الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع السياسي ومجالس الصحوة ، نظرة من الداخل القسم الثاني

نجم الدليمي

2008 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الصراع السياسي ومجالس الصحوة في ظل هيمنة الاحتلال الأجنبي في العراق ، مأزق ام مخرج ؟

( نظرة من الداخل )
د. نجم الدليمي
القسم الثاني
خامسا : ـ اشكال وابعاد الصراع السياسي في العراق

كان الصراع في العراق قبل سقوط النظام البائد ، يدور بين الحزب الحاكم من جهة وبين الاحزاب السياسية المعارضة للنظام من جهة اخرى ، وكان الصراع يحمل طابعا سياسيا وايديولوجيا واقتصاديا ، أي جوهر الصراع كان حول مستقبل النظام السياسي اللاحق في العراق .
اما بعد سقوط النظام ، فأن طبيعة الصراع أخذت منحى او اتجاه آخر ، اذ انتقل الصراع بين الاحزاب السياسية العراقية وخاصة بين الاحزاب المشاركة في الحكم نفسها ، وحمل في طابعه العام صراعا طائفيا ـ قوميا ، وتمثل هذا الصراع بين التيار القومي العربي والتيار القومي الكردي والتيار الديني بالدرجة الاولى ، وانعكس هذا الصراع في تركيبة السلطة التنفيذية والتشريعية ، واتسم ايضا بالمحاصصة المقيتة ، وبسبب هيمنة قوات الاحتلال الأجنبي في العراق على أهم مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية .... وتفاقم حدة الصراع داخل هذه التيارات الرئيسية ، الذي تميز بمرحلتين مهمتين وهما : ـ

مرحلة ما قبل تكوين مجالس الصحوة

تميز هذا الصراع بالطابع الطائفي ـ الديني والسياسي في آن واحد وتمحور في محورين .
الاول ـ صراع واقتتال بي التيار الشيعي المتمثل بجميع احزابة الشيعية وخاصة التيار الصدري ( جيش المهدي ) ، والمجلس الاعلى الاسلامي ( منظمة بدر ) من جهة وبين التيار السني المتمثل بالجيش الاسلامي وبعض الفصائل العراقية المسلحة وتنظيم القاعدة في العراق ومعهم " العرب الافغان " وبسبب هذا لصراع خسر الشعب العراقي خسائر بشرية كبيرة من الابرياء .
الثاني ـ صراع واقتتال بين التيار الشيعي والتيار السني بكل مكوناته السياسية والمسلحة من جهة وبين قوات الاحتلال الأجنبي من جهة اخرى ، ومنذ ابريل عام 2003 ولغاية كانون الاول عام 2007 ، وحسب الاحصاءات الرسمية ، تكبدت قوات الاحتلال الأجنبي ما يقارب من 4000 قتيل واكثر من 20 الف جريح > ، في حين بلغت خسائر الشعب العراقي ولنفس الفترة ما يقارب من مليون قتيل ، أي ان الشعب العراقي بكل تياراته السياسية والطائفية والدينية خسر أكثر من 250 مرة مما خسرته قوات الاحتلال .

مرحلة ما بعد تكوين مجالس الصحوة

اتسم هذا الصراع في مرحلة ما بعد تشكيل مجالس الصحوة ايضا طابعا طائفيا ـ دينيا بالدرجة الاولى ، وان منحى الصراع الطائفي كان ولا يزال لصالح قوات الاحتلال الأجنبي ، ويمكن توضيح صورة الصراع الطائفي اليوم بالأتي : ـ

اولا ـ لقد حدثت انشقاقات وانقسامات داخل اغلب الاحزاب الدينية سنية كانت ام شيعية ومنها .
1ـ انقسم تنظيم القاعدة على نفسه ، فقد ايد قسم منه مجالس الصحوة وانظم اليها ، و رفضها القسم الآخر بالكامل ، ونفس الشيء حدث مع بعض الفصائل المسلحة ، مما ادى ذلك الى نشوب اقتتال داخلي بين هذه التنظيمات السنية ، وظهر ما يسمى بالجناح المعتدل والجناح المتطرف ، هنا يدعم الأمريكان الجناح المعتدل لمحاربة الجناح المتطرف .
2ـ اما التيار الشيعي فقد انقسم هو ايضا ، فالتيار الصدري ( جيش المهدي ) أيد قسم منه مجالس الصحوة ورفضها القسم الآخر ، ومن دخل المجالس فهو مرتد عن النهج الديني للتيار الصدري ، وبسبب ذلك دخل جيش المهدي في احتراب داخلي مع نفسه ، وظهر ما يسمى الجناح المعتدل " المساوم " والمدعوم من قبل قوات الاحتلال .
ثانيا ـ ان احتدام وتفاقم حدة الصراع الطائفي بين التيارين السني والشيعي ، قد ولّد اتجاهين متعارضين في كل تيار ديني ، اتجاه رافض لمجالس الصحوة ، واتجاه مؤيد لها ، فمثلا دخل الاتجاه الرافض للصحوة معركتين في آن واحد ، معركة مع مؤيديه الذين دخلوا مجالس الصحوة ، ومعركة مع قوات الاحتلال الأجنبي ، وهذا من حيث المبدأ لصالح قوات الاحتلال .
اما التيار القومي الكردي فهو لم يتأثر بشكل مباشر في طبيعة الصراع الطائفي في غرب ووسط وجنوب العراق ، وان حدثت بعض المشاكل التي تحمل طابعا طائفيا وسياسيا فهي لن توثر على الوضع السياسي والأمني في اقليم كردستان ، ولدى الحزبان الكرديان الرئيسيان قوات خاصة بهما ، وهي قوات البيشمركه التي حققت الأمن والأستقرار في اقليم كردستان ، وبشكل افضل مما في الوسط والجنوب .
يمكن القول ، ومن خلال تفاقم طبيعة الصراع الطائفي ـ الديني في العراق ، فأن قوات الاحتلال قد " نجحت " في اشعال الاحتراب الطائفي داخل المجتمع العراقي ، من خلال دعمها لما يسمى بالجناح المعتدل من السنة والشيعة، ومحاربة الجناح المتطرف من التيارين الشيعي والسني ، وبسبب هذه السياسة تقلصت الخسائر البشرية لقوات الاحتلال الى ادنى حد ممكن ، وبنفس الوقت فأن قوات الاحتلال هي التي تدير وتشرف وتوجه طبيعة الصراع الطائفي ـ الديني في العراق اليوم.

سادسا : ـ أبعاد مجالس الصحوة في العراق

ان تشكيل مجالس الصحوة في العراق ، كان قرارا أمريكيا وتم تنفيذه من خلال قواتها العسكرية المحتلة للعراق ، ويرجع سبب هذا القرار الى الفشل الكبير الذي لحق بقوات الاحتلال اثناء محاولتها بسط نفوذها الأمني والسياسي والعسكري على العراق بشكل عام وعلى المناطق الغربية بشكل خاص . ان تشكيل المجالس له عدة ابعاد نذكر اهمها : ـ
البعد السياسي

تهدف الادارة الأمريكية وقواتها المحتلة في العراق من تشكيل مجالس الصحوة في العراق بشكل عام وفي بغدا والمناطق الغربية بشكل خاص ، هو خلق مليشيا عسكرية جديدة ، وان تحقيق ذلك يعني ، ظهور قوة عسكرية مسلحة جديدة موازية لقوات الدفاع والداخلية العراقية ، ومن هنا ينشأ الخطر ، في ظل مجتمع أصابه الخراب في جميع مرافق حياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ، ووجود ظاهرة الثأر الاجتماعي بسبب الاحتلال والحروب وغيرها . كما يلاحظ ان قرار تشكيل مجالس الصحوة لم يلاقي تأييدا كاملا من قبل جميع الأحزاب السياسية العراقية ، فقد تباينت المواقف .
التيار السني ايد القرار ، وبهذا الصدد يشير طارق الهاشمي الى " ان العراق اليوم بمفترق طرق ، اما ان يدعم مجالس الصحوة او تتعرض هذه التجربة الى انتكاسة ، واذا ما تعرضت الى انتكاسة فسوف يتراجع الوضع الأمني في العراق " .
اما التيار الشيعي ، فهو ليس ضده من حيث المبدأ ، ولكن ليس في مناطق نفوذه ، في الوسط والجنوب ، مبررا ذلك بوجود الأمن والأستقرار ولا حاجة لتشكيل مجالس صحوة . وهذا الموقف نعتقد مبالغ فيه ، فهناك عشرات " القنابل " المؤقتة في الوسط والجنوب وهي قابلة للانفجار عند " الضرورة " ، وهناك قوى خفيه كانت او علنية تقف وراء ذلك .
اما موقف الحكومة العراقية ، التي قبلت بتشكيل مجالس الصحوة على مضض ، كما عبر عن ذلك رئيس الوزراء نوري المالكي ، اذ قال " سيتحول قسم كبير منهم الى اجهزة الجيش والشرطة وفقا لمواصفات تتعلق بالصحة والعمر والشهادة والخلفية والسجل الجنائي والأستخباراتي .... وان الحكومة مع الصحوات ، ولكنها تريد ان تحمي الصحوة من الاختراق " .
اما التيار الكردي ، فهو ايضا يرفض تشكيل مجالس الصحوة في منطقة اقليم كردستان ، مبررا ذلك بأنه يملك قواته الخاصة ـ البيشمركة ـ وهي المسؤولة عن حفظ الأمن والأستقرار في الاقليم ، ولكنه لا يعارض تشكيلها في المناطق الاخرى .
ان القرار الأمريكي في تشكيل مجالس الصحوة قد خلق ارباكا وتعقيدا في العلاقات السياسية بين التيارات الرئيسية بعضها البعض ، وبين البعض منها وقوات الاحتلال ، فمثلا التيارالسني يؤيد قيام مجالس الصحوة في عموم العراق ، وهذا ما يتطابق مع وجهة النظر الأمريكية ، في حين التيار الشيعي يؤيد قيام مجالس الصحوة فقط في المناطق " الساخنة " أي المناطق الغربية ، ويرفضها في الوسط والجنوب .
ان فكرة تشكيل مجالس الصحوة في العراق ما هي ايضا الا " قنبلة " موقوتة زرعها الاحتلال وقابلة للانفجار في أي وقت ، وان هدفها الرئيسي هو تقليل خسائرها العسكرية ، وبنفس الوقت حصلت على المئات بل الالاف من " الاصدقاء " و " الحلفاء " وهؤلاء سوف يشكلون شبكة كبيرة يصعب حصر اخطارها في المستقبل القريب .

البعد الاقتصادي

ان الحروب غير العادلة والعبثية في شكلها ومضمونها ، منذ عام 1980 ولغاية اليوم . قد جلبت الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية وحتى النفسية للغالبية العظمى من الشعب العراقي ، فالمصانع والمعامل ضربت ودمرت ، والقسم الآخر توقف عن العمل . والقطاع الزراعي ليس أحسن من القطاع الصناعي ، اما الخدمات فقد فشل في تقديم الخدمات المطلوبة ، فأنقطاع الكهرباء والماء مستمر ، الفقراء لا يستطيعون شراء النفط والغاز بسبب اسعارها المرتفعة ، وغيرها من المشاكل .
ان من اخطر نتائج هذا التخريب الاقتصادي ـ الاجتماعي هو تنامي معدل البطالة ، وخاصة وسط الشباب ، حيث تبلغ نسبتها اكثر من 60% وتعزز هذا الاتجاه التخريبي للاقتصاد العراقي في ظل هيمنة الاحتلال الأجنبي .

ان قيام مجالس الصحوة في العراق يحمل طابعا متناقضا ، اذ يلاحظ ان هناك طابع ايجابي ، في المساعدة على معالجة البطالة بشكل عام ، وفي المحافظات التي شكلت فيها ، بدليل ان قوات الاحتلال وحسب المناطق قبلت الغالبية العظمى من الشباب من عمر 17 سنة وحتى عمر 55 سنة .، < بأستثناء المتطرفين من الشيعة والسنة > ، مقابل مرتبات شهرية مغرية جدا اذا ما قورنت بمرتبات العاملين في الجهاز الاداري ، وهذه معالجة مؤقتة ولكنها غير صحيحة . اما الطابع السلبي
، فهو ان زج الغالبية العظمى من الشباب في المدن والقرى والنواحي ، يهدف الى تجميد نشاطهم السياسي والاقتصادي ، فهم تحت اشراف وتوجيه ومراقبة قوات الاحتلال ، منعزلين عن النشاط الانتاجي سواء كان في الزراعة ام الصناعة ، ويعني ذلك جعل المجتمع العراقي مجتمعا استهلاكيا للسلع الغذائية وغيرها ، والتي لا تتوفر فيها الشروط المطلوبة . في حين كان من الاجدر معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المخرب من خلال وضع خطة علمية مدروسة لتطوير القطاع الصناعي من خلال التدخل المباشر للدولة بهدف اصلاح وترميم وتجديد المعامل والمصانع باللآت الحديثة وتأهيل العمال ، وبنفس الوقت من الضروري تطوير القطاع الزراعي من قبل الدولة ، وبشكل مباشر ، من خلال تقديم القروض الميسرة وتوفير الاسمدة والبذور والمبيدات والمكننة بمختلف اشكالها ، وتوفير المياه وغيرذلك من ضرورات ، وباسعار مناسبة ، من هنا يمكن معالجة البطالة وزيادة الانتاج المادي للشعب ، وبالتالي يمكن اضعاف القاعدة البشرية والمادية للارهاب وبكل اشكاله والمدعوم من الخارج .
ان بقاء الاقتصاد العراقي مخربا وخاصة القطاعات الانتاجية المادية ، وزج الشباب في مجالس الصحوة ، ما هو الا عملا تخريبا لا يخدم الشعب العراقي ولا الاقتصاد الوطني ، بل يخدم قوات الاحتلال من الناحية الامنية والعسكرية ، كما يخدم طفيليي الاحتلال من " حلفاء " و " اصدقاء الولايات المتحدة الامريكية ، وهذه المعالجة خاطئة وفاشلة .

البعد العسكري

ان احد الاهداف الرئيسية للادارة الامريكية وقوات الاحتلال من تشكيل مجالس الصحوة في العراق هو العمل على تقليل الخسائر البشرية وغيرها ، وزج العراقيين في المحالس كي يتقاتلوا فيما بينهم ، ناهيك من انهم كونوا شبكة كبيرة من " الاصدقاء " والحلفاء " من مجالس الصحوة وتحت اشرافهم المباشر ، ويمكن القول انهم نجحوا في ذلك ، من خلال بيانات وزارة الدفاع الامريكية " البنتاغون " . فمنذ اذار عام 2003 ولغاية كانون الاول عام 2007 بلغ عدد القتلى الامريكان 3897 قتيلا بينهم 93 مجندة واكثر من 28 الف جريح ، ( نعتقد ان الخسائر اكثر بكثير ) ، وكما يلاحظ بلغ عدد القتلى في صفوف العسكريين 894 قتيلا عام 2004 ، و846 قتيلا عام2005 ، و822 قتيلا عام 2006 ، و894 قتيلا عام 2007 ، وان شهر كانون الاول من عام 2007 ، شهد اقل عدد من القتلى ، اذ لم يتجاوز حتى 27/12/2007 سوى 16 جنديا ، قتلوا في مناطق متفرقة من العراق ، في حين تجاوز عدد القتلى منهم الـ 100 خلال الاشهر الثلاثة الماضية ( نيسان ، مايس ، حزيران ) ، وكان شهر تشرين الثاني عام 2004 قد سجل اعلى عدد من القتلى الامريكان وهو 137 جنديا ، ابان معارك الفلوجة بين القوات الامريكية ،والجماعات المسلحة ، وهذا العدد يمثل اكثر من ثمانية اضعاف القتلى لشهر كانون الاول عام 2007 . كما تشير الاحصاءات الى ان نحو ثلثي القتلى الامريكان قتلوا في محافظه الأنبار ( 1267 ) وفي بغداد ( 1186 ) ، وتوزع الباقي على المحافظات الاخرى وهي صلاح الدين ( 367 ) وديالى ( 217 ) ونينوى ( 212 ) وبابل ( 173 ) وكركوك ( 85 ) وذي قار ( 52 ) والنجف ( 30 ) والديوانية ( 26 ) وكربلاء ( 24 ) وواسط ( 13 ) والمثنى ( 4 ) وميسان (2 ) واربيل ( 1 )اضافة الى 177 قتيل لم تحدد البيانات العسكرية الامريكية المحافظات التي قتلوا فيها . < جريدة الصباح : 26/12/2007 > .
من خلال هذه الارقام الرسمية المعلنة ، يمكن القول ان عدد القتلى الامريكان في المحافظات الغربية بلغ 2072 قتيل وفي بغداد 1186 قتيل ، أي ان في بغداد والمحافظات الغربية بلغ عدد القتلى 3258 من اصل 3897 ؟ ، ومن هنا نشأت فكرة تكوين مجالس الصحوة في العراق ، وخاصة في المحافظات الغربية وبغداد ، في حين تكبدت قوات الاحتلال في محافظات الوسط والجنوب 357 قتيل ، اما المحافظات الشمالية فبلغت خسائر قوات الاحتلال الأمريكي قتيلا واحدا باستثناء محافظة كركوك ؟؟! .


سابعا : المخرج من المأزق : ـ استنتاجات ومقترحات

أ ـ بعض الاستنتاجات

1 ـ ان من اخطر ما في العراق في ظل هيمنة قوات الاحتلال ، هو ان وجهة الصراع قد أخذت طابعا قوميا وطائفيا ، ولهذا التوجه افرازاته الخطيرة على بنية المجتمع العراقي بشكل عام وعلى التيارات السياسية الرئيسية بشكل خاص ، ويرجع سبب ذلك الى الدور الاقليمي والدولي الضاغط بهذا الاتجاه الخطير ، في حين يجب ان يأخذ الصراع طابعا طبقيا وايدولوجيا ، وهذا يساعد على تطوير المجتمع والحفاظ على وحدته السكانية والاجتماعية ـ الاقتصادية والجغرافية ، وهذا ما تخشاه القوى الاقليمية والدولية وبعض الاحزاب السياسية الرئيسية في العراق .

2 ـ فشل المشروع الامريكي في العراق من ان يجعل العراق " نموذجا ديموقراطيا " و " نقطة اشعاع " تشع على منطقة الشرق الاوسط ، ومثالا يحتذى به . ويرجع فشل المشروع الامريكي الى العامل الداخلي والدور الاقليمي والدولي في آن واحد .

3 ـ ان قرار تشكيل مجالس الصحوة ، كان قرارا امريكيا بالدرجة الاولى ، يهدف الى تقليل خسائرهم البشرية وغيرها ، وبنفس الوقت تحويل الاقتتال بين العراقيين انفسهم ، أي بين الشيعة والشيعة ، أي بين من يؤيد مجالس الصحوة ومن يرفضها ، كذلك بين السنة والسنة ، ولنفس السبب ، وعلى هذا الاساس تقلصت خسائرهم العسكرية ، وخاصة في النصف الثاني من عام 2007 .

4 ـ كان من الضروري ان يكون تشكيل مجالس الصحوة بقرار من الحكومة العراقية وبأشرافها وتحت مسؤوليتها ، من حيث الاعداد والتدريب والتسليح ، وهذا يمكن قبوله كأجراء وقتي ـ مرحلي ـ تكتيكي ، وليس استراتيجي ، لأن هذا يعني خلق قوة عسكرية ( مليشيا ) جديدة اضافية ، في ظل مجتمع تسوده الأمية واشباه الأميين وغارق في التخلف الاقتصادي ـ الاجتماعي وتشتد فيه النزاعات الطائفية والعشائرية ، فمن هنا يكمن الخطر .

5 ـ اشتداد حدة التناقضات والصراع بين الجكومة العراقية والتيارات السياسية الرئيسية من جهة ، وبين قوات الاحتلال من جهة اخرى ، ويعود احد اسباب هذا الصراع ، الى ان قوات الاحتلال تريد فرض هيمنتها واشرافها الكامل على مجالس الصحوة ، في حين ترفض الحكومة العراقية ذلك . فقد نجحت الحكومة الى حد ما من ضم قسما من اعضاء مجالس الصحوة الى قوات الدفاع والداخلية . وفق شروط حددتها الحكومة العراقية ، بالضد من قوات الاحتلال ؟؟ .
كما ويلاحظ ان التيار الشيعي والتيار القومي يرفضا تأسيس مجالس الصحوة في مناطق نفوذهم بحجة استتباب الأمن فيها .لكنهم يؤيدون من حيث المبدأ قيام مجالس الصحوة في محافظة بغداد والمحافظات الغربية . اما التيار القومي العربي ـ السني ، فهو يؤيد قيام مجالس الصحوة في عموم العراق ، ومن هنا نشأ التناقض والصراع داخل الحكومة العراقية والتيارات السياسية الرئيسية ، وبنفس الوقت نشأ صراع بين قوات الاحتلال وبعض التيارات السياسية المؤيدة لها .

6 ـ ان من اخطر افرازات الصراع اليوم في العراق هم نشوب صراع بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان ، يتمحور شكل الصراع حول المادة (140 ) من الدستور ، أي حول محافظة كركوك ، وحول قانون النفط والغاز ، وقانون الاستثمار ، وحول التخصيصات المالية لقوات البيشمركة وغيرها ... كما ويلاحظ تنامي حدة الصراع داخل كل تيار سياسي ، وخاصة داخل التيار السني ، والتيار الشيعي ، فيلاحظ ان التيار الشيعي انقسم على نفسه ، فقسم يؤيد الاحتلال والأخر يرفض ، وقسم يرفض من حيث المبدأ فكرة الفدرالية وقانون النفط والغاز ، وضم كركوك الى اقليم كردستان ، ورفض مجالس الصحوة وغيرها ... في حين القسم الثاني من الشيعة يؤيد ما يطرحه التيار القومي الكردي ، من اجل ان يقف معه التيار الكردي مستقبلا بهدف اقامة اقاليم الوسط والجنوب ، وتحقيق شعارهم ( من الكوت الى الكويت )؟ ! ونفس الشيء ينطبق على التيار السني ، فمواقفه تارة مع التيار الشيعي بالضد من التيار القومي الكردي وتارة العكس ، ومن هنا ينشأ الخطر على العراق واحتمال تقسيمه الى " دويلات " او اقاليم .

7 ـ ان فشل المشروع الامريكي اصبح واضحا للجميع ، بدليل ان الادارة الامريكية وبعد خمسة سنين من احتلالها للعراق فشلت في تحقيق الأمن والأستقرار للشعب العراقي بشكل عام ، ولمحافظة بغداد بشكل خاص ، اذ تم تقطيع محافظة بغداد الى منطقة الكرخ ومنطقة الرصافة ، وتقطيع الاحياء داخل بغداد بالقطع الكونكريتية العالية والمتوسطة الارتفاع ، وظهور السماسرة لهذا العمل ، وتم تطويق شوارع بغداد بالقطع الكونكريتية . ان هذا العمل ما هو الا دليل وبرهان على فشل قوات الاحتلال من بسط نفوذها على بغداد مثلا ، وتحولت المدينة الى مدينة اشبه بالاشباح ، ولكن هل من المعقول ان قوات الاحتلال الامريكية يساعدها حلفاءها وقوات الدفاع العراقية قد عجزت من بسط سيطرتها وتحقيق الأمن والأستقرار لاهالي منطقة السيدية والدورة والغزالية وحي العدل ...فكيف يمكن لامريكا اذا من قيادة العالم ؟؟؟ .

8 ـ ان النجاح النسبي الذي تم تحقيقه في بسط الأمن والأستقرار في محافظة بغداد والمحافظات الغربية يرجع الى عدة اسباب / اهمها نجاح خطة فرض القانون ، وقرار تجميد نشاط جيش المهدي ، وظهور مجالس الصحوة . فما تم تحقيقه في المحافظات العراقية هو معرض للانفجار مرة اخرى .
من اجل تجنب ذلك يتطلب من الحكومة معالجة جذرية للملف الاقتصادي ـ الاجتماعي والأمني والعسكري ، وان تمتلك القرار السياسي والاقتصادي والعسكري ، وان يتم التعاون والتنسيق بين السلطة التشريعية والتنفيذية ، بما يخدم تحقيق الأمن والأستقرار ، وان يتم وضع جدول زمني لرحيل القوات المحتلة نهائيا من العراق ، وبهذا فقط يمكن ضمان الأمن والأستقرار في العراق .

9 ـ على قادة الاحزاب جميعها وبكل اتجاهاتها ان تدرك ان العراق اليوم امام مفترق طرق ، اما الحفاظ على وحدته او اختفاء العراق وتحت مبررات " قانونية " !!! ان تقاتل الاحزاب السياسية فيما بينها من اكبر الاخطار التي تواجه الشعب العراقي ، بالضد من ذلك يجب الاتحاد من اجل انهاء مجالس الصحوة << الدولارية >> .وترسيخ صحوة الضمير العراقية الاصيلة الهادفة الى وحدة المجتمع العراقي .

ب ـ المقترحات .

اولا : ـ من الضروري العمل على تأسيس تحالف وطني شامل وواسع ويتم الاتفاق على برنامج وطني ولمرحلة انتقالية ما بين 5 ـ 10 سنوات ، يتضمن هذا البرنامج بنود سياسية واقتصادية ـ اجتماعية ، ملزمة لجميع الاطراف الموقعة عليه ، وتكون من اهم بنود المشروع : ـ

أـ في الميدان السياسي.

1 ـ العمل الجاد على الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا .
2 ـ الاتفاق على رحيل قوات الاحتلال ضمن فترة زمنية محددة ،وعدم اقامة اية قواعد عسكرية في العراق، وبنفس الوقت العمل على تطوير واعداد الجيش العراقي كما ونوعا وفق جدول زمني محدد .
3 ـ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفق معايير الوطنية والنزاهة.
4ـ الاقرار بالتعددية السياسية والفكرية ونبذ المحاصصة المقيتة واسلوب الارهاب والعنف بكل اشكالهما واعتماد اسلوب الحوار الديموقراطي في حل جميع الخلافات التي قد تنشأ في المستقبل.
5 ـ الاقرار بتداول السلطة سلميا وعبر صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة.
6 ـ العمل والاتفاق على تجميد كافة نقاط الخلاف الموجودة ، حول الدستور ، وتشريع قوانين تخدم وتحافظ على العراق ثروة وشعبا .
7 ـ حل كافة المليشيات سواء اكانت شيعية او سنية وغيرها من مليشيات وحصر السلاح بيد الدولة فقط .
8 ـ ضرورة تشريع قانون الخدمة الالزامية ، يأخذ بنظر الاعتبار التحصيل الدراسي .
9 ـ اعطاء حق الشعب العراقي في تقرير مصيره بنفسه ، وحل جميع الخلافات عن طريق الاستفتاء الحر والنزيه بما يخدم وحدة العراق .
10 ـ الانفتاح السياسي على جميع الدول العربية والاقليمية والدولية بما يخدم مصلحة الشعب العراقي .
ب ـ في الميدان الاقتصادي .

1ـ الاقرار بتعدد الانماط الاقتصادية في الاقتصاد العراقي .
2 ـ العمل على وضع خطة علمية اقتصادية ـ اجتماعية لاعادة اعمار العراق وتطوير اقتصاده ، وهذا لا يمكن تحقيقه الا من خلال تعزيز دور ومكانة الدولة وعبر قطاعها في الميدان الاقتصادي ـ الاجتماعي .
3 ـ من الضروري اعطاء الأولوية لتطوير القطاعين الصناعي والزراعي على اعتبار انهما القطاعات الرئيسية والتي من خلالها يمكن ضمان توفير العمل وتوفير الانتاج المادي للمواطنين .
4 ـ من الضرور الاستثمار العقلاني لموارد النفط وان تكون تحت رقابة السلطة التشريعية للشعب .
5 ـ محاربة الفساد المالي والاداري والارهاب ، على اعتبارهما وجهان لعملة واحدة.
6 ـ وضع خطة علمية لمعالجة البطالة والسكن ، وقطاع التعليم والصحة والنقل .
7 ـ الانفتاح والتعاون الاقتصادي مع الدول العربية والاقليمية والدولية على اساس مبدأ التعاون وتكافؤ المصالح المشتركة ، وبما يخدم تطوير وتعزيز الاقتصاد الوطني العراقي وخروجه من دائرة التخلف والتبعية .

ثامنا : ـ ماذ يريد شعبنا العراقي اليوم .

* يريد صحوة سياسية حقيقية نابعة من الواقع العراقي وتراثه العريق ، صحوة هدفها الرئيسي الحفاظ على العراق موحدا ارضا وشعبا .

* يريد صحوة اقتصادية وطنية نابعة من واقع المجتمع العراقي هدفها الرئيسي هواعمار العراق وتطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق الرفاهية والرخاء والعدالة الاقتصادية ـ الاجتماعية للمواطنين ، والحفاظ على ثروة الشعب العراقي ، وعدم خصخصتها لصالح الشركات الاجنبية ، ورفض كل الصفقات الجاهزة " السحرية " التي تقدمها المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، والتي ا لحقت وسوف تلحق الضرر الكبير بفقراء الشعب العراقي واقتصاده الوطني .

* يريد صحوة وطنية للسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والاعلامية ، هدفها الرئيسي تحقيق الأمن والأستقرار والعمل والخبز وتقديم الخدمات والوعي الوطني وان يتم رفض خصخصة العراق ارضا وشعبا واقتصادا .
ان شعبنا العراقي يرفض ويدين الصحوة الدولارية المقيتة والتي تخدم قوات الاحتلال وحلفاءها بالدرجة الاولى.

* شعبنا يريد عراق حر وموحد ، عراق بلا قواعد عسكرية أجنبية سواء أكانت ثابتة او متحركة .
ان قوات الاحتلال الأجنبي سوف ترحل اليوم او غدا ، ويخطأ من يراهن على بقاء هذه القوات ، فهي راحلة ورحيلها حتمي ، ومن يراهن عليها فهو خاسر وسوف يكون مصيره مزبلة التاريخ .
ان الرهان الحقيقي يجب ان يكون على الشعب العراقي وطليعته الطبقة العاملة وحلفاءها من الفلاحين والفقراء والمثقفين والوطنيين والثوريين الاحرار ، هذا هو المخرج الحقيقي لشعبنا العراقي .

بغداد 31/12/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة