الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب يستطيع الكلام حتى عندما يحرم الإستفتاء

صائب خليل

2008 / 11 / 21
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


خرجت تظاهرات في مدن عديدة تؤيد المعاهدة الأمريكية، فهل أن الشعب مع المعاهدة أم أنها تظاهرات من التي تستطيع أية حكومة أن ترتبها؟

نعترف بدءاً أن الحكومة والجهات القابلة للمعاهدة تمكنت من طمس رأي الشعب بدرجة ما، وأن هذا وإن كان مؤشراً جيداً على أن الشعب ضدها، لكنه ليس برهاناً كافياً، لذا علينا أن نجد طريقة أخرى لمعرفة رأي ا لشعب بها.

عندما كنت أناقش الهولنديين والعرب من غير العراقيين حول موقف العراقيين من صدام، كان البعض لايقبل رأيي بسهولة بأن العراقيين يكرهون صدام وانه ليس له أي مؤيدين. كانت التظاهرات الهائلة التي ينظمها كفيلة بزرع الشك في محدثي عن صحة كلامي. هل من المعقول أن كل هؤلاء ضده؟
ورغم أني كنت متأكد من ما أقول، لكني لم استطع أن اثبته. ليس هناك إستبيان أو انتخابات لتبين صحة أو خطأ كلامي فأين أجد البرهان؟
وفي يوم ما خطرت الفكرة ببالي: في عام 91 استولت الجموع الثائرة على 14 محافظة من أصل 18، أليس هذا تعبير رائع عن الرأي؟ أهناك أصدق من هذا الإستفتاء؟
في عام 2003, عندما كانت طبول الحرب تدق، كانت الـ (14 من أصل 18 ) حجتي الدامغة التي تأتي لتنقذني، في مقابلة تلفزيونية أو في الراديو أو في مؤتمر أو عند مناقشة أو حتى سؤال عابر...عندها فكرت أن الشعب لا بد أن يجد طريقة يعبر بها عن نفسه إن هو حرم الإستفتاء والإنتخاب، وما علينا سوى أن نبحث على الدلائل التي يتركها الشعب والتي تعبر عن رأيه بأصدق استفتاء!

والآن وقد رفضوا أن يسمحوا بالإستفتاء كما كان متوقعاً، فما هو رأي الشعب بالمعاهدة؟ أحد السعداء بالنتائج الأولية لمذبحة الديمقراطية الدائرة حالياً قال أن تصويت الوزراء بالإجماع على المعاهدة دليل قاطع على شعبيتها. لكنه في الحقيقة ليس "أقطع" من مظاهرات صدام على حب العراقيين لصدام. وليس "أقطع" على شعبية المعاهدة البريطاينة من تصويت حكومة نوري السعيد عليها!
أما أنا فأقول العكس تماماً: المعاهدة الأمريكية مرفوضة رفضاً شعبياً بشكل كبير في العدد وعنيف أيضاً!

1- "شاهد من أهلها":...السياسيين المؤيدين للمعاهدة من كرد وغيرهم اشتكوا منذ البداية أن الموقف الشعبي مضاد لها تماماً, وألقوا اللوم بذلك على الحكومة التي ابقتها سرية فـ "خاف الناس منها"..
2- عسرة ولادتها! فمنذ شهور والزيباري يصرح بأنها على وشك الخروج وأنها ممتازة وفي صالح العراق، ورغم ذلك لم يجرؤ اصحابها على أن يخرجوها.
3- سريتها: إنه ليس دليل قاطع لكنه مؤشر قوي. لقد أبقوها مجهولة رغم أنهم يعلمون أن الناس تكره المجهول وتخافه، لكن لابد أن طباخيها قدروا أن الناس إن قرأتها فسينفرون منها بأكثر مما ينفرون من المجهول!
4- ما يفخر به المفاوضون من إنجازات: لاحظوا أن أكثر ما يفخر به المفاوضون (دون حق، فمن حقق التحسن هم الرافضون بتقديري) هي الأشياء التي تقلل وجود الأمريكان، تضمن خروجهم، تقلل صلاحياتهم. أي أن ما يريده الناس هو أقل ما يمكن من العلاقة مع الأمريكان وهو ما يعترف به المفاوضون المؤيدون للمعاهدة على ما يبدو، بدليل تركيزهم على تلك النقاط والفخر بها. أي أن المعاهدة المثلى لدى الناس هي "لامعاهدة"!
5- أسماءها الحسنى: كثرة الأسماء والحيرة بها ككثرة الملابس والمكياج، لا بد أنها تغطي شيئاً منفراً
6- إسمها الأخير المعاكس لمحتواها: تختار الأسماء لتكون محببه للناس، فإن اضطررت لإختيار اسم بعكس المحتوى. أما الدليل على أن الإسم عكس المحتوى فهو أن من يصدق الإسم، يجب أن يصدق أن الصدريين يعارضون "إنسحاب القوات الأمريكية" وأن ألأكراد يريدون هذا الإنسحاب بشدة وأن إيران ترفض "انسحاب القوات الأمريكية" وأن الأمريكان يرشون ويهددون ويغتالون من أجل ان نقبل أن "تنسحب القوات الأمريكية"! اليس مناسباً جداً كفصل جديد في قصة "اليس في بلاد العجائب"؟
7- كثرة المراوغات والكذب وعكس الحقائق: إنها لاتدل إلا على أن ليس للمعاهدة ما يقنع الناس بها. المؤيدون لم يجعلوا من أنفسهم مسخرة بهذا الشكل اعلاه لو أنهم وجدوا طريقاً آخر!
8- محاولة إقناع الشعب بأن المعاهدة تخلصهم من الأمريكان: بل وإنها الطريقة الوحيدة لذلك، وليس هناك افصح دليل على كره الناس للأمريكان ومن يقف معهم أكثر من هذا! وهو ما يعني أن المؤيدين يريدون إجبار الشعب علىالتعايش مع من يكرهه، من خلال محاولة إقناعه بأن تحمله المؤقت هو الطريق الوحيد للخلاص منه.
9- لافتات المتظاهرين المؤيدين للمعاهدة: لو قرأنا لافتات المتظاهرين لوجدنا إنها تستفيد من الإسم المزيف للمعاهدة: إنسحاب القوات الأمريكية. فهم يؤيدون "إنسحاب القوات الأمريكية" وربما تم خداعهم، أو الكثير منهم، وقيل لهم بأنهم يتظاهرون من أجل إخراج القوات الأمريكية!
10- أخيراً وليس آخراً، كثرة شكاوي المؤيدين للمعاهدة من أن المعارضين إنما يريدون كسب الشعبية لأنفسهم لقرب الإنتخابات!!

نعم ان الشعب العراقي يجد دائماً طريقة للتعبير عن نفسه ورأيه إن هو حرم من التعبير عنه بشكل مباشر، حتى وإن تم اغتيال الأبطال ممن طالبوا بحق الشعب في الكلام كما حدث لشهيد الإستفتاء الدكتور صالح العكيلي.

لقد قال الشعب رأيه بالحكم الظالم بدمائه وآلامه في زمن الدكتاتور، وهاهو يقول رأيه بالمعاهدة بألف لسان في زمن الإحتلال. الرأي واضح صريح ومعروف للجميع ولم يبقى من القرار سوى أن يؤخذ به أو يرفس بعيداً، ولكل حسابه عند التاريخ.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع