الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعاة حقوق الإنسان الحكومية وعاظ السلاطين الجدد!

وجيهة الحويدر

2009 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لو أن الباحث الاجتماعي العراقي الدكتور "علي الوردي" مازال على قيد الحياة، لأتحف المكتبة العربية بكتاب قيم آخر كجزء ثاني "لوعاظ السلاطين"، لكن هذه المرة عن دعاة حقوق الإنسان العاملين في المؤسسات الحكومية الذين يستحقون بجدارة لقب "وعاظ السلاطين الجدد."

على حسب ما ذكر في كتاب الدكتور الوردي أن وعاظ السلاطين القدامى هم رجال الدين الذين يجيدون الحفظ والسرد، وفن الخطابة، والقدرة على تبرير أفعال الحاكم وتحركاته وقراراته بحجج واهية.

هم مازالوا حتى اليوم يعملون بجدية تامة لصالح السلاطين في بعض البلدان، أنوفهم تشتم الأخبار المحلية والعالمية، ومن ثم يصدرون فتاواهم وآرائهم كلما تلقوا أمرا من الحاكم أو من أفراد حزبه أو حاشيته المستنفذين.
لكن الوعاظ القدامى لا يصلحون للمهمات التي يقوم بها الوعاظ الجدد، دعاة حقوق الإنسان الحكومية، لأنهم لا يمتلكون المهارات نفسها، لذلك القدامى عملهم صار مقتصرا على الاستهلاك الداخلي أكثر من الخارجي، إلا في حالة الحروب والنزاعات العسكرية، حينها فتاواهم تصبح عابرة للقارات والمحيطات.

دعاة حقوق الإنسان الحكومية، أو بالأصح وعاظ السلاطين الجدد ظهروا على السطح مؤخرا للاستهلاك الخارجي، بسبب العولمة أصبح معظم مجتمعات دول العالم الثالث مع بداية القرن الحالي مجبرين على ركوب موجة ثقافة حقوق الإنسان، لكي يواكبوا أجواء فرضتها عليهم أملاءات العصر.



أيضا ارتفاع أصوات مؤسسات المجتمع المدني في دول العالم الحر مثل "هيومان رايتس واش" "وآمنستي" ، وإصرارهم على مكافحة الانتهاكات في تلك الدول النامية التي ترضخ شعوبها تحت أنظمة مجحفة وقاهرة، جعلت تلك الأنظمة تؤسس جمعيات حقوقية حكومية لمواجهة الهجوم الحقوقي الشديد اللهجة القادم من الخارج، الدول العربية من ضمن تلك الدول والسعودية على رأس القائمة.



في يوم الجمعة الماضي الموافق في 6 فبراير 2009م، فريق من الحقوقيين الحكوميين السعوديين أو وعاظ السلاطين الجدد قاموا بعرض ملف حقوق الإنسان في السعودية، والدفاع عنه في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. ترأس الفريق الدكتور زيد آل حسين الذي اشتهر بعبارة مثيرة للتعجب بأن تصدر من رجل مثقف مثله، حمل على عاتقيه الدفاع عن أصحاب الحقوق المنتهكة حيث قال "الذين يقولون أنه ثمة تمييز ضد المرأة السعودية فهم جهلة!"



الدكتور آل حسين هو الذي اختير ليمتثل أمام اللجان في مؤتمر جنيف، من اجل أن يفتح ملفات حقوقية تشمل المرأة والرجل والطفل والأقليات والعمالة الأجنبية ، فعلى القراء الآن أن يتخيلوا مدى مهارات التبرير والنفي التي يمتلكها هذا الدكتور.



كان أيضا من ضمن الفريق الحقوقي مجموعة من النسوة السعوديات اللواتي ذهبن لتبديد ونفي كل الحقائق التي تثبت مدى التهميش والقهر الواقع عليهن وعلى بنات جنسهن. بعضهن اتشحن بالسواد من الرأس إلى أخمص القدمين، وبالكاد كن قادرات على أن ينظرن من حولهن، أو أن يتعرفن على من يخاطبهن، لباسهن بالتأكيد شأنهن الخاص. لكن يا ترى هل ذكرن لدى لجان المؤتمر أن حضورهن في جنيف لم يتم سوى بإذن من المحرم؟؟ وأنهن لا يمتلكن أي قرار يمس حياتهن أو يتعلق بأمورهن الشخصية!



بالطبع لم تكن السعودية هي الدولة الوحيدة التي تبوأت بريبة كرسي المساءلة في ذلك المجلس، فجميع الدول الأعضاء بعضها دول عربية فُتحت ملفاتهم، وتم التحقيق معهم عن الانتهاكات التي تجري على أراضيهم.



الدول التي وقّعت على مواثيق حقوقية عالمية لحماية الإنسان وتعهدت بحفظ كرامته، ولم تطبق أهم البنود، ولم تفي بوعودها مثل السعودية، هي التي نالت نصيب الأسد من الانتقادات والمساءلات الحادة اللهجة حول ملفاتها الملفقة المليئة بالمغالطات.



دعاة حقوق الإنسان السعوديين أو وعاظ السلاطين الجدد، دافعوا ببسالة عن موقفهم ونفوا معظم الحقائق المريرة التي يعيشها ببؤس فئات مختلفة من المجتمع. الفريق رفض 17 توصية تقدمت بها لجان مجلس الحقوق بحجة أنها لا تتماشى مع أوضاع السعودية الخاصة.معنى ذلك إن وضع الإنسان في السعودية لن يتغير فيه الكثير، ودوامة القهر خاصة التي تحاصر النساء ستدور رحاها لأعوام قادمة.



ربما فريق السعودية واجه أصعب المناورات واشد النقاشات في المجلس، بسبب بشاعة ملف حقوق الإنسان السعودي، والذي أتوا لتجميله بشتى الحجج والتبريرات، لذلك إنهم حقوقيون جديرون أن يتقلدوا وسام امهر وعاظ سلاطين جدد لهذا العام.



بالطبع وعاظ السلاطين الجدد موجودون في جميع الدول العربية. هم عادة من فئة حملة الشهادات العليا، بعضهم يحسن التحدث بأكثر من لغة، وكثير منهم تلقوا تعليمهم في دول العالم الحر. لديهم مهارات عجيبة تتطور مع الزمن من شدة التصاقهم بالمسئولين في بداية مشوارهم العملي. هؤلاء الوعاظ يمتلكون ثلاثة سمات أساسية هي: التبرير والنفي والتلفيق. بالطبع مع التدريب المستمر من خلال صعود السلم الوظيفي تصقل هذه السمات وتتحول إلى مهارات ذات جودة عالية.



الآن لكل شخص ينتمي لفرق وعاظ السلاطين الجدد من العرب وغير العرب، وشاركوا في مؤتمر جنيف السنوي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لعام 2009، سؤال ينطلق من حناجر المقهورين ويوجه لكل واحد منهم بصوت خافت يهمس كل ليلة لضميرهم ويقول "بررت ولفقت ونفيت ولكن هل وفيت؟؟"









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصوت الحر
sami ( 2009 / 2 / 14 - 20:08 )
تحية لهذا الصوت الحر والجريء والذي لا يقدره الا الاشخاص الذين يحتكون بالمجتمع السعودي و يعرفون مدى التضييق والملاحقة الذي تتعرض لها مثل هذه الاصوات الحرة. سوف يأتي الزمن الذي تدرس فيه مبادىء وجيهة الحويدر في المدارس و الجامعات السعودية. ِشكرا للكاتبة


2 - شمعة محاطة بسلك شائك
سلام السوسنة ( 2009 / 2 / 14 - 20:14 )
سيدتي
اوكد لك اني قرأت تصريحات هذا الرجل زيد ال حسين عدة مرات متعجبا من اللقب الذي يحمله كمسؤول عن منظمة تدافع عن حقوق الانسان. لقد قال حسب الترجمة التي هي امامي - ان الظلم الواقع على المرأة هو حوادث فردية ناتجة عن العادات والجهل بالاسلام-.
ولا ادري ان كان هذا صدفة فقد تناقلت بعض وسائل الاعلام وقائع هذه الجلسة يوم نشر مقالك السبق عن اطول حصار.
لا اعتقد ان احدا في نفسه ذرة صدق يجرء على القول ان الولاية والوصاية وقوانين الارث والطلاق وتعدد الزوجات والطاعة والحجاب هي عادات وليست تشريعات اسلامية.
سيدتي
اذا كان هذا حال المدافعين عن حقوق المرأة عندكم فكيف يكون الآخرين؟

اعتقد انك تعلمين ان هذا المجلس يتبع للامم المتحدة وتشارك به دول مثل ليبيا وسوريا... بل اذكر ان ليبيا كادت تحصل على مقعد الرئاسة الدورية لولا العاصفة التي اثارتها الدول الغربية.
لا ادري ان كان في هذا عزاء ولكني اوكد لك ان مصداقية هذا المجلس في الدفاع عن حقوق المراة والانسان تعادل مصداقية الامم المتحدة في اقرار احترام القانون الدولي.
اعتقد اننا متفقون على ان المنظمات غير الحكومية والتي ذكرتيها كامنستي وهيومان رايت وتش تستحق معلوماتها وانشطتها الثقة.
ولكن الصعوبة وكما قلت في تعليقي على موضوعك


3 - صوت صارخ
john angel ( 2009 / 2 / 14 - 22:31 )
أنك صوت صارخ في البرية . ودمتي للمرأة السعودية


4 - قانون نفي النفي
Hakim amin ( 2009 / 2 / 15 - 00:13 )
إنها محاولة لحجب الشمس بلغربال


5 - رد
rawndy ( 2009 / 2 / 15 - 08:58 )
التفريق بين حق المرأة والرجل تفرقة ظالمة فكلنا مسلوبي الحقوق وسالبها منا هو الدين الحقير ورجاله ذوي اللحى والمكاسب بالتعاون الوثيق الوراثي بين الملتحين وآل سعود وآل الشيخ والعنقري والسديري واضرابهم من تلك العوائل التي تورث أبنائها مناصب الدين والسياسة بلا جدارة مع أنهم من سفلة القوم ومن اللصوص الأثرياء

ولو قرأوا هذا المقال سيردون على الكاتبة بقوة وقسوة وبأشياء يسمونها(هم) براهين دامغة على أنها مخطئة ولا تعرف شيئاً
فالعلم والمعارف لهم وحدهم !

عندما نحاول تجميل ديننا البدائي المحرشف الأغبر ليتماشى مع حقوق الإنسان فنحن كمن يحاول يائساً التحدث مع أحد الثيران عن نظرية النسبية أو كمن يركب ناقة ليسافر عليها مدعياً فضائلها على الطائرات

لن نفرق من اليوم بين حقوق الرجل والمرأة والطفل عندنا لأننا كلنا ضائعين مع الهمج الرعاع الذين أخذوا ينشرون سمومهم بالغرب والذين يحرجون الغرب بالمال والمشاريع والبترول ليتوقف عن نقدهم أو ليقتنع بأعذارهم


من أكبر مزاعمهم المخجلة المضحكة أن بعض البنود والقوانين الخاصة بحقوق الإنسان لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية أو مع العادات والتقاليد السعودية !! أو أن الإسلام به أفضل من هذا القانون !! فلتذهب السعودية وعاداتها للهاوية ولكن ن


6 - بارك الله هذا القلم
nashery ( 2009 / 2 / 15 - 11:11 )
أتابع كتاباتك منذ فترة أخت وجيهة , وأود أن أعبر لك عن اعجابي بجرأتك في قول الحق وهو الأمر الذي يفتقده الكثير من ذوي الشنبات واللحى .. أنت الشجاعة والصادقة والأقرب الى الله من هؤلاء الأفاقين والمعتاشين على آلام وعذابات الفئات المضطهدة من أهاليهم وأقرب الناس اليهم مثل أمهاتهم وبناتهم , ألا يكفي هؤلاْ أن يعرفوا أن حرمان انسان من حقه في قيادة سيارته هي قمة انتهاك حقوق الأنسان البسيطة حتى في المجتمعات البدائية ناهيك في مجتمع حديث تشمخ ناطحات السحاب في مدنه وحواضره ويتدفق المال أنهارامن تحت أقدامه .. ليحفظك الله ويمد هذا القلم الشجاع بالقوة وطول البقاء

اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را