الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعية العمالية في العراق السيناريو الاسود ومسالة السلطة السياسية

حميد تقوائي

2004 / 2 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ما نشاهده من اوضاع سياسية واجتماعية راهنة في العراق عبارة عن ماساة انسانية، انفلات وفوضى قائمة وتفكك اجتماعي كامل، واوضاع كالحة وقاتمة كان منصور حكمت قد اطلق عليها، لاول مرة، السيناريو الاسود وحدد سماته. هذه الاوضاع هي نتاج عالم مابعد الحرب الباردة. انبعثت بسبب ظهور الحركات المغرقة في الرجعية واكثر التيارات الدينية والقومية والعشائرية بربرية في عالم السوق الحرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. كانت البوسنة، في بداية التسعينات، مثالا بارزا للسيناريو الاسود، واليوم العراق . هذه المرة، ادت السياسة الامريكية والهجوم المباشر لها وللمدافعين عنها الى هذه الكارثة السياسية. تم عزل الدولة بحملة عسكرية ومن فوق عن المجتمع وانهارت كل مظاهر التمدن والحياة الاجتماعية الروتينية التي كانت سائدة قبل الحرب مرة واحدة. من جهة، حرم المجتمع من  الخبز والامن والكهرباء والمسكن وابسط الخدمات الاجتماعية الضرورية؛ وبرزت من جهة اخرى اكثر القوى الرجعية الدينية والقومية والعشائرية الى الميدان السياسي. كنا قد تنبئنا بهذه الاوضاع قبل وقوع الحرب. واليوم، وبعد ان تحققت، يجب ان نرد عليها. ان ردنا يجب ان لا يكون تحليلياً عاماً. اذا كان من الممكن الاكتفاء بطرح موقف تحليلي وعام حول البوسنة او فيما يتعلق بسيناريو معين لتراجع جمهورية ايران الاسلامية، ولكن الامر يختلف بالنسبة للعراق. ذلك ان حركتنا والحزب الشيوعي العمالي العراقي موجودان في الساحة ويتدخلان مباشرة في الاوضاع السياسية العراقية.  يجب ان ندرك بشكل دقيق ومحسوب وخطوة بخطوة كل ما نقوم به وما نحن مقبلون عليه. يجب ان تكون سياستنا وخطتناو استراتيجيتنا وتكتيكنا تجاه المسائل المتنوعة والجديدة والمعقدة التي فرضها علينا السيناريو الاسود معلومة. لم يواجه اي شيوعي من قبل الظروف التي نواجهها نحن الان. وليس هناك اي بديل سابق ونموذج و"مالعمل" تقليدي حتى بمستوى خطوط عامة. يجب علينا ان نرد، لاول مرة في التاريخ، على مسالة "مالعمل" ليس تجاه الثورة او الاوضاع الثورية كما نحن بصدده الان في ايران، بل تجاه سيناريو اسود. وضح منصور حكمت الاسس التحليلية والخطوط العامة لعملنا. ما يجب علينا القيام به هو استخلاص الاستنتاجات العملية المحددة من تلك الاسس. ومن اجل التوصل الى هذه النتائج ارجو ان تسمحوا لي بان ابدأ من مشاهدتين عامتين من اوضاع العراق الراهنة:
 
المشاهدة الاولى هي انه ليس في العراق الان وجود للدولة بالمعنى التقليدي. فقد تم حذف الدولة البعثية بحملة عسكرية دون ان يحل محلها اي شكل من اشكال المؤسسات السياسية – الادارية. المجتمع يعيش حالة غياب الدولة، احد نتائج هذا الفراغ هو توقف الصيرورة الطبيعية للمجتمع والمدنية. الا ان الوجه الاخر لذلك الواقع على الصعيد السياسي خاصة بالنسبة للشيوعيين ولاولئك الذين يريدون التحرر من هذه الاوضاع البائسة هو غياب الجهة المباشرة التي يجب توجيه نضالنا ضدها. فليس هنك دولة بامكاننا اعتبارها مسئولة وتنظيم الاحتجاج بوجهها واعداد الثورة ضدها واسقاطها.

المشاهدة الثانية هي ان غياب الدولة هذا ليس ناجما عن ثورة. فالحكومة البعثية تم ازالتها بحملة عسكرية دون ان يتم استبدالها بسلطة او بالتدخل المباشر للجماهير الثورية او اية مؤسسة سياسية- ادارية منبثقة عن الثورة. الثورة لم تقع، وبالتالي ليس هناك وجود للسمات العامة لمجتمع ثورة، مطاليب وتوقعات راديكالية وقصوى (ماكسمالية) وسيادة الثقافة والقيم الثورية النابعة من سلطة الجماهير.
 
ولذلك فان المسالة التي نواجهها نحن الشيوعيون في العراق هي عكس الاوضاع التي الفنا مواجهتها في الاوضاع الاخرى التقليدية. ليس هناك من دولة لاسقاطها ولا توجد ثورة لقيادتها وتنظيمها. اذن ما العمل؟ اذا كان صحيحا اننا نستهدف، كما في كل الاحوال، الاستيلاء على السلطة السياسية. فان السؤال التالي سيواجهنا: ممن سناخذ السلطة، وباية قوى؟ ما هي استراتيجيتنا للاستيلاء عليها؟ هل يجوز لنا ان نقترب منها من فوق ومن خلال العمل الدبلوماسي؟ ام يجب ان نصبر حتى يحين دورنا؟ او يجب علينا ان نتخلى مبدئيا عن مسالة السلطة السياسية فعلا وان نهرع لدعم اية قوة تطالب باية حال بشكل من اشكال الدولة تؤدي في النهاية الى خلق حالة من الاستقرار في المجتمع؟ من الواضح بان اي من الاجوبة السابقة لا يمثل ردنا، رد الشيوعية العمالية على الاوضاع الراهنة. ان استراتيجيتنا في العراق، كما في كل المجتمعات الراسمالية، هي الاستيلاء على السلطة السياسية، وان كل ما علينا هو توضيح سبل الاستيلاء عليها في اوضاع خاصة غير اعتيادية، اي اوضاع السيناريو الاسود.

الاوضاع السياسية في العراق

ان ما تم سحقه ومصادرته في العراق ليست الحريات وحقوق الجماهير فحسب بل الحياة نفسها، الحياة الاجتماعية التقليدية في مجتمع مدني،  المدنية بابسط اشكالها ايضا.

تشعر الجماهير تجاه هذه الاوضاع بالجزع. فقد فرضت هذه الاوضاع من فوق روؤسهم، رغما عنهم، ودون تدخلهم. دمرت حياتهم وهي كسيل عارم  او زلزال مخيف. فرضت عليهم احاسيس البؤس والياس . ان الجماهير ترنو قبل كل شىء نحو تطبيع حياتها اليومية، الحد الادنى من الامن والخبز والاطمئنان . وهم على استعداد للدفاع عن اي حزب او قوة بامكانها تامين الحد الادنى من مستلزمات حياة طبيعية. بعبارة اخرى، لم تختفي في عراق اليوم اوضاع الرفاه والحرية وحقوق الجماهير فحسب، بل ذات المجتمع المدني ايضا. وبذلك، تحولت المسائل المذكورة  الى اهم مسائل الصراع الطبقي. ومن جهة اخرى، وبالضبط لنفس هذا السبب، فان مسالة السلطة السياسية بمعنى بلورة دولة قادرة على تنظيم المجتمع الروتيني هي مسالة مفتوحة امام طبقتا المجتمع الرئيستين. بعبارة اخرى، ان الدولة تتحول خلال السيناريو الاسود، كماهو الحال اثناء الثورة، الى مركز ومحور السياسة والصراع الطبقي ولكن لاسباب وارضيات اجتماعية مختلفة تماما. خلال كل ثورة، يتحول حل المسائل الاساسية كالدكتاتورية والقمع، الفقر، حرمان الجماهير من الحقوق، عدم المساواة الاجتماعية ..الخ الى ميادين اساسية للصراع الطبقي؛ وبالتالي تتحول الى واجهات حركات واحزاب الطبقات المختلفة. وعلى هذه الارضية، تتخذ مسالة السلطة السياسية وبدائل الطبقات المختلفة للسلطة موقعا مصيريا في السياسة. ولكن في عراق اليوم، حيث نواجه سيناريو اسود وليس الثورة، بل بقاء  ذات المجتمع المدني ووجود الدولة بوصفها الشرط المسبق لذلك، تتحول الى محاور رئيسية للصراع الطبقي. ان المسالة الرئيسية هي مسالة الدولة والسلطة السياسية ايضا. ولكن ليس لكون العمال وفئات الجماهير يتحدّون الحكومة البرجوازية ويطالبون بحكومة تحقق المهام الرئيسية للثورة، الحرية والمساواة والرفاه، بل بسبب كون بقاء المجتمع ذاته متوقف على ملىء فراغ السلطة والقضاء على الفوضى والبؤس الناجمين عنها.

 ان التفكك والفوضى  الاجتماعية بالذات دليل على افلاس البرجوازية في العراق. الاوضاع الراهنة في العراق هي نتيجة مباشرة لسياسات النظام العالمي الجديد للبرجوازية العالمية وعلى راسها الدولة الامريكية. البرجوازية العالمية عاجزة عن تنظيم الحياة المدنية في العراق، ليس فقط بدليل  اوضاع الفوضى والانفلات الواسعه الراهنة، بل لكون الطرح والسياسة الامريكية القصيرة المدى هي تنظيم شكل من اشكال دولة عشائرية دينية قومية لا يجمعها جامع بالمدنية. ليس لدى البرجوازية العراقية بديلا سياسيا  سوى مجموعة من رؤساء العشائر والقبائل والطوائف الدينية، وليس لدى البرجوازية العالمية سوى الاتكاء على هذه القوى القرووسطية . بامكان البرجوازية المحلية والعالمية ان تمارس الحكم فقط من خلال نفي المدنية وتسليم المجتمع الى قوى سوداء دينية قومية وعشائرية. وهذا يعني، في احسن الاحوال، استمرار السيناريو الاسود بشكل نظام سياسي واجتماعي. نظاما تشكل الحروب والصراعات القومية والدينية احدى اركان بنائه الاساسي.
 
تجاه هذه الاوضاع، بامكان الطبقة العاملة لوحدها ان تكون مبشرة التمدن والمجتمع الانساني. ان الانحطاط والتراجع الذي تتخبط فيهما البرجوازية بلغا درجة تحول فيها الدفاع عن الحياة بذاتها والنضال من اجل بقاء التمدن والحياة المدنية الى مهمة الطبقة العاملة. كيف يمكن الاجابة على هذه المهمة؟ ماذا علينا ان نعمل؟ اننا لا نقصد الاجابة بالتفصيل على هذه السؤال. بل ساحاول الاكتفاء بتوضيح مجموعة من النقاط استنادا الى التحليل السياسي السابق.

1. نحن، الجماهير ومعسكر قوى السيناريو الاسود

هدفنا في العراق هو،  كما في اي بلد اخر، الاستيلاء على السلطة السياسية. ليس بامكان البرجوازية ان تعمل على استقرار دولة مدنية " علمانية" غير قومية وغير دينية في العراق. ان هذه مهمتنا نحن الشيوعيون. انها مهمة الطبقة العاملة. يجب ان ترتكز استراتيجيتنا للاستيلاء على السلطة السياسية على الظروف الخا صة التي تم توضيحها سابقا. هذه الاستراتيجية ليست قيادة وتنظيم ثورة راهنة او ثورة في حال التبلور في المستقبل المنظور، ولكن اساسها هو ايضا الارتكاز على قوة الجماهير وتنظيمها في صفوف الحزب والمنظمات الجماهيرية. فليس لدينا نحن الشيوعيين في اية ظروف، ثورية كانت او خلال السيناريو الاسود او في اوضاع اجتماعية هادئة وطبيعية، سوى الجماهير مصدرا للقوة ونقطة للارتكاز. تستمد احزاب البرجوازية والطبقات الاخرى، ضمن اوضاع العراق الراهنة قوتها من الحركات الرجعية–القومية وقادة وروؤس الاديان والقوميات والعشائر الداخلين توا ميدان السياسة. انها تستمد قوتها من المصادر المالية والسياسية للبرجوازية العالمية ومن الخرافات والتعصبات الدينية والعنصرية والقومية السائدة على المجتمع. وتشكل قوة وامكانيات البرجوازية العالمية المالية، العسكرية  والسياسية وكذلك الاوهام والخرافات البالية السائدة على المجتمعات الطبقية سندا لتلك الاحزاب ومصدرا لقوتها. الا ان الامر بالنسبة للطبقة العاملة التي تعمل على قلب هذا الواقع راسا على عقب يختلف تماما، ذلك ان سبيلها الوحيد هو الارتكاز على الجماهير من خلال الارتباط بمطاليبها وامالها وقيمها الانسانية.

2. امريكا محور قوى السناريو الاسود.

 امريكا خلقت الاوضاع الراهنة في العراق، وهي سبب استمرارها الرئيسي. فهي من خلال هجمتها العسكرية على العراق  لم تتسبب فقط بتخريب المجتمع العراقي بشكل مروع فحسب , بل انها وفرت الارضية والاجواء المناسبة لبروز كل القوى القومية الدينية الرجعية، الارهاب الاسلامي  والحركةالقومية العربية، لحزب الله وبقايا البعث على الصعيد السياسي.  يبين هذا الواقع، من جهة، ان امريكا بدءا بالسيد بول بريمر وصولا الى  جنودها تواجه الجماهير بوصفها محورا لقوى السيناريو الاسود من جهة، وتتعرض، بوصفها قوى اجنبية غريبة وكافرة ومحتلة الى هجمات القوى الاسلامية والقومية خاصة بقايا البعث من جهة اخرى. من وجهة نظر الجماهير، تشكل امريكا والقوى المحلية المتالفة معها مثل القوميين الاكراد وكذلك القوى الرجعية المعارضة لها مثل الاسلام السياسي والاتجاه القومي البعثي، اجزاء لمعسكر واحد يجب عزله. ان الاساس الاجتماعي لنقد امريكا، من وجهة مصالح الجماهير، هو كونها خلقت في العراق الماسي  واوضاع اجتماعية منفلتة. يتمحور النقد الراديكالي لامريكا حول دورها ومسئوليتها الاساسية في تدمير النسيج الاجتماعي والمدني وخلق سيناريواسود في العراق. ان  حسم مسالة السلطة لصالح الجماهير امر قابل للتحقيق  فقط من خلال طرد امريكا من العراق وبقوة الجماهير وحدها من خلال الدفاع عن المدنية والحياة والمجتمع الانساني. وعلى عكس ذلك، تؤدي المواجهة الاسلامية  القومية لامريكا الى فرض المزيد من البربرية والسوداوية على المجتمع. من وجهة نظر الجماهير والشيوعيين، يشكل النضال ضد امريكا من جهة والاسلام السياسى والقومية العربية من جهة اخرى، نضال جبهة واحدة وليس جبهتين. انه نضال واحد ضد السيناريو الاسود دفاعا عن المدنية والمجتمع الانساني. وتمثل مسالة السلطة والدولة حلقة لربط النضال ضد امريكا بالنضال ضد القوى الرجعية المعارضة لها.

2. الحزب وادارة المجتمع  

الحاجة الملحة والمطلب العاجل لجماهير العراق هما البقاء وتنظيم امور حياتها. الخبزو العمل، السكن والامن ، اي مجتمع مدني طبيعي. مهمتنا ان نثبت عمليا بان من يتمكن من تنظيم هذه الحياة وجعلها مستقرة هم نحن وليس غيرنا. لا يمكن ان تكون معارضا  في مجتمع تغيب فيه الدولة. نحن لسنا معارضة سلطة تحكم المجتمع، بل نقف بوجه احزاب وحركات السيناريو الاسود بدءا من القوات الامريكية وصولا الى القوى الدينية والقومية-العشائرية والقوموية العنصرية المحلية.  هذه القوى بالذات هي التي تلعب دورا في خلق هذا الانفلات والفوضى في المجتمع واستمرار السيناريو الاسود. اما نحن فنواجه كل هؤلاء من خلال حملنا راية المدنية والحياة الانسانية. يجب ان نكون، بوجه هؤلاء، منظمي الحياة الانسانية والمدافعين عنها. يجب ان ننظم حياة الناس اعتمادا على قدراتهم هم وان ندافع عنها. ان هذا هو اساس وركيزة قوة الحزب. ان جماهيرا تتعرض حياتها وبقائها الاجتماعي، خبزها وعملها والحد الادني من امنها للخطر وتتعرض في وجودها وبقائها الاجتماعي بالذات للهلاك، تتعبأ حول حزب يرد بشكل عملي على تلك المسائل. يجب ملىء فراغ السلطة وفي اي مستو كان. سواء أكان على مستوى حي، مدينة او منطقة. يجب ملئه والظهور بوصفنا دولة. يجب الدفاع عن حياة الجماهير من همجية القوى القومية الاسلامية والقوموية وقطع دابرهم عن حياة الناس على اي مستو ممكن. ان لدور الجماهير، على هذا الصعيد، اهمية  مصيرية. يجب ان نتمكن من تعبئة قوى الجماهير حول الحزب وحول اشكال المنظمات الجماهيرية من اجل السيطرة على المحلات وادارتها ومن اجل الدفاع عن الحياة بوجه قوى السيناريو الاسود. ان هذا هو السبيل الوحيد للتغلب على احساس البؤس والعجز على صعيد المجتمع. ان بامكان القوى الجماهيرية التغلب على مشاعر البؤس والعجز فقط من خلال تنظيم صفوفها والتدخل في حل المسالة و هي تتعبا وتتحرك فقط من اجل تحقيق مطالبها. يلعب الحزب دورا مصيريا على هذا الصعيد.  ذلك ان قوة الحزب تمنح الجماهير الامل والثقة بالنفس. وفي نفس الوقت،  فان قوة الحزب هي قوة جماهيرية لمست وجربت  دور الحزب في شئون حياتها اليومية وفي الدفاع عن المدنية ضد بربرية قوى السيناريو الاسود. الحزب هو قائد ومنظم هذه الحركة. وبامكانه ان يبرز بوصفه حزبا يدير الدولة وامور الجماهير على المستوى المحلي والاقليمي فقط اذا استطاع ان يلعب الدور الانف الذكر.

4.الجماهير المنظمة ضمان لقوة الحزب الاجتماعية

ان غياب الدولة، خلال السيناريو الاسود، لا يجعل لعب هذا الدور ضروريا ومطلوبا، بل ممكنا. ان غياب الدولة خلق عمليا اجوءا سياسية مفتوحة ووفر امكانية الظهور الاجتماعي  للحزب في المجتمع الامر الذي لايمكن تصوره في الاوضاع العادية في هذه البلدان التي تسود فيها اجواء القمع. ان تشكيل اتحاد العاطلين ومنظمة حرية المرأة في المستوى الذي قام رفاقنا بتنظيمه في العراق هما زاويتين صغيرتين من الامكانات الواسعة المفتوحة امامنا. وهي تطرح بذاتها سبيل الحل. يجب النظر الى اجواء حرية العمل هذه بشكل مزدوج والتوجه نحو تجميع القوى بشكل واسع على الصعيد الاجتماعي. فهذه الاجواء لن تدوم طويلا. ان توسيع الحزب وقيام المنظمات العمالية والجماهيرية الواسعة على مستوى المحلات والمدن والمراكز الانتاجية بوصفها حلقات تربط الحزب بالمجتمع تضمن قوة الحزب واستمرارية عمله وبقائه بوصفه قوة علنية ومطروحة في الميدان السياسي حتى بعد انقضاء مرحلة الاجواء السياسية المفتوحة الراهنة.

5. مسالة الدولة والسلطة السياسية على صعيد المجتمع.

تتجاوز مسالة السلطة السياسية، بالتاكيد، ادارة الامور على الصعيد المحلي. ذلك ان فراغ السلطة السياسية الراهنة في العراق يعني انفتاح باب حسم مسالة الدولة بوصفها هيئة الطبقة الحاكمة لممارسة السلطة السياسية. البرجوازية العراقية تبذل محاولاتها من اجل  الاجابة على هذه المسالة بالاعتماد على امريكا والدول الغربية وممثليها الدينيين والقوميين والعشائريين. يجب على الحزب الشيوعي العمالي العراقي ايضا ان يمتلك جوابه الواضح والعملي.  من الضروري نقد اطروحات القوى الاخرى بصدد الحكم، الا انه لايكفي البتة. يجب ان نكون معروفين ومطروحين على المجتمع بوصفنا حزبا يطالب بالسلطة السياسية ويمتلك طرحا وبديلا واضحين  لتشكيل وبلورة الدولة. يجب ان يخدم بروز حزبنا بوصفه اداة  ادارة امور الجماهير على مستوى المحلات هذه الهدف ايضا. يجب ان تصب كل جوانب فعالياتنا السياسية بوجه القوى والبدائل الاخرى، ونقد الرجعية المغرقة التي تتخبط فيها القومية والدين والقوموية والنظام العالمي الجديد وتاثيرات هؤلاء والدول الغربية و...الخ في النهاية في مجرى  تعريف وقبول بديلنا للدولة والحكم. اننا نطالب ونؤيد، من جهة، ترسيخ دولة مدنية، غير دينية و غير قومية في العراق. ومن جهة اخرى، نؤيد بان تلعب الجماهير دورا مباشرا في الدولة القادمة. نطالب باقرار حقهم في تحديد هذه الحكومة وقراراتها واجراءتها رسميا. ونطالب باقرار الحريات السياسية الاساسية كحرية التعبير والاصدار والتنظيم والتظاهر في العراق رسميا واعتبارها شرطا مسبقا لقيام اية حكومة. ليست هذه نياتنا او مطالبنا من دولة ما وقوة ما. انها اهداف على الحزب اعلانها وفرضها بالضغط على تلك القوى. اهداف على الحزب تطبيقها بوصفها قوانين سائدة اينما تمكن وفي اي نطاق مارس سيطرته. تؤلف مجموعة السياسات والاهداف والاجراءات الطرح والسيناريو الخاص بنا نحن الشيوعيين من اجل الاستيلاء على السلطة السياسية في العراق. ان المقياس الذي يحدد مدى نجاحنا وتقدمنا هو ليس فقط مدى تطبيقها عمليا، ان المقياس الاساسي هوهل ان طرح وتطبيق هذه السياسات سيقوي الحزب الشيوعي العمالي العراقي الى حد تحويله الى حزب قوي وراسخ لايمكن تجاهله في معادلات السلطة في ساحة العراق والشرق الاوسط السياسية . ان هدفنا هو تطبيق الاشتراكية في العراق وجوابنا الصحيح  على السيناريو الاسود سيضعنا على عتبة عراق اشتراكي .

ترجمت المقالة عن النص الفارسي المنشور في اسبوعية الحزب الشيوعي العمالي الايراني،  انترناسيونال، العدد 126.   

ترجمة: جلال محمد      








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية