الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسباب الموضوعية لفشل الثورات الإشتراكية الأولى

سمير أمين

2019 / 6 / 20
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


2008

1ـ مأساة الثورات الكبرى :

تتميَّز "الثورات الكبرى" بواقع أنها تندفع بعيداً إلى الأمام نحو المستقبل، خلافاً "للثورات العادية"، التي تكتفي بالاستجابة لمتطلبات التحولات المطروحة على جدول أعمال اللحظة.

في المرحلة الحديثة هناك ثلاث ثورات كبرى فقط (الفرنسية، والروسية، والصينية). الثورة الفرنسية لم تكن مجرد "ثورة برجوازية"، أحلَّت النظام الرأسمالي محل النظام القديم، وسلطة البرجوازية محل سلطة الأرستقراطية. فهي أيضاً ثورة شعبية (وفلاحية تحديداً) طرحت مطالبها التساؤل حول النظام البرجوازي نفسه. فالجمهورية الديمقراطية المدنية الجذرية، التي تستوحي مثالها من فكرة تعميم الملكية الصغيرة على الجميع، ليست نتاج منطق تراكم الراسمال المباشر (القائم على اللامساواة)، بل إنكار له (في إعلانها الواعي بأن الليبرالية الاقتصادية عدو للديمقراطية). بهذا المعنى، كانت الثورة الفرنسية تحتوي، مذ ذاك، بذور الثورات الاشتراكية القادمة، التي لم تتوافر شروطها "الموضوعية"، طبعاً، في فرنسا آنذاك (تشهد على ذلك الحركة البابوفية). الثورتان، الروسية والصينية (ويمكن أن نضيف لهما ثورتي فيتنام وكوبا)، وضعت لنفسها الشيوعية هدفاً. وهذا متقدم جداً، بدوره، على الموجبات الموضوعية لحل المشكلات المباشرة في المجتمعات المعنيَّة.

لهذا السبب، تتلقى كل الثورات الصدمة الناجمة عن استباقها زمنها. فبعد لحظات تجذرها القصيرة تتلاحق التراجعات، والعودات إلى الماضي. تعاني هذه الثورات، إذاً، صعوبات كبيرة، دائماً، في الاستفرار (استغرق استقرار الثورة الفرنسية قرناً كاملاً). في المقابل، تدشن الثورات الأخرى (كالأميركية والإنكليزية) عملية انتشار النظام بشكل ثابت وهادئ، مكتفية بتسجيل موجبات العلاقات الاجتماعية والسياسية القائمة في نطاق الرأسمالية الوليدة. لذلك، بالكاد تستحق هذه "الثورات" اسمها. فتسوياتها مع قوى الماضي، وغياب رؤياها للمستقبل، سمتان بالغتا الوضوح.

رغم فشلها، تضع الثورات الكبرى التاريخ على مدى أبعد. فمن خلال القيم الطليعية التي تحدد مشروعها، تسمح للطوباويات الخلاّقة بمتابعة غزوها للعقول، وتحقيق طموح الحداثة الأسمى، أي جعل الكائنات الإنسانية صنَّاع تاريخهم. وهذه القيم تتباين مع قيم النظام البرجوازي، النابعة من مسلكيّات التكيُّف السلبي مع مقتضيات توسع الرأسمال، المسمّاة موضوعية، التي تمدُّ الاستلاب الاقتصادي بكامل قوته.

2 ـ وزن الامبريالية، المرحلة الدائمة في التوسع العالمي للرأسمالية :

كان التوسع العالمي للرأسمالية استقطابياً دائماً، منذ أصوله، وفي كل مرحلة من تاريخه. لم تَلْقَ هذه الميزة في الرأسمالية القائمة بالفعل، على أهميتها، الاهتمام الضروري، وذلك بسبب النزعة المركزية الأوروبية التي تسيطر على الفكر الحديث، بما في ذلك الصياغات الأيديولوجية الطليعية الخاصة بالثورات الكبرى. ولم تنجُ الماركسية التاريخية للأمميات المتعاقبة إلاَّ جزئياً من هذه القاعدة العامة.

إنَّ فهم البعد الهائل لهذا الواقع الإمبريالي، واستخلاص المسائل الستراتيجية المتعلقة بتغيير العالم، تبعاً لهذا الفهم، يشكل ضرورة لا حياد عنها لكل القوى الاجتماعية والسياسية ضحايا توسع الراسمالية، في مراكزها كما في أطرافها. لأن ما طرحته الإمبريالية على جدول أعمال اليوم ليس نضوج الشروط التي تسمح "بالثورات الاشتراكية" في مراكز النظام العالمي (أو تسريع التحولات الذاهبة في هذا الاتجاه)، بل التشكيك بهذا النظام انطلاقاً من تمرد أطرافه وانتفاضاتها. وليس صدفة أن تكون روسيا 1917 "الحلقة الضعيفة" في النظام، ولا أن تنتقل الثورة باسم الاشتراكية نحو الشرق لاحقاً (الصين، مثلاً)، في حين تخيب توقعات انهيار الغرب، الذي وضع لينين آماله فيه. من هنا، تواجه المجتمعات المثوَّرة المعنية مهمة مزدوجة ومتناقضة في آن، هي "اللحاق" (وهذا يقتضي اللجوء إلى وسائل ومناهج مماثلة لما في الرأسمالية)، و"صناعة شيء آخر" (بناء الاشتراكية). كانت المزاوجة بين هذه المهمات كما كانت عليه، هنا أو هناك. كان يمكن لها أن تكون أفضل، ربما، بمعنى أن تسمح بتقوية التطلعات الشيوعية بالتزامن مع إنجازات اللحاق. ولكن يبقى أن هذا التناقض الفعلي يقع في صلب تشكل الشروط الموضوعية للتطور التاريخي في المجتمعات ما بعد الثورية. كانت أشكال التنظيم والعمل السياسيين، التي ابتدعتها "الأحزاب الثورية" (شيوعيو الأممية الثالثة بالدرجة الأولى) أسيرة الفكرة القائلة بأن الثورة "قادمة حتماً"، وأن شروطها الموضوعية قد اجتمعت. ولا ينقص "الحزب" إلاَّ بناء التنظيم المكلف بمهمة "فعل الثورة". وكان هذا يفترض في تلك الظروف أن يتم التركيز على التجانس ("الوحدة الفولاذية"، فيما بعد)، وعلى النظام شبه العسكري. احتفظت الأحزاب المشار إليها بأشكال التنظيم هذه حتى بعد التخلي عن خيار الانقضاض الثوري المباشر منذ سنوات 1920. عندئذٍ وضعت في خدمة هدف ذي أولوية مختلفة: حماية الدولة السوفياتية، من الداخل كما من الخارج.

في أطراف الرأسمالية المعولمة ـ "منطقة العواصف" في النظام الإمبريالي ـ ظل شكل آخر من الثورة على جدول الأعمال. إلاَّ أن هدفه ظلَّ ملتبساً ومشوشاً: هل هو تحرر وطني من الإمبريالية (والإبقاء على الكثير، بل على الأساس من العلاقات الاجتماعية الخاصة بالحداثة الرأسمالية)، أم أكثر من ذلك؟ وظلَّ التحدي نفسه:"اللحاق" و/ أو "صناعة شيء آخر"؟ أكان ذلك متعلقاً بالثورات الجذرية في الصين وفيتنام وكوبا، أو غير الجذرية في مناطق أخرى من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. وكان هذا التحدي يتمفصل بدوره مع مهمة أخرى اعتبرت أولوية كذلك هي الدفاع عن الاتحاد السوفياتي المحاصر.

3 ـ الدفاع عن الدول ما بعد الثورية في صلب الخيارات الاستراتيجية الطليعية :

وجد الاتحاد السوفياتي، وبعده الصيني، نفسيهما في مواجهة استراتيجيات عزل منهجي من جانب الرأسمالية المسيطرة والقوى الغربية. هل يجدر بنا أن نذكر بأن الولايات المتحدة، على مدى ثلث عمرها القصير، بنت استراتيجيتها، كقوة مهيمنة في النظام الرأسمالي، على هدف محدد هو تدمير هذين الخصمين، إشتراكيين كانا أم غير اشتراكيين؟ وهل نذكر بأن واشنطن تمكنت من أن تلحق بهذه الاستراتيجية حلفاءها في مراكز الثلاثية الأخرى وفي الأطراف، وأن تحل تدريجياً سلطة طبقات كومبرادورية محل السلطات النابعة من حركة التحرر الوطني ذات التوجه الشعبي؟

يفهم عندئذٍ لماذا أعطيت الأولوية عموماً لحماية الدول ما بعد الثورية، طالما أن الثورة لم تعد على جدول الأعمال المباشر. كل الاستراتيجيات السياسية التي وضعت ـ في الاتحاد السوفياتي أيام لينين وستالين وحلفائه، وفي الصين الماوية ثم بعد ماو والبلدان التي حكمتها أنظمة وطنية شعبوية، والطلائع الشيوعية (أكانت تحت راية موسكو، أو بكين، أو مستقلة) ـ كل هذه الاستراتيجيات تحددت بالقياس إلى المسألة المركزية : حماية الدول ما بعد الثورية.

لقد عرف الاتحاد السوفياتي والصين في آن معاً ترددات الثورات الكبرى وتواجها بنتائج التوسع المتفاوت للرأسمالية العالمية. وضحّى كل منهما، تدريجياً، بأهدافه الشيوعية الأولى في سبيل مقتضيات اللحاق الاقتصادي المباشرة. لقد حضر هذا الانزلاق، في التخلي عن هدف الملكية الاجتماعية الذي يعرِّف شيوعية ماركس، وإبداله بالإدارة الدولتية المترافقة مع أفول الديمقراطية الشعبية التي خنقتها الديكتاتورية الفظّة والدموية أحياناً،تسارع التحول نحو عودة الرأسمالية. وهو تحول مشترك في التجربتين كليهما على اختلاف المسارات التي أدت إلى ذلك. في الحالتين كانت الأولوية "للدفاع" عن الدولة ما بعد الثورية، وترافقت الوسائل الداخلية المستخدمة لهذا الغرض مع استراتيجيات خارجية مناسبة لها. عندئذٍ دُعيت الأحزاب الشيوعية إلى الالتحاق بهذه الخيارات، لا في الاتجاه الاستراتيجي العام وحسب، بل في التكيفات التكتيكية اليومية. وما كان هذا لينتج إلاَّ شحوباً سريعاً في فكر الثوريين النقدي، الذين ابتعد خطابهم المجرد بشأن "الثورة المرتقبة" عن تحليل التناقضات الفعلية في المجتمع، واستمرت لديهم أشكال التنظيم شبه العسكرية رغم كل المتغيرات.

حتى الطلائع التي رفضت الالتحاق، وتجرأت أحياناً على النظر إلى واقع المجتمعات ما بعد الثورية، لم تتخلَّ عن المقولة اللينينية الأصلية (الثورة المرتقبة)، دونما اعتبار لكون الوقائع تكذب هذه المقولة بشكل أكثر وضوحاً من يوم إلى آخر. ذلك كان حال التروتسكية وأحزاب الأممية الرابعة، وحال عدد كبير من المنظمات الثورية التي تستلهم الماوية أو الغيفارية. والأمثلة على ذلك كثيرة، من الفلبين إلى الهند، ومن العالم العربي إلى أميركا اللاتينية.

4 ـ بناء وطني و/ أو بناء اشتراكي في الأطراف المجذّرة :

اصطدمت حركات التحرر الوطني الكبرى في آسيا وأفريقيا، التي دخلت في نزاع مفتوح مع النظام الإمبريالي، مثلما اصطدمت الثورات التي قامت باسم الاشتراكية، بمقتضيات "اللحاق" وتحويل العلاقات الاجتماعية في صالح الطبقات الشعبية. على المستوى الثاني هذا كانت الأنظمة ما بعد الثورية أقل جذرية من الأنظمة الشيوعية. ولهذا السبب أطلق على الأنظمة الأولى صفة "الوطنية ـ الشعبوية". مع ذلك استوحت هذه الأنظمة أشكالاً من التنظيم التي وضعتها تجارب "الاشتراكية القائمة فعلياً" (الحزب الأوحد ، لا ديمقراطية السلطة، إدارة دولتية للاقتصاد). إلاَّ أنها أذابت فاعلية هذه الأشكال بخياراتها الأيديولوجية المشوشة والتسويات التي ارتضتها مع الماضي. في هذه الشروط تحديداً دعيت هذه الأنظمة القائمة، مثلما دعيت الطلائع النقدية (الشيوعية التاريخية في البلدان المعنية) إلى دعم الاتحاد السوفياتي، والصين بنسبة أقل، والحصول على مساعدتهما. لا شك أن بناء هذه الجبهة المشتركة ضد العدوان الإمبريالي للولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين واليابانيين كان مفيداً لشعوب آسيا وأفريقيا. فقد أتاح هامشاً من الاستقلالية لمبادرات الطبقات الحاكمة من تلك البلدان ولعمل طبقاتها الشعبية، في آن معاً. البرهان على ذلك يقدمه الواقع الذي أصبحت عليه هذه البلدان بعد الانهيار السوفياتي. وحتى قبل هذا الانهيار لم تحصل الطبقات القائدة ذات التوجه "الغربي" على أية فائدة تذكر (المثال الأبرز على ذلك يقدمه السادات الذي اعتبر أن الولايات المتحدة تمتلك 90% من أوراق الصراع العربي - الإسرائيلي، وأن الصداقة معها تسمح بقلب الأوضاع لمصلحة القضية العربية والفلسطينية). على العكس من ذلك شجع استسلام هذه الأنظمة توسيع الاستراتيجيات الهجومية لدى الإمبريالية (وعزز بالمناسبة محور واشنطن ـ تل أبيب).

أما ما كان يمكن أن يثير الجدل فهي الشروط التي فرضها الاتحاد السوفياتي على القوى السياسية الملتزمة جانب الطبقات الشعبية في البلدان الحليفة (وتحديداً الأحزاب الشيوعية). كان يمكن للمرء أن يتصور أن هذه الأحزاب ستحتفظ، في الجبهة المعادية للإمبريالية، باستقلالية كاملة في حركتها، كاعتراف بالإزدواجية الإشكالية في المشاريع والمصالح الاجتماعية للشركاء الملتزمين بهذه الجبهة. لأن الطبقات القائدة كانت مستمرة في مشروع ذي طبيعة رأسمالية، رغم كونه "وطنياً"، في حين أن تلبية مصالح الطبقات الشعبية كانت تفترض تجاوز هذا الأفق الذي كشف التاريخ حدوده الضيِّقة. على العكس من ذلك غذَّت خيارات الدولة السوفياتية الأوهام التي حملها المشروع الرأسمالي الوطني في ذاته، وأضعفت بالتالي تعبيرات الطبقات الشعبية المستقلّة. وكانت بدعة "الطريق اللاّرأسمالي" المزعوم تعبيراً عن هذا الخيار.

لا شك أنه في تلك المرحلة ـ مرحلة باندونغ (1955 ـ1975) كان من الصعب التمييز بين مصالح الأنظمة ومصالح شعوبها. فالسلطات هذه كانت قد انبثقت لتوها من حركات تحرير ضخمة هزمت الإمبريالية في أشكالها القديمة (الاستعمارية وشبه الاستعمارية)، وترافقت أحياناً مع ثورات حقيقية (الصين وفيتنام وكوبا). كانت هذه الأنظمة لا تزال "قريبة" من شعوبها وتتمتع بمشروعية راسخة.

قَبِلَ الشيوعيون العرب، في غالبيتهم، مقترحات القيادة السوفياتية: إذ تحوّلوا، في أحسن الأحوال، إلى "جناح يساري" للأنظمة الوطنية الشعبوية المعادية للإمبريالية. وقدموا بالتالي دعماً لا نقد فيه تقريباً، وعملياً بلا شروط. ولعلَّ أبرز الأمثلة على هذا حل الحزب الشيوعي المصري نفسه سنة 1965 على أملٍ وهمي أن يُسمَح له بإعادة تنشيط الحزب الاشتراكي الناصري. وكذلك التحاق خالد بكداش في سوريا بمقولة أن ما هو قائم على جدول الأعمال لا يمكن أن يكون أكثر من بناء وطني، وإخفاء طبيعته الرأسمالية. لقد عبَّرت عن رأيي في هذه المسألة المركزية في مكان آخر، وتحديداً في مناسبة نشر مذكرات عدد من مناضلي تلك المرحلة في مصر. وكانت خلاصتي أن الشيوعية العربية، بمجملها، لم تخرج من الإطار الأساسي للمشروع "القومي الشعبوي"، متجاهلة أنه يندرج في خيار راسمالي صرف في نهاية المطاف. لم يكن هذا الخيار ظرفياً، ولا "إنتهازياً"، بل كان من طبيعة بنيوية يعكس النواقص الأصلية لدى هذه الشيوعيات، وتشوُّش الإيديولوجيات التي تحملها، وأخيراً جهلها بالطبقات الشعبية التي كانت مدعوّة للدفاع عن مصالحها الاجتماعية المباشرة والبعيدة المدى. وكانت نتيجة هذا الاختيار البائس أن فَقَدَ الشيوعيون مصداقيتهم ما إن بلغت الأنظمة القومية الشعبوية حدودها التاريخية، ودخلت مشروعيتها في مرحلة التآكل. وبما أن اليسار الشيوعي لم يقترح بديلاً يتجاوز الشعبوية القومية، فقد نشأ فراغ على المسرح السياسي فتح الطريق أمام انتشار الإسلام السياسي.

لا شك أن بعض الشيوعيين العرب هنا وهناك رفضوا هذا الالتحاق اللامشروط بالدفاع عن سياسة الدولة السوفياتية. وأمثلة "القوميين" في اليمن الجنوبي، وبعض الكتل "الماوية" تقدِّم شواهد على ذلك. إلاَّ أنَّ هؤلاء أيضاً لم يخرجوا من فرضية اللينينية الأصلية القائلة "بأن الثورة أصبحت وشيكة". وكانوا في هذا يشاطرون الغيفاريين في أميركا اللاتينية والنكساليين في الهند الرؤيا نفسها. ويُثبت فشل الحركات الشجاعة التي استلهمت هؤلاء أن المقولة اللينينية تنبع من تبسيطية مأساوية، وأنها خاطئة في النهاية.

5 ـ فتح النقاش حول الانتقال الطويل إلى الاشتراكية العالمية :

بعد الاعتراف بخطأ لينين في تقديره للتحديات الواقعية ونضوج الشروط الثورية، علينا أن نذهب أبعد من النقد الذاتي لتاريخ الشيوعية في القرن العشرين، لكي نفتح نقاشاً مبدعاً ومكشوفاً في شأن الستراتيجيات الإيجابية البديلة للقرن الواحد والعشرين.

لن أعود هنا إلى ما سبق أن اقترحته في مكان آخر، بل ألخِّص الجوهري في النقاط الآتية:

I. علينا ان نتلمَّس ستراتيجيات تجيب على تحدي خيار "الانتقال الطويل"من الرأسمالية العالمية إلى الاشتراكية العالمية.

II. ستتمازج خلال هذه المرحلة منظومات اجتماعية واقتصادية وسياسية ناتجة عن الصراعات الاجتماعية لعناصر إعادة إنتاج المجتمع الرأسمالي، وعناصر تُطلق وتطوِّر علاقات اجتماعية اشتراكية. منطقتان متنازعتان في مزيج وتناقض دائمين.

III. الإنجازات على هذا الطريق ممكنة وضرورية في كل مناطق النظام الرأسمالي العالمي، في مراكزه الإمبريالية كما في أطرافه التي حُوِّلت إلى كومبرادور. بالطبع يجب أن تكون الستراتيجيات المرحلية لمثل هذه التحولات واقعية وخاصة بقوة الأشياء نفسها، وتحديداً فيما يتعلق بالتناقضات بين المراكز والأطراف.

IV. هناك قوى اجتماعية وأيديولوجية وسياسية تعبِّر من خلالها المصالح الشعبية عن نفسها، ولو في حالة من الغموض، بدأت تفعل في هذه الاتجاهات. إلاَّ أن هذه الحركات تقطر خيارات مختلفة، بعضها تقدمّي، وأخرى حاملة أوهام أو رجعية بوضوح (مثل الإجابات شبه الفاشية على التحديات). إنَّ تسييس السجالات بالمعنى الإيجابي والفعلي للكلمة يشكل شرطاً لبناء ما أسمّيه "التلاقي في التنوع" بين القوى التقدمية.

V. تشكِّل ضحايا التوسع الرأسمالي الليبرالي أكثرية في كل مناطق العالم. وعلى الإشتراكية أن تكون قادرة على تجنيد هذه الفرصة التاريخية الجديدة. وهي لا تستطيع ذلك إلاَّ إذا أخذت في الاعتبار التحولات الناتجة عن الثورات التكنولوجية التي غيَّرت في العمق هندسة البنى الاجتماعية. يجب ألاَّ تظل الشيوعية علم "الطبقة العاملة الصناعية" بالمعنى القديم للكلمة، فقط. لأنها تستطيع أن تصبح راية المستقبل لأكثريات واسعة من العاملين، بصرف النظر عن تنوُّع مراتبهم. إنَّ إعادة بناء وحدة العاملين، مَن يتمتّع منهم بوضعية مستقرة في النظام، ومَن هم مستبعدون منه، تشكِّل اليوم تحدياً رئيسياً للفكر الإبداعي للتجديد الشيوعي. في الأطراف يقتضي هذا البناء أيضاً تنظيم حركات واسعة قادرة على فرض حق الحصول على الأرض لكل الفلاحين. وتزداد إلحاحية هذا التجديد عندما نعرف أننا انتهينا بنسيان واقع أن الفلاحين يشكّلون نصف سكان الأرض، وأن الرأسمالية في جميع أشكالها عاجزة عن حلّ المشكلة الزراعية.

VI. إن استراتيجية عملٍ فعّال ضمن هذا الخيار المطلوب يجب أن تكون قادرة على إحداث اختراقات في اتجاهات ثلاثة: التقدُّم الاجتماعي، والديمقراطية، وبناء نظام عالمي متعدد المراكز. إن الديمقراطية السياسية المقترَحة كرفيق طريق لخيار الرأسمالية الليبرالية الاقتصادي هي على شفي إفقاد الديمقراطية كل مصداقيتها. وفي الاتجاه المعاكس، لم يعد مقبولاً فرض تقدُّم اجتماعي من فوق، بديلاً عن إبداع السلطة الديمقراطية للطبقات الشعبية لصيغ هذا التقدم وأشكال توسعه. لن تكون هناك اشتراكية من دون الديمقراطية، ولكن لا منجزات ديمقراطية من دون تقدُّم اجتماعي. أخيراً، ونظراً لواقع التنوع القومي (وتحديداً في الثقافات السياسية التي ترسم هذا التنوُّع)، واللامساواة الناتجة عن تاريخ توسع الرأسمالية العالمية، فإن فتح الآفاق التي تمكِّن من تحقيق اختراقات اجتماعية وديمقراطية يفرض بناء نظام عالمي متعدد المراكز. والشرط الأول لذلك، هو، بالطبع، إلحاق الهزيمة بمشروع واشنطن الرامي إلى السيطرة العسكرية على الكوكب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل إيديولوجي مسئم!!!
أفنان القاسم ( 2017 / 10 / 23 - 14:59 )
لا وجود لٌلإنساني فيه ولا يقف على قدميه أمام المنهج البنيوي!!!


2 - قطيعة مع الماركسية
فؤاد النمري ( 2017 / 10 / 23 - 20:41 )
منذ سبعينيات القرن الماضي كان لسمير أمين قطيعة مع الماركسية مخطوفا من قبل مدرسة فرانكفورت
منذ ذلك الحين انكب سمير أمين على بناء نظريات تنفي أوليّات الماركسية
فها هو يتحدث عن العديد من الثوراتالإشتراكية بينماالثورة التي أكدها ماركس وأيده في ذلك لينين هي ثورة اشتراكية عالمية لها مركز وأطراف
المركز ولضرورات أملاها التاريخ كان موسكو والثورات في الصين وفيتنام وكوبا وحتر ثوراتىالتحرر الوطني بقيادة البورجوازية إنما هي كانت ثورات طرفية تستمد لظاها من موسكو

ويزعم أمين أنه كان هم الشيوعيين في الأممية الثالثة الحفاظ على اتحاد جمهوريات الاتحاد السوفياتي
من المعروف لدى الغرب الإمبريالي أنه جند كل قواه العسكرية في العام 1919 لخنق البلشفية في مهدها ورد خائبا وانتصر عليه البلاشفة انتصاراً ساحقا
وفي الحرب العالمية الثانية كان الاتحاد السوفياتي هو القوى المتفوقة التي حمت الدول الامبريالية الكبرى من الغول النازي وثمة شهادات من رؤساء الدول الغربية تعترف بذلك

للأسف فنحن الماركسيين كما خسرنا جون شتاينبك وهاوارد فاست في الولايات المتحدة بفعل سموم الغرب ها نحن نخسر في العالم العربي الدكتور سمير أمين


3 - رؤية ستراتيجية أصيلة
حسين علوان حسين ( 2017 / 10 / 23 - 20:44 )
الرفيق الكبير الأستاذ الفاضل سمير أمين المحترم
تحية صميمية خالصة
استشراف ستراتيجي و عملي صائب لمهمات المرحلة القادمة .
فقط أردت الإيضاح بأن لينين قد كف عن التعويل على قيام الثورات الأشتراكية في أوربا الغربية بعد عام 1920 ، لذا نجد أن أنظاره قد تحولت بعدها شرقاً ، و لقد أثبت التاريخ صواب رؤيته الأخيرة .
موضوع تعدد الأقطاب الرأسمالية قد ولج الآن دور التبلور (محاور أوربا الغربية ، روسيا ، الصين) ، و هو سيرورة حاصلة لا محالة بفضل تفاوت وتائر التطور الرأسمالي .
هل ترى معي وجود بوادر تتقدم تارة و تتأخر للثورة الاشتركية في أمريكا الجنوبية و الوسطى و التي يمكن أن تفضي إلى بزوغ محور جديد هو اتحاد دول أمريكا اللاتينية ؟
حبي و تقديري و اعتزازي .


4 - هلا تفضلتم بأفهامي مالذي يقوله المنهج البنيوي ؟
حسين علوان حسين ( 2017 / 10 / 23 - 21:02 )
الأستاذ أفنان القاسم المحترم
تحية ، و بعد
في ت1
تفضلتم بالقول :
لا وجود لٌلإنساني فيه ولا يقف على قدميه أمام المنهج البنيوي
انتهى نصكم .
هلا تفضلتم بأفهامي مالذي يقوله المنهج البنيوي عن الثورات الأشتراكية السابقة و التي ستأتي و عن - الإنساني - كذا - لطفاً لكي استفيد ؟
معلوماتي الشحيحة جداً جداً تفيد بعدم وجود منهج بنيوي واحد في الغرب ، بل أن هناك عشرات المناهج البنيوية ، إن لم تكن مئات ، فعن أي بنيوية تتحدثون ، لطفاً ؟ أسعفوني بأسماء البنيويين ممن تقصدون ، تكرماً .
مع التقدير .


5 - سأكتب شيئًا حول الموضوع دكتور حسين
أفنان القاسم ( 2017 / 10 / 23 - 21:45 )
مع فائق شكري لاهتمامك.


6 - تكرم ، يا عيوني ، تكرم
حسين علوان حسين ( 2017 / 10 / 23 - 22:33 )
الأستاذ الفاضل السيد أفنان القاسم المحترم
ت 5
ممتن أنا لاستجابتكم ، و أنا بالإنتظار .
مع فائق التقدير .


7 - أسس اللينينية
فؤاد النمري ( 2017 / 10 / 23 - 22:49 )
حسين علوان حسين لا يعرف من اللينينية سوى اسم لينين
في كتاب أسس اللينينية لستالين كانت هذه الأسس ثلاث تناقضات
الأول التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج المتركز في الغرب الرأسمالي
الثاني هو التناقض بين القوى الاستعمارية وشعوب المستعمرات
الثالث هو التناقضات بين مختلف الدول الرأسمالية نفسها

فأن يزعم حسين علوان حسين أن لينين كف عن التعويل على قيام الثورات الاشتراكية في الغرب فهو ينكر أول التناقضات التي عوًل عليها لينين

أنت يا حسين علوان وسمير أمين تسيئان للينين
فكفا عن ادعائكما المؤذي بالماركسية


8 - الثورة ودولتها...!
طلال الربيعي ( 2019 / 6 / 20 - 21:36 )
للاسف لا اعتقد ان الاستاذ الكبير سمير امين, مع احترامي الشديد له, مطلع بشكل كاف على تاريخ الحزب الشيوعي -البلشفي الروسي وخصوصا اثناء ثورة اكتوبر وقبلها او بعدها, لذا ان كلامه
- كانت أشكال التنظيم والعمل السياسيين، التي ابتدعتها -الأحزاب الثورية- (شيوعيو الأممية الثالثة بالدرجة الأولى) أسيرة الفكرة القائلة بأن الثورة -قادمة حتماً-، وأن شروطها الموضوعية قد اجتمعت. ولا ينقص -الحزب- إلاَّ بناء التنظيم المكلف بمهمة -فعل الثورة--.
لا يتسم بالدقة, فلو كان هذا الفهم الميكانيكي موجودا على كل الاصعدة لما اضطرت ثورة اكتوبر ودولتها لاحقا وكذلك احزاب الاممية الثالثة الى خسارة الملايين من بنات وابناء شعوبها من اجل قيام الثورة. او انضاج شروطها, والدفاع عنها وعن دولتها. نعم كان هنالك ولايزال البعض من الحمقى الذين يؤمنون بحتمية تحقق الثورة ميكانيكيا وتلقائيا ولكن حتى هؤلاء في قرارة انفسهم لم يكونوا متأكدين تماما من معتقداتهم وانعكس ذلك في سلوكياتهم.

يتبع


9 - الثورة ودولتها...!
طلال الربيعي ( 2019 / 6 / 20 - 21:37 )
كما ان الكاتب المحترم يضع حواحزا كونكريتية ين الثورة, من جهة, والدولة ما بعد الثورة, من جهة اخرى. ولا ادري كيف يمكن الدفاع عن الاولى دون الدفاع عن الثانية.


10 - مقال حيوي
حميد خنجي ( 2019 / 6 / 20 - 22:58 )
ا
بدا : ماجال في خاطري ما كتبه الزميل العزيز نقدا او تساؤلا للزميل البنيوي القاسم. نحن في انتظار ما سيكتب القاسم ليس حول البنيوية بل حول اختلافه مع أمين وخاصة حول مفهومه لما سماه -الإنساني-. المشكلة أن ت الزميل القاسم يحلل أو يقرأ خارج إطار النهج الماركسي. بل انه عادة معاد للماركسية بشل سوقي بدون أن يفهمها. على كل سننتظر ما يفيدنا به في مقاله المامول
اما المسالة التي يطرحها الزميل النمري حول ان الغرب الاوروبي ما زال يشكل الهاجس الاساس للينين في عهده واستبصاره للثورات القادمة المامولة. الحقيقة أن لينين ومنذ فشل الثورة في ألمانيا سنة 1919 قد أدرك قبل غيره من ان أوروبا والدول الكبرى فيها قد باتت بعيدة عن الثورات المامولة في حينه. وكان محقا في النظر إلى آسيا وحركات التحرر الوطني.. الخ
الخلاصة انا اعتقد ان ما كتبه الرأحل آمين مهم جدا وهي أمور قد تثير استنتاجات لاحقة قد تختلف في بعض ما جاء في المقال نفسه
تحياتي للجميع


11 - ويفلس الماركسيون أيضاً
فؤاد النمري ( 2019 / 6 / 21 - 06:21 )
في المؤتمر الأخير الذي عقده الحزب الشيوعي البولشفي في أكتوبر 52 أكد القائد الفذ للثورة الإشتراكية العالمية يوسف ستالين أنه لولا الشيوعيين في فرنسا وإيطالياوالدول الغربية ما كان الإتحاد السوفياتي ليكون بالرغم من قواه الجبارة في الحرب على النازية

هذا يعني بالرغم من كل دعاوى الماركسيين المفلسين أن قيادة الثورة الإشتراكية العالمية وعلى رأسها لينين وستالين لم تسقط من حسابها التناقض الرئيس وهو سبب كل التناقضات الأخرى في الغرب الرأسمالي

الماركسيون المفلسون يسقطون من حسابهم الوحدة العضوية لمختلف القوى في الثورة الإشتراكية العالمية بما في ذلك وحدة التناقضات


12 - مقال حيوي 2
حميد خنجي ( 2019 / 6 / 21 - 11:25 )
كعادته زميلنا العزيز النمري ما انفك يتعبد في محراب أسطورة العظمة والغلو في تصوراته وقدرته العجيبة في تحويل اي اختلاف في وجهات النظر الى مشادة.بجانب فهمه الخاص لعلم الماركسية (الماركسية الوثنية) وعبادة الشخصيات القيادية. ولانتوقع منه بالطبع تغيير مسلكه وقد بلغ من العمر عتيا! فهذا ديدنه الذي لافكاك منه.
.. بودي فقط ان اشير الى فهمه لاشكالية التناقض ووحدته.. وهنا كان يشير الى الدول الكبرى قي الغرب الاوروبي معتبرا ذلك كان في حينه التناقض الاساس (الصراع بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج)، الامر الذي قد لانختلف معه. غير ان مانختلف معه هو أن الصراع المذكور والذي يحدد جوهر سير التاريخ ينطبق في كل مكان بافيه المجتمع الروسي أو السوفيتي نفسه. أي أن هذا القانون ليس حكرا على الدول الرأسمالية العريقة الغربية. يبدو أن الاخ النمري يعتبر أن جوهر الصراع في المجتمعات الاخرى
حينئذ ، ومنها المجتمع الروسي ، يجري وفق قانون آخر. أو على الأقل هذا ما يفهم مما طرحه.
يبقى ان نشير الى تصنيفه المفضل مع من لايتفق معه في
هذه المسالة او تلك وهو وضع هذا الشخص او الاشخاص في خانة الافلاس - الماركسيون المفلسون


13 - الماركسيون المفلسون
فؤاد النمري ( 2019 / 6 / 22 - 06:59 )
يؤسفني جداً أن ينظم الرفيق العزيز حميد خنجي إلى صف تاماركسيين المفلسين فيؤكد أن التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج سيطر أيضاً على مشروع لينين في الثورة الإشتراكية العالمية
وعليه فالماركسي المفلس حميد خنجي يعتبر انهيار الإتحاد السوفياتي خطوة تقدمية إذ نجحت قوى الإنتاج في تحطيم علاقات الإنتاج !!!
وما يزيد من الإستهجان هو أنه يعتبر ما يقول هو اختلاف في وجهة النظر مع فؤاد النمري
ما تقوله يا حميد ليس وجهة نظر بل هو عداء في الصميم لماركس وللمشروع اللينيني

الإنقلاب على الإشتراكسة بدأ فعلياً بإلغاء الخطة الخمسية الخامسة في ايلول 53 لأجل الإنصراف إلى التسلح بموجب قرار قيل أنه صادر عن اللجنة المركزية
إن لم تفسر ذلك القرار حسب فهمك للتناقض الرئيس في الإشتراكية السوفياتية فلا تلمني إن اعتبرتك من الماركسيين المفلسين


14 - مقال حيوي 3
حميد خنجي ( 2019 / 6 / 22 - 14:28 )
مهلا أيها الأخ الكبير فؤاد
حتى نكون موضوعيين ومنهجيين اقترح ان نقلص نقطة الخلاف حول الآتي : هل القانون الاساس الذي يتحكم في مجمل إنتاج النمط الرأسمالي (التناقض بين علاقات وقوى الإنتاج) ينتفي كليا أو أنه بالفعل انتفى كليا في المجتمع السوفيتي! هذا هو السؤال النظري وحتى العملي الكبير الذي لم يجب عليه أحد حتى الآن - حسب علمي- . انت تعتبر أن القانون هذا انتهى دوره التاريخي مع شروع المشروع اللينيني بالعمل على الأرض. أي بين ليلة وضحاها أو حسب تعبيرك النظري الملتبس -مرحلة البرزخ 2 أنا اعتبر أو اجتهد بأن القانون لم يتنف كليا. بسبب أن بناء المجتمع الاشتراكي الانتقالي يتطلب مرحلة صعبة و مؤلة. وبالتالي العسف الطبقي لاينتهي. بل انه وحسب نظرية ستالين نفسه أن الصراع الطبقي سيزيد كلما تطور المجمع في البناء الجديد الاشتراكي. وانت بالطبع تتبنى هذه المقولة الستالينية، التي تتعارض مع ما تدعيه: انتفاء القانون المذكور! 2 لان المجتمع الجديد الذي هو في طور التشييد غير واضح المعالم ولا أحد استطاع أن يتنبأ بمداه و آمده. وحتى ماركس نفسه لم يتكلم في شيء غير واضح بالنسبة له .. يكتمل
ت


15 - عزيزي حميد خنجي
فؤاد النمري ( 2019 / 6 / 22 - 19:09 )
يحزنني كثيرا أن منضلاً مثلك له شأن في الدفاع عن الماركسية يتحدث عن الإشتراكية السوفياتية حديث النظام الرأسمالي
لك أن تعلم أنه لم يكن في الاتحاد السوفياتي علاقات إنتاج فالبروليتاريا تمتلك كل السلطة ولم تعد مأجورة وقوى الإنتاج هي نفسها البروليتاريا هذا من المفاهيم الأولية للإشتراكية التي أشار إليها ماركس
ماركس لم يتحدث حول شروط تطور الإشتراكية لكنه أكد على أنه لا تكون هناك اشتراكية خارج دولة دكتاتورية البروليتاريا وهو ما كانته الدولة السوفياتية حتى اغتيال ستالين في 28 شباط 53
في العام 61 أعلن ما ظل يسمى زوراً بالحزب الشيوعي أعلن استبدال دولة دكتاتورية البروليتاري ب -دولة الشعب كله- وهو ما يعني أنه لم يعد هناك اشتراكية كما اعتقد عامة الشيوعيين وبعد خروجي من السجن عام 65 تركت الحزب لهذا السبب

ما يحز في النفس أن شيوعيين مثل الرفيق خنجي لا يعرفون كيف كان يحكم الحزب النظام الإشتراكي بقيادة ستالين ولا يعرفون قيمة الخطة الخمسية الخامسة ولماذا ألغيت وهو ما كان الإنقلاب الأعمق على الإشتراكية
كيف ولماذا الإنقلاب فقد شرحت ذلك باستفاضة في مقالي -في علم الثورة الإشتراكية- مؤخرا

تحياتي البولشفية


16 - مقال حيوي 4
حميد خنجي ( 2019 / 6 / 22 - 20:56 )
تكملة
أخي الكريم فؤاد.. لماذا تستعجل الأمر والأحكام السريعة المجحفة وانا لم أكمل فكرتي بعد. أين انا افترضت أن المجتمع السوفيتي كان ذو نظام أو نمط راسمالي. هذا ما يعتقده التروتسكيون وقرائنهم أمثال الحكمتيين وغيرهم. وانت بالطبع لست على صواب من ان نمط المجتمع الاشتراكي، الذي كان في طور التشييد فحسب قد انتهى مع موت ستالين. نعم انتقلت قيادة الحزب الى نزعة يمينية من نمط زعامة يساروية ارادوية (طوال عهد ستالين) غير ان الاساس اي مشاركة الشعب-النسبي بالطبع- في الاستمرار في تشييد التجربة الاشتراكية ظل كما كان. غير ان النمط الاشتراكي كان سياسيا وقانونيا وثقافيا ولكن لم يكن اقتصاديا بالكامل! اي ان المنتوج كان ينتج من اجل السوق أولا -الداخلي والخارجي- وليس فقط من اجل الاستعمال، الامر الذي لايكون بالطبع الا في مراحل متقدمة للاشتراكية والتي تشارف نمط تعاونية متقدمة ونظام لاسلطوي لاطبقي (المنظومة الشيوعية). هذا إذا لانذكر الرواتب والبيروقراطية الحزبية والسوق السوداء وأقتصاد الظل الطفيلي..الخ. اي ان المجتمع كان يان من صراع خفي بين الكادحين والمتنفذين الحزبيين بالرغم من الإنجازات الاشتراكية .. يكتمل ة


17 - مقال حيوي 5
حميد خنجي ( 2019 / 6 / 22 - 21:48 )
تكملة
على كل باعتقادي أن أمورا عديد متعلقة أساسا بالاقتصاد السياسي في حاجة إلى اجتهادات جديدة وجريئة (لا ادعي ذلك بالطبع). والجانب هذا الذي أتطرق إليه في حاجة إلى مقال خاص، بدل التعليقات
فقط تكملة لنقطة الخلاف وهي السؤال : هل القانون الرأسمالي العام للإنتاج (التناقض بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج ) لم يكن موجودا ابدا في العهد أو في نمط اقتصاد السوفيتي، الذي لم يكن اشتراكيا كاملا، بل مجتمع يقوم بتجربة بناء اشتراكي ما. ومن المعروف أن التجربة هذه حدثت في مجتمع شبه راسمالي. أي أن الحاجة الموضوعية كانت تتطلب نوعا من اقتصاد مختلط لفترات اطول (قطاع عام شامل وقطاع خاص) مثل خطة النيب اللينينية، التي الغاها -ستالين- بجرة قلم ؛ لا عن فهم بل عن قصور في ذلك الفهم. وها هي التجارب اللاحقة قد اثبتت ذاك
رجوعا إلى افتراضي الشخصي : أعتقد أن القانون المذكور أعلاه كان يقوم بدوره في عدم المساواة النسبية في المجتمع السوفيتي، بشكل او بآخر، لأسباب ذكرتها أعلاه وأيضا بسبب عدم اكتمال النمط الرأسمالي أي الحاجة الموضوعية والضرورية لأخذ الإنتاج الرأسمالي الخاص مداه ولكن برقابة من الحزب الطليعي ... يكتمل ب


18 - الرفيق خنجي
فؤاد النمري ( 2019 / 6 / 22 - 22:21 )
أنت تساءلت في مداخلتك 15 فيما إذا التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج قد انتفى في المجتمع الإشتراكي
والتساؤل غير شرعي إذ في الإشتراكي ليس هناك علاقات للإنتاج فالبروليتاريا لم تعد عمالة مأجورة وكل السلطة بأيديها

أنت وعامة الشيوعيين تجهلون وتتجاهلون وقائع الأمور في الإتحاد السوفياتي في الخمسينيات ولذلك لا تملكون أدنى الحقوق في تقرير الأمور لمصائر الإتحاد السوفياتي

في المؤتمر التاسع عشر للحزب طلب ستالين تغيير كل القيادة للحزب لأنها بسبب الشيخوخة لم تعد قادرة على القيام بوظائفها لكن الهيئة العامة انتخبت نفس القيادة فعاد ستالين يؤكد هواجسه على مستقبل الثورة وطالب بانتخاب 12 عضوا من الشباب المتحمس للشيوعية ليتألف المكتب السياسي من 24 عضوا وليس 12 فقط فكان ذلك ولدي أسماؤهم
صباح 6 مارس وقبل أن يدفن ستالين اجتمع الأعضاء الثمانية القدامى وقرروا إلغاء انتخاب الأعضاء الإثني عشر الجدد وهذا مخالف للقانون كما تعلم
وبعد ستة شهور اجتمعت اللجنة المركزية وقررت إلغاء الخطة الخمسية لأنها توهن وسائل الذفاع حسب القرار وهذ انقلاب كامل على الإشتراكية وليس من صلاحيتها

يتبع


19 - الرفيق خنجي
فؤاد النمري ( 2019 / 6 / 22 - 22:57 )
استقال مالنكوف احتجاجاً على ذلك القرار واستبدل برجل العسكر خروشتشوف
في العام 56 طلب العسكر من خروشتشوف أن يخطب ضد ستالين ولما كان المكتب السياسي ألقى خروشتشوف خطابه الفضائحيفي جلسة خاصة بعد ارفضاض المؤتمر
في يونيو حزيران اجتمع المكتب السياسي ليدرس خطة خروشتشوف -إصلاح الأراضي البكر والبور- ورفض الخطة وقرر سحب الثقة بأغلبية 2:7 وكان جوكوف حاضرا كونه مرشحا لعضوية المكتب فعقب في الحال -الجيش لن يقبل هذا القرار- وفي اليوم التالي جمع جوكوف أغلبية أعضاء اللجنة المركزي بالطائرات العسكرية لتقرر طرد الأعضاء السبعة الذين سحبوا الثقة من خروتشوف
في العم 61 قرر الحزب إلغاء دكتاتورية البروليتاريا وهو ما يعني حسب ماركس وحسب لينين انتهاء الإشتراكية.

بعد إلغاء الخطة الخماسية في ايلول 53 لم يعد الاتحاد السوفياتي ينتج غير الأسئلة وهو الإنتاج الوحيدالذي يقاوم الإشتراكية

انتهت الإشتراكية بانتهاء حياة ستالين
التاريخ يؤكد هذه الحقيقة











20 - الرفيق حميد خنجي
فؤاد النمري ( 2019 / 6 / 23 - 06:51 )
الرفيق خنجي ما زال يتساءل فيما إذا التناقض الرئيس في النظام الرأسمالي ليس موجودا في النظام الإشتراكي ومن أجل أن يعطي شرعية لتاؤله يقول الإشتراكية لم تمن مكتملة في الإتحاد السوفياتي
طبعاً التساؤل ليس مشروعاً إلا إذا كانت الإشتراكية السوفياتيت مكتملة
وهنا جاء حميد ليكحلها فعماها
الإشتراكية يا حميد ليست نظاماً اجتماعيا بل هي فترة إعداد للإنتقال إلى الحياة الشيوعية تتم خلالها محو الطبقات كما أكد لينينومن أجل ذلك تأخذ دولة دكتاتورية البروليتاريا بالتنكر لكل مصفوفة الحقوق وبذلك فالعامل السوفياتي لا يقبض حقه في الأجر بل معاشا يحفظ له الحياة وبذلك كان الحزب في نهاية كل مشروع خماسي يرفع معاش العمال ويخفض الأسعار
الإشتراكية السوفياتية كمرحلة إعدادية حققت أكثر من المتوقع فخلال 20 سنة فقط 1922-41
وغدا الاتحاد السوفياتي أقوى دولة في الأرض وهو ما لم تحققه الدول الرأسمالية في ثلاثة قرون وفي العام 61 تبجح خروشتشوف أن إنتاج الإتحاد السوفياتي أكثر من إنتاج دول غرب أوروبا

وهنا أستطيع أن أؤكد أن هذر سمير أمين أعلاه لا علاقة له بالماركسية طالما أنه يرسم التاريخ على خاطرة بينما هو من صناعة قوى الإنتاج


21 - مقال حيوي 6
حميد خنجي ( 2019 / 6 / 23 - 11:14 )
صدق الله العظيم
والله اني احسدك يا صديقي على هذه اليقينية التي تتمتع بها


22 - مقال حيوي 6
حميد خنجي ( 2019 / 6 / 23 - 13:19 )
نيكولاي بوخارين (أكتوبر 9، 1888 - مارس 15، 1938) كان ماركسي بلشفي سياسي سوفيتي نشط في الثورة البلشفية ثم في الحكومة السوفيتية حتى أصبح أحد قاداتها شغل العديد من المناصب لعل اهمها: عضوا في المكتب السياسي (1924-1929)واللجنة المركزية (1917-1937)لأمين العام للجنة التنفيذية للأممية الشيوعية (الكومنترن ورئيس تحرير جريدة برافدا (1918-1929)، بعد وفاة لينين. تحالف مع ستالين ضد خصومه من المعارضة المتحدة حتى تفوق عليهم الا انه سرعان ما اختلف مع ستالين وعارض سياسته إلى ان أزيح من المكتب السياسي عام 1929. كان أحد أهم الضحايا للتصفيات الجسدية التي حدثت في الثلاثينيات.
هل كان يستحقق هذا الألمعي العظيم ماحدث له


23 - الرفيق حميد خنجي
فؤاد النمري ( 2019 / 6 / 23 - 16:00 )
الفرق بيني وبينك أنني أقرأ التاريخ قراءة ماركسية وأنت لا تحاول أن تتعرف على التاريخ
أنا لا أتحدث عن يقينية كما تقول أنا أتحدث عن وقائع
لو أنك قرأت مقررات المؤتمر التاسع عشر للحزب لكنت حميد خنجي ثاني

لم تجبني لماذا قررت اللجنة المركزية إلغاء الخطة الخمسية في ايلول 53 وكنت حينذاك غرا مؤيداً للإلغاء

أما بالنسبة لبوخارين فلعلك تحصل قراءة خطابه في المحكمة وقد أهاب بالمحكمة ألا ترحمه وتحكم عليه بالإعدام
خروشتشوف أعاد تأهيل جميع الذين تآمروا على الحزب والدولة ما عدا بوخارين وقد أدين بالعلاقة مع تروتسكي والتنسيق مع هتلر

الإشكال الرئيسي لدى الشيوعيين المفلسين هو أنهم لم يقرأوا تاريخ المشروع اللينيني كما هو بالتفصيل
بالمناسبة دعا ستالين لجلسة مجلس الوزراء وقال لهم أنه بلغ من العمر 74 عام وعليه أن يتقاعد واقترح أن يحل محله أحد الذين انتخبوا مؤخرا لعضوية المكتب السياسي فعارض الإقتراح خروشتشوف وبيريا ومالنكوف وبولغانين
دعا ستالين هؤلاء الأربعة للعشاء معه في منزله الريفي في 28 شباط كي يغيروا الرأي
ولما كان ستالين قد هددهم بالاستغناء عنهم قرر هؤلاء باستثناء بولغانين اغتيال ستالين بالسم وهو ما كان

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم