الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الليبراليين العرب!!!

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2009 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


عندما ظهرت الليبرالية لم يكن أحد من المفكرين يعتقد أنها سوف تستحوذ على هذا الكم من التحليل والدفاع عنها تارة ونقدها تارة أخرى، ولكن وعلى الرغم من هذا التقدم الهائل فكرياً وسياسياً واقتصادياً باتجاه تجديد الليبرالية وتطويرها في الغرب إلا أن العالم العربي بقى لفترة طويلة يحاصر الليبراليين العرب في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن العشرين عندما كان الفكر القومي واليساري بشكل عام يجذب هوى الجماهير من المحيط إلى الخليج وحتى الحالة الليبرالية الوحيدة التي باشرت عملها والتحاقها بالجماهير وهو حزب الوفد في مصر بقيادة سعد زغلول لم يكن لها لتستمر بأفكارها أو حتى محاولة تطبيق تلك التجربة بعد ثورة 23 يوليو 1952م. كان البديل هو الليبرالية حتى ان العديد من قيادات الفكر القومي والشيوعي بدأت في مرحلة ليست ببعيدة بالحديث عن التيار الليبرالي ولم نعد نسمع مصطلحات كالتيار القومي أو الاشتراكي ولكن ومع هذا التحول لم يستطع الليبراليون العرب تحقيق تقدم على صعيد العمل الجماهيري وبقي الليبراليون مجرد نخب في المجتمعات العربية فما هي المشكلة؟؟ فلا يمكن لنا أن نضع المسؤولية على الليبرالية كفكر سياسي واقتصادي واجتماعي، فالليبرالية كمذهب رأسمالي والتي تعني الحرية في السياسة والاقتصاد والحالة الاجتماعية فالليبرالية الفكرية تقوم على حرية الاعتقاد وحرية السلوك الإنساني والليبرالية السياسية تقوم على التعددية الحزبية والاختلاف مع الآخر والليبرالية الاقتصادية ترتكز على الحرية الاقتصادية واقتصاد السوق القائم على العرض والطلب والليبرالية الاجتماعية تعتمد مبدأ الحريات المدنية ومن ضمنها الحرية الشخصية وإذا عـدنا إلى تلك المبـادئ نجد أنها بشكـل أو بآخر قد تغلغلت تدريجياً في مجتمعاتنا العربية فحرية العمل الحزبي والاختلاف مع الآخر أصبح جزءا من السياسة الدولية واقتصاد السوق هو مطلب للمنظمات الدولية ومن ضمنها البنك الدولي وجميع الدول العربية تقوم على أساس الاصلاح الاقتصادي وهو ما يعني التحول إلى اقتصاد السوق ولذلك فإن الإنسان العربي هو يعيش اللليبرالية كل يوم ولكنه مع ذلك يرفض الليبراليين العرب؟ فلماذا؟ ومن هنا فإن المشكلة هي مع فهم الليبراليين العرب لمفهوم الليبرالية وسلوكهم جزء أو سبب في رفض الجماهيير العربية لهم ولذلك لم يتحول الليبراليون العرب إلى حالة جماهيرية للأسباب التالية:- أولاً: على الرغم من انتهاك العديد من الأنظمة العربية للحرية وهو المبدأ الذي تقوم عليه الليبرالية إلا أن بعض الليبراليين العرب يقفون مع الأنظمة العربية ضد الشعوب تحت مبرر أن الأنظمة العربية أفضل من تيارات الإسلام السياسي وهذا مبرر خاطئ فإذا كانت تيارات الإسلام السياسي سيئة فإن بعض الأنظمة هي أسوء فإن جزءاً كبيراً من تيارات الإسلام السياسي هي نتاج الأنظمة العربية فكان الأجدر بالليبراليين العرب أن يقفوا ضد الاثنين في أسوء الأحوال، ولنا في تجربة حزب الوفد دليل عندما التحق بالجماهير وكان كل الشعب المصري معه. ثانياً: الفهم الخاطئ في المجتمع لمعنى الليبراليون بأن الأثرياء هم ليبراليون والفقراء يجب أن يكونوا اشتراكيون !! والمؤسف أن الليبراليين العرب لا يعملون على تصحيح هذا الفهم الخاطئ عبر الالتصاق بقضايا وهموم الجماهير الشعبية بل ان سلوك بعض الليبراليين "يعزز هذا المفهوم". ثالثاً: يوجد تقصير في عمل الليبراليين العرب في عدم نسج ثقافة مجتمعة تؤكد على أن ما تعيشه بعض الدول العربية وما يعيشه العالم اليوم من حرية عمل حزبي وحرية فكرية واجتماعية هي من نتاج الفكر الليبرالي وليست سلوكيات جاءت من كوكب آخر. رابعاً: عملت بعض تيارات الإسلام السياسي على تشويه مفهوم الليبرالية وأصبحت تبث الإشاعات الكاذبة بأن الليبرالية تعني إنكار وجود الله وغيرها من تلك الأكاذيب، على الرغم من أن الليبرالية تحفظ للديانات والمعتقدات حقوقها في ممارسة الشعائر الدينية دون الاعتداء على حقوق الآخرين.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية خاصة
رعد الحافظ ( 2009 / 8 / 9 - 01:55 )
أحييك وأشكرك على جهدك أيها الرائع فاضل عباس
الاسلامويين اعداء لكل شيء ليس فقط للعلمانية
حتى بينهم ..أنا عرفتهم عن كثب
الكل يكره الكل...من أجل الاستحواذ الاكبر على الغنائم


2 - الليبرالية الممتنعة بحكم الثقافة السائده
محمد البدري ( 2009 / 8 / 9 - 04:12 )
الا تري يا سيدي كيف ان هزمة التيار القومي تبعها تصعيد متعمد وممول للاسلام السياسي. ان النظم العربية التي قضت علي الليربالية ومستمرة في الحكم حتي الان هي التي تروج للاسلام السياسي المعادي لليبرالية مثلما كانت لقومية معادية لها ايضا. المشكلة في البيئة الثقافية للمنطقة حيث الاسلام والعروبة. وشهادتي علي ذلك انه عندما تخففت مصر من تاثير الخلافة الاسلامية بفضل الاستعمار الانجليزي لها ومع سقوط الخلافة الاسلامية وعدم وجود تيار قومي عروبي فان الوطنية المصرية كانت هي التربة الحاضنة لحزب الوفد الذي تحدثت عنه كفصيل ليبرالي وحيد. النموذج الاخر هو السعودية فهي دولة ذات نظام معادي لكل شئ واي شئ. فترتيب الاعداء للسعودية تنازليا هي الليربالية والشيوعية والشيعة والعلمانية واي نظام ديموقراطي. انها بيئة طارده لكل شئ لانها مهد الاسلام ةمصدره الاساسي.


3 - الليبرالية الجديدة
وسيم المغربي ( 2009 / 8 / 9 - 13:44 )
تحية للكاتب
حتى اكون واضحا ... انا مع الليبرالية السياسية و الفكرية
ولكني لست مع الليبرالية الاقتصادية .. لماذا ؟ لاني متاكد ان حرية السوق و قوانين السوق و مضاربات السوق لكن يكون الا في صالح الراسمال ضد قوة العمل و لن ينتج لنا الا اقلية تستحوذ على الثروة والسلطة و اغلبية تعيش في دور الصفيح وازمات دورية و لوبيات اعلامية و اقتصادية تسيطر على السياسيين و تطوعهم لخدمة اهدافها الانانية الفردانية .. الليبرالية الاقتصادية تنتج الفردانية و الانانية و الثقافة الاستهلاكية المتوحشة ضدا على القيم الانسانية ..
ازمة الليبراليين العرب اوجزها فيما يلي
1 التبعية العمياء للغرب
2 المطالبة بالليبرالية ولو على ظهر دبابة امريكية
3 ضرب اسس الهوية الثقافية و الحضارية للشعوب العربية ...
فنحن فعلا نريد التقدم و لكن لا نريد ان نكون امريكيين .


4 - سؤال بسيط
وسيم المغربي ( 2009 / 8 / 9 - 13:51 )
تحية طيبة
لدي سؤال بسيط
هل اذا ما تركنا الناس يبيعون و يشترون و ينتجون و يضاربون و يتنافسون بحرية وفقا لقانون العرض و الطلب ... هل هذا الوضع (الليبرالي) سينتج سعادة الامم ؟؟؟؟
الم تتدخل امريكا الليبرالية جدا ( زمن الازمة المالية )من اجل فرض قيود على السوق او شراء حصص من السوق او مساعدة طرف في السوق؟؟؟


5 - إلى وسيم المغربي
سمير ( 2009 / 8 / 9 - 14:24 )
تأمل وضع الكوريتين وأنت تعرف الإجابة وحدك. الشمالية اقتصاد اشتراكي يقتلها الفقر والجفاف والتخلف والجنوبية اقتصاد ومجتمع ليبرالي بلغ دخلها هذا العام 467 مليار دولار برغم الأزمة. أيهما أكثر سعادة برأيك ؟؟؟؟؟؟


6 - الى السيد سمير
وسيم المغربي ( 2009 / 8 / 9 - 14:40 )
تحياتي لك
كوريا الشمالية نظام حكم شمولي دكتاتوري
و كل الانظمة الشمولية لن تنتج الا التخلف ... لم ذهبت الى كوريا الشمالية و عندنا الدول العربية خير مثال ؟؟؟؟
عجبي لمن لا ينظر الا ما حققته الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية في اوربا الشمالية ( السويد و النرويج مثلا ) من تقدم و رقي و مساواة و عدالة اجتماعية ... و لا يرى في الاشتراكية الا انظمة حديد و نار ...

اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان