الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب : الشريعة الإسلامية تتعارض مع حقوق الإنسان والمواطنة

وحيد حسب الله

2008 / 3 / 15
حقوق الانسان


أصبحت مصر تتميز بفضائح صارخة في انتهاك حقوق الإنسان المصري بصفة عامة وغير المسلمين بصفة خاصة ، فقد أضافت اللجنة المخصصة للدفاع عن حقوق الإنسان بمجلس الشعب فضيحة أخرى تنم عن ضيق الأفق لمن يعتبرهم الشعب ممثلين له ، وهي أن مبادئ الشريعة الإسلامية وقوانينها تميز بين المسلمين حسب الجنس معتبرة أن المرأة هي نصف الرجل من ناحية ، ومن ناحية أخرى بين المسلمين وغير المسلمين في الحياة العامة .
فالأخذ بمواثيق حقوق الإنسان العالمية والتي صدقت عليها مصر تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية كما أشار أعضاء لجنة انتهاك حقوق الإنسان بالمجلس .
أن تصريح أعضاء هذه اللجنة أضاف برهاناً جديداً على اضطهاد المرأة المسلمة وخاصة بما يتغنوا به ليلاً ونهاراً أن الإسلام وشريعته أنصفت المرأة أكثر من أي دين آخر ، كذلك التأكيد على التمييز ضد الأقباط رسمياً. فإن كانت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب وهو مجلس تشريعي يقنن التمييز بين المواطنين على أساس الدين والجنس ، فلا أمل على تحقيق المواطنة الكاملة على أرض الواقع أو تفعيل المواد الدستورية 40 و 46 التي تتناول حرية العقيدة والمواساة بين المصريين جميعاً .
لقد أسردت الصحف المصرية الحكومية والمستقلة ما حدث في اجتماع لجنة حقوق الإنسان للاستماع لتقرير الدكتورة زينب رضوان بناء على توصيات مجلس حقوق الإنسان المصري فيما يخص تقنين المساواة بين المرأة والرجل المسلم وكذلك مساواة المرأة الكتابية بالمرأة المسلمة وحقها في وراثة زوجها المسلم وقبول شهادة غير المسلمين في المحاكم . فقد ذكرت صحيفة الأهرام القاهرية بتاريخ 11 مارس 2008 ما يلي :
" شهدت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب ـ في اجتماعها الذي عقدته أمس برئاسة المستشار إدوارد غالي ـ مناقشات ساخنة بين الأعضاء عند مناقشة توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان حول المواطنة‏.‏
وقد اعترض أعضاء اللجنة علي ما طالبت به الدكتورة زينب رضوان‏,‏ الأستاذة في أصول الشريعة الإسلامية‏,‏ وكيل المجلس‏,‏ من ضرورة السماح بتوريث الزوجة الكتابية عند وفاة زوجها المسلم والأخذ بشهادة المرأة الواحدة‏,‏ وليس المرأتين تفعيلا لمبدأ المواطنة‏.‏ وكذلك السماح بسماع شهادة أصحاب الديانات الأخرى في مسائل الأحوال الشخصية‏,‏ مؤكدة أنه لا يوجد مانع صريح في القرآن الكريم والسنة للأخذ بهذه المقترحات‏.‏
في الوقت الذي اعتبر فيه أعضاء اللجنة أن الحديث عن هذه الأمور يعد مخالفة صريحة لأحكام الشريعة الإسلامية‏,‏ وخروجا علي القواعد الدينية الثابتة في المجتمع‏.‏.."
وعلى الرغم من تأكيد الدكتورة زينب رضوان بصفتها أنها أستاذة في أصول الشريعة الإسلامية وأنها لا تريد بطلبها هذا "المساس بثوابت الشريعة الإسلامية التي لا تستطيع أن تجترئ عليها‏,‏ ولكن طلبها جاء حرصا منها علي الفهم الصحيح للإسلام‏,‏ وعظمة الدين الإسلامي السمح‏.‏"
أولاً يجب أن نوجه الشكر للأستاذة الدكتورة زينب رضوان لمبادرتها بمحاولة إنقاذ سمعة الإسلام والتي ساءت في نظر العالم نتيجة التمسك بما يسمى "القواعد الدينية الثابتة في المجتمع" حسب قول أعضاء اللجنة والتي يجب أن نسميها لجنة انتهاك حقوق الإنسان بدلاً من لجنة "حقوق" الإنسان بمجلس الشعب .
ثانياً من الواضح أن موقف أعضاء اللجنة ينطبق تماما على ما هو معروف ومنشور منذ فترة طويلة ومسجل في الإعلانات المختلفة بحقوق الإنسان في الإسلام والتي لا تنطبق بأي حال من الأحوال على غير المسلمين أو المخالفين في المذاهب الإسلامية من بلد لآخر ، هذا بالإضافة أن حقوق الإنسان والمعروفة عالمياً مشروط تطبيقها بألا تتعارض مع الشريعة الإسلامية والقرآن .
ثالثاً أمامنا حالة الدكتورة زينب رضوان والتي حاولت أن تعطي قراءة جديدة للنصوص القرآنية والشريعة فيما يخص المساواة وهي محاولة باءت بالفشل الذريع من قبل أعضاء اللجنة المنوه إليها وكذلك ما تناقلته لنا صحف أخرى مثل "المصريون" و"المصري اليوم" من آراء فقهاء المسلمين لتفنيد أقوال الدكتورة زينب رضوان وأن اقتراحها يتعارض مع الشريعة كما قال الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر عضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا: «لا يوجد أي من العلماء والفقهاء قال بمساواة شهادة المرأة للرجل في كل شيء في الشريعة الإسلامية، وهذا الأمر محل إجماع واتفاق بين جميع العلماء» مستشهداً بالآية رقم 282 من سورة البقرة "(واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل احداهما فتذكر احداهما الأخري) ثم استشهد بحديث نبوي فيما يخص وراثة المرأة الكتابية لزوجها المسلم «لا توارث بين أهل ملتين شتي» وشارك رأيه أيضاً الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر (ttp://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=97074) وشارك هذا الرأي أيضاً محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية و الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن وعضو مجمع البحوث الإسلامية وكذلك الداعية الإسلامي الدكتور يوسف البدري الذي " اتهم المطالبين بتوريث غير المسلم للمسلم بأنه يسعى إلى تغيير شرع الله عز وجل، كما أنه لا يجوز مساواة شهادة المرأة بشهادة الرجل كما هو ثابت في القرآن الكريم، معتبرا أن من يطالب بذلك فإنما يطالب بتغيير القرآن الكريم نفسه." (http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=45869)
رابعاً ردود الأفعال على اقتراح الدكتور زينب رضوان لم تكن مفاجأة لي وخاصة أنني كنت قد كتبت مقالة منذ فترة بعنوان " هل من حقوق للإنسان في ظل الشريعة الإسلامية ؟" (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=108821) أثبت فيها أنه في ظل العقول العقيمة الموجودة في الأزهر والمؤسسات الإسلامية لا أمل على الإطلاق في أن يحصل الإنسان المسلم قبل غير المسلم على حقوقه الإنسانية في ظل نصوص جامدة وتفسيرات تخضع لأهواء علماء يريدون أن يواصلوا تحكمهم في الإنسان واستعباده ببعض النصوص القرآنية والشريعة الإسلامية والتي ما زالت محل نقاش وجدل بين علماء المسلمين أنفسهم وكل واحد يخرج علينا بتفسير يعتبره الآخرون خروجاً عن "الثوابت" .
فمن ردود فعل أعضاء لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب وكذلك علماء الأزهر يتضح لنا أن حقوق الإنسان في الإسلام تنطبق فقط على الرجل المسلم وأن المرأة المسلمة لا تمتع بأي حقوق رغم زعم علماء المسلمين . ثم اثبتوا لنا أن غير المسلمين في حالة المرأة الكتابية المتزوجة من مسلم ليس لها حقوق على الإطلاق وخاصة فيما يتعلق بالميراث أو إعطاءها حق الشهادة أمام المحاكم وأخيراً فغير المسلم مرفوض أن يدلي بشهادته في المحكمة التي تتداول قضية خاصة بالمسلمين من أي نوع كان حتى ولو كانت شهادته فيها إنقاذ حياة إنسان .
خامساً فنحن الآن أمام مشكلة كبرى أشرنا إليها عدة مرات في مقالات سابقة ، وهي "مشكلة الإسلام" وتأقلمه مع ثقافة حقوق الإنسان المطلقة والتي أصبحت جزء لا يتجزأ من المنظومة العالمية في عصرنا هذا .
فنحن أمام وجهان للإسلام : الوجه الأول هو الآيات التي يتلوها لنا علماء الإسلام وخاصة شيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف بخصوص أهل الكتاب وحقوقهم في دار الإسلام في لقاءاتهم مع المسئولين الغربيين أو في مؤتمرات الحوار بين الأديان . ثم الوجه الثاني وهو الآيات التي تدعو لقتال غير المسلمين والاستمرار في الجهاد حتى تصبح الأرض كلها لإله الإسلام . فعندما تأتي مشكلة خاصة بحقوق الإنسان وتتعارض مع زعمهم "بثوابت الشريعة الإسلامية" ، فالأولوية تكون لنصوص الشريعة ويفقد الإنسان حقوقه والتي من المفترض أن يحميها الدستور .
سادساً لا أحد يجهل أن المادة الأولى و40 و46 من الدستور والتي تنص على المواطنة والمساواة وحرية العقيدة والعبادة لا يساوي شيئاً أمام المادة الثانية من الدستور والتي يلجأ إليها الآن العلماء والقضاة في المحاكم وكذلك المسئولين عن التعيين في الوظائف الحكومية أو الخاصة برفض تعيين كل شخص غير مسلم أو مسلم مخالف لمذهب الأغلبية سواء سنية أو شيعية في هذه الوظائف .
فيوم بعد يوم يتضح لنا جلياً أن المفكرين المسلمين والأقباط الذين طالبوا بحذف المادة الثانية من الدستور كانوا على حق نظراً لأنها ستكون كالسيف على رقاب عباد الله وحريتهم وسوف يستخدمها الظلاميون ضد حقوق المواطنة والإنسان وكذلك ضد حرية العقيدة . لقد أثبتت الأحكام الخاصة بالعائدين للمسيحية هذه المخاوف بإضافة تعبير "مسلم سابقاً" في الهوية الشخصية كما كان هتلر ونظامه النازي يضع علامة خاصة لليهود.
سابعاًً هذه التصريحات تثبت بما لا يدع مجالاً للشك عن مدى التمييز والاضطهاد الذي يتعرض له الأقباط باسم الشريعة الإسلامية ، كما أكدت تصريحات الدكتور مصطفي الفقي حقيقة خطف بنات الأقباط القصر منذ فترة قليلة (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=756&aid=121559)
هذا الموقف يجعلنا أيضاً نفهم السبب في تعنت الدكتور فتحي سرور وأعضاء المجلس وغالبيتهم من الإخوان في رفض مناقشة مشروع قانون بناء دور العبادة الموحد وكذلك قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين والذي ما زال يرفض مناقشته وتشريعه ووضعه في أحدي أدراج المجلس منذ عدة عقود .
ثامناً طبقاً لتصريحات وزير الأوقاف في المصري اليوم 14/3/2008 أنه يوافق على ما طلبته الدكتورة زينب رضوان ولكنه يؤيد مبدأ شهادة امرأتين في حالة أن القضية تخص نواحي مالية . أما بالنسبة لموضوع غير المسلمين فهو ينتظر أن يناقش ويعلن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية موقفه ، مما يعني ضمنياً أنه يؤيد موقف الرافضين لإعطاء المرأة الكتابية حقوقها الوراثية وكذلك شهادة غير المسلمين في المحاكم .
أخيراً فهدف مجلس الشعب الإخواني هو الاستمرار في اضطهاد الأقباط والتمسك بوضع العراقيل والتضييق عليهم طبقاً للشريعة "السمحة" لتركيعهم ، ولكن الأقباط لم ولن يركعوا للبعل أبداً ، والخاسر في النهاية هي سمعة الإسلام وبمواقفهم هذه يثبتوا للمسلمين الشرفاء والمستنيرين أن الشريعة الإسلامية هي عائق ضخم أمام أي تقدم نحو التقدم والحرية والحضارة الحديثة ، بل هي سبب أهدار لكرامة الإنسان المخلوق على صورة الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د