الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في حج الحَبْر الأعظم

طارق قديس

2009 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رغم أنها امتدت إلى أربعة أيام تلك الزيارة التي قام بها قداسة البابا بنديكتيوس السادس عشر إلى الأردن ما بين يوم الجمعة 10/05/2009 ويوم الإثنين 13/05/2009، إلا أن محبي السلام على هذه الأرض أحسوا أنها قد مضت سريعة وكأنها سُويعات، وقد كان بودهم لو طال أمد الزيارة أكثر ، حيث أن قداسته قد استكمل زيارته لعمان بزيارة للأراضي الفلسطينية ، وقد امتدت عدة أيام أخر، لتكون تلك الرحلة بمثابة حج للأراضي المقدسة على ضفتي نهر الأردن الشرقية منها والغربية.

وقد بدا قداسته رقماً مُحيِّراً يقبل القسمة على الجميع، فقد لاقت كلماته قبولاً لدى جميع الأطراف في الأردن وفلسطين، وجعل من محط زياراته للأماكن المقدسة في البلدين همزة وصل بينه وبين الآخر، فزيارته لجامع الملك حسين في عمان ألقت بالطمأنينة في قلوب المسلمين، فيما أجَّجت زيارته لمتحف المحرقة اليهودية على يد هتلر إبَّان الحرب العالمية الثانية من كبر اليهود في الكيان الإسرائيلي، واستطاع حضوره إلى (مخيم عايده) في أراضي السلطة الفلسطينية أن ينعش من عزيمة الشعب الفلسطيني البسيط، والذي لطالما تاق لقلب رؤوف يلامس جراحاته في هذا الكون الفسيح.

والحاصلة أن قداسة الحبر الأعظم، بابا الفاتيكان، ظهر في كل مكان كان يزوره وكأنه حمامة سلامٍ بالنسبة لأهله، فهو عندما زار الأردن راعى مشاعر الأغلبية المسلمة من أبناء البلاد بزيارته للمسجد ، بغض النظر عن آثارها على اليهود ، وكذلك عندما زار فلسطين المحتلة راعى مشاعر اليهود ، بغض النظر عن مشاعر الفلسطينيين، وكذا الحال عندما أكد على حل الدولتين شاداً على يد المرابطين في فلسطين، بغض النظر عن موقف الإسرائيليين.

ومع أن زيارة قداسته لمتحف المحرقة عُدَّت نقطة رمادية في حجته، إلا أن رحلته في محصلتها قد أدت المهمة على الصعيدين الشخصي والعام ، فالبابا قد أتم بذلك حلماً عظيماً له بزيارة الأماكن المقدسة التي ارتبطت بشخص المسيح عبر سنين عمره القصيرة، كما أنه استطاع أن يضرب أكثر من عصفورٍ بحجرٍ واحد وقد مدَّ جسراً لحوار الأديان بين المسيحيين والمسلمين من جهة، وبين المسيحيين واليهود من جهة أخرى، وقد ظهر الأردن في أبهى حلة نموذجاً يُحتذى به من حيث القدرة على احتضان الشخصيات الكبيرة في العالم كالحبر الأعظم، في جوٍّ تسوده حفاوة الاستقبال والأمن اللامتناهي، كما استطاع في نفس الوقت أن يضرب مثالٍاً بارزاً على مدى الانسجام الحاصل بين طوائف المجتمع الأردني، وتحقق التعايش المشترك بين أفراد شعبه قلباً وقالباً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية