الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر التجارب غير المحسوبة !

فيليب عطية

2008 / 9 / 21
الطب , والعلوم


اصبح علم الجسيمات الدقيقة - وهو احد فروع الفيزياء النووية - اشبه مايكون بكهف علي بابا ، فقد اصبح يعج بالجزيئات والجسيمات ومنذ أن صار لعبة رياضية تعتمد علي نظريات الكم والمجالات لم يجد العلماء بأسا في ان يدلي كل محنك بدلوه ليخرج لنا بجسيم جديد يمنحونه احيانا اسما مضحكا يبعث علي السخرية والاستهزاء ولااعتراض لأحد مادام الامر يتفق مع القوانين والنظريات ، وفي الوقت الذي كنا نظن فيه ان المادة التي نعرفها تتكون من ذرات ، وكل ذرة تتكون من نواة تحوي البروتونات والنيوترونات وتدور حولها الالكترونات ، وكنا نسعي الي نظرية توحيدية تضم تلك المكونات معا اذ بنا نفاجئ بالمادة تتبعثر من حولنا وتنقسم الي كواركات وجليونات نعتبرها الجسيمات الاولية للكون ثم نجد البوزيترونات والميزونات والفوتونات والمادة المضادة والطاقة السوداء وهلم جرا حتي لن يلوم المرء احدا ان صرخ بأعلي صوته ان يكف هؤلاء العلماء عن الهراء !
الاكثر من ذلك حين تستغل بعض النظريات التي مازالت محلا للجدل في تصميم التجارب العلمية ، وعلي مستوي غير مسبوق من قبل ، ويقولون لنا فيما يشبه الزفة انهم يسعون لكشف سر الكون والانفجار العظيم والمادة الاولية التي تشكل منها الكون ، وفي الحقيقة سوف اشير فقط الي شيئين تسعي تجربة المعجل الهادروني الكبير الي كشفهما وتستندان الي نظريتين اقرب الي البارافيزياء منهما الي الفيزياء رغم انهما تنالان استحسان قطاع واسع من الفزيائيين :
اولهما : تحقيق التصادم بين شعاعين معجلين من البروتونات الي سرعة تقارب سرعة الضوء ، وهكذا نخلق الظروف المواتية لذوبان تلك البروتونات لتتعطف وتكشف لنا عن الجسيمات الاولية التي تشكلت منها وهي الكواركات والجليونات ، وهكذا نكون قد وضعنا أيدينا علي جسيمات لايوجد حتي الآن دليل علمي واحد علي وجودها . ثانيهما : اكتشاف بوزون هيجز الذي حمل لقب الجسيم الالهي ، وهو البوزون الذي يعتقدون انه يمنح المادة كتلتها اي هو البوزون الذي يجعل المادة مادة تفترق عن الطاقة ، وهو ايضا من الافتراضات التي لم ينجح العلماء حتي الآن في البرهنة علي صحتها او ايجاد دليل واحد علي وجودها .
حكاية بوزون هيجز الالهي يكشف في الحقيقة عن منحي خطير بدأ يتسلل الي العلوم الفيزيائية منذ الثلاثينات من القرن الماضي ، ففي الوقت الذي كان فيه العلماء يسعون الي فهم لغز الكون استنادا الي مقولات ديكارت التي كانت فاتحة للعلم الحديث ، لم يجد البعض حرجا في حشر الله في الموضوع ، وهكذا لم نجد انفسنا امام مادة تسير وفقا لقوانينها الموضوعية ، بل امام المشيئة والارادة الالهية ، وكن فيكون .
وهكذا خرج علينا عالم فيزيائي وقس كاثوليكي في الوقت نفسه بنظرية الانفجار العظيم ، وتمسك العلماء بتلك النظرية رغم المآزق العديدة التي تجابهها ، لعل من اشهرها تلك المجموعة من النجوم البدائية التي رجح العلماء ان عمرها اكثر من 15 بليون سنة اي أقدم بكثير من الانفجار المزعوم ثم تراجعوا فيما بعد عن اعلانهم بحجة ان الحاسوب قد أخطأ الحساب ، وعادت ريمة لنظريتها القديمة ، والحاسوب يخطئ دائما عندما يقدم حقائق تخالف المتوارثات ، فقد وجدوا اشعة تسير بسرعة تفوق سرعة الضوء ثم تراجعوا ايضا بحجة خطأ الحاسوب !
ان تكون مادة الكون الاولي متجمعة في نطاق حيز صغير مسألة لاغبار عليها ، وان تتشكل المادة من طاقة اولية مازلنا لانفهم عنها شيئا مسألة لاغبار عليها ايضا ، ولكن الامر ليس بحاجة الي انفجار او زنهار لتنتشر تلك المادة في الفضاء فيكفي السقوط الحر في جميع الاتجاهات ليفسر لنا ما استطعنا رصده وتسجيله .
اما حكاية الكواركات فهي الاكثر مدعاة للسخرية ، بدأ الامر في الستينات اقرب مايكون الي الدعابة من عالم امريكي لدرجة انه لم يجد اسما له الا في رواية من روايات جيمس جويس ، لكن الافتراض نال فجأة استحسان الجميع وتحولت الكواركات الي ستة أنواع ، وانهمك اصحاب التصاميم الرياضية في توضيح كيف يتحد ثلاثة من هذه الكواركات لتكوين البروتون ، ولست ادري كيف يمكن لعالم محترم ان يسمح لنفسه بتصميم نموذج لكوارك فوق وكوارك تحت وكوارك قبيح وكوارك جميل ، وهذه ليست من اختراعاتي بل هي اسماء الكواركات بالفعل ، انهم يريدون ايهامنا أن الطبيعة قد بنيت وفقا لنظام هندسي دقيق ، وهذا لايمكن ان يتم الا بفعل فاعل .
ما هو المتوقع من تجربة علمية تتم وفقا لكل هذا ؟
لن تكشف التجربة عن كواركات ولابوزونات الهية او غير الهية ، كل ما سيحدث ان البروتونات عندما تقارب سرعتها سرعة الضوء سوف تندمج لتعطي لنا بروتونات اثقل من البروتونات المعروفة وهذا بالضبط سيفتح المجال لتكوين ثقب اسود يمكن ان يبتلع الارض باكملها ، وهذا الاحتمال ناقشه الكثيرون وقالوا بأنه لن يحدث ، ولكن من يدري ؟
ويمكن ان تتحول البروتونات الي جسيمات طاقة اولية تنسف كل البناء الوهمي للفيزياء الجسيمية ويكون هذا هو المكسب الكبير من تلك التجربة .
وهناك احتمال آخر ( لم يناقشه احد ) ان تجربة تتم تحت ظروف غير مسبوقة ، تصل فيها حرارة التفاعل الي مائة ضعف درجة الحرارة في قلب الشمس يمكن ان تسفر عن انفجار حراري يحرق الانبوب وسويسرا وربما الارض كلها !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليوم العالمي لمكافحة الملاريا: المرض بات يقاوم الأدوية، ما


.. الموناليزا تغنّي الراب.. -مايكروسوفت- تعرض قدرات أداتها الجد




.. حرب غزة: ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟ | بي


.. حديث السوشال | مشاهدة مذهلة لأعماق الكون .. ناسا تنشر لقطات




.. ممرض يشكو سوء الوضع الطبي في شمال غزة