الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة في قطاع غزة

محمد باسل سليمان

2008 / 5 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



1876-1994
عرفت فلسطين الصحافة باللغة العربية بصدور صحيفة "القدس الشريف" في مدينة القدس عام 1876، متأخرة قرابة نصف قرن على ظهور الطباعة فيها حيث كان نسيم باق قد أقام المطبعة الفلسطينية الأولى عام 1830.

ومع أن المطبعة الأولى قد أسست خلال فترة قصيرة لحياة طباعية في فلسطين حيث أنشأ الآباء الفرنسيسكان مطبعة لهم في ديرهم في القدس عام 1846، وأقام الرهبان الإنجليز مطبعة لندن في المدينة نفسها في الوقت الذي أقام فيه الأرمن مطبعة لهم في ديرهم عام 1848، وأقامت جمعية القبر المقدس الأرثوذكسية مطبعة للطائفة عام 1849، هذا بالإضافة إلى مطابع أخرى أقيمت قبل استهلال القرن العشرين في نفس المدينة أيضاً(1)، فإن الصحيفة الأولى لم تحفز ميلاد وصيفة لها قبل يوم 5/8/1908 حين أصدر جرجي حبيب حنانيا العدد الأول من "جريدة القدس" كصحيفة علمية أدبية اجتماعية وذلك بعد أن أصبحت لديه مطبعة حصل على ترخيص حكومي لها بعد طول انتظار من عام 1899 حتى عام 1906(2).


كاتب فلسطيني

وقد كانت النتيجة المباشرة لهذا التأخر عدم مسايرة فلسطين لباقي الولايات العربية مسيرة التطور التعليمي والنهضة الفكرية التي كانت قد بدأت في الولايات الشامية قبل ربع قرن تقريباً.

ويتوافق المؤرخون على أن التاريخ الفعلي للصحافة الفلسطينية يبدأ من عام 1908 بعد انتصار حركة الإصلاح والنهضة وصدور الدستور العثماني الإصلاحي في ذلك العام، وفي هذا السياق أشارت معطيات المراجع التاريخية إلى أنه قد صدر في مناخات ذلك الدستور وتداعياتها خلال الفترة 1908-1914، أكثر من 34 جريدة ومجلة سياسية وأدبية واجتماعية وفنية وهزلية وخطية وكاريكاتورية، وأن هذا العدد كان مرشحاً للتزايد لولا اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914 حيث أوقفت السلطات إصدار تراخيص جديدة، كما عطلت صدور الصحف القائمة، وأصبح عدد من الصحافيين عرضة للمطاردة والاعتقال والنفي بسبب مواقفهم السياسية وآرائهم.

ويستدل من هذه المراجع على أن 20 جريدة ومجلة من إجمالي هذه المطبوعات قد صدر في مدينة القدس، في حين أن أكثر من 14 صحيفة أخرى صدرت في مدن فلسطينية أخرى مثل يافا وحيفا وغيرهما، ولكن هذه المعطيات التاريخية لم تشر إلى صدور أي صحيفة في مدينة غزة طيلة العهد العثماني.

لقد ارتبط ميلاد الصحافة الفلسطينية وتطورها بمدى النمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي أخذت تعيشه فلسطين وباقي الولايات الشامية الأخرى في الدولة العثمانية منذ أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث جرى الانتقال تدريجياً من الإقطاعية إلى الرأسمالية عبر ما اصطلح على تسميته حينذاك بالحظر الهمايوني ونظام الامتيازات والإصلاحات الإدارية، وهو الأمر الذي ساعد بشكل بطيء جداً على إقامة المشاريع الصناعية في بعض المدن الفلسطينية في بداية التسعينات من القرن التاسع عشر مهدت لتطور ملحوظ للإنتاج السلعي والتوسع المضطرد في التقسيم الاجتماعي وبدء انفصال الزراعة عن الصناعة وتبلور الخطوط الفاصلة بين الشرائح والطبقات الاجتماعية. (3)

وكنتيجة طبيعية لهذا التطور تربّع الموسرون من أرباب التجارة وملاك الأراضي والصناعيون الجدد في المقاعد المتقدمة من صفوف حركة الإصلاح والنهضة وأصبحوا من قادتها أيضاً، خصوصاً وأنهم أخذوا يشكلون نسبة ملحوظة من الرأسمالية الوطنية. وبسبب الطبيعة المزدوجة التي أصبحت تتمتع بها هذه الفئات من الرأسمالية والدور الذي انتدبت نفسها للإطلاع به، والتطلعات التي أصبحت تطمح لتحقيقها مالياً واجتماعياً وسياسياً، فقد حرصت تلك الفئات على إصدار الصحف وتملك المطابع والمشاركة الفعالة في تحرير الصحف وذلك بغية إيصال أفكارها ومعتقداتها إلى مختلف فئات الشعب الفلسطيني، والتبشير لها عبر الصحف وترسيخها لمفاهيم جديدة للحياة وللعلاقات بين الطبقات والشرائح والجماعات بغض النظر عن الاختلاف والتباين فيما بينها.

وإذا كانت مدينة القدس وعدد محدود جداً من المدن الفلسطينية الأخرى قد استحوذت على مواصفات اجتذاب ملاك الصحف والعاملين فيها. وكذلك أصحاب المطابع، فإن ذلك لا يعني اقتصار التطور الاقتصادي الذي عرفته فلسطين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على هذه المدن فحسب وعدم بلوغه للمدن الفلسطينية الأخرى. وقد أشارت المراجع التاريخية بهذا الخصوص إلى أن ذلك التطور اكتسب صفة الشمولية فبلغ معظم المناطق الفلسطينية من أقصى شمال فلسطين وحتى جنوبها حيث طُورت مدينة بئر السبع كأحدث مدينة فيما بنيت بعدها بلدة عوجا الحفير لاحقاً كأحد تعبيرات تجسد الاستقرار الفلاحي للمجتمعات البدوية تمهيداً إلى تمدينها في المراحل اللاحقة.

وأمام هذه الوقائع يجوز التساؤل لماذا لم تقم في مدينة غزة وغيرها من مدن الجنوب كالخليل مثلاً طيلة سنوات الحكم التركي صحافة خاصة، ولم تصدر منها أي صحيفة وطنية، على غرار ما حدث في مدينتي يافا وحيفا مثلاً؟

لقد دلت الأبحاث الاجتماعية على أن السبب الذي وقف وراء عدم إنشاء صحف في مدينة غزة خلال العهد العثماني لا يعود في الأساس إلى أية أسباب تتصل بأهلية أو عدم أهلية ملاك الأراضي والتجار وأرباب الزراعة في غزة للتماثل مع التطور الذي حققه أقرانهم في المناطق الفلسطينية الأخرى أبداً، وإنما يعود الأمر في ذلك ليس خلال العهد العثماني فحسب، وإنما في العهود اللاحقة إلى أن الصحافة هي أحد أنواع الصناعات الثقيلة التي تتطلب رأسمال كبير ومهارات عالية ولا يراهن على تحقيق الربح السريع منها. وقد دلت تلك الأبحاث على أنه نظراً لضعف البورجوازية الفلسطينية وعدم خبرتها في مجال الاستثمار الصناعي من جهة، وعدم جرأتها في المغامرة التجارية الصناعية من جهة ثانية، فإنها لم تعر اهتماماً إلى الاستثمار في هذا القطاع، خصوصاً وأن قاعدته الاستهلاكية محدودة وضعيفة جداً بسبب انتشار الأمية الواسع يوم ذاك في فلسطين بنسبة تزيد على 86% من مجموع السكان وبنسبة أعلى من ذلك كثيراً في مناطق جنوب فلسطين. (4)

وثمة عامل آخر شكل عائقاً دائم أمام قيام صحافة في غزة وهو عدم الثقة في التنافس مع الصحف التي صدرت وتصدر في مدينة القدس وغيرها من المدن، خصوصاً وأن الصحف لم تكن مدعومة من الحكومة وفق أشكال وكيفيات التعارف التي صار متعارفاً عليها في العهود اللاحقة، والتي كانت تشكل للصحف ضمانة الاستمرارية في الصدور كحد أدنى.

ويضاف لهذه الأسباب أيضاً محدودية توزيع الصحف الفلسطينية وعدم اتساع انتشارها واقتصارها أحياناً على المنطقة التي تصدر فيها، وذلك نظراً لصعوبة الحركة والانتقال بسبب تخلف وسائط النقل وتردي وسائل المواصلات.
صحف العهد البريطاني

تمتعت مدينة القدس في بداية عهد الانتداب البريطاني بلقب مركز الصحافة الفلسطينية بعد أن كانت في العهد الاستعماري العثماني موئلها، وذلك لتمتع هذه المدينة بمكانة مرموقة في سياسة النظم الحاكمة لفلسطين "فقد كانت مقر الدوائر الحكومية المركزية والدوائر والمكاتب الرئيسية لحركة الاستيطان اليهودي والحركة الصهيونية. كما كانت أيضاً مقر دوائر ومكاتب الحركة العربية الوطنية كاللجنة التنفيذية العربية والمجلس الإسلامي الأعلى ومكاتب الأحزاب العربية المعارضة للمجلس وغيرها. وكذلك مركز تواجد الإرساليات التبشيرية الكبرى وأنشطتها المختلفة بما في ذلك مطابعها وفيها أقيمت كبرى مطابع البلاد، والصحف التي صدرت في تلك الفترة مثل "سورية الجنوبية" و"القدس الشريف" و"بيت المقدس" و"الأقصى" و"اليرموك" و"مرآة الشرق" و"لسان العرب" و"صوت الشعب" و"الجامعة العربية" وغيرها من الصحف الأخرى باللغة العربية واللغات العبرية والإنجليزية والفرنسية واليونانية والألمانية. (5)

وتتقاطع المراجع التاريخية حول حقيقة مفادها أن مدينة القدس لم تستطع الاحتفاظ طويلاً بهذه المكانة في المجال الصحافي، حيث تبوأت مدينة يافا هذه المكانة بجدارة عالية، وذلك رغم ديمومتها العاصمة السياسية للبلاد، وكذلك مركز ثقلها الاقتصادي وخصوصاً في مجالات التجارة والصناعة الخفيفة والصناعات السياحية.

لقد مثلت السنوات العشر الأولى من الوجود الاستعماري البريطاني في فلسطين نقلة نوعية في حياة البلاد إلى الأمام وخصوصاً في المجالين الاقتصادي والاجتماعي كانت لها تأثيراتها المباشرة على الحياة السياسية والثقافية في البلاد، تأهل في ضوئها المثقفون لمنازلة تنافس سياسية مع كبار ملاك الأراضي على قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية، وإجبارهم على الاعتراف بالبورجوازية الوطنية والإقرار لها بحق التشارك معها في قيادة البلاد وتحديد اتجاهات نموها وتطورها.

وإذا كانت ثورة 1919 بداية إرهاصات تشكل البورجوازية الوطنية وزرع بذور نويات البورجوازية الصغيرة خصوصاً بعد إعلان ميلاد الحزب الشيوعي الفلسطيني في ذلك العام، ومشاركة المثقفين الواسعة والملحوظة في تلك الثورة حيث اعتقل أبانها الصحافي والأديب خليل بيدس صاحب مجلة النفائس وأمضى في غياهب السجون البريطانية فترة ليست قصيرة، فإن حجم المشاركة الشعبية في ثورة البراق في عام 1929 كان أحد الدلالات التعبيرية الواضحة عن وجود البورجوازية الوطنية ودورها الفاعل في تلك الثورة، وفي مجالات الحياة العامة في فلسطين وتطوير قطاعاتها الإنتاجية وإنشاء قطاعات اقتصادية جديدة مثل إقامة البنوك والصناعات الزراعية وغيرها، حيث لعبت هذه القطاعات المتطورة والأخرى الجديدة دوراً حيوياً في نضج البورجوازية الوطنية الفلسطينية نفسها حيث تمكنت من التعبير عنه لاحقاً بإقامة تشكيلاتها الحزبية السياسية، وبحرصها على تعميم فكرها وتطلعاتها عبر إقامة النوادي والجمعيات الثقافية ودعم الحركة الصحافية والتوسع في إصدار صحف جديدة وتشجيع حركة النشر والتوزيع وطباعة الكتب الثقافية والعلمية أيضاً، ورعاية أنشطة ومبادرات التأليف والترجمة.

وورد في تقرير جون هوب ـ سمبسون الذي أصدرته الحكومة البريطانية عن الهجرة ومشاريع الإسكان والعمران، حول هذا الموضوع ما يفيد بأن قطاع الطباعة في فلسطين قد بلغ ذرى بعيدة من التطور والكفاءة الإنتاجية العالمية عندما شارف العقد العشريني من القرن على الاقتراب من نهايته، كما أن نطاق توزيع الصحف قد ازداد، واتسعت دائرة انتشار الصحافة الفلسطينية إقليمياً أيضاً. وذكر أنه في عام 1929 كانت المطابع اليهودية تستخدم 1030 عاملاً مقابل 992 عاملاً كانت تستخدمهم تلك المطابع في عام 1928. وكانت نسبة 18% من مجموع عمال المطابع في فلسطين عام 1929 هم من العرب، وأن هذه النسبة قد بلغت معدلاً يقترب من 24% من مجموع عمال المطابع خلال السنوات 1927-1929.

وتشير المعطيات الإحصائية إلى أن مرحلة الثلاثينات من القرن العشرين قد شهدت تزايداً ملحوظاً في عدد الصحف التي أخذت تصدر في المدن الفلسطينية، كما شهدت ازدياداً كبيراً في عدد النسخ التي أصبحت تطبع بها الصحف التي كانت تصدر يوم ذاك.

ورغم اتسام تلك المرحلة بأشكال تضييق وخنق للحريات كانت تعمد إلى ممارسته بين حين وآخر وسنة وأخرى، فإن ترسخ الحياة الصحافية وتجذرها حال دون أن يكون لتلك التضييقات انعكاسات سلبية ملحوظة على واقع الصحف والصحافة في فلسطين. ويدلل على هذا الواقع بشكل ملحوظ ترافق تزايد الصحف الخاصة بازدياد عدد الصحف السياسية التي أصبحت تمتلكها الأحزاب الفلسطينية وقد أصدر حزب الاستقلال صحيفة "العرب". وأصدر حزب مؤتمر الشباب صحيفة "الكفاح".

كما أصدر الحزب العربي عدداً من الجرائد والمجلات كان من بينها "الجامعة العربية" و"الوحدة العربية" و"الأوقات العربية" و"اللواء" و"الواحدة" و"الشباب"، وترسخت في الوقت نفسه علاقات "المعارضة النشاشيبية مع صحف "مرآة الشرق" و"فلسطين" و"الجامعة الإسلامية" و"الصراط المستقيم" وغيرها.

وعندما لاحت في أفق عام 1939 ومنذ بدايته توقعات اندلاع الحرب العالمية الثانية في الوقت الذي كانت تتواصل فيه مراجعة الأداء الكفاحي لثورة عام 1936 ومدى صلاحيته وسائل ذلك الأداء لمواصلة الثورة في ظل المعطيات المتوقعة، توهمت البورجوازية الوطنية بأن خيار الكفاح الثوري قد سقط، وقد كرست كل جهودها لكيفية الاستفادة من استحقاق نشوب الحرب خصوصاً وأن فلسطين تتأثر بها بشكل مباشر، فشرعت على الفور بالاهتمام بمؤسساتها الإنتاجية وتطويرها، وبمصانعها وتحديثها، وبمشاريعها الاستثمارية التنموية وتوسيعها، وكان من بين تلك المشاريع المطابع والصحف. (6)

وقد ساعدت بعض الظروف الموضوعية التي نتجت عن اندلاع الحرب البورجوازية الوطنية الفلسطينية على تحقيق بعض غاياتها في هذا الاتجاه بدرجة كبيرة، حيث أجبر نشوب الحرب حكومة بريطانيا على الاعتماد بشكل رئيس على الصناعات الفلسطينية المحلية لتموين وإمداد الجيوش البريطانية المرابطة في فلسطين وذلك بعد أن كثفت الغواصات الألمانية من عمليات إغراقها للسفن البريطانية المحملة بالوقود والمؤن والإمدادات من الجزر البريطانية، وكانت النتائج الاقتصادية المباشرة لهذا النوع الجديد من التسويق حدوث نمو ملحوظ في تلك الصناعات وتطور واضح في كفاءة المصانع التي تنتجها، وخلق منحى علاقات إنتاجية جديد يتمثل في إقامة روابط واتصالات مباشرة بين البورجوازية الوطنية الفلسطينية والسوق الاستعماري الخارجي، وظهور محاور صحيفة متصارعة تدعم منحى العلاقات الاقتصادية الفلسطينية الجديد أو تعارضه.

وقد ساعد هذا الأمر تحديداً على ظهور صحف تتمايز في توجهاتها بشكل واضح عن الصحف التي كانت قائمة مثل "جريدة الدفاع" التي أخذت تنشر لهذا التوجه وتدعو إلى تجارة حرة، واجتماعات حرة وتطالب الحكومة بتمويل ميزانيتها الضخمة لتمويل المشروع الإنشائي وذلك ليعم الرخاء ويستتب الأمن وتتوفر للجميع ضروريات الحياة الشريفة.

وإذا كان نمو الطبقة البورجوازية قد أدى إلى تمكين هذه الطبقة من استكمال مواصفاتها الحقيقية وتقسيمها في الوقت نفسه إلى شرائح متنوعة ومختلفة وأحياناً متصارعة في إطار الطبقة نفسها، فإن الظروف التي اقتضى الأمر توفيرها لإنجاز هذه الخطوة قد حققت من جانب آخر الطبقة العاملة كنقيض تصارعي مع طبقة البورجوازية. وقد أقامت هذه الطبقة الجديدة لنفسها مؤسساتها ونقاباتها، وكذلك صحافتها مثل صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية التي تأسست بتاريخ 14 أيار 1944. وكذلك صحيفة "الغد" التي صدرت كمجلة ثقافية عن رابطة المثقفين العرب في القدس عام 1945 و"العامل العربي" التي صدرت في حيفا عام 1946. (7)

لقد كانت مدن الساحل مراكز تجليات التحول والتطور الاقتصادي الذي عرفته البلاد إبان العهد البريطاني. ففيها أقيمت الموانئ التي حولتها تدريجياً إلى مستودعات لتجارة الاستيراد والتصدير.

وعلى أطراف حواريها أقيمت المناطق الصناعية وبينها استهلت إقامة شبكة المواصلات والطرق وسكك الحديد. وملاك أراضيها الذين كانوا زعماء سياسيين في الوقت نفسه احتفظوا بمراتبياتهم الزعاماتية السياسية عندما تحولوا في ظل المتغيرات من ملاك أراض كبار إلى أصحاب أملاك عقارية وإلى مستوردين وتجار وصناعيين أيضاً.

وفي هذا السياق ليغدو من الطبيعي جدَّ أن تنتقل صدارة الحسم الصحافي من القدس إلى يافا فتصبح عاصمةً الصحافة الفلسطينية في العهد البريطاني وأن تحتفظ بهذه المكانة طيلة تلك المرحلة. وتشير المراجع التاريخية إلى أن هذه المكانة قد تحققت لمدينة يافا بدءاً من عام 1929 حين أعلن عن تشكيل البورجوازية الوطنية الفلسطينية.

وإذا كانت مدينة يافا قد استطاعت أن تحقق هذه الأهمية وأن تحتفظ لنفسها بما يكرسها عاصمة للصحافة الفلسطينية فإن مدينة حيفا لم تحقق شيئاً يذكر في هذا الاتجاه وقد عجزت عن أن تتمتع بمكانة مرموقة في مجال الصحافة خلال عهد الانتداب. فجريدة الكرمل التي احتلت في السنوات العشرين الأولى من عهد الانتداب مكاناً مرموقاً بدأت في مطلع سنوات الحرب الثانية تفقد رويداً رويداً مكانتها حتى انخفض صوتها.

والمهم في الأمر أنه إذا كانت التطورات الاقتصادية التي عاشتها فلسطين في العهد البريطاني والتحولات الاجتماعية والسياسية التي تأسست على تلك التطورات قد حالت دون أن تتمكن مدينة القدس من النجاح في محاولتها التي لم تتوقف خلال سنوات 1939-1948 لاستعادة مكانتها الصحافية التي فقدتها، فإن هذه التحولات كانت تؤسس في هذه المدن لمراكز ومؤسسات إعلامية مرموقة ستحقق إقامتها في سنوات لاحقة. كما أنها في الوقت نفسه وفرت العوامل الموضوعية لظهور صحف محلية ولأول مرة في مدينتي عكا وغزة. وساعدت على قيام محاولة لم تتوفر لها فرص النجاح في صفد. (8)

ويشار في هذا السياق إلى أن الصحف التي صدرت في غزة خلال تلك المرحلة قد سجلت لبداية تاريخ الصحافة في غزة من جهة، كما أنها أسست لاستمرارية الحياة الصحافية التي عاشتها غزة في المراحل اللاحقة. "ومن الغريب أن هذه الظاهرة أي انتقال نفوذ الصحافة العربية من القدس إلى يافا لاحظناها أيضاً في الصحف العبرية فبعد أن كانت القدس خلال السنوات العشر الأولى تحتل مكاناً مرموقاً في الصحف العبرية فقد فقدت هذا المكان بعد ذلك وأصبحت مدينة تل أبيب مركزاً للصحف العبرية".(9)

وتدل متابعة معطيات المصادر التاريخية على أن رداءة مستوى وسائل المواصلات وبدائية وسائل الاتصالات كانت أحد الأسباب الرئيسة التي حالت دون إصدار صحف في مدينة غزة على غرار ما كان قد حدث في المدن الساحلية الأخرى إبان الانتداب البريطاني. ويستدل من المعطيات نفسها إلى أن بعض المثقفين الغزيين قد أولوا هذه المسألة اهتماماً ملحوظاً واعتنوا بضرورة إصدار الصحف مثل باقي منتسبي شرائح البورجوازية الوطنية في المدن الفلسطينية الأخرى.

وإن التطور الذي طرأ على قطاع المواصلات قد وفر إمكانية وصول الصحف الفلسطينية التي تصدر في مدن يافا والقدس وحيفا إلى مدينة غزة وغيرها من المدن الأخرى في وقت مبكر من صدورها صباح كل يوم، وهو الأمر الذي شكّل البديل المناسب لمهمة إصدار الصحف المحلية في مدينة غزة وغيرها من المدن التي تفتقد لوجود صحف محلية تصدر منها.

ويذكر الصحافي والناشر الغزي خميس أبو شعبان:(10) "أن الصحف الفلسطينية التي كانت تصدر في مدن فلسطين الأخرى وخصوصاً صحف القدس وبيت لحم ويافا وحيفا كانت تصل إلى مدينة غزة في يوم صدورها، وكانت محط اهتمام مواطنيها. وكنت تجد في محلات بيع الكتب والمجلات والجرائد إلى جانب الكتب والصحف المستوردة من مصر كتباً ومجلات وجرائد فلسطينية مختلفة. وكذلك كان الحال أيضاً في مدن عكا وصفد وطبرية والناصرة وحيفا حيث كانت المحلات تبيع الصحف والمطبوعات الفلسطينية وكذلك الصحف والمطبوعات المستوردة من لبنان وسورية.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن أول الغزيين الذين اهتموا بإصدار الصحف هو المحامي فهمي الحسيني الذي كان مركز نشاطه الرئيس في مدينة يافا، وأن الدافع الرئيس الذي وقف وراء اهتمامه بالصحافة والطباعة كان إدراكه لأهمية هذه المهنة عبر عمله في المحاماة في توصيل المعلومات والمعارف وتوزيعها وبالتالي إسهامها الفعال في صوغ الرأي العام للمجتمع.

وتتقاطع معطيات هذه المصادر حول ما يؤكد على أنه لم يصدر في قطاع غزة طيلة فترة الانتداب البريطاني سوى 5 صحف متباينة في مواعيد صدورها، ومختلفة في اختصاصاتها. وفيما يلي نبذة تعريفية مختصرة لكل واحدة من هذه الصحف.



مجلة الحقوق

تعتبر أول صحيفة غزية وقد أصدرها المحامي فهمي الحسيني في مدينة يافا كمجلة شهرية حقوقية قضائية شرعية علمية أدبية، صدر العدد الأول منها في أول كانون أول 1923. وقد طبعت أعدادها في المطبعة المصرية بيافا، وظلت كذلك إلى أن أسس فهمي الحسيني مطبعته الخاصة التي أقامها بداية في يافا حيث تصدر مجلته.(11) "وكانت هذه المجلة الأولى من نوعها في فلسطين، واشترك في تحريرها المحامي الاستاذ فوزي خليل الدجاني والأستاذ عارف العزوني. وعمل مديراً لإدارتها كل من الأستاذين رمضان البعلبكي وسعيد الخليل، واستمرت في الصدور في يافا حتى سنة 1928، وبعد أن انتقل صاحبها إلى غزة توقفت في يافا لتواصل الصدور في غزة وتطبع على مطبعتها الخاصة التي انتقلت من يافا إلى غزة".(12)



جريدة صوت الحق

تأسست في مدينة يافا عام 1927 كجريدة يومية سياسية مستقلة. وكان صاحبها ورئيس تحريرها المحامي فهمي الحسيني. وأما سكرتير تحريرها فهو المحامي فوزي خليل الدجاني. وقد صدر العدد الأول مها بتاريخ 6/10/1927. (13)

وتذكر المصادر التاريخية أن النجاح الذي حققه المحامي فهمي الحسيني بإصداره مجلة الحقوق وإقدامه على تأسيس مطبعة خاصة، كانت الدافع الرئيس الذي وقف وراء إصدار هذه الجريدة في يافا تمهيداً لانتقالها لاحقاً إلى مدينة غزة.

ويستدل من المصادر التاريخية أيضاً أن هذه الجريدة قد طبعت في البداية في المطبعة العصرية بيافا وظلت كذلك إلى أن انتقلت إلى مدينة غزة عام 1928.

تولى الأستاذ حمدي الحسيني رئاسة تحرير الجريدة، وقد تعاقب على إدارتها الاستاذ الشيخ محمد عواد الفالوجي والأستاذ سعيد الخليل. وقد استمرت هذه الجريدة في الصدور كيومية سياسية مستقلة حتى نهاية عام 1928 حيث توقفت بسبب انتخاب صاحبها فهمي الحسيني رئيساً لبلدية غزة. (14)



صوت الشباب

أصدر هذه المطبوعة فؤاد كمال الطويل بتاريخ 24/10/1946 في مدينة غزة، وذلك لمطبوعة غير دورية تصدر نصف شهرية. وكان فؤاد الطويل مالكها يقوم بتحريرها بنفسه باللغتين العربية والإنجليزية. وغالباً ما اتصفت هذه المطبوعة بالمواصفات المهنية للنشرة، ومع ذلك فقد كانت شاملة تبحث في مختلف القضايا والشؤون السياسية والاجتماعية والأدبية والثقافية العامة.

لم تعمر هذه الصحيفة طويلاً، ويعتقد أنها توقفت على أثر نكبة عام 1948 لأسباب لا تتعلق بما ترتب على النكبة من نتائج تشريد وهجرة وذلك لأن هذه المطبوعة كانت تصدر في غزة وتطبع في مطبعة غزة الجديدة بمدينة غزة التي كان قد أقامها فيها مالكها عبد اللطيف العلمي عام 1948. (15)



جريدة الشروق

أصدرها عبد المجيد أحمد حنونة في بلدة الفالوجة قضاء غزة عام 1947. وكانت جريدة شهرية تبحث في الشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية ولغتها العربية ويمكن أن تصدر بالعربية والإنجليزية، أو باللغة الإنجليزية أيضاً. صدر العدد الأول منها بتاريخ 7/7/47 وكانت تطبع في مطبعة دار الأيتام السورية بالقدس(16) (مطبعة شنلّر) وتوزع في مدينة غزة والقضاء. ويرجح أن هذه الجريدة قد توقفت بسبب أحداث الحرب في فلسطين، ولكن أياً من المصادر التاريخية لم يشر إلى عدد الأعداد التي صدرت منها وتاريخ توقفها ومصيرها بعد ذلك. كما أن أياً من هذه المصادر لم يشر إلى أن هذه الجريدة قد صدرت مطبوعة بلغة غير العربية. (17)



جريدة صوت العروبة

صدرت في غزة عام 1947 كجريدة أسبوعية تعالج المواضيع السياسية والاجتماعية والثقافية. وكانت انتقادية مصورة. كان صاحب امتيازها وناشرها السيد جميل ضيا زادة. أما رئيس تحريرها فكان أكرم سعيد العلمي وذلك وفق ما هو وارد في رخصتها رقم (205) تاريخ 20/11/1947. المشار إليها في جريدة الوقائع الفلسطينية "القدس"، العدد 1632، الملحق رقم 2، بتاريخ 11/12/1947. (18)

وكانت مكاتب تحريرها وإدارتها في مدينة غزة في حين كانت تطبع في البداية في مطبعة النجاح الكائنة في شارع حسن بيك في يافا. ثم أصبحت تطبع في مطبعة غزة الجديدة بمدينة غزة، وكانت مساحة توزيعها الرئيسة قضاء غزة.

توقفت عن الصدور بعد نكبة 1948 لعدة أشهر ثم عاودت الصدور عام 1949 كجريدة أسبوعية سياسية عامة من القطع الوسط. وأخذت تهتم بنشر أخبار القطاع. ولأسباب صعب التعرف عليها توقفت عن الصدور في عام 1950. (19)



جريدة الشرق

أسسها في مدينة غزة عام 1949 السيدان جورج فرح وعلي الحلبي كجريدة أسبوعية سياسية أدبية تهتم بنشر أخبار قطاع غزة. وقد صدر ترخيصها باسم شركة الصحافة الأهلية ـ غزة. وقد ترأس تحريرها أكرم سعيد العلمي، وكانت هذه الجريدة من الحجم الوسط، وقد طبعت في مطبعة غزة الجديدة بمدينة غزة واستمرت في الصدور حتى 1950، حيث توقفت لأسباب لم نتمكن من التعرف عليها. (20)



صحف العهد المصري

أعلن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى رفض هزيمة الجيوش العربية عام 1948 وعدم الاعتراف بنتائج النكبة. وقد شهدت مدن فلسطين مؤتمرات وطنية أكدت جميعها على ذلك (باستثناء مؤتمر أريحا الذي أقر انضمام شرقي فلسطين للحكم الأردني) وأعلنت موافقتها على نتائج مؤتمر غزة الذي انعقد في شهر تشرين الأول 1948 والذي صدر عنه جملة من القرارات من أبرزها: إعلان استقلال فلسطين وإقامة دولة حرة وديمقراطية وذات سيادة، ومنح الثقة لحكومة عموم فلسطين برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي. وقد ذهبت هذه المواقف أدراج الرياح خلال فترة وجيزة جداً، حيث وقعت حكومات مصر وسورية ولبنان والأردن كل على حدة اتفاقيات هدنة مع حكومة إسرائيل على أثر المفاوضات التي جرت في رودس باليونان خلال الفترة فيما بين شباط وتموز 1949. وكنتيجة تلقائية لذلك أصبح قطاع غزة تحت الإدارة المصرية، وتكرست بشكل نهائي مجموعة الإجراءات الإدارية والتشريعية التي كان قد سبق وأن أعلنها الحاكم العسكري للقطاع، وخصوصاً الأمر رقم 6 الذي كان قد صدر في الأول من حزيران 1948، والذي أعلن فيه استمرار المحاكم بكافة أنواعها بالمناطق الخاضعة لرقابة القوات المصرية بفلسطين في أعمالها طبقاً للقوانين واللوائح والأمر والتعليمات التي كان معمولاً بها قبل 15 مايو 1948". واستناداً إلى هذا الأمر رقم 5 فقد استمر العمل في مجال الصحافة والمطبوعات بالقوانين البريطانية التي كانت نافذة حتى يوم 15/5/1948. وتكرست شرعية استمرار سريان مفعول قوانين وأنظمة الصحف والمطبوعات البريطانية في عهد الإدارة المصرية لقطاع غزة بإصدار الحاكم الإداري المصري لقطاع غزة بتاريخ 21/6/1948 الأمر رقم 22 الخاص بالرقابة والذي نصت مادته الأولى على "فرض رقابة على كافة الكتابات والمطبوعات والصور والطرود التي تصل إليها أو ترسل منها إلى الخارج أو تتداول داخل البلاد وكذلك جميع الأخبار والمعلومات". وخولت المادة 3 من الأمر المذكور الرقيب العام إضافة ما هو مخول به من أمور أخرى "أن يعطل الجرائد والمطبوعات الدورية اما نهائياً أو لصفة مؤقتة" و"أن يضبط كافة أنواع المطبوعات وآلات الطبع وأدواته وأن يستولي على الأماكن التي استخدمت في الشؤون التي تقع مخالفة لأحكام الرقابة".(21)

ووفقاً لأحكام هذه الأوامر وكيفيات تطبيقها عاودت صحيفتا "صوت العروبة" و"الشرق" صدورهما بعد أن كانتا قد توقفتا على أثر نكبة فلسطين 48. ولأسباب ربما تتصل بآلية تطبيق أحكام هذه الأوامر توقفت الصحيفتان عن الصدور عام 1950، وظل قطاع غزة بدون صحف محلية مرخصة قانونياً.

كان قطاع غزة إبان الانتداب البريطاني يتشكل سكانياً من فئة مدنية مرتفعة نسبياً تسكن مدينة غزة والبلدات الأخرى جنوبها، وكذلك من فئة فلاحية وشبه بدوية تسكن في بلدات القطاع والقرى الأخرى حولها. وبعد نكبة 1948 اختلت هذه النسبة حيث لجأت إليه أعداد كبيرة جداً من سكان غزة وبئر السبع والرملة ويافا أيضاً وقد بلغ عددهم وفق إحصائيات الأونروا عام 1953 حوالي 204371 لاجئاً ينحدرون من أصول فلاحية وشبه بدوية.

وقد أحدث هذا الاختلال في التركيبة السكانية للقطاع تغييرات ملحوظة في المبنى والمعنى للحياة الاجتماعية والاقتصادية في القطاع، حيث انخفض بشكل كبير مستوى معدل دخل الفرد وانتشار البطالة وكساد التجارة، وأصبح أغلبية السكان يعيشون تحت خط الفقر.

وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة 20% من إجمالي لاجئي القطاع كانت بحاجة إلى مساعدات جزئية، وهو الأمر الذي دفع بالبلدان العربية والأمم المتحدة للتدخل من أجل مساعدتهم ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين الآخرين في الأردن وسوريا ولبنان.

ولقد أقيمت مخيمات لإيوائهم قرب مدينة غزة وفي مناطق أخرى من القطاع كما قدمت لهم المساعدات المادية والعينية والطبية والتعليمية والاجتماعية...الخ.

ولأسباب تتعلق بالاستحقاقات التي ترتبت على كثافة اللجوء إلى قطاع غزة، والمعايير التي اعتمدت في توزيع اللاجئين إلى مجموعات، وتقسيم المخيمات إلى بلوكات سكنية استناداً إلى عدد المجموعات وتصنيفها في كل مخيم من المخيمات، وإجراء عمليات الإسكان بالاستناد إلى هذه التقسيمات عزز استمرارية الولاء للقرية والعشيرة الأصل، وكرس لديهم الوهم بأن مثل هذا الولاء هو الضمانة الوحيدة التي توفر لهم الحماية والأمان كما تحفظ حسبهم ونسبهم من الذوبان، وتخفف عنهم أهوال المصيبة التي أحاقت بهم بسبب النكبة. (22)

وتشير المراجع التاريخية إلى أن النتيجة التلقائية غير الطبيعية للتشكيل السكاني في قطاع غزة، كان انهيار طبقة الإقطاع وضعف هيمنتهم وتحكمهم في حياة السكان اليومية المباشرة وغير المباشرة. وكان لهذه النتيجة تداعيات كبرى من أبرزها ظهور الانقسامات بين الزعامات العائلية التقليدية التي كانت تمسك بزمام الأمور. وتشكل مرتكزات العمل السياسي وركائز تكتلاته وأُطره، وتسيطر على المنتديات الثقافية والمثابر الإعلامية.

إن تراجع دور الزعامات التقليدية وتصارعها مع بعضها البعض في وقت تنامت فيه علاقات اجتماعية جديدة متقدمة على تلك التي كانت سائدة في حقبة الإقطاع السياسي بغض النظر عن موقعها في العملية الإنتاجية التي يمكن أن توصف وتصنف في ضوئه تقليدياً، قد أدى إلى تبلور قوى سياسية جديدة بعد توفير الأسباب الملائمة لها للإعلان عن نفسها مثل قيام الحزب الشيوعي الفلسطيني وحركة الإخوان المسلمين وإقامة نويات حزبية قومية لعبت دوراً مركزياً وحيوياً مهماً في الحياة السياسية وفي بناء القطاع الصحافي في مرحلة لاحقة. (23)

وإذا كانت بعض المراجع التاريخية تعزي توقف "جريدة صوت العروبة" و"جريدة الشرق" لأسباب تتعلق بالاستحقاقات التي ترتبت على صدور الأوامر التشريعية والتنظيمية المصرية للصحف والمطبوعات في قطاع غزة، فإن آخرين رأوا أن توقف المطبوعتين يعود أيضاً إلى التصارع بين الزعامات التقليدية، خصوصاً وأن الصحف التي بدأت تظهر منذ بداية الخمسينات في القطاع لم تقتصر على الصحافة الحزبية فحسب، وإنما صدر العديد من الصحف من قبل أبناء عائلات كبيرة في القطاع. (24)

ويذكر المرحوم الشاعر معين بسيسو أن الشيوعيين الفلسطينيين كانوا من أوائل الناس الذين أدركوا خطورة الفراغ الصحافي في ظل الأوضاع التي أصبحت قائمة في القطاع بعد نكبة 1948، والمؤامرات التي بدأت تطل برأسها بين يوم وآخر لتصفية القضية الفلسطينية، فسارع بعض مثقفيهم وآخرون للاتصال بأحد الممولين في غزة بهدف إقناعه بإصدار صحيفة محلية ستلعب دوراً سياسياً هاماً على الصعيد الوطني كما أنها ستكون استثماراً مربحاً على الصعيد التجاري. ولكنهم تراجعوا عن الفكرة عندما أبلغهم بعض النافذين بأن الإدارة المصرية لن تسمح لهم بإصدار صحيفة إلا إذا كانت موالية. (25)

وانطلاقاً من فهم الشيوعيين لأهمية الصحافة فقد كانت باكورة منجزات الحزب بعد إعلانه عام 1953 هي إصدار صحيفته السرية التي أطلق عليها اسم "جريدة الشرارة" والتي تغير اسمها في صيف عام 1955 إلى "جريدة الجماهير"، هذا بالإضافة إلى صحف قطاعية أخرى مثل "جريدة راية الشباب" و"جريدة طليعة الطلبة" و"جريدة كفاح العمال" وكانت هذه الصحف غير منتظمة الصدور وسرية لأسباب تتعلق بعدم شرعية الحزب نفسه حيث كانت الإدارة المصرية تعارض وجود حزب شيوعي في قطاع غزة. (26)

تأثر قطاع غزة بشكل كبير بمعطيات الواقع السياسي المصري وتغيراته مصرياً واقليمياً وعربياً ودولياً، وبواقع القضية الفلسطينية في اهتمامات مصر وبموقعها في الموقف السياسي المصري ورؤية مصر لكيفية حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ولهذه الأسباب ظلت علاقات النظام المصري مع القطاع ملتبسة وأقرب للوصاية الظاهرية منها إلى التبعية.

ونظراً لأشكال الاعتراض الشعبي الفلسطيني على بعض المواقف المصرية والذي عبر عنه بكيفيات مختلفة وفي سنوات عديدة مثل مشروع توطين اللاجئين عام 1953 والمشهور باسم "مشروع سيناء" وكذلك محاولات القوى السياسية المصرية فرض وصايتها على التشكيلات المماثلة لها في قطاع غزة والذي كانت تغذية الحكومة المصرية (مثل اعتقال شيوعيي القطاع عند اعتقال الشيوعيين المصريين وكذلك الأمر بالنسبة للأخوان المسلمين والبعثيين وخلافهم)، وكذلك اعتماد الحكومة المصرية جعل القطاع منطقة تجارة حرة من دون تحديد ضمانات وتوفير الاستحقاقات المطلوبة لمثل ذلك، قد وصم العلاقات بين سكان القطاع والمصريين بالريبة والتشكك وعدم الثقة أحياناً.

وإذا ما أضيف ذلك إلى جملة الالتزامات التي كانت تضطلع بها الحكومة المصرية تجاه المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة في مجالات التعليم والخدمات العامة والصحية والثقافية والاجتماعية أمكن القول أن القطاع كان بمثابة أحد الأقاليم المصرية التي تتمتع بوضع خاص.

وأمام هذا الوضع ليغدو من الطبيعي رؤية تماثلية أو شبه تماثلية في الحياة السياسية بين قطاع غزة ومصر. ويغدو منطقياً جداً أن تبدو الصحف التي صدرت في غزة كما لو أنها منابر للقوى السياسية المصرية التي تتماثل أو تتقاطع معها في الموقف أو التوجه السياسي، كما يمكن فهم الأسباب والدوافع التي تقف وراء تقلص عدد الصحف في عام وازدياد هذا العدد في عام آخر وفقاً لمتغيرات الظروف السياسية التي شهدتها مصر، أو تلك التي عرفها قطاع غزة في ذلك العام.

وتذكر المصادر التاريخية على هذا الصعيد أن عام 1954 قد شهد أعلى نسبة صدور صحف جديدة إذ صدر في العام المذكور 4 صحف من اثنتي عشر صحيفة هي مجموع ما صدر من صحف في القطاع خلال التسع عشرة سنة الفاصلة بين نكبة 1948 وحرب 1967. ومعروف أن العام المذكور شهد نهوضاً وطنياً عارماً بسبب رد الفعل الشعبي الغاضب ضد المشروع الذي تقدمت به الإدارة الأمريكية عام 1954 لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في شمال غربي سيناء وهو المشروع الذي عرف في التاريخ السياسي الفلسطيني المعاصر باسم "مشروع سيناء"(27)

وتدل معطيات الواقع على أن الصحف الفلسطينية في قطاع غزة قد توقفت عن الصدور بدءاً من 2/11/1956 بسبب العدوان الثلاثي، واستمرت كذلك طيلة فترة احتلال القطاع وحتى انسحاب قوات الغزو الثلاثي بتاريخ 7/3/1957 وحلول القوات الدولية محلها ثم عودة القوات المصرية إلى القطاع بتاريخ 14/3/1957.

ويذكر في هذا المجال أن المنشورات السياسية السرية التي تدعو لمقاومة الاحتلال والتصدي لمخططاته وتوعية الجماهير بخطورة أهدافه قد ازدهرت بشكل ملحوظ خلال تلك الفترة. ويسجل على هذا الصعيد اعتراف تقدير عال للدور الذي لعبته المنشورات السرية للجبهة الوطنية المتحدة في قطاع غزة وما أسسته نتائجها من تجربة كانت ذات أهمية بالغة بالنسبة لجميع قوى العمل السياسي التي عاشت ظروف العمل السري في السنين اللاحقة من عهد الإدارة المصرية للقطاع. (28)

وإذا كانت الحياة الصحافية في قطاع غزة قد استردت انتعاشها بشكل تدريجي بعد زوال الاحتلال، فإن هذه الحياة قد شهدت تطوراً ملحوظاً في عام 1959 وذلك كنتيجة للانفراج السياسي الذي شهده القطاع في ذلك العام، حيث عينت الإدارة المصرية أول مجلس تشريعي، وأفرجت عن الشيوعيين الذين كانوا يقبعون في السجون المصرية في أعقاب مظاهرات آذار 1955.

وفي ضوء هذا الانفراج أخذ الشيوعيون يعملون بشكل علني فاصدروا "جريدة التحرير"، كما نشط حزب البعث العربي الاشتراكي وتعزز حضوره في الشارع، وأصبح لحركة القوميين العرب صولة وجولة في العمل السياسي في القطاع. وانتعشت الحياة الثقافية والأدبية، كما اتسعت حركة النشر الفني والإبداعي، وتزايد الاهتمام بتنظيم المهرجانات الشعرية والمنتديات الفكرية.

ولقد أدى هذا النهوض الملحوظ إلى تعميق الوعي السياسي الجماهيري بالقضية الوطنية وبادراك أهمية ارتباطها بعمقها القومي وكذلك بامتدادها الأممي، فتحسنت مستويات العلاقة بين القوى السياسية وتطورت صيغ التنسيق بينهما. كما عكس هذا الواقع نفسه بشكل تلقائي على ضرورة الاهتمام بتطوير وسائل الاتصال الجماهيري التي كانت قائمة والاستزادة في الحث على إصدار الصحف والمطبوعات لوسائل تعبر عن المجتمع وتطلعاته وطموحاته. (29)

ويمكن القول بشكل عام أنه إذا كانت الصحف الفلسطينية التي كانت تصدر في غزة أواخر عهد الانتداب البريطاني قد أسست بتواصلها في الصدور بعد النكبة وإن لمدة قصيرة لديمومة الحياة الصحافية في القطاع، فإن إقدام الأدباء والمثقفين وبعض أبناء العائلات الكبيرة الموسرة على إصدار بعض المجلات والجرائد قد حقق استمرارية الحياة الصحافية من جهة، وحفز على قيام الأحزاب وظهور الحياة السياسية من جهة أخرى، وهو الأمر الذي ساعد على تطوير الصحافة وازدياد عدد الجرائد والمجلات وتنوع اختصاصاتها. وقد شكل في الوقت نفسه دفيئة مناسبة لرعاية وتطور الشباب الطموحين سياسياً وأدبياً وفكرياً، ولهذه الأسباب يعود الفضل في بلوغ بعض الأسماء السياسية والثقافية من أبناء القطاع المكانة السياسية والأدبية التي احتلوها على الصعيدين الوطني والقومي.

وبشكل عام فقد صدر في قطاع غزة خلال الإدارة المصرية من 1948ـ1967 عدد كبير من المجلات والجرائد بعضها عاش لسنوات طويلة، وكان له تأثيراً فاعلاً ومهماً على مختلف جوانب حياة المجتمع الفلسطيني، وأما بعضها الآخر فقد كان مهماً ولكنه لم يستمر طويلاً لأسباب خاصة أو عامة أو كليهما معاً. وكان من بين الصحف التي صدرت نسبة ذات أثر محدود لم يبق لها من أثر يذكر بين الناس، وهي ليست في محل اهتمام المتابعين والباحثين لأسباب تتعلق بظروف صدورها وبالأشخاص الذين كانوا يقفون وراءها. وكان من أبرز الجرائد والمجلات التي صدرت خلال تلك الفترة وأمكن التعرف عليها ما يلي:



جريدة غزة

أسس هذه الجريدة السيد خميس أبو شعبان في مدينة غزة، وترأس تحريرها منذ صدور عددها الأول بتاريخ 6/7/1951. و كانت أسبوعية وتبحث في الموضوعات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وفي الشؤون العامة والرياضية أيضاً بدءاً من عام 1955. عدد صفحات الجريدة ثمانية من القطع الوسط. وكانت تطبع في "مطبعة أبو شعبان" التي كان قد أقامها خميس أبو شعبان في تاريخ سابق على إصدار الصحيفة وذلك كمطبعة تجارية في حي الزيتون بمدينة غزة.

وكانت الكمية التي تطبع من الجريدة تزيد على ألف نسخة توزع محلياً في القطاع وكذلك توزع في بعض البلدان العربية كمصر والأردن والسعودية بواسطة شركة فرج الله للصحافة في القاهرة.

شارك في الكتابة في هذه الجريدة عدد كبير من الأدباء والمثقفين الفلسطينيين المعروفين مثل: كمال الطويل، وسامي أبو شعبان، وهارون هاشم رشيد، وعبد الرحمن ياغي، ومحمد أبو شرار وغيرهم. (30) ولم تتوفر لدينا المعلومات المؤكدة حول تاريخ توقف تلك الصحيفة عن الصدور.



جريدة الرقيب

أصدرها عبد الله العلمي في مدينة غزة عام 1951 كجريدة محلية أسبوعية تبحث في الشؤون السياسية والثقافية والعلمية. لم تكن هذه الجريدة منتظمة الصدور، وكانت صفحاتها من حجم القطع الوسط، وكانت تطبع في "مطبعة غزة الجديدة" التي كان قد أسسها عبد اللطيف العلمي في مدينة غزة عام 1948 كمطبعة تجارية.

وأما الكمية التي كانت تطبع من هذه الجريدة فلم تزد عن 800 نسخة كانت توزع جميعها محلياً في مدينة غزة وجوارها ومدن وبلدات القطاع الأخرى.

شارك في الكتابة فيها عدد من الأدباء والمثقفين المعروفين من مختلف التيارات الفكرية والاتجاهات السياسية، مثال: ناهض الريس، ويحيى برزق، ومعين بسيسو، وهارون هاشم رشيد، ورامز فاخرة، وقد توقفت عن الصدور عام 1964. (31)



مجلة المستقبل

أصدرها في مدينة غزة عام 1952 محمد جلال عناية. وقد ترأس تحريرها. وكانت مجلة شهرية أدبية وثقافية شاملة.

شارك في تحريرها عدد من الكتاب والأدباء الفلسطينيين البارزين بشكل تعاون تطوعي لأسباب تتعلق بالإمكانيات المالية للمجلة، حيث كانت تعتمد في تمويلها على الجهود الذاتية لناشرها ورئيس تحريرها. توقفت عن الصدور عام 1956.(32)



جريدة الصراحة

جريدة يومية صدرت في البداية مؤقتاً كأسبوعية عن النادي القومي في مدينة غزة عام 1952. وكانت سياسية اجتماعية ثقافية اقتصادية عامة. وقد أشرف على تحريرها الشاعر المعروف معين بسيسو والسيد سعيد فلفل.

وكانت هذه الجريدة تصدر في 8 صفحات من القطع الوسط وظلت كذلك طيلة فترة صدورها، وكانت تطبع في "مطبعة أبو شعبان" بغزة. وبعد إغلاق النادي القومي في غزة عام 1955 تولى أحمد حلمي السقا الإشراف عليها فقام بتعديل مسارها الفكري ونظراً لأنه كان يعمل في المحاكم آنذاك فقد أفسح المجال لنشر أخبار المحاكم والقضايا المحلية فيها. و لم تتمكن من الانتظام في الصدور برغم كل الجهود التي بذلت في هذا الاتجاه. وقد توقفت عام 1963. (33)



جريدة الانتعاش

أصدرها في مدينة غزة رشيد الشريف عام 1952 كجريدة أسبوعية سياسية اجتماعية ثقافية عامة. ولكن هذه الجريدة لم تنتظم مواعيد صدورها لأسباب لم نستطع بلوغها. وكان حجم الجريدة من القطع الوسط. وقد طبعت في مطبعة أبو شعبان بحي الزيتون في غزة، وقد استقطبت بعض الكتاب والمثقفين الفلسطينيين، وتوقفت عن الصدور عام 1958. (34)



جريدة كلمة الحق

صدرت في غزة عام 1953، ورأس تحريرها زاهر العلمي، وتبحث في الشؤون المحلية والأدبية والاجتماعية العامة. وكانت تصدر في 6-8 صفحات بصورة غير منتظمة وعلى فترات متباعدة بمعدل كل شهر أو شهرين مرة. وكانت تطبع في مطبعة غزة الجديدة. وقد توقفت في أوائل الستينات. (35)



جريدة الوطن العربي

صدرت في مدينة غزة عام 1954 كجريدة أسبوعية سياسية عامة من قبل نادي غزة الرياضي إبان فترة رئاسة رشاد الشوا للنادي.

كان حجم هذه الجريدة من القطع الكبير العادي للصحف، وتكاد تكون أول جريدة دورية تصدر بلونين (اللون الأحمر إضافة إلى اللون الأسود)، وتعتبر أول جريدة دورية تصدر في غزة في حقبة الخمسينات من القرن الماضي. و لم يتجاوز عدد صفحاتها طيلة فترة صدورها أكثر من 4 صفحات. وكانت تطبع على مطبعتها الخاصة، وقد توقفت عن الصدور عام 1955. ترأس تحريرها غالب النشاشيبي، ومن أبرز كتابها سعد الدين الحسيني ومحمود صالحة. (36)



جريدة اللواء

أصدرها حزب "جماعة الإخوان المسلمين" عام 1954 في مدينة غزة كصحيفة سياسية أسبوعية ناطقة باسم الحزب. وتولى رئاسة تحريرها صالح مطر أبو كميل، وشارك في الكتابة فيها عدد من المنتمين للحزب وأنصاره أمثال: خليل الوزير وصلاح خلف وعبد الله الرشماوي وغيرهم، إضافة إلى عدد من الكتاب والمثقفين من ذوي الميول الدينية أو الكتاب العاديين مثل: هارون هاشم رشيد، ومنير الريس، وموسى الصوراني. لم تصدر الجريدة في مواعيد منتظمة برغم أنها أسبوعية، وكان حجم صفحاتها من القطع الوسط وعددها 8 صفحات، وتطبع في "مطبعة شبلاق" التي أنشئت في الخمسينات في غزة. وقد توقفت عن الصدور عام 61. (37)



مجلة العودة

أصدرها الاتحاد القومي في قطاع غزة عام 1956 كمجلة سياسية اجتماعية شاملة تصدر شهرياً في مدينة غزة. وقد ترأس تحريرها سعد فرح. وشارك في الكتابة فيها عدد من المثقفين والكتاب القوميين. كانت موضوعاتها تحرر في غزة ثم ترسل إلى القاهرة حيث يجري هناك طباعتها وإعادتها إلى غزة لتوزيعها في مدن وبلدات ومعسكرات القطاع. كانت قضية عودة اللاجئين ومبدأ حق العودة من أبرز الموضوعات التي تعالجها وتركز عليها وتستكتب الأقلام من مختلف التيارات السياسية في هذا الاتجاه. تذكر بعض المصادر أنها قد صدرت عام 1955 في حين لم يستدل حتى تاريخه على تاريخ توقفها عن الصدور.(38)



جريدة الوحدة

أصدرها حزب البعث العربي الاشتراكي فرع قطاع غزة كجريدة حزبية سياسية اقتصادية اجتماعية شاملة، وتصدر أسبوعيا في مدينة غزة. ومع أن المصادر لم تشر إلى تاريخ محدد لصدورها حيث يذكر بعضها أنها صدرت في عام 1954 وتوقفت عام 1964، فإن بعضها الآخر يشير إلى أنها صدرت في أواخر عام 1958، في حين أن البعض الثالث يشير إلى أنها صدرت عام 1959. وأشارت المصادر إلى أن الدافع الأول لصدورها هو انفجار الخلاف بين الاتجاهين الماركسي والقومي في العام 1958، والاستقطابات التي نتجت عنه.

أما عن دوافع صدورها الأخرى فتتقاطع المصادر على أن ذلك عائد للاستجابة مع حالة المد القومي التي بدأت تتنامى في المنطقة في تلك الفترة وأن هذه المطبوعة أريد من إصدارها مواجهة الشيوعيين داخل قطاع غزة وخارجه.

ترأس تحريرها ماجد العلمي وشارك فيها عدد كبير من الحزبيين ومن أصدقاء حزب البعث وبعض الكتاب من ذوي الاتجاهات القومية العامة.

ومع أن "جريدة الوحدة" كانت أسبوعية إلا أنها لم تكن منتظمة الصدور وكانت تصدر بثمانية صفحات من القطع الوسط، وتبشر بمواقف وأهداف حزب البعث وتطرح مواقفه السياسية وتنادي بالوحدة العربية. ولم يستدل من المصادر المتوفرة حتى الآن على اسم المطبعة التي كانت تطبع بها هذه الجريدة.

وبسبب حزبيتها فقد كان انتشارها محدوداً، وهو ما أجبرها على التوقف عن الصدور عام 1961.(39)



جريدة التحرير

أسسها السيدان زهير الريس ومحمد زكي آل رضوان عام 1958 كجريدة يومية سياسية ثقافية اجتماعية شاملة تصدر عن دار التحرير للطباعة والنشر في غزة. وتعتبر أول جريدة يومية تصدر في غزة لها هيئة تحرير وإدارة مالية وعامة. ويعود لها الفضل في استقدام تكنولوجيا الطباعة الحديثة إلى قطاع غزة حيث كان لها مطبعة أوفست offset تم استيرادها من جمهورية تشيكوسلوفاكيا.

شارك في الكتابة فيها إلى جانب السيدين زهير الريس الذي شغل وظيفة رئيس التحرير ومحمد زكي آل رضوان الذي شغل وظيفة مدير التحرير، عدد كبير من الكتاب والمثقفين المعروفين مثل معين بسيسو وفخري مكي وإسماعيل شموط ومحمد جلال عناية. وقد ركزت الجريدة على موضوعات سياسية كثيرة ومختلفة تتعلق بالقضية الفلسطينية، ولكنه غلب على اهتمامها قضايا محددة أولتها عناية خاصة مثل: قضية اللاجئين، وحق العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

أسهمت هذه الجريدة بدور ملحوظ في تطوير الصحافة والثقافة أيضاً في قطاع غزة، وكانت مرشحة للعب دور أكبر وأهم على هذا الصعيد لو أنها تمكنت من الاستمرار، ولكنها لأسباب مختلفة توقفت عام 1961.(40)



جريدة السلام

أصدرها في غزة المحامي كمال البربري عام 1958، كجريدة إعلانية تتمول من عائدات الإعلان فيها، وتصدر كلما توفرت مثل هذه العائدات وهو الأمر الذي أضفى على موعد صدورها صفة عدم الانتظام.

عرفت الجريدة نفسها بأنها "صحيفة إسلامية سياسية جامعة". وقد استأثرت بإعلانات المحاكم الشرعية والنظامية لأسباب تتعلق بعمل مالكها في تلك المحاكم، وهو الأمر الذي جعل أغلب الإعلانات المنشورة فيها "إعلانات قضائية".

كان عدد صفحاتها غير محدود وإن كان في معظم الأعداد التي صدرت منها قليلاً ومحدوداً. وكانت تطبع في "مطبعة شبلاق" الكائنة في مدينة غزة. وقد اتسمت الموضوعات التي كانت تنشرها بكونها سياسية عامة، وغالباً ما كانت تركز على قضايا اللاجئين وحقهم في العودة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. وظل شعارها المرفوع على الدوام هو الدعوة للسلام القائم على العدل. وقد توقفت عن الصدور على أثر حرب حزيران 1967. وكانت هذه الجريدة توصف بإسلامها المعتدل وبعقلانية طروحاتها ونبذها للتزمت. (41)



مجلة نداء العودة

أصدرها في مدينة غزة الاتحاد القومي العربي الفلسطيني في شهر آب 1959 كمجلة شهرية سياسية ثقافية اجتماعية عامة. وكان شعارها الرئيس "إننا عائدون" مع خريطة فلسطين.

تعتبر المجلة من الصحف الملتزمة بدقة انتظام الصدور، حيث كانت في متناول القراء في مدن القطاع وبلدانه ومخيماته وأريافه في مطلع كل شهر.

كانت صحيفة ملونة وعدد صفحاتها 52 صفحة وحجم كل صفحة بالأبعاد التقليدية التي كانت سائدة يوم ذاك للمجلة (29 سم × 22 سم).

كان مكتبها الرئيس في مدينة غزة ولها مكتب فرعي في القاهرة كان يتابع عمليات استقبال مواضيع من كتاب المجلة المصريين واستلام المجلة من غزة للطباعة في القاهرة ثم إعادتها بعد ذلك إلى غزة لتوزع هناك. وكانت تطبع في مطابع دار التعاون للطباعة والنشر في القاهرة.

كان يدير الصحيفة مجلس إدارة، وأما محرروها المسؤولين هم: عوني أبو رمضان، وداود الصائغ، ورامز فاخرة، وقد استقطبت كتاب كثر من بينهم: هارون هاشم رشيد، وربيع حافظ الترك، وفاروق الحسيني، ومنير الريس، وإبراهيم سكيك، وزياد الخطيب، وناصر الدين النشاشيبي (رئيس تحرير جريدة الجمهورية القاهرية آنذاك)، إضافة إلى بعض الصحافيين المصريين البارزين أمثال: الفريد عبد السيد، وفؤاد كمال، وعبد الستار يوسف وغيرهم.

وقد اهتمت المجلة بالمواضيع السياسية والاجتماعية والأدبية والرياضية. واستخدمت الصور بشكل واسع وكان ربيع الترك مصورها الخاص. كما اعتنت بنشر الرسوم الكاريكاتورية ذات الطابع السياسي، وإبلاء اللاجئين وحقهم في العودة اهتماماً خاصاً في التغطية، وأعطت للدعوة القومية العربية جل اهتمامها وتركيزها، وأعطت مساحات رحبة من صفحاتها لصور الرئيس جمال عبد الناصر وخطبه ونشاطاته.

وكانت المجلة توزع في بعض البلدان العربية إضافة إلى مصر. وقد حافظت على صدورها المنتظم حتى توقفها عام 1967. (42)



مجلة صوت فلسطين

أصدرها محمود عبد العزيز أبو سخيلة كمجلة شهرية سياسية شاملة. وقد صدر العدد الأول من هذه المجلة بتاريخ 1/3/1963. وكانت تطبع في المطبعة الكمالية في القاهرة. وكانت صحيفة ملونة الغلاف.

اتسمت موضوعات المجلة بطابعها السياسي الحاد. وبدت معظم مواضيعها تعبوية خطابية وثورية تميل لغتها إلى الخشونة والعنف، وتخلو من أي عنصر من عناصر التشويق. كما خلت الصحيفة من الصور أو الرسوم باستثناء صور الجندي المجهول الموجودة دائماً على أغلفة أعداد المجلة.

لم يعرف من أصحاب الأقلام التي شاركت بالكتابة فيها سوى عدد قليل من الأسماء من بينها: سعيد السبعاوي، ورياض هاشم، ومحمد حسن، وذلك لأن أغلب من كتب فيها كانوا يكتبون بأسماء مستعارة لأسباب تتعلق بسلامتهم الأمنية.

كان عدد صفحات المجلة 24 صفحة من ذات الأبعاد العادية التقليدية لصفحة المجلة. ويعتقد أنها قد توقفت عن الصدور عام 1967. (43)



جريدة أخبار فلسطين

أسسها في مدينة غزة السيدان زهير الريس ومحمد زكي آل رضوان كجريدة سياسية ثقافية اجتماعية عامة وتصدر مؤقتاً في كل أسبوع. وقد صدر العدد الأول منها بتاريخ 7/3/1963. وقد نظر إليها من لحظة صدورها على اعتبار أنها نسخة استمرارية لجريدة التحرير التي كانت قد توقفت عن الصدور قبل عامين.

تولى زهير الريس رئاسة تحرير الجريدة في حين احتل محمد زكي آل رضوان وظيفة مدير تحرير الجريدة، كما تولى إلباس عزام وظيفة سكرتير التحرير، وأما نافذ الوحيدي فقد عين مديراً للإدارة.

وتشكل للجريدة هيئة تحرير ضمت كلاً من: محمد حسيب القاضي، وأسامة شراب، وعبد الكريم السبعاوي، ويونس العرقان، وحسين أبو عاصي، وخالد الهشيم، وشحادة سليم، وكان الفنان إسماعيل شموط هو مخرج الصحيفة. وقد كتب فيها عدد من المثقفين والأدباء والكتاب المعروفين حينذاك، وكان من أبرزهم: معين بسيسو وفخري مكي وغيرهما.

صدرت الجريدة في البداية كشركة يملكها الريس وآل رضوان، ثم توسعت الشركة من فلسطينية إلى فلسطينية ـ مصرية وذلك بعد أن أصبح الصحفيان المصريان المعروفان علي أمين ومصطفى أمين من مالكي هذه الصحيفة. وقد أحدثت تطورات ملكية الجريدة نقلة نوعية في واقعها المهني والتقني. وتمثلت تلك النقلة بمحاولة محاكاة "أخبار فلسطين" لجريدة "أخبار اليوم" القاهرية التي كان يملكها الأخوان أمين خصوصاً في مجال الطابع الآثاري وتناولها لموضوعات محلية وإقليمية ودولية، واستخدامها لفنون الكتابة الصحافية، واستخدام الأساليب الحديثة في الإخراج الصحافي.

وفي خدمة تحقيق هذا الهدف أرسلت إدارة "أخبار فلسطين" عدداً من الصحافيين إلى جريدة "أخبار اليوم" في القاهرة للتدرب على الأساليب المهنية وكيفية البحث عن الأخبار وكتابتها وتقويمها، وكذلك للتعرف على الوسائل الحديثة في علم الصحافة وكيفيات استخدامها. وأوفدت جريدة "أخبار اليوم" للغاية نفسها السيد سعد الدين الوليلي وذلك للعمل كمستشار صحافي واداري في جريدة "أخبار فلسطين" في غزة.(44) كما زودت إدارة جريدة "أخبار اليوم" في القاهرة جريدة "أخبار فلسطين" في غزة بماكينة لينوتيب للتنضيد وورشة زينكوغراف للتصوير والأكليشيهات وبمطبعة تيبو وكانت جميعها جديدة،(45) وقد أحدثت بذلك تطوراً ملحوظاً في مستوى الجريدة التقني عكس نفسه بتزايد الكميات التي أخذت تطبع من الجريدة، وباتساع انتشار الجريدة على الصعيدين المحلي والعربي أيضاً حيث أصبحت الجريدة تلاقي رواجاً في معظم بلدان التواجد الفلسطيني في الشتات، خصوصاً بعد أن استحدثت إدارة تحرير جريدة زاوية فيها أطلقت عليها "أبناء فلسطين في العالم" حيث أرادت من خلالها تحقيق التواصل بين الفلسطينيين في الداخل والخارج.

وساعد على هذا الانتشار بشكل رئيس أيضاً قيام "الدار القومية للتوزيع" في القاهرة التي كانت توزع جريدة "أخبار اليوم" بتوظيف خبراتها وعلاقاتها في توزيع جريدة "أخبار فلسطين" وخصوصاً في لبنان والأردن ومصر وليبيا وقطر والكويت وغيرها من البلدان الأخرى.(46)

وكانت جريدة "أخبار فلسطين" ملونة. وقد استخدمت فيها الصور والرسومات بشكل واسع، وقد تمتعت بإمكانيات تقنية ومهنية وإدارية وفنية عالية. وعدد صفحاتها 12 صفحة من القطع العادي. وتعتبر أنجح تجربة صحافية عرفها قطاع غزة. ولكن المؤسف أنها لم تعمر أكثر من عام ونصف، حيث توقفت بسبب العجز المالي الكبير الذي أخذت تتعرض له وعدم اقتدارها في مرحلة ما على دفع رواتب العاملين فيها، حيث أن كان يعمل في تلك المؤسسة بشكل متفرغ أكثر من 100 موظف، إضافة إلى الاستحقاقات المالية لتكليفات الاستكتاب في الجريدة للمثقفين الفلسطينيين والعرب. وبتوقف الجريدة تأثر الوضع السياسي في القطاع نسبياً، خصوصاً وأن الجريدة كانت بمثابة لسان حال م.ت.ف. التي كانت قد تأسست ككيان سياسي للشعب الفلسطيني عام 1964.(47)

لقد مثل الواقع الذي ترتب على توقف جريدة "أخبار فلسطين" مأزقاً إعلامياً فلسطينياً ألقى بظلال وطأته مسؤولية كبرى على مستويات فلسطينية مختلفة فعمدت م.ت.ف. في محاولة منها لتفكيك عناصر هذا المأزق بشراء التجهيزات الفنية والطباعية للمؤسسة وإعادة تشغيل المؤسسة وإصدار الجريدة باعتبارها جريدة رسمية لـ م.ت.ف.(48)

وفي خطوة إجرائية عملية في هذا الاتجاه تولى المستوى القيادي في المنظمة مسؤولية الإشراف السياسي على الجريدة في حين احتفظت الجريدة إلى حد بعيد بهيكليتها الصحفية المهنية والإدارية. وعادت الجريدة إلى الصدور اعتباراً من 4/10/1965 كجريدة ناطقة بلسان م.ت.ف.، وظلت كذلك حتى 5/6/1967 حيث اندلعت الحرب واحتلت إسرائيل قطاع غزة وأراضي شرق فلسطين إضافة لأراضي عربية أخرى فتوقفت الجريدة عن الصدور ووضع الحاكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة يده على المؤسسة وصادر ممتلكاتها ومطبعتها.



جريدة نداء التحرير

استشعر التقدميون والديمقراطيون الوطنيون في قطاع غزة بضرورة وأهمية صدور صحيفة سياسية ثقافية اجتماعية اقتصادية شاملة خصوصاً بعد تعثر المحاولات الصحافية التي ظهرت في منتصف الستينات من القرن الماضي، وكذلك ضغط الحاجة الموضوعية لوجود منبر تعبوي يستجيب وآفاق الانفجار الثوري الذي بدأت تظهر ملامحه في أكثر من تعبير وعلى أكثر من صعيد. وقد كان السيد محمود السردي أول المبادرين للاضطلاع بهذه المسؤولية، حيث أصدر في غزة "جريدة نداء التحرير" كصحيفة أسبوعية سياسية ثقافية شاملة. وقد صدر العدد الأول منها بتاريخ 15/5/1965. وعدد صفحاتها 8 صفحات بحجم 35×25 سم.

ركزت الصحيفة على الموضوعات السياسية والثقافية والاجتماعية وقد استخدمت الصور والرسوم الكاريكاتورية. وشارك في الكتابة فيها عدد من الأدباء والمثقفين والكتاب الفلسطينيين، وقد استخدم البعض منهم لأسباب تتعلق بأمنه الشخصي أسماء مستعارة. "وعلى الرغم من انقطاع الصلة بين محمود السردي صاحب امتياز نداء التحرير ورئيس تحريرها وأي من الأحزاب السياسية في القطاع، اعتبرت نداء التحرير بحق أقرب إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة بسبب إشراف عضوين من الحزب هما: عبد القادر ياسين وذيب الهربيطي على تمويل الصحيفة وتحريرها وتوزيعها. على أن سلطات الأمن سرعان ما سحبت ترخيص هذه الصحيفة بعد صدور ثلاثة أعداد منها".(49)



صحف العهد الإسرائيلي

كان الواقع الصحافي في قطاع غزة ومستوياته المهنية وإمكانياته التقنية عشية حرب حزيران 1967 متواضعة جداً، والأدهى من كل ذلك أنه لم يكن يصدر في القطاع في تلك الفترة، لأسباب تتعلق بأسلوب حكم الإدارة المصرية للقطاع جريدة ومجلة واحدة كملكية خاصة لأحد المواطنين تدفعه مصالحه على أن يعاود إصدار صحيفة عندما تهدأ الأحوال الأمنية وتستجد ظروف في مرحلة الاحتلال تسمح بذلك، حيث أن جريدة "أخبار فلسطين" التي كانت المطبوعة الوحيدة التي تصدر في القطاع يوم ذاك هي جريدة رسمية وتملكها ومعداتها وتجهيزاتها م.ت.ف. وقد توقفت يوم 5/6/1967. (50)

ولهذه الأسباب ولأخرى غيرها لم يصدر في قطاع غزة طيلة السنوات العشر الأولى من عمر الاحتلال الإسرائيلي أي صحف محلية. وكانت الصحف المتداولة في بداية الأمر تلك التي كانت تصدر في قطاع غزة بشكل سري من قبل أحزاب وفصائل العمل الوطني الفلسطيني، وكذلك الصحف التي كانت تصدرها م.ت.ف. ومنظمات المقاومة في الخارج مثل: "جريدة فتح" التي كانت قد صدرت بدءاً من عام 1965، و"مجلة الثورة الفلسطينية" التي كانت قد صدرت في تشرين الثاني 1967. ومجلة "صوت فلسطين" التي أصدرها جيش التحرير الفلسطيني في دمشق بتاريخ 1/8/1968، و"مجلة الطلائع" التي صدرت في دمشق بتاريخ 3/10/1969، و"مجلة الثائر العربي" التي صدرت في عمان بتاريخ 2/8/1969. و"مجلة السيرة" التي صدرت في دمشق اعتباراً من كانون الثاني 1972، و"مجلة نضال الشعب" التي صدرت في كانون الأول 1973، وغيرها وغيرها.

وكان يوزع في القطاع أيضاً الصحف الفلسطينية التي صدرت في القدس والتي كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجيز توزيعها فيه، مثل: "جريدة القدس" التي قد صدرت بتاريخ 8/11/1968، و"جريدة الفجر" التي كانت قد صدرت بتاريخ 7/4/1972، و"جريدة الشعب" التي كانت قد صدرت بتاريخ 23/7/1972، و"جريدة الطليعة" التي صدرت بتاريخ 27/2/1978، وغيرها من الصحف التي صدرت في تلك الفترة.

ووزع في قطاع غزة الصحف المصرية التي بدأت معاودة دخول قطاع غزة والتوزيع فيه من قبل موزعين فلسطينيين بعد قيام الرئيس المصري الراحل أنور السادات بزيارته الشهيرة إلى إسرائيل بتاريخ 19/11/1977، وما تمخض عن تلك الزيارة من نتائج واستحقاقات، وخصوصاً بعد توقيع اتفاقية السلام بين حكومتي مصر وإسرائيل بتاريخ 26/3/1979. (51)

ومع أن معطيات الواقع لم تشر إلى ظهور صحف ومطبوعات ذات قيمة مهنية نوعية خلال الفترة اللاحقة، وأكدت على محدودية عدد الصحف والمجلات التي صدرت أبانها، فإن ذلك عائد في الأساس لأسباب عديدة من بينها وجود الصحف المصرية والصحف المقدسية في سوق الصحف والمطبوعات كعامل منافس متفوق، هذا بالإضافة إلى الآثار التي تترتب على صرامة الرقابة الإسرائيلية على الصحف والمطبوعات في القطاع أسوة بالمناطق الفلسطينية الأخرى، وكذلك ضعف الإمكانيات المادية والتقنية والتجهيزية وضعف وندرة الكادر المهني في مجالات اختصاص الصحافة.

وتقتضي الموضوعية أن لا يغفل في هذا السياق "تشدد ورفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي منح رخصة لإصدار أي مجلة أو جريدة سياسية".(52) خلال السنوات العشر الأولى من رضوخ القطاع تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.

ولهذه الأسباب أيضاً لم يستطع الواقع الصحافي في قطاع غزة مواكبة النهضة الهائلة التي بلغها هذا الواقع في الضفة الغربية بعد تفجر الانتفاضة بتاريخ 9/12/1987، حيث أخذت المدن والتجمعات السكانية الكبرى الفلسطينية تعج بالصحافيين الأجانب وبأطقم مراسلي محطات الإذاعة والتلفزة ووكالات الأنباء العالمية الذين جاءوا إلى فلسطين لمتابعة وقائع وأحداث وتطورات الانتفاضة ولتحقيق ذلك كان الأجانب مضطرون لتوظيف وتشغيل وتدريب فلسطينيين لمساعدتهم في البداية وللعمل معهم فيما بعد. وكان لمثل هذا الأمر تأثيره المباشر على صعيد تزايد عدد الفلسطينيين العاملين في مجال الصحافة والإعلام، وعلى إغناء معرفتهم بقواعد وأساليب ومتطلبات عمل المهنة، وعلى رفع سوية الكادر الإعلامي والصحافي بشكل عام.

ولم يقتصر التطور في هذا الاتجاه على الواقع الصحافي في شرق فلسطين فحسب، وإنما كان له صدى ملحوظاً وان بدرجة أقل في مدن ومخيمات قطاع غزة، حيث ازداد الاهتمام بالصحافة والإعلام وكثر عدد المشتغلين في هذا القطاع، ولكن ذلك لم يلعب دوراً مباشراً في تطوير المؤسسات الصحافية والإعلامية التي كانت قائمة في القطاع، كما أنه لم ينشئ مؤسسات إعلامية جديدة. وأكثر من ذلك أن القطاع ظل بدون صحف تذكر، صحيح أن القطاع قد عرف وربما للمرة الأولى إبان الأشهر الأولى من الانتفاضة إقامة مكاتب الخدمات الصحافية والإعلامية التي كانت تعتني بالبحث عن الخبر وملاحقة تفاصيله وكل ما يتصل به وتزويد وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية به وبصورة حية عنه، وذلك على غرار ما كان يحدث في القدس وغيرها من المدن الفلسطينية. ولكن ما هو صحيح أكثر أن عدد المكاتب الصحافية التي أقيمت خلال تلك الفترة كان محدوداً جداً ولا يتناسب مع متطلبات تغطية أحداث الانتفاضة في القطاع.

وبغض النظر عن عدد مكاتب الخدمات الصحافية التي أقيمت بعد تفجر الانتفاضة في القطاع، فإن الوظيفة الرئيسية لها لم تكن لخدمة مؤسسات إعلامية وصحافية في القطاع وإنما لخدمة هذه المؤسسات في القدس وإسرائيل وفي الخارج أيضاً. ووفقاً لمعطيات الواقع فإن أبرز هذه المكاتب كان "مكتب غزة للصحافة" الذي كان قد أسسه السيد حسن الوحيدي مراسل "جريدة الفجر" في قطاع غزة، وكذلك "مكتب غزة للخدمات الصحافية" الذي كان قد أسسه السيد محمد أحمد أبو لاشين والذي كان يغطي أخبار أحداث القطاع بأدق التفاصيل ويزود القيادة الفلسطينية بها وكذلك وسائل إعلام م.ت.ف. ليصار إلى استعمالها وتوزيعها على وسائل الإعلام العربية والأجنبية خدمة لهدف نشر وتعميم أخبار الانتفاضة ووثائقها.

كانت المحاولات التي بذلت على صعيد إصدار صحف في قطاع غزة كثيرة. ولعل أول المبادرين إلى ذلك وأكثرهم على هذا الصعيد هو المحامي زهير الريس ولكن جهوده باءت كثيراً بالفشل، وذلك بسبب رفض سلطات الاحتلال منح تراخيص لإصدار صحف في غزة لأسباب غير معروفة. وتوفرت للمحامي زهير الريس فرصة إصدار "مجلة العلوم" عام 1975 ولكنه استبدلها في نفس العام بمطبوعة أطلق عليها اسم "مجلة الموقف" التي لم يتوفر لدينا أية معلومات عنها سوى أنها صدرت في تموز 1975، وأنها لم تستمر طويلاً.

وتشير المعطيات إلى أن الكاتب محمد خاص الذي عاد إلى غزة واستقر فيها بدءاً من عام 1967 بعد أن غادر حيفا التي كان يقيم فيها منذ عام 1948 وذلك بسبب حدوث النكبة وأنهى علاقته بالحزب الشيوعي الإسرائيلي (راع)، أسس وأصدر في عام 1978 "مجلة الشروق" السياسية الاجتماعية الثقافية الشاملة وكان يصدرها كمجلة أسبوعية، ثم تحولت إلى شهرية، ولم تلبث أن عادت تصدر أسبوعياً ولكن موعد صدورها اضطرب ولم تنتظم وقد عاشت حالات عدم استقرار برغم استمرارها في الصدور لفترة طويلة استمرت حتى أوائل عام 1995.

وأصدر المحامي زهير الرئيس في تموز 1979 "مجلة الأسبوع الجديد" وذلك كصحيفة سياسية اجتماعية ثقافية، وكانت تصدر بشكل غير منتظم وبمستوى فني ضعيف، وهو الأمر الذي حفز مالكها على التشارك مع السيد حنا سنيورة من القدس لإصدارها بشكل أرقى. ولتحقيق هذا الهدف انتقلت "الأسبوع الجديد" من غزة إلى القدس اعتباراً من عام 1982. ولكن الصحيفة تعثرت ولم تلق رواجاً وكان صدورها غير منتظم إلى الحد الذي لم تستطع فيه أن تعمر طويلاً.

وأصدر محمد جميل الشوا "جريدة الشرق الأوسط" كصحيفة سياسية شاملة ونصف أسبوعية.. وقد ترأس تحريرها إضافة لملكيته لها وأصدر عددها الأول بتاريخ 2/3/1980، ولكنها توقفت لأسباب لم تعلن، وذلك بعد أن صدر منها بعض الأعداد التجريبية.(53) وإلى جانب هذه الصحف القليلة التي صدرت في قطاع غزة خلال هذه المرحلة، نلاحظ "هناك نشرات ودوريات تصدر عن الجامعة الإسلامية مثل (صوت الجامعة) و (جريدة الجامعة) و (صوت العاملين). وتصدر بين الحين والآخر عن دوائر الجامعة نشرات دينية. كما تصدر عن معهد فلسطين الديني (الأزهر) نشرة تعرف باسم (رسالة الأزهر) وتصدر عن الجمعية العربية الطبية نشرة يطلق عليها (الحياة الطبية) وعن نقابتي المهندسين والمحامين تصدر نشرة عن كل منهما أولاهما تسمى (المهندسين) و الأخرى (المحامين) وكذلك تصدر عن بلدية غزة نشرة تسمى (المدنية)..".(54)

ومع أن صحيفتي "الأسبوع الجديد" و"الشروق" قد واصلتا الصدور لفترة طويلة، وغير منتظمة وربما إلى حين تسلم السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة غزة في صيف 1994، فإن أي منهما لم تلعب دوراً يذكر في مجال تطوير الواقع الصحافي في القطاع. كما أن وجودهما ليس لم يطور وضع المكاتب الصحافية التي أخذ القطاع يعرفها بدءاً من أواخر الثمانينات فحسب، وإنما لم يساعد أي منها على التواصل حيث توقفت عن العمل بدءاً من عام 1991.



استخلاصات عامة

تشكل متوالية المعلومات التي أمكننا تقديمها عن نشوء وتواصل صدور الصحف في قطاع غزة مبنى يمكن ولوج أبوابه لمعرفة حقائق التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لقطاع غزة تاريخياً، وكذلك لتقديم الأسباب التي يمكن إيرادها لتبرير عدم ظهور صحافة غزية إبان العهد العثماني، ولتأخر ظهورها إلى أمد بعيد إبان الانتداب البريطاني على فلسطين.

ومع أنه لا يجدر بأحد أن ينكر أن ظروفاً موضوعية مثلت سبباً رئيسياً لذلك إلى جانب ظروف أخرى معقدة ومتشابكة عرفتها وتشابهت بها مدينة غزة مع مدن فلسطينية ظهرت فيها صحف خلال العهد من العثماني والبريطاني، حتى عندما تبدو مثل تلك الظروف وكأنها ذاتية، إلا أن ما يجب قوله هو أن الدور والوضع السياسي لمدينة غزة كان السبب الرئيس، حيث أن مدينة غزة لم تكن مركزاً سياسياً كمدينة القدس في العهد العثماني ومدينة يافا في العهد البريطاني، وإن المحامين الذين يلعبون دوراً سياسياً، وكذلك القادة السياسيين من أتباع مدن القطاع كانوا يمارسون نشاطهم السياسي من خارج مدينة غزة ومن مدينتي القدس ويافا على وجه التحديد.

لقد ظهرت الصحف في غزة إبان الانتداب البريطاني، وفي مرحلة متأخرة جداً منه. وحتى الصحف الغزية التي ظهرت يوم ذاك كانت متواصفة المستوى مهنياً وفنياً، ومحدودة الانتشار قياساً بالصحف التي كانت تصدر في يافا والقدس وحيفا وبيت لحم. وكان الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في القطاع سيئاً إلى الحد الذي لا يمكن في ضوئه اعتبار صدور تلك الصحف قد أسهم في تطوير الواقع الصحافي في فلسطين. كما أنه لا يمكن القول أن حدوث نكبة 1948 في الوقت الذي كان يصدر فيه بعض تلك الصحف قد أسس لولادة الصحافة في قطاع غزة إبان العهد المصري. صحيح أن بعض الصحف التي كانت قائمة قد واصل الصدور في السنين الأولى من الحكم المصري لقطاع غزة، ولكنه قد توقف لأسباب لا تتعلق بالإمكانيات المادية والتجهيزات الفنية وقلة الكادر وما عداها من الأسباب التي يحرص المتابعون لتاريخ الصحافة في القطاع على إيرادها، فحسب، وإنما لأن ظروفاً سياسية استجدت وكانت الصحف القائمة عاجزة عن الاستجابة للاستحقاقات التي أملتها المستجدات فتوقفت عن الصدور تدريجياً لتحل محلها صحف أخرى جديدة بدأت تظهر منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي كتساوق مع التغيرات السياسية والطبقية والاجتماعية الذي بدأ يشهدها قطاع غزة.

وإذا كانت الصحف الحزبية على اختلاف مستوياتها المهنية قد مثلت منطلقاً لصدور صحف خاصة، فإن هذه الصحف الخاصة كانت هي الأخرى مسكونة بهاجس المهمة السياسية الرئيس، ومدى اهتمامها به وانشدادها نحو تلاوينه كان أحد عوامل ضمانة استمرارها وتواصلها لا بل وتطورها في معظم الأحايين. وفي هذا السياق لا تبدو هنالك غرابة في أن تكون جميع الصحف التي صدرت إبان العهد المصري في قطاع غزة سياسية بغض النظر عن كون ملكيتها خاصة أم حزبية.

لقد خضع قطاع غزة للإدارة المصرية، مع احتفاظه لبعض مسوح فلسطينية، في حين أن شرق فلسطين قد ضم إلى المملكة الأردنية الهاشمية وأصبح يعرف باسم "الضفة الغربية" وباقي الأجزاء الأخرى من فلسطين أقيمت فيه دولة إسرائيل.

وحيث أن قطاع غزة هو الجزء الوحيد من فلسطين الذي لم تلغ هويته الفلسطينية برغم خضوعه للإدارة المصرية لأسباب تتعلق بالاستحقاقات فإن الذي ترتب على نكبة فلسطين عام 1948، وذلك في الوقت الذي تواصلت فيه مثولية القضية الفلسطينية برغم تلك الاستحقاقات خصوصاً بعد انتصار ثورة 23 يوليو 1952 القومية في مصر، فقد تبوأت مدينة غزة مكانة بارزة في موقع الحدث السياسي جرى التعبير عنها بمظاهر مختلفة كان أبرز تجلياتها قيام حياة صحافية نشطة، أسهمت بدور رئيس في إغناء الحياة الحزبية وبلورتها وفي تنويع مصادر الوعي السياسي وتعزيز المكونات الثقافية الوطنية والنهوض التدريجي بواقع المجتمع. وقد تأكدت تلك المكانة السياسية لمدينة غزة بتواصل الحياة الصحافية فيها طيلة فترة العهد المصري، وبانطلاقة إعادة كتابة سفر تكوين الهوية الفلسطينية من جديد بعقد المجلس الوطني الفلسطيني الأول عام 1964 وإعلان قيام م.ت.ف. في مدينة غزة.

إن معطيات المصادر التاريخية المتداولة لم تشر إلى أي دور نهضوي ومهني كانت قد اضطلعت به الصحف التي صدرت في غزة خلال مرحلة الانتداب البريطاني، بما أهلها لأن نعتبر القاعدة الأساس لمبنى الحياة الصحافية في قطاع غزة خلال العهود اللاحقة. ولكن تحليل معطيات المعلومات التي أوردتها المصادر التاريخية على هذا الصعيد لا ينكر على تلك الصحف بأنها قد وفرت بعض التجهيزات التقنية التي انطلقت منها صحافة العهد المصري وهي تقيم البنية التحتية لاحتياجات ومتطلبات الحياة الصحافية في القطاع خلال المراحل اللاحقة.

كما يشير التحليل أيضاً إلى دور بارز للتجربة التي كان قد اضطلع الكادر الصحافي والكادر الطباعي من مرحلة الانتداب البريطاني في الحياة إبان العهد المصري. لقد اجهد الدارسون (على قلتهم) والمتابعون أنفسهم كثيراً في تقييم الصحف التي صدرت في قطاع غزة إبان العهود الثلاث خلال الفترة الممتدة بين 1948ـ1994 ووضعوا أصابعهم بكل تأكيد على بعض مواقع الوهن والضعف وكذلك مظاهر القوة والجودة فيها، ولكن المؤسف أن مواقفهم قد تقاطعت عند نقاط كثيرة في إطار عملية التقييم تركزت على وصف تلك الصحف بالهزالة والضعف وتدني المستوى ورداءة السوية المهنية والتقنية وما إلى ذلك من نعوت مشابهة. ويعاب على هؤلاء الدارسين ليس عدم دقة توصيفهم وسلامة تقييمهم فحسب، وإنما عدم صحة المقياس الذي جرى اعتمادهم عليه كأداة للتقييم.

لقد قيم الدارسون الفلسطينيون صحف القطاع بالمقارنة مع مستوى الصحف المصرية وربما الصحف الأردنية التي كانت تصدر في القدس لمالكين من أصل فلسطيني، أو أي صحف عربية أخرى. وبرغم اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كانت تسود القطاع عن تلك التي كانت قائمة في مصر أو الأردن أو غيرهما من البلدان العربية، وكذلك الفارق الكبير في المستوى النهضوي بين قطاع غزة وأي من هذه الدول العربية، فإن هذه المقارنة جائزة لتقييم بعض مستوى الواقع الصحافي وليس حله.

صحيح أن صحف قطاع غزة خلال كل عهد من العهود الثلاث موضوع الدراسة هي في مستوى أقل كثيراً من صحف العديد من البلدان العربية وخصوصاً الصحف المصرية، ولكن تلك الصحف قد تطورت كثيراً في العهد المصري عما كانت عليه في العهد البريطاني، وذلك لأسباب تتعلق بالمكانة السياسية التي تمتعت بها مدينة غزة. كما أن الواقع الصحافي قد تراجع كثيراً إبان العهد الإسرائيلي عما كان عليه إبان العهد المصري وذلك لأن الاحتلال (وحّد) قطاع غزة مع شرقي فلسطين، فتراجعت المكانة السياسية لمدينة غزة على حساب تقدمها لمدينة القدس. وفي هذا السياق لا تشير المعلومات المستمدة من الواقع المعاش إلى أن الصحف التي صدرت في قطاع غزة خلال مرحلة الاحتلال الإسرائيلي قد شكلت إسهام تشارك ملحوظ في واقع الحياة الصحافية الفلسطينية. وما صدر من الصحف في قطاع غزة خلال تلك المرحلة لم يتجاوز أغلبه المحاولة التجريبية، وبعضه الآخر كان من الهزال بما لم يؤهله لدخول سوق المنافسة مع صحافة القدس التي كانت توزع بمدن وبلدات ومخيمات القطاع، أو حتى القدرة على التشبه بتلك الصحف والصدور كمحاكاة لها. ولهذه الأسباب وجدت صحيفة كالأسبوع الجديد نفسها مضطرة لأن تنتقل من غزة إلى القدس للتماثل المهني والفني مع الصحف التي كانت تصدر فيها يوم ذاك.

لقد أشارت المعطيات الإحصائية وفق ما أوردناه سابقاً إلى أن فترة الحكم المصري كان هو العصر الذهبي لصحافة قطاع غزة، حيث بلغ عدد الصحف التي صدرت خلال ذلك العهد 19 صحيفة كان من بينها 2 جريدة يومية و17 جريدة ومجلة صدرت أسبوعياً أو شهرياً ولكن بشكل غير منتظم. وإذا كان بعض الصحف قد استمر وتواصل في الصدور، فإن بعضها الآخر لم يعمر طويلاً إذ سرعان ما توقف نظراً لعدم قدرته على تجاوز المصاعب والعقبات التي كانت تعترض عمل الصحف يومياً وكذلك المشاكل والتعقيدات التي كانت تواجهها صحافة قطاع غزة يوم ذاك والتي من أبرزها الرقابة العسكرية على الصحف والدور الإرهابي لرقيب المطبوعات وعدم جواز نشر أي مادة في أي صحيفة أو مطبوعة قبل عرضها عليه وأخذ موافقته الرسمية على النشر.

ولعبت الخلافات السياسية بين القوى والأحزاب الفلسطينية في القطاع دوراً سلبياً في أحيان كثيرة على صعيد تطور بعض الصحف وحتى استمرارها في الصدور أيضاً. كما أسهمت بالقدر نفسه وأكثر على هذا الصعيد خلافات النظام المصري مع القوى والأحزاب السياسية في القطاع. وواجهت صحف القطاع منافسة وصيفات لها فلسطينية وعربية في سوق انتشارها الداخلي في القطاع إبان العهود الثلاث. فخلال العهد البريطاني كان يوزع في مدينة غزة وبلدات القطاع الأخرى الصحف الفلسطينية التي كانت تصدر في القدس ويافا وحيفا وبيت لحم. وإبان الحكم المصري كانت الصحف المصرية على اختلافها توزع في مدن ومخيمات القطاع. وإذا كانت هذه الصحف قد توقفت بعد الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة في حرب 1967 فإنها عادت لتوزع فيه بعد توقيع اتفاقية السلام بين حكومتي مصر وإسرائيل في آذار 79 إلى جانب الصحف الفلسطينية التي كانت تصدر في القدس.

وكان من بين المشاكل الجدية التي واجهتها صحف القطاع قلة الإمكانيات التقنية وقدم المطابع والتجهيزات الطباعية وعدم كفاءتها الإنتاجية، وكذلك الضعف الفادح في أهلية الكادر الفني لمخرجي الصحف وعدم قدرتهم على مجاراة التطور المذهل في هذا المجال، وكذلك الشحة الملحوظة في عدد الصحافيين المحترفين أيضاً. وتمثلت ذروة مشاكل صحف القطاع في قدرها النحس بأن تلد وتكبر وتتواصل ولمدة نصف عام تقريباً من عمرها تحت وطأة الأحكام العرفية التي كان يعمل بها بشكل متعاقب إبان عهد الإدارات الثلاث: البريطانية، والمصرية، والإسرائيلية والتي ظلت سارية المفعول ضد الصحافة في القطاع بدءاً من صدور أول صحيفة في عهد الانتداب البريطاني وحتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية.

وبغض النظر عن المستوى الذي كانت عليه صحف قطاع غزة والمكانة التي تمتعت بها، والاختلافات في تقييمها، فإن تلك الصحف قد حافظت على استمرار وجود صحافة فلسطينية، أسست مع الصحف التي أصدرتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية إبان الخمسينات والستينات من القرن الماضي لتأسيس وانطلاقة الصحافة الفلسطينية المعاصرة.

لقد فقدت الصحف التي كانت تصدر في القدس وملاكها من أصل فلسطيني، هويتها الفلسطينية بشكل قسري وذلك لأنها أصبحت أردنية بغض النظر عن هموم وهواجس مالكيها واهتمامات كتابها أيضاً، على أثر ضم شرقي فلسطين إلى المملكة الأردنية الهاشمية بعد انعقاد مؤتمر أريحا.

وبقي من الصحف التي كانت تصدر في المدن الفلسطينية التي أصبحت إسرائيلية صحيفة واحدة هي "جريدة الاتحاد" الحيفاوية تواصل الصدور ولكنها أصبحت هي والصحف التي أنشئت في الخمسينات والستينات صحفاً إسرائيلية بغض النظر عن المهمة التي انتدبت هذه الصحف للقيام بها.

وأمام هذه الحقائق الصارخة تبقى الصحافة الفلسطينية إبان الفترة من 1949 وحتى 1967 مقتصرة على تلك الصحف التي كانت تصدر في قطاع غزة ومجلة "فلسطيننا ـ نداء الحياة" التي كانت قد أصدرتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" قبل أن تعلن عن نفسها، في بيروت اعتباراً من شهر تشرين الأول 1959 بترخيص لبناني تسهيلاً لتوزيعها في الأقطار العربية وظلت كذلك إلى أن احتجبت في تشرين الثاني 1964، أي قبل أسابيع من انطلاقة "فتح" بتاريخ 1/1/1965 حيث أصدرت الحركة جريدة "فتح" بديلاً لها وذلك انسجاماً مع متطلبات المرحلة الجديدة من النضال الوطني الفلسطيني. وقد ظلت تصدر هذه الجريدة بكيفيات مختلفة ومتطورة ومتلاحقة محدثة تأثيرها الإيجابي ليس على صعيد أداء رسالتها الإعلامية والتعبوية والسياسية فحسب وإنما على صعيد التحفيز لإصدار صحف فلسطينية أخرى. وقد انعكس هذا الأمر بشكل ملحوظ عبر تزايد أعداد الصحف الفلسطينية الثورية التي أخذت تصدرها "فتح" وفصائل العمل الوطني الفلسطيني التي أخذت تظهر بشكل تدريجي في بلدان الطوق المحيطة بفلسطين.

وبصدور هذه الصحف يمكن التأريخ لميلاد الصحافة الفلسطينية المعاصرة خصوصاً وقد كانت النتيجة المباشرة لصدور هذه الصحف، صدور الصحف الفلسطينية في القدس بشكل رسمي بناءً على تراخيص منحت لها من السلطات الإسرائيلية. ويذكر في هذا المجال أن "جريدة القدس" كانت أول صحيفة فلسطينية تصدر بترخيص إسرائيلي في القدس بتاريخ 8/11/1968 كجريدة يومية سياسية.

لقد أحدثت الانتفاضة التي تفجرت بتاريخ 9/12/1987 تأثيراً إيجابياً ملموساً على الواقع الصحافي والإعلامي في قطاع غزة عكس نفسه بتطور ملاكات الكادر وبتزايد عدد العاملين في مجالات الصحافة والإعلام وبالتعرف على أنواع جديدة من صنوف العمل الإعلامي ومهاراته وطرائق استخدام وسائله وأدواته. ولكن هذه النتائج الهامة والحيوية ظلت مقتصرة على المرئي والمسموع ووكالات الأنباء، ولم تكن في مجال الجرائد والمجلات إلا في إطار محدود جداً لم يتجاوز تزايد عدد العاملين من القطاع في الصحف الصادرة في القدس سواء عبر العمل في مراكز تلك الصحف أو في مكاتبها الفرعية في قطاع غزة. ولم تحفظ تلك النتائج أي أحد على إصدار صحف جديدة في القطاع.

ومع أنه كان يعول على أن تقوم الجامعات في قطاع غزة برفد الصحافة بكادرات مؤهلة وقادرة على أن تلعب دوراً مركزياً في تطور الواقع الصحافي في القطاع إلا أن سوء برنامج تعليم هذه المادة وعدم أهليته وتخلفه لا زال يحول دون ذلك إلى حد كبير. فبرنامج تدريس مادة الصحافة مثقل بمواد لا علاقة للصحافة بها من قريب أو بعيد وفي معظمها مواضيع دينية، ومبادئ صحافة وعلاقات إسلامية وغيرها من مواد البدع المفترى بها على الصحافة والتي لا علاقة لها بنظرية الصحافة ولا بمفهوم الدراسة الأكاديمية لهذا العلم. وما هو مؤسف أن هذه المواضيع التي تثقل كاهل البرنامج التدريسي للصحافة، هي إلزامية لأنها حيناً متطلبات جامعة وحيناً متطلبات قسم وحيناً متطلبات ضرورية وأحياناً متطلبات أخرى.

إنني أعتقد أن هذه الفرادة في البرنامج التدريسي لمادة الصحافة في جامعات القطاع بقدر ما هي تميز سلبي على حساب مستوى التحصيل العلمي التخصصي للخريجين فإنها على حساب الآمال المعقودة على الجامعات وخريجيها في تطوير واقع الصحافة وتحسين مستوى الأداء الصحافي والإعلامي والمشاركة في عملية التنمية والبناء، خصوصاً وأن إمكانيات الخريجين ومساهمتهم لا تزال حتى الآن متواضعة ومحدودة جداً، وهو الأمر الذي يستدعي تدخلاً مباشراً من وزارة التعليم العالي للاطلاع بمهمتها على صعيد مراقبة البرامج التعليمية وتصويبها وفق القواعد الأكاديمية التخصصية المتعارف عليها علمياً وعالمياً.

وبمعنى آخر فإن الجامعات الوطنية لا زال دورها يحبو على صعيد تحملها لمسؤولياتها الأكاديمية في تخريج الصحافي والإعلامي المؤهل الذي يجد أبواب العمل مشرعة أمامه بعد التخرج، فيسهم في تطوير واقع الصحافة المحلي وفي رفع سوية الصحف الوطنية مهنياً وفنياً، وفي تطوير وسائل الإعلام الأخرى بشكل منهجي يتأسس على المعرفة والأهلية الأكاديمية.

لقد أقامت السلطة الوطنية الفلسطينية أنوية مؤسساتها الحكومية في مدينة غزة فور عودة الرئيس ياسر عرفات إلى أرض الوطن. وكان الإعلام بمختلف مؤسساته يحتل مركز الصدارة في أولويات السلطة، وهو الأمر الذي يستدل عليه إنطلاقاً من كون وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" وكذلك هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية من أولى المؤسسات التي أقامتها السلطة.

واستتبع ذلك بمبادرة هيئة التفويض السياسي بإصدار صحف سياسية، وفي إطار عمل المؤسسات الحكومية الإعلامية خصوصاً بعد تأسيس وزارة الإعلام فقد جرى استيعاب عدد كبير من خريجي الجامعات الحاصلين على مؤهلات في الصحافة ومن ذوي الخبرة المكتسبة في مجالات الإعلام المختلفة. كما أن عدداً من المؤسسات الإعلامية المختلفة العربية والأجنبية افتتحت مكاتب لها في غزة وقامت بتوظيف عدد كبير من ذوي الاختصاص فيها، كما أن الصحف والمجلات التي كانت تصدر في القدس ورام الله افتتحت مكاتب لها في غزة. وفي مرحلة معينة في السنوات الأولى من عمر السلطة الوطنية الفلسطينية كانت مدينة غزة بمثابة العاصمة السياسية المؤقتة لهذه السلطة، فازدحمت فيها الحركة الإعلامية ودب فيها نشاط صحافي غير مشهود من ذي قبل ومختلف جداً عما كان معروفاً في السابق.

وأما على صعيد القطاع الخاص فقد ظل دوره قاصراً ولم يأبه للاستثمار في مجال الصحافة وسط تظاهر بعض المهتمين منه بأنهم ينزعون للاستثمار في مجال المرئي والمسموع، ولا زال الناس في القطاع ينتظرون ذلك الوعد.

إن المحاولات التي جرى الإقدام عليها لإصدار الصحف بعد قيام السلطة كانت محدودة وغير جدية كما أثبتت المعطيات على الأرض، وعلى سبيل المثال لا الحصر كان السيد طاهر شريتح قد تقدم بطلب للحصول على ترخيص لجريدة فلسطين في غزة فنال ذلك الترخيص بسرعة قياسية أحرجته وأحرجت بعض المشككين في جدية السلطة بتسهيل سبل عمل الصحف ووسائل الإعلام، والمؤسف أنه لم يصدر من تلك الجريدة سوى ثلاثة أعداد ثم توقفت.

ومن بين المحاولات الأخرى تلك التي قام بها علاء الصفطاوي حيث تقدم بطلب للحصول على ترخيص لإصدار "جريدة الخلاص". وقد حصل على ترخيص بذلك إلا أن الصحيفة صدرت على شكل نشرة جزئية ثم توقفت.

وأمام هذه المعطيات يبدو من نافل القول الحديث راهناً عن إمكانية واقع صحافي في قطاع غزة يتمتع بدور منافس ويتجاوز دور أداء الوظيفة الخدماتية لمؤسسات صحافية وإعلامية من خارج القطاع فلسطينية وعربية وأجنبية أيضاً.

إن الإمكانية الوحيدة وفق الدراسات المتخصصة متاحة أمام إصدار مجلة أسبوعية شاملة. وكذلك بتشجع أحد المستثمرين بتمويل مشروع صحافي كبير يصدر جريدة يومية شاملة تتمتع بمزايا الصحف المعروفة في عصر التكنولوجيا المتسارع.

ولنحمل جميعنا قنديل ديوجين للعثور على المستثمر المطلوب فلعل وعسى!؟!



المراجع:

1- محمد سليمان، "تاريخ الكتابة"، وزارة الإعلام، رام الله، 1999، ص 330-332.

2- يعقوب يهوشع، "تاريخ الصحافة العربية في فلسطين في العهد العثماني (1908-1918)" مطبعة المعارف، القدس، 1974م، ص 10-11، و ص 40، وص 42-44.

3- عبد القادر ياسين، "تاريخ الطبقة العاملة في فلسطين (1918-1948)"، مركز الابحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، 1980م، ص 24-25.

4- نبيل بدران، "التعليم والتحديث في المجتمع الفلسطيني (1918-1948)"، الجزء الأول، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، 1969، ص 106-108.

5- يعقوب يهوشع، "تاريخ الصحافة العربية الفلسطينية (1919-1929)"، شركة الأبحاث العلمية، جامعة حيفا، حيفا، 1981، ص 19-21.

6- محمد سليمان، "البيئة القانونية للصحافة في فلسطين"، مخطوط، ص 127-133.

7- المصدر السابق، ص 130.

8- المصدر السابق، ص 132.

9- يعقوب يهوشع، "تاريخ الصحافة العربية الفلسطينية (1919-1929)"، مصدر سابق، ص 23-24.

10- خميس أبو شعبان "صحافي وناشر قديم من غزة"، شهادة بخط يده لدى المؤلف، تاريخ 24/7/2001.

11- يوسف ق. خوري، "الصحافة العربية في فلسطين (1876-1948)"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1976، ص 40.

12- أحمد خليل العقاد، "تاريخ الصحافة العربية في فلسطين"، دار العروبة للطباعة والنشر، دمشق، 1967، ص 192.

13- النايكونت فيليب دي طرازي، "تاريخ الصحافة العربية"، المطبعة الاميركانية؟؟؟؟؟؟؟؟، بيروت 1933م. ص 50.

14- أحمد خليل العقاد، "تاريخ الصحافة العربية في فلسطين" مصدر سابق، ص 199.

15- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، المجلد الرابع، هيئة الموسوعة الفلسطينية، بيروت، 1990م، ص 449.

16- الوقائع الفلسطينية- القدس، العدد 1597، الملحق رقم 2، بتاريخ 24/7/1947.

17- يوسف ق. خوري، "الصحافة العربية في فلسطين (1876- 1948)"، مصدر سابق، ص 137.

18- محمد سليمان، "تاريخ الصحافة الفلسطينية (1919-1948)"، الجزء الثاني، مخطوطة، ص 252.

19- أحمد خليل العقاد، "تاريخ الصحافة العربية في فلسطين"، مصدر سابق، ص 220.

انظراً أيضاً: يوسف ق. خوري، "الصحافة العربية في فلسطين (1876-1948)"، مصدر سابق، ص 139.

20- أحمد خليل العقاد، "تاريخ الصحافة العربية في فلسطين"، مصدر سابق، ص 220.

21- الوقائع الفلسطينية- غزة، "الجريدة الرسمية لقطاع غزة"، العدد 1، تاريخ 31 كانون أول/ ديسمبر، 1949، والعدد 2، تاريخ 31 آذار/ مارس، 1950.

22- حسين أبو النمل، "قطاع غزة 1948-1967"، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، 1979، ص 51، وص 251، و ص 300-303.

23- زياد أبو عمرو، "أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 48-67، دار الأسوار، عكا، 1987م، ص 41-43.

24- المصدر السابق، ص 42-43.

25- الشاعر معين بسيسو، مقابلة خاصة في نيقوسيا- قبرص، بتاريخ 23/5/1983م.

26- محمد سليمان، "البيئة القانونية للصحافة في فلسطين"، مصدر سابق، ص 128.

27- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، مصدر سابق، ص 453.

28- الاستاذ المرحوم فتحي البرقاوي، "مقابلة خاصة معه في أريحا"، بتاريخ 22-23/3/1995م.

29- الشاعر معين بسيسو، "مقابلة خاصة معه"، مصدر سابق.

30- خميس أبو شعبان، "شهادة بخط اليد"، مصدر سابق.

31- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، الموسوعة الفلسطينية، مصدر سابق، ص 453.

32- حسين أبو شنب، "الإعلام الفلسطيني"، دار الجليل للنشر، عمان، 1988، ص 112.

33- حسين أبو شنب، "الإعلام الفلسطيني"، المصدر السابق، ص 110. انظر أيضاً: د. جواد راغب الدلو، "دراسات في الصحافة الفلسطينية" مكتبة الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، غزة 2000، ص 82.

34- خميس أبو شعبان، "شهادة خطية له"، مصدر سابق.

35- د. جواد راغب الدلو، "دراسات في الصحافة الفلسطينية"، مصدر سابق، ص 82.

36- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، الموسوعة الفلسطينية، مصدر سابق، ص 453.

37- د. جواد راغب الدلو، "دراسات في الصحافة الفلسطينية"، مصدر سابق، ص 83 و ص 78.

38- د. جواد راغب الدلو، "دراسات في الصحافة الفلسطينية"، مصدر سابق، ص 86.

انظر أيضاً: عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، الموسوعة الفلسطينية، مصدر سابق، ص 453.

39- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، الموسوعة الفلسطينية، مصدر سابق، ص 453. انظر أيضاً: د. جواد راغب الدلو، "دراسات في الصحافة الفلسطينية"، مصدر سابق، ص 83. انظراً أيضاً: حسين أبو شنب، "الإعلام الفلسطيني"، مصدر سابق، ص 111.

40- الشاعر المرحوم معين بسيسو، "مقابلة خاصة معه"، مصدر سابق.

41- المرحوم فتحي البرقاوي، "مقابلة خاصة"، مصدر سابق.

42- د. جواد راغب الدلو، "دراسات في الصحافة الفلسطينية"، مصدر سابق، ص 86-87.

انظر أيضاً: عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، الموسوعة الفلسطينية، مصدر سابق، ص 453.

43- د. جواد راغب الدلو، "دراسات في الصحافة الفلسطينية"، مصدر سابق، ص 87.

44- علي أحمد عبد الله، "واقع الصحافة الفلسطينية في الضفة والقطاع (1967-1987)"، دائرة الثقافة- منظمة التحرير الفلسطينية، تونس، 1989، ص 70-71.

45- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، الموسوعة الفلسطينية، مصدر سابق، ص 454.

46- د. راغب جواد الدلو، "دراسات فلسطينية"، مصدر سابق، ص 85.

47- الشاعر معين بسيسو، "مقابلة خاصة معه"، مصدر سابق.

48- علي أحمد عبد الله، "واقع الصحافة الفلسطينية في الضفة والقطاع (1967-1987)"، مصدر سابق، ص 71.

49- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، مصدر سابق، ص 454.

50- سميح شبيب، "الصحافة الفلسطينية المقروءة في الشتات (1965-1994)"، المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية "مواطن"، رام الله، 2001، ص 15-16.

51- محمد سليمان، "الصحافة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي (1967-1994)"، مخطوطة، ص 223-237.

52- علي أحمد عبد الله، "واقع الصحافة الفلسطينية في الضفة والقطاع"، مصدر سابق، ص 71.

53- عبد القادر ياسين، "الصحافة العربية في فلسطين"، مصدر سابق، ص 463-464.

54- علي أحمد عبد الله، "واقع الصحافة الفلسطينية في الضفة والقطاع"، مصدر سابق، ص 71.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر