الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعثر التجربة الديمقراطية

سلام خماط

2009 / 4 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إنما جرى في العراق من أحداث بعد سقوط الدكتاتور يمكن ان يتحول الى درس يتضامن فيه الجميع من اجل محبة هذا الوطن والعمل على نشر الخير والانطلاق في عالم الإبداع والعلم والمعرفة وهذا ليس غريبا على العراقيين ,فقد استطاعوا من كسر جدار العزلة طيلة فترات الظلام التي عاشوها مؤكدين على قدرتهم العالية على البقاء متعايشين بسلام ومودة بالرغم من تمظهراتهم المتنوعة العقائدية والفكرية والقومية والدينية ,
فالتغيير حالة لابد منها كي تستمر الحياة وتتجدد , والتغيير يقابله الجمود والإنسان من حقه ان ينشد التغيير اذا ما وجد خطأ في اختياره الأول او في أداء ونتائج الخيار ما يتعارض واحتياجاته المتجددة .
والنظام الديمقراطي ألتعددي يبيح للناس حرية الاختيار من خلال العملية الانتخابية التي يتم من خلالها اختيار ممثليهم من نواب او أعضاء مجالس المحافظات او المجالس البلدية ,وان مشاركة الجميع والابتعاد عن مبدأ فرض الرأي بالقوة او التهديد والاعتراف بالأخر والقبول به هي وحدها القادرة على تفاعل الجميع بايجابيه للوصول الى مجتمع مدني متطور .
ان سقوط الدكتاتور أدى الى تحرر المجتمع من قيوده وقد اكتشف المجتمع ان الدولة تفتقر لاية مؤسسة حقيقية او هيئة مجتمعية او رابطة عدا تلك المنظمات والاتحادات المرتبطة بالنظام والتي تعتبر من واجهاته القبيحة .
لقد فتح سقوط النظام كل الفضاءات دون استثناء او استبعاد حتى للقوى المعارضة للتغيير فقد تحررت القوى الاجتماعية والثقافية والإعلامية لتجتاح الساحة بنتاجاتها والتعبير عن حريتها في إصدار الصحف والمجلات وتأسيس الكثير من الاتحادات والروابط بسبب هذه الحرية التي اباحة للجميع ممارسة أي نشاط دون الخضوع او الارتباط بالسلطة , اما بالنسبة للكيانات والأحزاب فقد تجاوزت العشرات لتمثل اغلب الطيف العراقي بينما كان النشاط السياسي مقتصرا على حزب واحد هو حزب السلطة .
الا ان الذي حصل وللأسف الشديد عملية الاستقطاب السياسي في الصراع على السلطة والذي كان هذا الصراع سببا مباشرا في تعميق الانقسامات الطائفية مما أباح للمؤسسة الدينية التدخل لتلعب دورا تاريخيا مهما يتراوح بين التشجيع على الانتقال السلمي للسلطة وبين التشجيع على العنف مثلما هو معروف للجميع .
ولكي تسير الأحداث في العراق نحو الأمام من اجل اقامت نظام ديمقراطي لابد من التركيز على الناخب باعتباره طرفا فاعلا في العملية الانتخابية كي يكون على علم بمجريات هذه العملية , وهذه المهمة تقع على عاتق وسائل الإعلام الوطنية .
ان التجربة الديمقراطية في العراق هي تجربة متعثرة بسبب ما رافقها من مصالح شخصية وتهميش وذلك يرجع الى ما اتصف به الدستور من صفة الوفاق الحزبي او المحاصصة الطائفية او القومية ,فالدساتير كما هو معرف لا تكتبها النخب السياسية لان الدستور وثيقة وطنية وليست حزبية ومن يريد ان يطلع على الدستور العراقي يجد ان هذا لدستور قد ضم على العديد من المواد التي ساد فيها الخاص على العام ومنها على سبيل المثال لا الحصر الامتيازات التي حصلت عليها الرئاسات الأربعة التي لا يحلم بها حتى الأباطرة , وأصبح الدستور كذلك مصدرا من مصادر الصراع والتخلف والرجوع الى ما قبل الدولة المدنية ,مثال على ذلك المناطق المتنازع عليها بين المركز وإقليم كردستان او بين المحافظات , والمعروف ان المناطق المتنازع عليها هي المناطق الحدودية بين الدول وليس بين المناطق داخل الدولة الواحدة , وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ضعف النخب السياسية وانحرافها عن مستلزمات الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي الحقيقي , وهذا الضعف يرجع الى سببين احدهما فقدان الحياة
السياسية والحقوقية في العراق لأكثر من نصف قرن والسبب الأخر والاهم هو خضوع تلك النخب لقوى خارجية لا أريد هنا تحديدها وهي معروفة وقد تكون قد ساهمت بشكل مباشر او غير مباشر بصعود تلك النخب على هرم السلطة .
لهذا نقول ان الشعب يجب ان ينتبه الى الآليات الدستورية الهشة التي كتبت في وقت سابق لإثارة المشاكل والقلق الذي راود المواطن حتى الآن .
فهيمنة المحاصصة على الساحة ولد ميلا طائفيا لا يمكن ان يتبنى مشروعا وطنيا في ظل تنامي الكيانات الحزبية وغير الحزبية والمفتقدة للشراكة السياسية الحقيقية , فبعض السياسيين اليوم هم نتاج لسقوط نظام كما ذكرنا انفا مما جعلهم غير قادرين على امتلاك منهج او فلسفة تستطيع ان تحقق نهضة وطنية تسير نحو التقدم او بناء دولة العدالة والمساواة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان , دولة تعيد التسامح والتعايش المشترك بين الجميع وتبتعد عن النزعة الفئوية والمحاصصة البغيضة , وهم غير قادرين بل وفشلوا في إعادة الشعور للمواطن بوجوده الذاتي وحقوقه بالانتماء في ظل قانون يتساوى الجميع تحت تشريعاته ,قانون يضمن للجميع حرية التعبير والاحترام على أساس المواطنة العراقية وليس على أساس الانتماءات الضيقة ,فشلوا في كتابة قانون بلغة حضارية منبثقة عن الهوية العراقية لأنهم كتبوه بلغة هوياتهم الفرعية المشحونة بالتعصب المذهبي والقبلي والقومي .
من هنا نستطيع القول ان العراق يستطيع ان يعبر هذه المرحلة لانه شعب حي وناضج وسوف يكون المستقبل أكثر إشراقا, فكلما ابتعدنا عن المحاصصة او الظروف التي ولدتها كلما تقدمنا خطوات باتجاه النجاح والتطور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا