الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الإعلام في دولة فاسدة

سلام خماط

2009 / 5 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعقيبا على ما جاء في مقال الأستاذ محمد عبد الجبار الشبوط ,المنشور في مجلة الأسبوعية العدد 71 في 10-16 /2009 والذي تحت عنوان( بناء الديمقراطية في دولة فاسدة ) كتبت هذا المقال .
الديمقراطية اليوم هي الهدف الأمثل لأي نظام سياسي ناجح , وعندما يكون هذا النظام غير قادر على تحقيق آمال وطموحات الشعب فهذا يعني ان هنالك خلل أو قصور في الديمقراطية التي يتبناها والسبب في ذلك ان النظام السياسي هو جزء من الدولة , والدولة يجب ان تكون انعكاسا متناسقا للعلاقة بين الحرية والمساواة وبين المواطنين ,وعندما يعاني هؤلاء المواطنين من البطالة والإرهاب والفساد المالي والإداري ونقص الخدمات والفقر وعدم المساواة والتهميش فان هذه العوامل تعني بما لا يقبل الشك انتهاكا لحقوق الإنسان ويعني بالتالي ان الديمقراطية قد فقدت مصداقيتها في تحقيق هذه الحقوق ,من هنا نستطيع القول انه كلما تزايد الخلل في النظام السياسي الديمقراطي كلما تزايد الخلل في النظام الإعلامي .
إن وسائل الإعلام إذا ما تحققت لها الحرية الكاملة فإنها سوف تعكس بالضرورة طبيعة المجتمع الذي تتواجد فيه ,فالإعلام في الأنظمة العريقة بالديمقراطية يتكامل مع السلطات الثلاثة الأخرى من اجل أن تكون كل السلطات مسخرة في خدمة الصالح العام ,أما في الأنظمة غير الديمقراطية فان الإعلام يكون مسخرا في خدمة النظام السياسي مهما كان نوعه ملكيا او جمهوريا وراثيا .
لذا نستطيع القول لا يمكن أن تكون هنالك ديمقراطية حقيقية بدون ديمقراطية الإعلام وبمعنى آخر أن ديمقراطية الإعلام هي التي تحقق ديمقراطية المجتمع ,مثال على ذلك أن صحيفة حرة ومستقلة قد يكون لها تأثيرها الايجابي أو السلبي أقوى بكثير من تأثير بعض أو الكثير من الأحزاب على المجتمع ,إلا إننا نرى أن هنالك الكثير من العراقيل التي توضع أمام حرية الإعلام والتي تترك آثارا سلبيه أمام مسيرة الديمقراطية الجديدة ,
إن الإعلام الحقيقي بدا بعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 ولم يكن قبل هذا التاريخ إعلام بالمعنى الحقيقي بل كان إعلاما مزيفا لا يهدف لخدمة المجتمع وإنما قدم كل ما يملك من دعم لخدمة الدكتاتور ونظامه الفاشي .
فالإعلام اليوم يجب أن يعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية والأمان والتثقيف لنبذ الطائفية ومحاربة الفساد المالي والإداري والعمل على مناقشة الرأي والرأي الأخر بموضوعية ودون تحيز أو محاباة وان يجعل من الشعب هو صاحب المصلحة في الدرجة الأساس ,فلم تكن مهمة الإعلام إيجاد صيغة للتفاهم بين أفراد المجتمع فحسب بل تعدى ذلك إلى مهام أخرى منها تعزيز النشاط الاجتماعي وتشجيع روح الابتكار وإيجاد قاعدة مشتركة تجمع بين آراء وأفكار أفراد المجتمع وتأصيل الشعور بالانتماء الوطني وتحقيق اكبر قدر من المعرفة والقضاء على الخوف الذي تجذر في نفس العراقيين بسبب السياسات الدكتاتورية ,ومن المهام الرئيسية للإعلام في عهد الديمقراطية
الدفاع عن حقوق الإنسان ومساندة كل من يتعرض للاضطهاد والعمل على مساندة الحرية وإسماع صوت المظلومين والمهمشين من أبناء شعبنا العزيز .
لم تحد كثرة الاجهزه الرقابية ومنها هيئة النزاهة من الفساد المالي والإداري على الرغم من ان القانون قد منح هذه الهيئة الصلاحيات الواسعة للقضاء على هذه الآفة أو التقليل من أثارها على الواقع العراقي الجديد على اقل تقدير, وكان من المفترض ان يطبق هذا القانون على الجميع ابتداء من اعلى سلطة في الدولة وحتى المواطن البسيط إلا أن وتائر الفساد لا زالت في تصاعد مستمر ,وهذا يستدعي مراجعة دقيقة لخلفيات هذا الفساد والياته ,فللفساد جذور ترجع الى فترة النظام السابق الذي تسبب في غياب العدالة الاجتماعية بالإضافة الى سياسات شراء ذمم العديد من الشخصيات العراقية والعربية والإعلامية بشكل خاص والتي ساهمت بشكل سافر بالتغطية على جرائم ذلك النظام ,اما اليوم وبعد سقوط الطغاة الى غير رجعة فأصبح للفساد أوجه متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر عملية تزوير الشهادات والتي أدت الى صعود بعض العناصر غير النزيهة وغير الكفوءة الى مناصب ساهمت في استشراء عملية الفساد بشكل مباشر مما اصبح من المتعذر على هيئة النزاهة ان تقوم او تنهض بمسؤولياتها بسبب جملة من المعوقات منها عدم مساندة الإعلام في تأسيس مفاهيم جديدة تسود فيها الأخلاق وحب الوطن وتنتفي فيها المنافع الشخصية كما ان الإعلام لم يأخذ على عاتقه توضيح وشرح الأهداف المتوخاة من أحلال النزاهة ووصفها كحل لازم للخلاص مما يعانيه العراق من أزمات ومشاكل اقتصادية .
وكان لتوظيف العديد من الشخصيات المشبوهة بارتباطاتها السابقة بأجهزة البعث المنحل من مدراء امن وأعضاء فروع في فترة إحدى الحكومات الانتقالية اثر مباشر في استفحال ظاهرة الفساد المالي والإداري .
ولكي تؤكد هيئة النزاهة استقلاليتها لابد لها من متابعة كشف المصالح المالية لكبار موظفي الدولة وتطبيقها على الجميع دون استثناء وتفعيل قانون (من أين لك هذا ) الذي صدر عام 1956 وتشكيل لجان لتطهير الجهاز الحكومي من الموظفين المفسدين وإنزال أقصى العقوبات وأمام أنظار الشعب وعبر شاشات التلفزيون وذلك للحد من ظاهرة الإثراء السريع وغير المشروع حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر ,فلا يعقل أن يطفوا العراق على بحر من النفط وشعبه يعيش تحت خط الفقر ويسكن القسم الأكبر منه في بيوت من الصفيح والطين رغم تعاقب الكثير من الحكومات والتي تدعي كل واحدة منها بأنها حكومة وطنية جاءت من اجل خدمة هذا الشعب ,يقول احد الشعراء في هذا الخصوص :

دنيا من الخيرات تنتجها يدي وجني الثمار لحفنة السلاب

ولكي تنهض هيئة النزاهة بعملها بشكل صحيح يجب إبعادها عن العمل السياسي والمحاصصة والتوافقات بأي شكل من الأشكال وان يكون العمل فيها على أساس الكفاءة والنزاهة فعلا وعدم تدخل السلطة في عملها وكذلك عدم تدخل الكيانات السياسية او الدينية او العشائرية وان توفر لاعضاءها الحماية والسند القانوني الذي يبيح لها محاسبة المقصرين والمفسدين بكل انتماءاتهم دون خوف .
لذا نطلب من الهيئة المذكورة ان تفتح جميع الملفات العالقة لكل المسؤولين السابقين من وزراء وأعضاء مجالس المحافظات وغيرهم ممن ثبتت إدانتهم او ممن أساءوا استخدام السلطة لإغراضهم الشخصية وتقديمهم للقضاء كي ينالوا جزاءهم العادل ويعيدوا الأموال المسروقة الى الشعب صاحبها الشرعي ونطلب من القضاء العراقي المستقل ان يصدر بحق كل المتهمين بقضايا الفساد مذكرات توقيف والتعاون مع الشرطة الدولية (الانتربول) لاعتقالهم أينما كانوا وتوزيع صورهم على المطارات ونقاط الحدود .
ولا ننسى ما للإعلام من دور مهم في كشف قضايا الفساد اذا ما تضامن مع الرأي العام او مع السلطة الخامسة (منظمات المجتمع المدني ) وأود هنا ان اذكر ما أحدثه الكاريكاتير الذي نشر في إحدى الصحف الفرنسية من ضجة والذي كان يشير إلى ان احد الوزراء قد استغل بعض أمتار وضمها الى بيته وكيف فعل هذا الكاريكاتير من نهاية مأساوية للوزير المذكور الذي وجد منتحرا بعد ايام من نشر الجريدة وعندما قدم الرسام الى المحكمة وبعد التاكد من صحة المعلومات رفض هذا الرسام الخروج من المحكمة التي أطلقت سراحة قبل ان تتأكد هذه المحكمة من معلومة أخرى لا تقل أهميه عن سابقتها وهي ان الرئيس الفرنسي احتفظ بهدية قدمها له احد الزعماء الأفارقة وهي عبارة عن ماسة تقدر قيمتها ب(30) ألف دولار بينما يشير القانون الفرنسي الى ان أي هدية تقدم لأية شخصية رسمية في الدولة الفرنسية يجب ان تذهب الى خزينة الدولة اذا كان ثمنها يتجاوز (30)دولار فقط وعندما تحققوا من ذلك وجدوا ان الماسة لم تذهب الى الخزينة مما أدى إلى إرجاعها من الرئيس الذي قدم استقالته في اليوم التالي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب