الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الوطنية السورية...أزمة نظام أم فوضى معارضة ؟!.2 – 3 ).

نصر حسن

2009 / 5 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لابد من وقفة موضوعية صريحة جريئة مع مشكلتين وطنيتين خطيرتين( تحت الرماد وفوقه) في سورية , الأولى المشكلة الطائفية ( التي سوف يتم مقاربتها مستقبلاً بشكل مستقل ) والثانية المشكلة الكردية , ومسألة الحقوق والظلم وتجريد أعداد من المواطنين الأكراد من الجنسية السورية , ما هو الواقع الحقيقي الذي أنتج تلك المشكلة ؟,أسبابها التي تمت في عهد مضى ,وأين وصلت اليوم ؟ وإلى أين تتجه مساراتها ؟! وما هو دور النظام وأيضاً ما هو دور المعارضة فيها ؟! بعد أن أخذت أبعاداً مركبة وتداخلت الأسباب والغايات والمقاربات , وبالتالي فإن مقدمة معالجة الموضوع بما هو أمر حقوقي طبيعي يقع على الدولة واجب حله بإعادة الجنسية والحق والعدل لهؤلاء المواطنين السوريين والمساهمة الجدية برفع الظلم والتراكمات غير الوطنية وغير الإنسانية التي لحقت بهم , هل هذا يكفي لحسم المشكلة ؟! أم أنه علاج وقتي غير ناجع ؟وحق تقرير المصير هو الحل ؟!.
هنا يجب اعتماد الصراحة والصدق والمسؤولية في مقاربة الموضوع ومسارات حله العلنية والباطنية , الداخلية والخارجية , بدءاً من التعلق الوهمي بمفهوم " حق تقرير المصير" بنسخته الملتبسة التي أصدرتها الأمم المتحدة , وماذا قدمت للمحرومين من حقوقهم الوطنية والقومية والإنسانية,مروراً بحالة المتاجرة المزمنة بحقوق الأفراد وكرامتهم والتعلق الموهوم بالوعود المضللة !فمنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم تغيرت ظروف ومعطيات كثيرة , سياسية ,اقتصادية اجتماعية جغرافية على مستوى العالم ,ولم تستطع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من تقرير مصيرها,وقانون الأمم المتحدة الذي خطه الحلفاء المنتصرون بعد الحرب العالمية, ثابت لم يتغير ولم يتطور ولم يتبدل ولم يتحول , ولازال الأقوياء يتحكمون فيه كما تمليه إرادتهم ومصالهم , ,ببساطة وواقعية , إن هذا الميثاق يعيبه القدم واختلاف الظروف واحتكاره للأقوياء ,إضافةً إلى التباسات بنوده وتطبيقاته العملية المزدوجة المعايير , وبالتالي ضعف المصداقية !,وقضية فلسطين شاهداً حياً مزمناً على ذلك!.
والحال كذلك, إن مفاهيم , /حق تقرير المصير – حقوق الإنسان – الاحتلال .../ تعاني من خلل كبير ,فحق تقرير المصير في ديباجته الأساسية ,يخص الشعوب الواقعة تحت الاحتلال وحقها المشروع في تقرير مصيرها بنفسها , ولا يعني التدخل في الأمور الداخلية للشعوب وعلاقتها مع حكوماتها الوطنية ,فهذا أمر آخر تقرره الشعوب نفسها عبر مؤسساتها الدستورية الشرعية ,وبالتالي يجب " فلترة " تنقية المفهوم من الممارسات غير القانونية حتى بميثاق الأمم المتحدة نفسه, إذ ليس ببعيد عنا مشهد احتلال وتدمير دول أعضاء في الأم المتحدة تحت قوانينها نفسها , فالفكر السياسي العالمي كان يشدد على ضرورة تحقيق التجانس والانصهار كأساس للدولة الوطنية القومية الناجحة , ومنذ سنوات بدأت مفاهيم جديدة ملتبسة تتصدر العمل الدولي ,كمفهوم ديمقراطية الدولة الوقائية وديمقراطية الفوضى الخلاقة والحروب الاستباقية ,وأصبحت مصالح القوى العظمى حصراً تتحقق بالتفكيك والتفتيت , وطفت موضة الجماعات العرقية والدينية تكتسح العالم وتعمل بدعم مكشوف للانفصال وتكوين "مايكرو" كيانات سياسية بشكل معاكس لمنطق التاريخ والتكامل الحالي على مستوى العالم , فالحروب التي كانت سابقاً تحقق التكامل والدمج , اليوم أصبحت تؤول إلى التفكيك والتفتيت والتصغير!.
ولابد من القول أيضاً , بأن السبب والحافز الأساسي للانفصال عن المجموع ليس مجرد الدفاع عن حق منتهك وهوية مهددة , بل كما يعكسه الواقع اليوم ,هو حافز تفكيكي بامتياز ,يستغل لتحقيق التقسيم والتصغير وتعميق الكراهية ,وتشويه صيغ التكامل " الفيدرالية " مثالاً , حيث الكثير من دعاتها لا يعلمون أنها تعني الاتحاد مع المجموع !, وتعني توحيد الكيانات المتعددة في كيان واحد " الولايات المتحدة الأمريكية " مثالاً ,ولا تعني مطلقاً تفتيت الوحدة السياسية إلى كيانات صغيرة , ونستطيع أن نرى مسارات التفكك اليوم في أكثر من دولة وأكثر من مكان , فإلى أين ستقود تلك السياسات المواربة ؟!ولماذا يراد لنا أن نفهم بالمقلوب لكل ما يطرح اليوم؟!. وأين نحن من الألاعيب والتضليل والعبث بالحقوق والكرامات والاستقرار؟!.
واستطراداً , إن ازدواجية المعايير والتباس حق تقرير المصير والموسمية في تبني حقوق الإنسان ودعم أو السكوت عن النظم الديكتاتورية واللبس في تبني التنمية الديمقراطية ,أدى إلى فشل تحديد النموذج العملي العالمي لهما , وبسبب فشل الفكر السياسي العالمي المهيمن هذا , اتجه إلى سد النقص ومعالجة الخلل المنهجي عبر طرح مفهوم المجتمع المدني ومفهوم حقوق الإنسان بشكل سطحي دعائي لسد الثغرات في النظام المهيمن وتحسين صورته العالمية! فالصراع الذي كان دائراً حسب معادلة أسبقية مصالح المجتمع على مصالح الفرد ,وفكرة رغبات الأفراد تعبر عنها رغبات المجتمع ,كان في جذره يهدف إلى السيطرة على إرادة المجتمعات وتأسيس لمفهوم سياسة امتلاك السوق التي تحولت إلى مشروع للسيطرة على السياسة العالمية, وبالنتيجة قاد العالم إلى حالة من التدهور الإنساني ليست خافية على أحد كارثيتها اليوم ,وبدل الوقوف الصريح الموضوعي لمعالجة تلك السياسات بدأت القوى المهيمنة على وقع تلك النتائج إلى سد ذلك عبر تبني خجول لمفهوم حقوق الإنسان , واللعب على وتر الظلم والتهميش وطرحه كمفهوم " قيمة " في حد ذاته , لكن مجرداً من أي وسائل عملية لتطبيقه بشكل صريح محدد لمساعدة المظلومين والمهمشين المستلبة حقوقهم!.
ومع عظمة مفهومي حقوق الإنسان وحق تقرير المصير للأمم والشعوب, لكن ذلك الطرح الموارب والتعامل معهما بشكل مطاط وحمال أوجه كثيرة ,وافتقار التعامل الموضوعي المعياري القانوني ضمن سقف زمني محدد ومتساوي هنا وهناك, فباسم حق تقرير المصير تم تمزيق كيانات اجتماعية ودول عديدة ,وأصبح مفهوم حقوق الإنسان أداة بيد القوى المهيمنة المحتكرة للاقتصاد والسياسة والحق والباطل , لتقويض استقلال الدول ووحدة المجتمعات وتفكيكها إلى كيانات صغيرة , تلك هي الثنائية الخطيرة في فكر القوى المهيمنة التي تفرض السؤال الكبير , إلى أي حد يمكن التمادي في عولمة تلك المفاهيم والحقوق دون الاصطدام بشرعة حقوق الإنسان وبمصالح وحقوق الآخرين ؟!,وأيضاً لابد من التساؤل بشكل مواز ومتوازن عن حق الدولة أي دولة بالتدخل في هذه الحقوق؟!, وهذا ينطبق على المواطنين وعلاقتهم بدولهم كما ينطبق على علاقة الدول الصغيرة بالدول الكبيرة .
والحال كذلك , إن مسألة الحقوق وما تثيره من موضوع السيادة الوطنية ,أين تبدأ وأين تنتهي ؟ لا يمكن معرفته وصيانته إذا كانت تلك القوى أو الدول داعمة للديكتاتورية والظلم وانتهاك الحقوق ,ومعطلة للديمقراطية ومواربة في رؤيتها لحقوق الإنسان ,ومزدوجة المعايير في النظر إلى الحقوق وقيمة الفرد وكرامته الإنسانية, والتي تفوض نفسها بالنيابة عن العالم بفعل كل شيئ باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير !.
على ضوء ذلك ,هل المسألة الكردية في سورية هي مشكلة حقيقية ؟!وما هي الرؤى العملية التي يمكن أن تكون أساس معالجتها وحلها في سورية ؟! .....يتبع!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا