يساري. هناك سابقة لحوار اتخذ من اتحاد اليسار ساحة له في عام 2006. لكن التجربة لم تكن عظيمة. فالحوار كان يخيم عليه شبح الخلافات السياسية التكتيكية حول قضية تحالفات اليسار مع تيارات غير يسارية. المجتمع السياسي المصري، بل والعربي، منقسم على أشده بين معسكرين: الأول يضم تيار ديني يميني محافظ يرفع شعارات الأسرة والطائفة، تسانده مجموعات دينية/قومية ترفع شعارات الأمة والجهاد ضد أعداء الأمة. والثاني يضم تيار يميني محافظ شبه مدني يرفع شعارات الأسرة والطائفة والطبقة، تسانده مجموعات لبرالية ترفع شعارات "الحرية" الاقتصادية والعلمانية والمواطنة والقبول بالاندماج في العالم كما هو بما فيه من علاقات هيمنة واستغلال وقهر قومي. هذا بالطبع تبسيط للخريطة السياسية المصرية والعربية. ولكن التبسيط ربما يفيد في رؤية الصورة الكلية الشاملة بدون الغرق في التفاصيل. هذا الانقسام الحاد داخل المجتمع السياسي يعطي الانطباع أحياناً بأن ساعة الحسم قد اقتربت، وأن المعركة ستنتهي لصالح أحد الأطراف. لذلك انهمكنا نحن اليساريين في الصراع حول من هو الطرف الأسوأ: اليمين المحافظ شبه المدني المسيطر على قمة السلطة، أم اليمين المحافظ الديني المخترق لبعض أجهزة وفعاليات الدولة والمسيطر على السلطة في المجال العام الذي يتميز بضعف تواجد الدولة فيه. سؤال من هو الأسوأ ليس بالسؤال العبثي، فالشكل السياسي الذي يسيطر به اليمين على السلطة السياسية ليس شيئاً تافهاً، وهو بلا شك سيؤثر على مسار تطور السياسة المصرية بصفة عامة، وتطور السياسة اليسارية بصفة خاصة. لكن يبدو أن الإجابة على الأسئلة الخاصة بالعمل السياسي اليومي والتكتيكي تتطلب في البداية الاتفاق حول الخطوط العامة لمشروع اليسار الاستراتيجي. لذلك فأنا أضم صوتي للزملاء الذي يرون ضرورة الدخول في حوار يساري/يساري حول البديل الاشتراكي. فاليسار المصري والعربي والعالمي أكبر من أن يقصر طموحاته على درء خطر أسوأ البدائل اليمينية. وحتى إذا قصرنا طوحاتنا على الحيلولة دون سقوط المجتمعات العربية في الهاوية، فإن المدخل الصحيح لذلك هو النظر للمستقبل وطرح مشروع ايجابي لبناء مجتمع انساني مصري جديد.
ما هو البديل الاشتراكي لمصر ولبلاد العرب؟ البديل ليس متبلوراً بعد في مشروع سياسي واضح المعالم يتجسد في تيار سياسي ممتد في المجتمع وممتلك لمؤسسات سياسية واقتصادية وثقافية. لكننا لا نبدأ من الصفر، سواء لأن هناك أجيال من الاشتراكيين العرب والمصريين رمت ببذور أفكار وممارسات اشتراكية في الواقع لازال لها فروع في الواقع حتى الأن، أو لأن اليسار تيار عالمي، ما يتحقق من نجاح لتيار منه في بلد أو منطقة ما، لابد وأن ينعكس بالإيجاب على اليسار في العالم كله. واليسار يحقق اليوم تقدماً ملحوظاً، خاصة في أمريكا اللاتينية، حتى ولو سلمنا أن الانتصارات الانتخابية التي أنجزها اليسار هناك تحققت بقدر مرتفع من البراجماتية، بل قل بتنازلات سياسية. الحيوية التي تدب في أوساط اليسار اللاتيني هناك لابد وأن تنعكس على اليسار في مناطق أخرى، خاصة أن الثقافة اللاتينية عموماً - والموسيقية منها خصوصاً - تجتاح العالم كله، بما فيه مصر. نحن لا نبدأ من الصفر، بل لدينا ذخيرة من التراث الفكري والعملي الاشتراكي العالمي والعربي. كما أننا لسنا وحدنا في العالم، فلدينا زملاء يساريين في كل بقاع الأرض، من شمالها الاسكندنافي إلى جنوبها الأفريقي، ومن شرقها الأسيوي إلى غربها اللاتيني. نعم.. الراية الحمراء لا زالت ترفرف في كل أرجاء المعمورة. المهم هنا في مصر أن نبدأ انطلاقاً من الامكانيات المتاحة بالفعل. وأهم هذه الامكانيات هي تواجد مجموعات وأفراد في مصر يُعرفون أنفسهم كيسار، ويرون أنفسهم جزءً لا يتجزأ من تيار اليسار في العالم. البديل الاشتراكي المصري والعربي لن يتبلور إلا بالحوار الجماعي والعمل الجماعي اليساري. وفي هذا السياق أحيي اقتراح الزميل خالد الفيشاوي بضرورة عقد مؤتمر سنوي لليسار المصري في مقالته المنشورة بالبديل يوم 20 نوفمبر. وفي هذا الإطار سأحاول أن أشرح الأسباب التي تجعلني أتمسك بالاشتراكية كمشروع للتغيير الاجتماعي. وأهم هذه الأسباب هي أن الاشتراكية هي مشروع جماعي يجيب على احتياجات مجتمع يعاني من سيادة الفردية الأنانية (أنا ومن بعدي الطوفان) كما يعاني من أسرية متخلفة (أنا وأسرتي ومن بعدنا الطوفان) . وهذا موضوع المقالة المقبلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات