الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل لنظام ديمقراطي حقيقي مستقبل في العراق القادم ..؟

مارسيل فيليب

2008 / 10 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أن قراءة سريعة لحركة الواقع العراقي بكل ابعاده السياسية والأجتماعية والأقتصادية والأمنية بعد انقضاء اكثر من خمسة اعوام على سقوط نظام الدكتاتورية المقبور ، يدفعني بعدم التفاؤل ، خاصة بغياب الحامل الأجتماعي " الطبقات الوسطى " المفترض قيامه لخلق وتهيئة الأسس المادية لتحقيق بناء دولة المؤسسات الدستورية والهياكل القانونية الديمقراطية المفترضة لعراق المستقبل .
تشاؤمي ينبع من حقيقة ، أن في الساحة العراقية اكثر من لاعب وجهة حزبية أو تيار سياسي يسعى لتحقيق مكاسب ومصالح آنية ضيقة ، يمتلك السلطة والثروة والدعم الأقليمي وحتى الدولي ، لمحاولة تثبيت الأوضاع القائمة حالياً ، ولأعاقة إقامة علاقات تكاملية بين القطاعين العام والخاص واعتماد المنافسة في بعض المجالات ... بل مايجري هو العكس ... محاولة دفع العملية الأقتصادية عبر الخصصخة ولأستمرار الفوضى والأنفلات الأمني وتشجيع الفساد الأداري بأتجاه تكريس نوع معين من نمط حياة أستهلاكي لمعارف وسلع ومفاهيم هدفها تسطيح الوعي وأعاقة عملية بناء مجتمع انتاجي ، عبر رشوة الضعفاء من شرائح الطبقات الوسطى وممارسة كل أشكال القهر والتسلط على شريحة المثقفيين حملة بذور التغيير لأبعاد تأثيرهم الواعي عن أي توجه لقيادة وتوعية الجماهير بمصالحها الوطنية ، ولدفع القيادات الوطنية للترهل عبر اقناعها بمرحلة انتظار لابد منها .. بحجة إستكمال ما يتفق على تسميته باستحققات العملية السياسية ، وأضعاف ما تبقى من شرائح الطبقة العاملة رديفة الطبقة الوسطى ونواة اسس التغيير ، جراء التعمد بتأخير اعادة بناء البنى التحتية لأعادة تدوير عجلة الأقتصاد والأنتاج وبداية عملية اعمار حقيقية تمتص البطالة وتخفف من ضغط الحياة على الأنسان العراقي ولتحسين الحياة المعيشية .. هذا الأتجاه الذي سيصب لصالح تطور وعي المواطن الفرد والمجتمع والبلد بشكل عام .
اجتماعياً مازالت العملية ومنذ بداية التغيير تسير وبضغط التيارات الطائفية والأحزاب الدينية المتخفية بشعارات الأسلام السياسي وبدعم اقليمي ، تسير وبشكل تصاعدي لتفتيت الروابط القومية وتدمير التماسك الأجتماعي عبر محاولة ترسيخ وتغليب الهوية الخاصة " طائفية اثنية دينية " ،على الهوية الوطنية والأنتماء العراقي ، وتغليب عوامل الصراع والأختلاف على عوامل التعايش والوئام ، وتشجيع الولاءات التقليدية وأشاعة افكار التخلف والغيبية والمحاصصة الطائفية والقومية والسلطوية السياسية ، ومحاولة التثقيف وبشكل غير مباشر بضرورة التزام الدولة ومسؤوليها بنظام يخضع لأستشارات الترتيب الهرمي للمرجعيات الدينية الطائفية ، القبلية ، العشائرية ، وأحياناً تضمين ذلك دستوريا بأمتيازات ومكاسب بعيدة عن مفاهيم وآليات الديمقراطية والنظم الحضارية .
طبعاً لا أدعي أن بالأمكان الأجابة على التساؤل المطروح في عنوان المقال بهذه العجالة ، وكل ما أطرحه هو وجه نظر من خلال قراءة سريعة لحركة الواقع العراقي كما نرصده من بداية التغيير عام 2003 ، ولا أدعي أيضاً أن بأمكان القوى الوطنية الديمقراطية بوضعها الحالي طرح حلول جاهزة لتغيير هذا الواقع بسبب ضعف التيار الديمقراطي وتشتته ولأن العراق في المرحلة الحالية يشهد صراعا سياسيا واجتماعيا شديداً يدور حول شكل ومحتوى الدولة من جانب وعلى السلطة وزيادة النفوذ من جانب آخر ، أضافة لأنعكاس ما سيتمخض عن قريب كما يقال ، عن الأتفاقية الثنائية لتنظم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية في المجالات السياسية، الدبلوماسية، الثقافية، الاقتصادية والأمنية على الوضع الحالي ككل ، حيث جرت المفاوضات بعيداً عن العلنية والشفافية وأستثنيت بشكل متعمد مناقشتها عبر حوار وطني شامل كان المفروض أن تشارك فيه القوى والتيارات السياسية جميعا دون استثناء ، لتوحيد الجهد الوطني ولدعم موقف المفاوض العراقي بما كان سيؤمّن الأرتقاء الى مستوى التحديات التي تواجه العملية السياسية لتحقيق المصالحة الوطنية بمعناها المجتمعي والانطلاق على طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الأجتماعية والتنمية السليمة والسيادة الوطنية الكاملة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب