الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن المصاب بداء الشك بجدوى الكلمات

صائب خليل

2008 / 12 / 15
الادب والفن


الوطن أصيب بقصف كيمياوي، اصاب الكلمات..
لونها الزاهي يغلفه دقيق شاحب:"الشك بالجدوى"..
وحافاتها الحادة تعوجت ولم تعد قادرة لا على اجتذاب الفراشات..
ولا على القطع..

الشك بجدوى الكلمات يخنق كاتبها
الشك بجدوى الكلمات يجرح قارئها
ويصب في صداقتهما نفوراً ومرارة

يقيم بيني وبين حروفي جداراً،
وبين كلماتي وقارئي يقيم جداراً آخر...
فكيف لنا يا قارئي... أن نلتقي؟
وكيف لعيوننا أن تتعانق كما فعلنا دائماً...
وأن نشعر بسعادة المحبين
وتآمرهم على العالم؟

الشك بجدوى الكلمات..
يملأ الطرقات بالألغام
يزيل الفاصل بين البشر وقطيع الأغنام
والفارق بين الفكرة والثغاء..
الشك بجدوى الكلمات..
يترك وطناً بلا كلمات!

حين تفقد الكلمات معناها، ويشبه الماء السراب
ويزوغ النظر..
تسمع دبيب الخوف يتسلق بصمت الليل،
أسوار مدينتنا: الحقيقة..
يذوب الإمان وتهرب الثقة،
وتحقق "القدرية" فتحاً جديداً في رؤوس البشر..

الشك بجدواها، يربط كلماتنا بسكين صغير يدمي شفاه القارئ ...
ويحيل الإحترام إلى ضحكة سخرية، تجلس عند نهايتها....دمعة!
الشك بجدوى "الصح" يسبب الدوار...فأين تذهب؟
ولا خيار لك إلا بين كلمات فقدت جدواها
وكذب يدعوك بلا كلل لاحترامه؟

الشك بجدوى الكلمات يدفع بالمنشد إلى الصمت
فيخلو المسرح للطبول الناشزة
ويقنع التكرارُ السامعَ بأن العلة...ليست إلا في أذنيه...!
وأن النشاز هو السلم الموسيقي بعينه!
وأخيراً...حين يتسرب إلى رأسك السؤال..
يفتح لك الإنهيار ذراعيه وهو يبتسم...
يستولي القراصنة على الكلمات الجميلة..
وتلبس "الحماقة" و"الإستسلام" و"المأتم" ثياباً أخرى: "صموداً" و"الإرادة" و"العيد الوطني".
ويسمى "بناء القواعد" "إنسحاباً" ويدعى "التهديد" "الصداقة" و "انتهاك السيادة" "استعادة لها".
ويتهم "الرفض" بـ "العمالة" ويقال عن "الخوف" بأنه "صوت العقل" و "الحكم الأجنبي" "ديمقراطية"....و
كيف للرأس أن يمتنع عن الدوار أمام الفلول الزاحفة لجيش"الكلمات المقلوبة"
كيف للكلمات أن تنجو من هذي الأنفال؟
وهل لطفلة حلبجة أن تمنع عن رئتيها الصغيرتين، سموماً تملأ الهواء؟

يفتح لك الإستسلام ذراعيه...
وتدعوك ابتسامته إلى الإعتراف بهزيمتك
ونسيان كل الحقائق والأشياء الجميلة التي حلمت بها..
أيمكن أن يتجمع كل هذا القبح في ابتسامة؟...تتساءل!

لكن قباحتها تنقذك من جديد...
فتستثير شوقك للإنسان، وحلم انتصار الإنسان...
"إنه مصباحنا الوحيد في الشارع المظلم"..
ويسرى في جسدك الشفاء من المرارة..
وتقرأ "فن القتال للمتعبين"..
وفن السير في الطرق الملغومة بالصدمات..
وكيف تنقذ نفسك من الكلمات المقلوبة...
وتحفظ الإتجاه ... وتحضن الأمل، حين لا يتسع المركب لإنقاذ كل شيء...

يزول "الشك بجدوى الكلمات" الصادقة..
وتبصق على جرائد "الناطق الرسمي للكذب"
ويهتف رأسك كبطل "الفراشة": "ما أزال حياً أيها الأوغاد"
الف شكر لك يا قباحة النشاز....أني "ما أزال حياً أيها الأوغاد"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق