الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام السوري يزيل المساحيق عن وجهه حول تداعيات اعتقال أكثم نعيسة

أحمد حسو

2004 / 4 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ أسبوع ومصير المحامي أكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية مجهول. فقد وردت معلومات أنه استدعي يوم الثلاثاء الماضي من قبل فرع الأمن العسكري في اللاذقية ومنذ ذلك الوقت لا أحد يعرف أين هو؟ السلطات الأمنية السورية وخصوصاً في دمشق تنفي علمها بالأمر، ليس هذا فحسب بل هي تنكر معرفتها بشخص يحمل هذه المواصفات!!
وهنا مكمن الخطورة، فنعيسة كان ضيفاً شبه دائم على هذه الأجهزة وكان كثير الاستدعاء من قبلها جميعاً، وكل أجهزة المخابرات تعرفه وفاوضته في فترة ما وصف بـ"الانفراج" وانفتاح السلطة على القوى السياسية السورية المعارضة وأخيراً وليس آخراً فهو سجين سابق أطلق سراحه بعد حملة عالمية كبيرة في عهد الأسد الأب.
ماذا حدث حتى يتم اعتقاله بهذه الطريقة العصاباتية؟ فالأجهزة الأمنية كان بمقدورها أن تبلغ ذويه بوجوده عندها وتتسلم منهم الأدوية التي يتناولها، فالرجل مريض وحياته في خطر.
اعتقال نعيسة يأتي بعد أيام من ورود أنباء عن مقتل شابين كرديين تحت التعذيب في أقبية المخابرات السورية على خلفية أحداث مدينة القامشلي وسواها من المدن الكردية في شهر آذار الماضي والتي راح ضحيتها العشرات من الشباب الأكراد ببنادق قوات الأمن السورية.
كيف يمكن قراءة هذين الحدثين والربط بينهما؟
النظام السوري الذي عاد إلى وجهه القديم، بعد مساحيق سميكة جربها لهذه السنوات التي مرت من عهد الأسد الابن عبر ما أطلق عليه "بخطاب القسم" و"ربيع دمشق" الذي أضحى شتاء قاسياً، أراد باعتقال نعيسة أن يتوج انتصاره في أحداث القامشلي ليعممه على كل أطياف المعارضة السورية وليسكت كل صوت يغرد خارج "السرب".
ومهما تكن الأسباب التي دفعت النظام السوري إلى اعتقال نعيسة، والتي يحاول الكثيرون فك طلاسمها، فإنها نتيجة طبيعية لما آلت إليه الأمور في سوريا بعد أحداث القامشلي. فالنخب السياسية والثقافية السورية قدمت قراءة خاطئة لهذه الأحداث جعلت النظام يستفرد بالقوى السياسية الكردية مستفيداً من الغضب الشعبي مما يحدث في العراق.
ورغم أنّ العديد من القوى السياسية والمثقفين السوريين استنكروا إجراءات النظام السوري الدموية في معالجة أحداث القامشلي وما تبعها فإنّ الكثيرين بلعوا الطعم الذي وضعه الأخير لهم وأخذوا يجترون بلغة ببغائية مقولاته بأنّ الأكراد يتحركون بأوامر خارجية، أو أنهم رفعوا أعلاماً أمريكية وغيرها من الحجج التافهة، متناسين أنّ القضية الكردية في سورية سياسية وعمرها عقود ويجب أن تحل داخل سورية بعيداً عما يدور في العراق وتداعياته. وهو ما أكدته الأحزاب الكردية السورية في أكثر من مناسبة إلى حد أنّ بعض قياداتها أخذ يسعى إلى استنساخ التجربة اللبنانية عبر القول "إنّ سوريا وطن نهائي للأكراد" السوريين.
هذه القراءة الخاطئة مزقت صفوف المعارضة السورية وأضعفتها وجعلتها تلتف حول الأوهام التي زرعها النظام بصدد الاستهداف الأمريكي لسوريا بعد العراق، في الوقت الذي كان هو يعزز صلته بالجانب الأمريكي ويقدم له التنازل تلو الآخر. والنتيجة تحول الأكراد إلى حصان طروادة ووجدت بعض المعارضة نفسها شاءت أم أبت في صف السلطة بدلاً من أن تؤسس على ما حدث في المدن الكردية وترفع سقف مطالباتها الديمقراطية.
والآن يجد النظام السوري نفسه طليق اليدين وبمقدوره أن يفعل برموز المعارضة ما يشاء ويعود إلى دفاتره القديمة "تيتي تيتي مثل ما رحت مثل ماجيتي"، خصوصاً أنّ كل الإجراءات القمعية التي قام بها (نظام الأسد الابن الإصلاحي) حتى هذه اللحظة ضد رموز المجتمع المدني كالدكتور عارف دليلة ورياض سيف وآخرين مرت لصالحه.
وبدلاً من أن تدفع هذه الإجراءات قوى المجتمع المدني والمعارضة السورية إلى البحث عن استراتيجية جديدة راحت تكرر مقولات الإصلاح والتلطي وراء خطاب القسم وكأنّ شيئاً لم يحدث، لا بل إنّ كثيرين ممن كانوا في صف المعارضة تحولوا إلى "الموالاة" بحجة "أنّ الوطن في خطر" وأنهم لن يكرروا تجربة المعارضة العراقية.
هذه النظرة إلى الأمور تعيد قضية الديمقراطية في سوريا إلى نقطة البداية وكأنّ القوى الديمقراطية لم تراكم شيئاً منذ أربع سنوات. فالقبضة الحديدية التي مارسها النظام مع الأكراد لم تكن إلا "بروفا" ودرساً لكل أطياف المعارضة السورية ونذيراً بأنّ "حليمة عادت إلى عادتها القديمة" وأنه لم يحدث أي تغيير في بنية النظام منذ موت الأسد الأب، لا بل ازدادت الأجهزة الأمنية قوة، ولم يعد هناك من يستطيع التحكم بها حتى لو أراد.
* صحافي سوري مقيم في سوريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح