الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن المسألة الطائفية مرة أخرى!

مهدي سعد

2009 / 6 / 17
المجتمع المدني


تعود "المسألة الطائفية" وتطرح نفسها على بساط البحث مع بروز كل سلوك طائفي يحتم الشروع بدراسة عميقة للعقلية الطائفية التي تعتبر من السمات البارزة للمجتمع المتخلف المتجرد من العقلانية والتفكير الليبرالي. ولا شك أن أحداث العنف الأخيرة في شفاعمرو ما هي إلا أحد إفرازات العقلية الطائفية المتخلفة، وليست "حدثًا عابرًا قامت به مجموعة من الشباب الطائشين" كما يدّعي البعض.

ممارسة العنف على خلفية طائفية يمكن إدراجها في خانة سلوكيات الإنسان المقهور، الذي يسعى إلى التنفيس عن نقصه وشعوره بالدونية من خلال القيام بأفعال بربرية تطال أبناء الطائفة التي يناصبها العداء وممتلكاتهم العامة والخاصة. الإنسان المقهور يتواجد في حالة استعداد دائم للانقضاض على "الفريسة" ويتحين الفرصة المواتية لتفريغ حقده على الآخر بسلوك همجي لا يعرف حدودًا وضوابط اجتماعية وأخلاقية.

الإنسان المقهور يعيش في حالة من التوتر الوجودي الناتجة عن الخوف من الآخر ظنًا منه أن الجماعة المختلفة عنه تشكل خطرًا على بقاء الجماعة التي ينتمي إليها. لذلك نجد هذا الإنسان يحاول وضع جماعته في حالة "ضحوية" تكون فيها محاطة بأعداء كثر يحاولون القضاء عليها. ولدرء هذا الخطر الوهمي فإنه يلجأ إلى ممارسة العنف على كافة أشكاله بحق الطائفة الأخرى ويُخيَّل له بأنه حقق نصرًا مظفرًا عليها وقضى على ميولها العدوانية تجاه طائفته.

إن السلوك الطائفي العنيف ليس وليد لحظة حدوثه كما يعتقد البعض، بل هو نتاج تراكمات عديدة تنتظر سببًا مباشرًا يشعل فتيل الحقد القاتل المتأصل في نفسية الإنسان المقهور. فلا يعقل تحول خلاف تافه بين شخصين إلى موجة من العنف الطائفي بدون وجود خلفيات من التعصب والكراهية متجذرة في بنية المجتمع المتخلف.

العنف الطائفي يعتبر مشكلة حقيقية تهدد الأمن الذاتي والاستقرار الاجتماعي، الأمر الذي يحتم معالجة جذرية للأسباب الكامنة وراءه وليس الاكتفاء بالعمل على إخماد الحالة العينية الحادثة. في حالة شفاعمرو فإن القيادات السياسية والدينية في المدينة تمثل دور "رجال الإطفاء"، فهم يقومون بكل ما بوسعهم من أجل فك الاشتباك ووقف النزاع وينهون القضية تحت شعارات رنانة من قبيل "الوحدة والتآخي والتعايش"، ولكنهم لا يتقدمون بطروحات عملية لعلاج هذه الظاهرة من جذورها الأمر الذي يضعنا في حالة انتظار للحدث العنيف القادم.

للحد من ظاهرة العنف الطائفي نحن بحاجة إلى تضافر جهود مختلف الجهات لبناء برنامج عمل يسعى إلى تقريب أبناء البلد الواحد من بعضهم البعض ويهدف إلى تعريف كل طائفة بالطائفة الأخرى، لنزيل الأفكار النمطية المسبقة التي تسيطر على نظرتنا إلى الآخر ونساهم في بناء مجتمع يقوم على أسس المواطنة والحوار وقبول الآخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا


.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة




.. كلمة مندوب فلسطين في الأمم المتحدة عقب الفيتو الأميركي


.. -فيتو- أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة




.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين