الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقاش مع -مشروع رؤية سياسية فلسطينية جديدة-

علي الشهابي

2008 / 8 / 3
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


نشرت السفير في 20 أيار 2008 نصاً لوثيقة بعنوان "مشروع رؤية سياسية فلسطينية جديدة" لمجموعة من الكتاّب والمثقفين الفلسطينيين يدعون فيه إلى "حل الدولة الواحدة والتعايش المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أسس إنسانية وديموقراطية وعلمانية".

أرى أن لهذا النص فضيلتين: أولاً إنه أعاد طرح ملف هذا الصراع من منظور يؤدي إلى حله فعلاً في حال توفر مقوماته، لأن مجمل الحلول المقترحة خارجه لا تؤدي، في أفضل الأحوال، إلا إلى هدنة طويلة أو قصيرة.

ثانياً إنه نقض "البداهات" التي بات الفلسطينيون والإسرائيليون على أساسها إما مع العمل على قيام دولتين بالشكل الذي يتوافق مع الرغبة الصهيونية، هذا إذا أدى إلى قيام دولتين، أو إلى استمرار الصراع العنيف حتى تتم هزيمة الآخر عنوة، بالشكل الذي تعلنه حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية وتعمل عليه الأحزاب الصهيونية بلا إعلان.

لهاتين الفضيلتين، كل الشكر لهؤلاء الكتاب والمثقفين على الجهود التي بذلوها حتى توصلوا إلى صياغة النص الذي صاغوه، وعلى أساسهما أرفق توقيعي عليه.

أما من حيث سلبياته فسأركز على سلبيته الجوهرية: من البديهي لمن يريد أن يطرح حلاً لمشكلة بين طرفين أن يتوجه إلى الطرفين. أما المفارقة فتكمن في أن الوثيقة تتوجه إلى الفلسطينيين وحدهم، لإقناعهم بضرورة العمل باتجاه هذا الحل، في الوقت الذي رضي ممثلوهم في الماضي، ومازال يرضى بعض ممثليهم، بأقل من هذا بكثير. بينما الأحزاب الصهيونية التي ترفض تقديم هذا القليل هي الأحزاب النافذة في المجتمع الإسرائيلي.

من هنا كان على الوثيقة أن تتوجه إلى المجتمع الإسرائيلي لأنه المسؤول الرئيسي عن مشكلة عدم حل هذا الصراع. وعندما تنوجد داخله قوىً سياسية وازنة تدعو إلى حل الدولة الواحدة، لن تجد مشكلة فعلية في قبول الفلسطينيين به لا في الأرض المحتلة ولا في الشتات، ناهيك عن فلسطينيي الـ48. لذا، سأحاول صياغة الوثيقة بالشكل الذي أعتقد أنها كان يجب أن تكون عليه:

لن نتطرق إلى التاريخ القريب لأنكم تعرفون حقيقته تماماً كما نعرفه. لكن هذا الصراع الدامي العنيف بيننا امتد على الأقل منذ 1965. ومن المؤكد أنكم مازلتم الأقوى. ومع هذا فنحن نطالب بالسلام بيننا وبينكم على أساس قيام دولة مدنية* واحدة من البحر إلى النهر، يحق فيها للاجئين الفلسطينيين العودة إلى أراضيهم، وتكون فيها العربية والعبرية لغتان رسميتان. هذا هو السلام الذي نطالب به ولا نستجديه، مع أننا الأضعف. ويحق لكم اعتبارنا مهزومين، إن شئتم، لكننا كذلك إلى حين. وهذا ليس تبجحاً، بل حقيقة تعرفها حكومتكم ويعرفها علماء الاجتماع عندكم.

1ـ اسألوا حكومتكم التي ضمت الجولان عام 1980، لماذا باتت تعرض على سوريا إعادته إليها؟ أليس لأنها تريد منها مساعدتها في القضاء على حزب الله الذي عجز جيشكم عن القضاء عليه؟ هذا ما حصل حتى قبل أن يتزود من إيران بصواريخ أكثر تطوراً، كما نستشف من الخطاب الأخير للسيد حسن نصر الله، مما سيجعل الحرب القادمة مع حزب الله كارثة عليكم وعلى اللبنانيين. هذه الكارثة، ستبدو كارثة حرب 2006 ألعاب أطفال بالمقارنة معها، فتلك لم تكن سوى بروفة. نحن بفضلكم معتادين على المذابح والمجازر. أما أنتم، إن لم تبرز عندكم قوىً سياسية تدفع نحو هذا الحل الذي لا حل غيره، فستعتادون.

المسألة ليست مسألة حزب الله، بل مسألة الأسباب الداعية لنشوء أحزاب من نمط حزب الله. إنها مسألة التاريخ الأسود من الأحقاد التي تغذيها عنجهية حكوماتكم الرافضة لتقديم أي حل غير فرض الاستسلام علينا.

منذ زمن غير بعيد، بدأت تتوضح ملامح مشروع إيران الهادف إلى مقاسمة الولايات المتحدة بثروات المنطقة، ثروات الخليج. وأداتها لفرض مشروعها على الولايات المتحدة الصراع ضد وجود دولتكم. نحن العرب ليس عندنا مشروع خاص بنا، لذا سنتضرر قليلاً من المشروع الإيراني، سنتضرر فقط من زاوية أن هذا الدعم الإيراني سيدفع قوى إسلامية إلى صدارة الساحة السياسية لتفرض علينا نمطاً إسلامياً من الحياة، نمطاً غير ديموقراطي يقيّد الحرية الفردية والسياسية. أما أنتم فتخيلوا كيف ستكون حالكم عندما تعبئ هذه القوى جماهيرنا العربية وتشرع بدك مدنكم وقراكم ومستوطناتكم بالقذائف والصواريخ والانتحاريين. هل ستحميكم ترسانتكم النووية ونحن أمامكم وخلفكم وبينكم؟ ليس هذا تخويفاً لكم، بل دعوةً لكم للتفكير طالما أنه مازال هناك متسع للتفكير.

2ـ حتى لو أزلتم إيران من الوجود، كيف ستعيشون في دولتكم معنا وإلى جانبنا ونحن عدوّان، طالما أن السلام الذي تسعى حكوماتكم إليه لن يفضي إلى السلام؟ هنا نأتي إلى النقطة الثانية المتعلقة بعلماء الاجتماع عندكم. اسألوهم: بما أننا نعيش في زمن العولمة المباشرة، الزمن الذي يقود رويداً رويداً إلى ضرورة العبور الحر للأفراد والبضائع بين الدول، ما الداعي لإقامة سور بينكم وبيننا سواء أعطيتمونا دولة في الضفة والقطاع أم لم تعطونا؟ ما الداعي له؟ لو بنيتم سوراً بينكم وبيننا منذ نشوء دولتكم، لباتت الحياة تطالب بضرورة إزالته. أما أن تبنوا هذا السور في هذا الزمن، فهذه هي المسخرة بعينها. كلا! إن كلمة مسخرة لا تعبر قط عن حقيقة هذا السور. إن بناءه في هذا الزمن، زمن العولمة المباشرة، معاكس للسلوك الطبيعي للدول. إنه تماماً كالإنسان الذي يأكل من إسته ويتبرز من فمه. من المؤسف أن نقوم بهذا التشبيه، ولكن هذه هي حقيقة سوركم.

* من الأفضل استخدام كلمة دولة مدنية لأن العلمانيين الأتراك أساؤوا لمفهوم العلمانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس