الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البشير والمارستان العربي

احمد القاضي

2009 / 4 / 3
كتابات ساخرة


الرئيس البرازيلي الذي حضر القمة العربية-اللآتينية التي انعقدت بالدوحة في اعقاب القمة العربية او قل المهزلة العربية التي جرت فيها كان متسقآ مع نفسه عندما رفض الجلوس في مأدبة العشاء التي اقيمت الي جوار رجل تطارده العدالة الدولية ومتهم بارتكاب جرائم حرب..فعندما اكتشف ان مقعده الي جوار مقعد البشير جلس دقائق قليلة ثم غادر المكان غير آسف علي شئ...ولكن ماذا عن الحكام العرب الذين لا يفوّّتون فرصة للحديث عما يسمونه بازدواجية المعايير للغرب في تعامله مع العرب واسرائيل..وفي افتقار كامل للحساسية وازدواجية كاملة للمعايير طلبوا في بيانهم الختامي من المحكمة الجنائية الدولية محاكمة الاسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم حرب في غزة علي حد قولهم في الوقت الذي احتضنوا فيه البشير المطلوب فعليآ من تلك المحكمة مؤكدين براءته وزاعمين ان وراء اكمة لاهاي هدف سياسي لا جنائي مع ان البشير نفسه اعترف في قمة افريقية باديس ابابا قبل نحو عامين بان الذين قتلوا في دارفور عشرة الاف شخص وليس 300 ألف...وكما يقول المثل: ( لاتجني من الشوك العنب ) ولا احد كان يتنظر من ذاك المارستان شيئآ افضل من هذا ..فهؤلاء الذين اجتمعوا في الدوحة منفصلون عن الواقع الدولي وحتي عن واقع بلدانهم وانفسهم للحد الذي لا يعلمون فيه ان البشير مثلهم اغتصب السلطة اغتصابآ في جنح الظلام ويفتقر الي اية شرعية بعد ان انقلب علي نظام برلماني منتخب..فقد جاء في البيان الختامي لاولئك الملوك والرؤساء ان ( المحكمة الجنائية الدولية يهدف إلى النيل من قيادته الشرعية المنتخبة )..شرعية ومنتخبة في آن انها الفرية بمقاييس العالم الحر ولكن بمقاييس العالم العربي واستفتاءات الحصول علي 99.9 من الاصوات وانتخابات المرشح الواحد فان البشير مثله مثل صدام حسين والاسد وعلي عبدالله صالح وزين العابدين بن علي قد جاء عبر صناديق الاقتراع.
النكتة الاخري التي وردت في البيان الختامي لقمة الدوحة هي اعتبار قرار المحكمة الجنائية الدولية (( سابقة خطيرة تستهدف رئيس دولة لا يزال يمارس مهام منصبه))..والواضح من هذا ، ان الحكام العرب يريدون من المحكمة الجنائية ان توجه التهمة الي البشير بعد موته او علي الاقل بعد ان يقضي عشرين سنة اخري في الحكم بالحديد والنار ويصبح عميد الحكام في المنطقة كلها..ان المغزي الرائع لتوجيه تهمة ارتكاب جرائم حرب لحاكم ما يزال في سدة السلطة يريد الحكام العرب تحويله الي امر شائن يستحق الشجب والاستنكار!...وما الذي سيمنع الطغاة وسفاكي دماء الشعوب من المضي في جرائمهم ان ضمنوا سلامتهم وهم في السلطة؟؟ فان لم يتساهل الحلفاء مع هتلر ويعملوا علي استرضائه في البداية لما فقدت اوربا عشرين مليونآ من ابنائها..ولو ان العالم لم يتقاعس ازاء مذبحة حلبجة الكيماوية لما بقي صدام حسين عقدين آخرين يحرق الاخضر واليابس...ان اعظم واروع ما في قرار المحكمة الجنائية الدولية هو انه يطلب حاكمآ ممسكآ بصولجان السلطة ليمثل امامها...انها رسالة لكل الطغاة بانه لا عاصم لهم من الوقوف مكبلين امام القضاء ...لقد قال العقيد القذافي في وصف هذه المحكمة مناصرآ للبشير ( ان المحكمة الجنائية الدولية ارهاب جديد )..والواقع هو عكس ما قاله القذافي لانها ارهاب للطغاة والديكتاتوريين من كل شاكلة ولون الذين لايتورعون من سفك دماء الالاف من اجل ان يدوم سلطانهم..اما الشعوب فان مصلحتها في قيام واستمرار هذه المحكمة التي انتظرتها طويلآ.
ان قيام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بمقتضي ميثاق روما هو بلورة وخطوة تنفيذية للمناقشات التي دارت في اروقة الامم المتحدة ومنتديات عالمية اخري حول لاشرعية لنظام اوحاكم يمارس المذابح والابادة ضد ابناء شعبه..وطالبت بمبدأ السيادة المنقوصة لاي نظام يرتكب مثل تلك الجرائم وفي ظنه ان مبدأ سيادة الدولة يمكن ان يحميه من العقاب والملاحقة..ومن المعروف ان مبدأ السيادة المنقوصة تم تطبيقه اول ما طبق علي نظام مليوسوفيتش في صربيا لايقاف مذابحه في كوسوفا..وقيام المحكمة في حد ذاته دليل علي ان البشرية في ارتقاء وان ماكان مقبولآ وعاديآ بالامس لم يعد كذلك اليوم..وبالرغم من ان دولآ عديدة رفضت التوقيع علي ميثاق روما واعترضت علي قيام المحكمة وعلي رأس تلك الدول امريكا وروسيا والصين، فان مجري التاريخ سيجعل الجميع يسلمون باهمية وجود مثل هذه المحكمة..فالامم المتحدة نفسها بدأت بدول لايتعدي عددها خمسين دولة ونيف واليوم فان عدد الدول في هذه المنظمة الدولية اكثر من مئة وتسعين دولة وما من دولة في شق من شقاق الارض والا هي عضو فيها..وقد افادت البشرية ايما فائدة من هذه المنظمة وخاصة علي الاصعدة الانسانية والثقافية والاجتماعية والزراعية وغيرها.
وما لا يثير الاستغراب ان دولة عربية واحدة او نحو ذلك وقعت علي وثيقة روما ..والمفارقة ان اغلبية الدول العربية التي رفضت التوقيع عليها تتصايح لانقاذ البشير من ملاحقة محكمة لاهاي بينما تريد ان ترسل الاسرائيليين اليها..انها العدالة العربية العمياء وبلا حياء..ووسط هذه العدالة العمياء يقف القذافي عميد الحكام العرب وملك ملوك افريقيا ليقول انه بصفته رئيس الاتحاد الافريقي لهذه الدورة سيطلب من الدول الافريقية الانسحاب من ميثاق روما مناصرة للبشير...وهكذا لايرحمون و لا يريدون للرحمة ان تنزل علي سكان دارفور الذين قتل منهم 300 ألف ومنهم من ينتظر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق