الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قناة المستقلة ...خُبث فضائي... و أداة لعسكرة الأفكار

كامل القيّم

2008 / 9 / 23
الصحافة والاعلام


من مساوىء إعلام الفضاء ...ان الجاهل فيه يمكن ان يغدو حكيما ، وان قنوات الرقابة فيها تنحسر...الى درجة ان تكون الأخلاق والاحترام الإنساني هي المحكات الوحيدة لجدوى التأثير الجماهيري .
ذلك ان احتلالاً آخر قد فرض نفسه باسم التكنلوجيا والديمقراطية الاتصالية وحرية التعبير، وتحت تلك اليافطات راحت بعض الفضائيات تترجم إرادات الممولين وصّناع القرار تحت الكواليس ، وبطُرق تبدو مجتمعية او ثقافية كونية ...برّاقة وهادئة لتحيل المتلقي الى كائن مُستكين يرزح تناقضاً وألماً تحت سياط مختبرات التأثير النفسي ومنها شاشات التلفاز ومواقع وصور وفخاخ الانترنت .
وبحكم معايير الشرف الإعلامي والمواثيق الدولية للمهنة الصحفية والتي تنص على ان قنوات الاتصال عليها ان تجعل من نفسها أدوات للتحابُب والتقارب ولتنشيط إرادة وفكرالانسان نحو عقائده وموروثاته واحترامها ، راح بعضها متحولاً الى كواسر تلقينية للتباغض والتنافر، لصالح بعض الثقافات والمدارس والتي جعلت منها كماكينات وأجهزة للعلاقات العامة في زرع وإدامة الأفكار التي تعبر عن أرادات سياسية بغمزة من هذا وذاك .
فالمشهد الفضائي العربي( بالمغلف الديمقراطي) يبدو لنا انه يعيد ولاءاته القديمة ويكّرس سلطة دكتاتوريات فكرية او عقائدية بقوالب وأدوات جديدة أسميناها فضائيات ، وبذلك فانه يعلن عن فشله في مجاراة وظائف ومناشط فن استغلال الفضاء في الخروج بالإنسان من المحلية الى الكونية عن طريق رفعه الى مستوى الحوار وتأهيله تنمويا ًوثقافياً مع الاحتفاظ والتوليد لموروثاته التاريخية والفلكلورية والعقائدية وبذلك ننتقل من استيراد المعرفة المجهزة الى مصدريها . للخروج بها الى الآخر ( الغرب ) بعد ما رسم صورة نمطية بائسة نحونا لعدة قرون ابتدأت بالاستشراق ولازالت حُزماتها الفضائية تنال ما تنال مما تبقى.
وقناة المستقلة الفضائية( التي لا تريد ان تعلن عن استقلالها) مثالاً لتلك الناطقة بالعربية ، والتي مذ ولادتها كانت تبحث عن غائية لان تكون ضمن ببلوغرافيا أداة التحكم عن بعد ، لأنها والى الآن غير قادرة ان تقدم برنامجاً تلفازياً واحداً بهوية برامجية غير مجنزرة ..فهي تطل علينا متوسلة بالبقاء ضمن الهوامش من القنوات .
وكمثال للخطأ ضد (المهارة التكنولوجية) وبحكم اختصاصنا العلمي رصدنا المستقلة وعلى صغرها وضياعها باعتبارها قناة خطابية تبث من غرفة في لندن...وجدنا إنها تبحث على الدوام على مثيرات( وقوالب للتوسل في التلقي الجماهيري) من قبيل الصراعات والمتناقضات لأوجاع ومتغيرات العراق على كل الصُعد جاعلةً منه خارطة للاهتمام الأساسية في البحث والتحليل وكجزء من العلاقات العامة ،او بما يسمى في علم الإعلام (الضربات الإعلامية) او كجزء من وظيفتها التمويلية، تعمل كمنقذ من العزل الاجتماعي والجماهيري العربي . وكان برنامجها الحواري الأخير الذي يعرض كحلقات الآن احد تلك المثيرات التي رسمتها لتحقيق تلك الغاية ، والذي نقصده البرنامج الذي يتناول قضية معتقدات الشيعة نحو الإمامة ، ونحو باقي طقوسهم وعقائدهم ورموزهم .
سأختزل الموضوع من زاوية إعلامية بحته ، كمتخصص ومستطلع إعلامي لهذا البرنامج وما تمارسه المستقلة من ضرر على المتلقي العربي والعراقي بالذات بالنقاط الآتية :
1- ان المستقلة تناولت موضوعاً اساسياً ومهماً بالنسبة لكل المسلمين ، فليس من اللياقة والمسؤولية ان يٌقدم ويُعالج بطريقة فضائية على وفق أنموذج صناعة المستقلة الحواري الوظيفي.
2-في الوقت الذي عانى العراقيون من الإرهاب وملامح الفتنة الطائفية التي زرعتها الولايات المتحدة وبعض دول الجوار عن طريق عصابات القاعدة في الجسد العراقي ، وبعد ان أعاد الله على العراق سلامته وأمنه ، وتنامي الاطراد في التجاذب السياسي بين القوى العراقية الفاعلة ، وبعدما اكتشف العراقيون قبل غيرهم ان عراقهم مكفول بنسيجهم ووحدتهم سنة وشيعة وأكراد وتركمان....الخ، تأتي المستقلة لتلعب دور الحبيبة على العقائد، وتحفر في إرث هي تعلم ما سينطوي عليه من تبعات انفعالية وفكرية ، وبالأخص في شهر رمضان الفضيل شهر التقرب الى الله والرسول (ص) والعقائد ، وبذلك فإنها درست بعناية جغرافية التأثير من حيث البُعد الزمني والعاطفي .
2- ان عملية اختيار الموضوع بتلك الطريقة والانتقائية في تناول الرموز المقدسة لدى الشيعة ، والطَرق على وتر المقدس ورفعه الى مستوى الكلام العام بالجدل، له غاية باعتبار ان المقدس بالضرورة يعتريه اهتمام وانتباه وإثارة ، وبالتالي فهي قد اختارت من الموضوع مدخلاً مهماً لأي عربي او مسلم ، تاركةً عرض الحائط تبعات وانعكاسات الموضوع على إطراف القضية ونسيجها الاجتماعي .
3- المحاولة في جر شخصيات دينية او ثقافية الى المناظرة ، لكسب مشروعية اكبر ولتسجيل مواقف في سياق الأحاديث والتعبير على الأفكار ، متناسية ان لعبة المستقلة مكشوفة منذ البداية لأصحاب الشأن في الموضوع ولا تمثل لهم أي ساحة مهمة للسجال والنقاش ،وهذا واضح حينما دعت أي شخص يمثل الشيعة للمشاركة في المناظرة ، تاركة الموضوع يكبر ويتعمق خلافاً من خلال فريقي المناظرة ، والتي لم تكن متكافأة لا من حيث توزيع الوقت ، ولا من استجابات الهاشمي لما يدلي به الطرفان فترى الضد والمعَ واضح .
4- لا يجوز تحت مسمى الحريات الإعلامية ان يتم مناقشة موضوعات بهذا الثقل والأهمية تحت سيناريو لا يحتاجه ولا يريد إثارته المسلمين ولاغيرهم ، لتأتي لنا المستقلة وبطلها ( الهاشمي ) لتصبح انتقائية وترسم دور المتفضلة والمتفهمة لحاجة المسلمين ...لوضع موضوع تحت طاولة الحوار ...وأي حوار انه حوار المكشوف والمسكوت عنه لمدارس فقهية ومنظرين وعلماء على مدى قرون مضت، فأي تقريب وحل سحري تبحث عنه المستقلة وما شنها باعتقادات الناس وولائهم الديني لتروح تنبش في جمل وتوصيفات الماضي لتجعله واقع يجب حسمه .
5- المخاطبة المباشرة بالنصح والإرشاد الذي يبديه المحاور للمشاهد ( أوضح ذلك ان البرنامج دعائي ، صناعي لجهة على حساب أخرى وبالأخص ( العرعور ) بقوله ( يااهل العراق ...يا شيعة العراق )، في الوقت الذي يقوم فيه رجال الدين في العراق بكل طوائفهم ومذاهبهم بصلاة موحدة وبزيارات ولقاءات متبادلة وبحوار محى بوادر الاحتقان الذي أثير من الخارج .
6- من خلال أحاديث الهاشمي وضيوفه ...وبعض المتصلين ..بدا الأمر لعبة تحريضية تجاه أهل العراق ، من خلال الإيحاء الدائم بان هناك من المتفاعلين الشباب على شكل جماعات ...ومئات المتصلين والمقربين من ضيفا البرنامج قد او ضحوا كذا ...وإنهم يتشوقون ويرون كذا ...وكان الأمر يبدو كالمنافسة في المباريات ...وهذا كله على حساب مشاعر وعقائد ملايين من الناس.وان المواقع الالكترونية للمراهقين تثبت ذلك .فأي احترام للدين والعقائد والمذاهب أرادته ( اللامستقلة ) من ذلك وأي تبصير وتوضيح تبغيه من تلك المسرحية المدفوعة الثمن .
7- لا يجوز ان يمثل ( المحاور ) الهاشمي او ضيوفه دور الأبطال في تبيان الحقيقة ....بهذا الموضوع وبتلك الطريقة المخدشة لكل مظاهر الاحترام والهيبة للمقدس الديني ، بدعوى تقريب المذاهب ...فهذا فخ للتباعد وليس بما ينطق به مقدم البرنامج بين الحين والآخر على ان هدفه تقريب وجهات النظر ...بين من ..ولماذا ...بهذه الطريقة ، هل مثل تلك المشكلات تحل بالفضائيات وأمام جمع الملايين بلعبة منافسة ومناظرة ؟
في ضوء ذلك أقول للمستقلة الحقائق الآتية :
1- أن البرنامج له هدف محدد...ويحمل أبعاد سياسية وفكرية ...إذ أن إثارة اعتى قضية حدثت في التاريخ العربي والإسلامي ، بهذا الشكل وبتلك الطريقة (الهاشمية جداً ) نسبة الى المقدم والمعد، لا جدوى حقيقية منها سوى تجديد او تثوير الاتجاهات النائمة بين بسطاء الطرفين .
2- أنها أساءت لبعض الرموز الدينية والحقائق والوقائع التاريخية التي تريد ( المستقلة ) ان تلعب فيها دور المنقذ او المدرسة او المنبر الريادي في تقريب المختلفين، وقد تركت أطنان من المشكلات في المجتمعات العربية لتركز على مثل هذه الموضوعات التي تنتقيها بعناية فائقة الدقة وكأنها قابلة للحسم والانتهاء.
3-ربما ...حازت المستقلة على زيادة في عدد متلقيها بسب الموضوع ، ولكنها كشفت هذه المرة بجلاء عن نفسها على انها ( قناة خبث وتحريض طائفي وسياسي ) مما سيغلق أي مدى للتأثير المستقبلي وبالأخص لأهل العراق ، الحظ ( تكرار الدعوة للإعلان التجاري في القناة ، والحظ مصدرالاعلانات التي تقدم .( وهذا فخ على انها قناة احد مصادرها هو الإعلان ولكن الحقيقة غير ذلك وهذا لبناء صورة ( استكمالية لشروط العمل الاعلامي الموضوعي ).
4- ليست من الشهامة والمهارة الإعلامية وفنون علم الاتصال الحديث ان نسحب الناس على التلقي من خلال الحفر العاطفي والعقائدي والرمزي ...تحت ستار نظرية كسر التوقع بالإثارة.
5-استعرض مقدم( محمد الهاشمي) البرنامج بجمل وسلوك تعبدي تمثيلي، كي يثبت للمتلقي أهليته ومشروعيته وحياديته لمناقشة وإدارة مثل هذا الموضوع ، غيران الواقع يثبت العكس ( من خلال استخدام الحاسب وتحضير الوثائق وطبيعة الاتصالات والقطع الكلامي، ورجع صدى أوجه المحاورين، وتدفق جمل وأفكار تحريضية في الشريط المتحرك ( السبتاتل )...كل ذلك أوضح للمتلقين حتى البسيط منهم على انه ( سيناريو لإثارة اكبر ، ولكسب دعائي مناقض تماماً لما يدعيه على ان الموضوع للتقريب والتهدئة والمحبة ( بحسب شعار البرنامج ) ولو كان غير ذلك لتم وضع العنوان ومدخله بشكل آخر .
6-على الهاشمي وغيره من أحباب المستقلة ان يرفعوا شعار ابطال الإعلام الانتقائي( التخريبي ) لا المستقل لان الاستقلالية في الإعلام تعني الإطاحة بكل المأجورين ومستغلي مشروعات التسميم السياسي والفكري ، فليس من البطولة الإعلامية ان تعتاش قناة تسمى فضائية على أوجاع العراق...لتصطف بوضوح تام الى قنوات النيل من استقراره وبناءه الاجتماعي ، بعدما صدّرت لنا هي وأمثالها مئات المجرمين والتكفيريين لسفك الدم العراقي والاستهتار بأمنه.
7- بحسب شروط الإعلام الفضائي الحديث ( المتخصص ..التفاعلي ... التكنولوجي...ألاحترافي انتاجاً وترميزاً، بالإضافة الى وضوح الأهداف ومصادر التمويل ) فإنها لا تحمل أي مسوغ إعلامي لان ترتقي الى منابر الفضائيات ....فلا تعدد برامجي ، ولا قوالب تلفازية ، ولا مراسلين ، ولا خلفيات مباشرة ولا تقارير خبرية...ولا تنمية ...ولا أطفال او مرأة أو جامعة ولا معمل...) باختصار إنها بمجملها برنامج يصمم في لندن لجمهور تخليلي يستهدف امن العراق .
8- على الرغم من ان المستقلة لاتحمل مؤهلات القناة ، لكنها ستكون مثالاً جيدا لمتخصصي الإعلام والدعاية ومنهم كاتب المقال إذ ستتربع عرش الأوصاف الآتية ( قناة بلا هوية ...بلا مسؤولية ..انتقائية ...طائفية ..بوق دعائي لمن يدفع ...) فضائية التكوين الواحد ...الغرفة الواحدة ...والفكرة الواحدة والمقدم الواحد ...والخلفية الواحدة ...وعجبي على فضاء يتحمل هذا البؤس...والخبث وفقر الفطنة والضمير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع