الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يؤطر الإتصال استتباب السلام والتعايش ....في عالم اليوم ..!؟

السالك مفتاح

2008 / 11 / 11
الصحافة والاعلام


‏ مقدمة لقد حملت الكلمة على طول الارض وعرضها عبر الازمان بذور التغيير ولقاح الحضارة،رغم اختلاف الرسالات وتبدل القيم واختلاف المصالح . اذ بقيت الكلمة جسر العبور بين الماضي والحاضر والمستقبل ..!؟
الكلمة كانت رائدة،بل هي النقلة التي احدثت الطفرة وأرخت للتحولات العظيمة التي عرفها العالم منذ اكتشاف الورق ودوران عجلة الصناعة( وقبل الكتب السماوية : صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ ، انجيل عيسى، زابور داود ، وتورات موسى ، القران الكريم على محمد عليه افضل التسليم وازكى الصلاة ..)
وهكذا تصبح مهنة الاتصال و الصحافة مهنة المسؤولية الاخلاقية قبل غيرها، خاصة بالنسبة لصفوة المجتمع.. بل هي وسيلة لترويض الذهنيات وانماط الحياة وزرع بذور التغيير والتاطير للتعايش بين الناس ، او زرع الكراهية والفتنة ، كونها سلاخ ذو حدين .. فالصحافة ورجال الاتصال عامة، دورهم يتجاوز الحدود الجغرافية، ويتضاعف في عالم ثورة المعلومات و عالم البصريات، وما ينجر عن ذلك من ثورة التطلعات والتحديات التي تقع على كاهل الصفوة لما تقتضيه الرسالة من حنكة وما تتطلبه من مراس ومسؤولية في القائمين عليها ..و لما تنطوي عليه الرسالة من دقة وامانة ،وما تتطلبه الحقيقة من انصاف وموضوعية وحياد .. فتلك همة نبيلة في رسالتها،لكنها خطيرة في ادائها ووقعها كونها مبنية على التزاوج بين السرعة والمصداقية ..!!
لهذا وغيره كثير، كانت الديانات والهبات الاجتماعية والثورات السياسية والعلمية التي غيرت مجرى العالم خلال تاريخ الانسانية الطويل اعلامية في رسالتها وفي اساليبها..في اعتماد منطق الحجة و الاقناع في الخطاب الاتصال .
فلم يخرج الرسل والمبشرون والساسة ،عن ذلك السياق في عدتهم وعتادهم ،خاصة اعتماد المحجة والاقناع في التبشير بالمثل ..رغم اختلاف المناهج والمناهل وتضارب المصالح ، ذات اليمين وذات الشمال ،الا ان جميع هؤلاء اعتمدوا الاتصال وسيلة واداة في ان معا .
وظلت الوسيلة والرسالة متلاصقتين ومتلازمتين،تلازم الروح والجسد. والاكثر من هذا ان الرسالة،او بالاحرى الاتصال كان السهل الممتنع والمعركة المتواصلة ،والتحدي الماثل في الاذهان و الرهان المسيطر على الافئدة ،خاصة بالنسبة لاولي الامر واصحاب النهى في المجتمعات والدول على مر الزمن ...!!
وفي الصحراء الغربية،كان المبشرون بثورة التغير والداعين للخروج بالمجتمع من بدوية القرون الخوال وتحقيق الطفرة التي ساهمت خلال الثلاثين سنة الماضية في التاطير لنقلة نوعية ، تجعل البدوي الصحراوي يتحرر من عالم القبيلة الضيق ويتكيف مع عالم القرية والتكنولوجيا في ظرف قياسي هم صفوة من الثقاة بزعامة جيل من الشباب (منهم من درس الصحافة والسياسة في جامعات القاهرة ودمشق والرباط، منهم من لم يلج مقاعد الجامعة، لكنهم جميعا ساهموا في المعركة وكانوا ورواد مدرسة العصامية)..!!؟
كيف يساهم الاتصال في التعايش والوئام بين الفرقاء في المنطقة ..!؟
‏ اذاكانت قوة خفية، تمكنت ،خلال العقود الماضية ، بان تمارس دور التعتيم تارة ، والمغالطة تارة اخرى او ‏المزايدة بملف الصحراء الغربية، او تسويقه باثواب غير حقيقية ، او بالاحرى تلعب على الحبلين بين محاور ‏الصراع واطرافه المختلفة، فانه مع انقشاع ضبابية الحرب الباردة وذوبان ثلوجها الماطرة وتحول صخورها ‏الى شلالات مائية ،جرفت الغموض و عرت شبح الخوف من قناعه المخيف، خاصة بالنسبة للقوة وللمصالح ‏المتنفذة دوليا، وبالنسبة كذلك للراي العام العربي وللشعب المغربي..!!‏
‏ بات فقط انه يتعين ان نبني جسور المستقبل على ارضية قوامها الوضوح في الطرح وفي التفكير وفي ردم ‏الهوة ومحو اثار الحرب المدمرة .. ومن ثمة التاطير لمرحلة ما بعد المفاوضات وهذه مهمة يتقاسمها صناع ‏القرار مع صناع الراي العام، ويلعب فيها المسجد والكنيسة والاذاعة والصحيفة ، المدرسة ، الجامعة ، مراكز الدراسات ..، الدور المتميز في ظل عالم القرية الذي توفره وسائل الاتصال الحديثة..!! ‏
‏ اذا كان ذلك يتطلب قرارا من جانب من بيده القرار السياسي، فان القائم بالاتصال يلعب الدور الفاعل، ليس الناقل المتفرج، بل ‏المبشر القادر على التبصير والتجسيد.. فتح الحوار بين الاطراف ..كشف الحقيقة و جعلها في متناول الراي ‏العام ، عبر مختلف المنابر و من زوياها المتعددة.. تنوير مختلف زوايا ها المعتمة، فضح المزايدين والمرابين والناهبين للثروات والعابثين بالحقوق الادمية ..!! ‏
‏ هنا تبرز مسؤولية رجال الاتصال في ترجمة الفعل الى حقائق تنبض حيوية .. تفيض مشاعر، خاصة امام اللامبالاة من ‏الامم المتحدة في تطبيق مخطط التسوية و عجزها عن فرض القانون بحد السيف(كون القضية حبيسة البند ‏السادس)، وتغافل المجتمع الدولي عن اداء دوره ،على غرار ما حدث في الكويت سنة 1992 وفي افغانستان ‏سنة 2001، ويحدث الان في العراق ، او لبنان او السودان، فلسطين، وكوسوفو ليست منا بعيدة ..!؟
‏ هنا يصبح رجل الاعلام ليس بحامل رسالة بل صاحب قضية في مواجهة جبال الحرب النفسية التي خلفتها ‏سنوات طويلة من السجال السياسي والحرب العسكرية ، و تداعياتها البسيكولوجية والتي تمتد حتى اليوم في ظل صراع لايزال سيد ‏الموقف.. ليس فقط في جوانبه التقنية (جدران،الغام ،حصار، حصار.. ) بل وايضا في جوانبه النفسية وهواجسه ، خاصة ‏إن جبهة البوليساريو قدمت بعض الضمانات للنظام المغربي(ضمانات امنية، تقاسم الفاتورة، استثمار الثروات، التنازل عن ‏تعويضات ضحايا الحرب ..) وللمستوطنين المغاربة(حق الجنسية ، حق الاقتراع في الاستفتاء لمن قضى اكثر من عشر سنوات .. حق التملك..) وحق السلطة في المغرب في الولاية على مستوطنيها لفترة يتم الاتفاق عليها .. وهم الذين يشكلون اكثر من ثلثي ‏ساكنة الاقليم في شطره المحتل من طرف القوات المغربية منذ 1975.. !؟
هنا نتوقف امام جملة من التحديات والمصاعب : كيف يمكن خلق بئية للسلام والتعايش عبر ميثاق المصالحة مع التاريخ وطي سنوات الماضي ..!؟ كيف يمكن ‏تجاوز عقد الحرب وتخطي حواجزها .!؟ كيف يمكننا نحن جيل الصحفيين والكتاب ورجال ثقافة واصحاب قضايا ، ليس في الصحرا ء الغربية بل كذلك ‏على المستوى المغاربي والدولي ،ان نكسر اجواء الخوف ونشع بدلها ثقافة الايمان برسالة السلام والمحبة والتعايش بين ‏الشعوب، وان نفضج جرائم الحرب من جدران وفظاعات ترتكب في حق الابرياء ..!؟ وكيف نشيع ثقافة القطيعة مع الماضي ، وزرع قيم جديدة وبديلة اساسها التسامح،و حتمية ‏التعايش بين شعوب المنطقة التي تجمعها عوامل الجغرافيا والتاريخ والقيم الروحية الاسلامية، ان ‏تتعايش فيما بينها ، ولنا في جنوب افريقيا اكثر من درس ..!؟
‏ ذلكم ان قيم السلام والمحبة والوئام تغرس اولا في الانفس وتحقن،وكذلك فان قيم البغض والكراهية والشر تزرع ‏في البشر قبل ان نشاهدها معارك وصراعات تملآ الساحات والميادين، لاتبقي ولاتذر، وتلك حقيقة ازلية ..!؟
‏ تلكم هي تحديات لرجال الاعلام .. ورهانات رجال الاتصال من ذوي الضمائر الحية الذين نذروا انفسهم لخدمة قضايا ‏السلام زمن الحرب والتوتر.. انها ملحمة بناء مابعد الحرب ، معركة مواجهة التخلف وثقافة الفتنة ومخاطرها الممتدة عبر دعايات وسموم والتي تعشوش في رؤوس الفتنة ، كيف نظهر حقيقة المغالطة ‏..!؟
فهل نستطيع ان نساهم في اشاعة هذه القيم والمرافعة عنها في مواجهة الاخرين، خاصة تلك النفوس التي تجد نفسها متورطة في اطالة امد النزاع والغنيمة من دوامته او التي اعتادت المتاجرة بمآسي الآخرين او سماسرة الحرب وتجارها الماكرين .!؟ كيف يمكن للاعلام ان يوطد ‏دعائم المحبة ويؤسس للسلام في الضمائر والاذهان ..!؟
اسئلة بعضها يتطلب منا جوابا واخر يدعونا للتمعن والتدبر ..!!
ذلكم إن ‏ المصالح الجيو استرانيجية المتضاربة تخلق التاثير عبر الاعلام ووسائط الاتصال ، لكن بقوة القرار السياسي وبثقل الموازين ‏تجعل العالم قطبا احاديا،فقط باصوات متعددة رغما عن انف قضاياه المتنافرة ..!!‏
وفي زخم استحضار هذه التحولات والتغيرات التي افرزتها الموجة الجديدة ،يصبح رجل الاتصال ورسالته ليس اداة ، ‏بل فاعل في معركة خاصة بالنسبة لقضية ذات اهمية سياسية ومصيرية على منطقة المغرب العربي ، لكن يلفها الغموض ‏وتعاني من الهامشية على اجندة المصالح الدولية المتنفذة ،في ظل غياب فعل ملموس امام جمود مسار التسوية، ‏رغم محاولات الامم المتحدة المتعثرة لزرع تدابير الثقة عبر الزيارت المتبادلة بين اطراف العائلة الصحراوية ‏المقسمة منذ ثلاثين سنة من جراء الجدران وتحركات بعض الفاعلين في المغرب وفتح منابر جديدة في هذا البلد، الا ان جدران الحرب النفسية وجبال ‏الدعاية التي خلقها الجفاء والصراع في المنطقة تبقى من الصعوبة بمكان تخطيها بين عشية وضحاها ، خاصة ان ‏الشعب المغربي ظل مغيبا ردحا من الزمن اسير اسطوانة خطاب "المسير" الزاعم بتحرير الصحراء والبيعة والمحتجزين .. فالحقيقة كانت اولى ضحايا حرب الصحراء ..!؟ وكذلك الراي العام العربي والدولي الذي ‏يجهل حقيقة نزاع الصحراء الغربية..!؟.‏
الحقيقة ان الرسالة لم تكن باليسيرة ،ولن تكن بالسهلة في غياب ارادة سياسية تروم طي الملف من جذوره ‏الشائكة عبر الاحتكام للمشروعية الدولية،وفي ظل كذلك تقاعس النخبة المثقفة والصفوة الفاعلة، إن لم نقل غيابها عن اداء مهمة ‏سياسة واخلاقية ومهنية بمعدات واساليب اعلامية من خلال عمل ملموس ومنطقي ،يقوم على الايمان والادراك ‏والتشبع بان الاتصال .. وكسر جمود سنوات الجفا ، هو تحدي طليعة المجتعات، بل جبهة الصدام المباشرة لمواجهة ‏المصاعب وتذليلها وانارة الراي العام حيال القضايا المصيرية، واقناع الذين لم يعرفوا شئيا عن تلك القضية او يسئون الظن او غير المبالين ...!!
اظن إن ما تطرحه جبهة البوليساريو من التفتح على اكثر من خيار : الاستقلال ، الانضمام للمغرب او الحكم الذاتي ، يمكن إن تكون مساهمة في ترقية البحث عن حل يحفظ الوجه ويخرج المنطقة من دائرة الدوامة ويمكن من اشاعة الحقيقة حول قضية من صلب قضايا الانسانية المعاصرة ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في