الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المال العام بين الهدر و الضياع

سعيد نعمه

2009 / 1 / 13
الادارة و الاقتصاد


لا يخفى على الجميع و المتتبع مدى حجم الفساد المالي و الإداري الذي وصل في العراق وهذا واضح بتقارير منظمة الشفافية. جميعنا ينتظر متى يتم محاربة هذا الفساد و القضاء عليه و متى يتم محاسبة من تسبب في هدر المال العام , والذي هو من واجبات المحكمة الجنائية العليا . و متى يمكننا المحافظة على المال العام من الهدر و الضياع . لحد الآن لا شيء , الفساد و الهدر مستمران و أمام أعين الجميع و تحت ذرائع و حجج شتى . تهدر الأموال في قلع الأرصفة الكونكرتية و إعادة بناءها دون حسيب أو رقيب وكأنما العراق ليس فيه إلا الأرصفة . وان هذه الظاهرة أصبحت منتشرة بدلا من إنفاق هذه الأموال على إعادة أعمار البنية التحتية الاقتصادية والخدمية و تطويرها . حتى وصلت هذه الظاهرة إلى شركات وزارة الصناعة والمعادن . بدلا من أن تنفق الأموال على تأهيل أماكن العمل و صيانتها و تأهيل المكائن و المعدات و خطوط الإنتاج و تطويرها و تحديثها باعتماد التكنولوجيا الحديثة التي حرمنا منها عقود من الزمن و عشنا حالة العزلة عن العالم و تطوره .
قام المعنيين بإنفاق الأموال على قلع الارصفة و إعادة بناءها و إنفاقها على زراعة مداخل الشركة و إعادة ديكور مكتب المدير العام . تاركين معاناة المنتسبين داخل المعامل و الأقسام الإنتاجية خلف ظهورهم. حيث أنهم و من شدة البرد استخدموا الحطب للتدفئة داخل المعامل متجاوزين تعليمات السلامة الصناعية و ما يحدث من مخاطر و كأنما نحن في القرون الوسطى . أما في فصل الصيف حدث و لا حرج . لماذا ؟ لكون اجهزة التكييف ( التدفئة والتبريد) عاطلة عن العمل لقدمها حيث تم نصبها وتشغيلها منذ تأسيس الشركة. إضافة لعطل مفرغات الهواء و تحطيم الزجاج . أما المغاسل و الصحيات لا تصلح للاستخدام نهائيا . عدم وجود إنارة مناسبة داخل قاعات العمل . وحصل في الصيف الماضي أن توفيت عاملة في معمل خياطة النجف نتيجة لهذه الظروف . هذا ليس من باب المبالغة بل موجود في الشركة العامة للصناعات الميكانيكية في الإسكندرية . نحن ليس ضد جمالية الشركة و لكن هناك أولويات بالعمل مهم و أهم و يجب أن نبدأ بالأهم ثم المهم .
كان من الأولى أن تنفق هذه الأموال على تهيئة وتحسين أماكن العمل والاهتمام بها. و على تأهيل و صيانة المكائن و تحديث خطوط الإنتاج و توفير العدد والمستلزمات اللازمة للعمل .
طالب الاتحاد العام للمجالس والنقابات العمالية في العراق الوزارة بكتابه المرقم 815 في 22/12/ 2008الاهتمام بمطالب منتسبي الشركة و معوقات عملهم و رفع المعاناة عنهم و أن يرسل مكتب السيد المفتش العام في وزارة الصناعة لجنة لتلتقي بالمنتسبين في مواقع العمل و تقف عند معاناتهم ومعوقات العمل والاستماع إلى مقترحاتهم . لكن هذا لم يحصل و الإدارة مستمرة بقلع الأرصفة و أسيجة الحدائق و كأنما تجارب المجالس البلدية تنقل إلى هذه الشركة . و لو أجرينا تحقيقا بسيطا لتمكنا من الوصول و معرفة من المستفيد من هذه العملية و من هذا الهدر الكبير للمال العام . إن مكتب المدير العام كان يضاهي مكاتب السادة الوزراء و إن الإدارة العامة تم ترميمها بعد 2003 و لم يبقى إلا الطابق الثاني الذي هو بحاجة للتأهيل و الترميم . جميع المعامل والأقسام الإنتاجية و الطبابة بحاجة للتأهيل و التطوير . لا يوجد مطعم على الإطلاق .يوجد معملين جديدين تم إنشائهما قبل الاحتلال و توقف العمل بهما و هما معمل الطرق الحار و معمل السباكة الجديد لو كانت هذه الإدارة جادة بعملها لأكملت هذين المعملين و أنجزتهما. إن مكائنها قد أصابها الاندثار من جراء تركها هذه الفترة . و لأستوعب هذين المعملين عدد ليس بقليل من العمال للعمل فيهما بدلا من ادعاء الإدارة بوجود فائض بالمنتسبين و تطالب الوزارة التخلص منهم . إن جميع المنتسبين هم فائضين بسبب سوء سياسة الإدارة و عدم جديتها بالعمل و اهتمامها لإيجاد عقود عمل لمعرفتها المسبقة أنها لا تستطيع أن تنفذ أي عقد عمل للأسباب المشار لها أعلاه . و إن حصلت على عقد يحال للمقاول للتنفيذ و هذا ما حصل في عقد الكرفانات التي تصنع لصالح شركة الاستكشافات النفطية . إذن على الرقابة المالية في الوزارة و مفوضية النزاهة و مكتب المفتش العام و مكتب الشفافية أن يأخذوا دورهم الحقيقي خصوصا بعدما استقر الوضعي الأمني و تخلصنا من الإرهاب بهمة و شجاعة أبناء العراق . إن الفساد المالي و الإداري يدمر المجتمع و بنيته التحتية . علينا كإعلاميين و منظمات مجتمع مدني و تنظيمات مهنية و عمالية, أن نفضح مثل هذا النشاط وهذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة و التي تمس حياة العاملين في الدولة و منها وزارة الصناعة و المعادن. و نتصدى لها بكل ما أوتينا من قوة لأنها مسؤوليتنا جميعا و مسؤولية كل التحرريين و الناشطين العماليين , علينا أن نأخذ دورنا في بناء المجتمع و تطويره و بث روح التعاون و العمل وفق المعايير الإنسانية و الاجتماعية مجسدين المبادئ الأساسية للإعلان الدولي لحقوق الإنسان و معايير العمل النقابي وفق اتفاقيات منظمة العمل الدولية , من اجل تحقيق الرفاه الاجتماعي لأبناء الطبقة العاملة , و الدفاع عن حقوقها و رعاية مصالحها . كلا منا يجب أن يؤدي دوره الطبيعي و الرقابي حتى نحمي ممتلكاتنا و ثرواتنا من الهدر و الضياع و ننقذ الجماهير من هذه المأساة و المعاناة التي استمرت لعقود من الزمن و ازدادت بعد 9/4/2003 نتيجة الظروف التي مر بها بلدنا العزيز , من انفلات امني و صراع سياسي و فتنة طائفية و أعمال عنف و عمليات إرهابية مجرمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة




.. تطور كبير فى أسعار الذهب بالسوق المصرية


.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط




.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل