الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الي الدكتور القمني

احمد القاضي

2009 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ان يكون الدكتور القمني في مرمي سهام اكلة لحوم البشر الذين يسميهم في رده ودفاعه عن نفسه بــ ( اصحاب الفضيلة ) لا يمنع البتة من ان نوجه سهامنا بدورنا الي ( التقية ) التي يلجأ اليها من اجل ان ينجو بجلده بينما هو يعرّض بذلك كل ما كتب الي الهلاك والبوار...ففي ظني ان ( التقية ) لا تصلح ولا تصح في العمل الفكري والا فما قيمة ما يكتب الانسان اذا كان سيدحض بنفسه ما كتب ..وهل لاحد ان يثق بعد ذلك في صحة ما كتب...كادت التقية ان تعصف بالدعوة المحمدية في مبتدئها عندما حاول محمد ان يصانع المكيين ويستميلهم ويكف اذاهم عن اصحابه بتلك الآية التي سماها فيما بعد بالآية الشيطانية..وهي الآية التي اعترف فيها بصلاحية آلهة المكيين ونفعها حتي ان الذين هاجروا الي الحبشة قد عادوا ادراجهم ظنآ منهم ان الدعوة المحمدية قد وضعت اوزارها وتقول الآية (أفرايتم اللات وَالْعزّى وَمَناة الثالثة الاخري تلك الغرانيق العلا ، وان شفاعتهن لترتجي )..وتراجع محمد بعد ان ادرك انه لا معني لدعوته الي اله السماء بعد ان اعترف بنافعية اللات والعزي..والدكتور القمني قد اشار الي هذه الواقعة الشهيرة في كتابه ( النسخ في الوحي ) ويعني هذا انه مدرك بالضرورة خطورة التقية. للمتصدي للعمل الفكري التنويري.
لو اصدر الدكتور القمني بحوثه منذ البداية تحت اسم مستعار في بلد مثل مصر تنام وتصحو علي الدين وتسيطر فيها حركة الاخوان المسلمين علي روح الشارع المصري لكان ذلك مفهومآ وما كان سيعرضه لهذا الموقف الذي يدحض فيه افكاره بنفسه تحت التهديد، لان المهم هنا هو وصول الفكرة الي الناس..وحتي في اوربا في عصور تحالف الاستبداد الاقطاعي والكنسي لجأ بعض المفكرين والكتاب الي اسماء مستعارة في بعض اصداراتهم..وفي التاريخ الاسلامي سنجد ان اخوان الصفا قد عملوا في الخفاء واصدروا منشوراتهم الفكرية الفلسفية التي حاولوا فيها التوفيق بين العقل والدين دون اسماء..ولجأ المؤرخون والكتاب آنذاك الي التخمين والمقاربة لمعرفة اسماء كتّاب تلك الرسائل..نفهم ان يلجأ المفكرون والكتاب بحجب اسمائهم عن مؤلفاتهم في مجتمعات الاستبداد منذ البداية حتي لا يقعوا في ما وقع فيه د. القمني ، ولكن ان يبدأ الكاتب او المفكر مشروعآ فكريآ باسمه الحقيقي ثم يدحضه بكلمتين تحت الضغوط الارهابية فذلك ما لا يمكن ان ينسب الي الحكمة او الي الشجاعة الفكرية...نحن نعلم ان المفكر السوداني محمود محمد طه ذهب الي المشنقة التي نصبها له الاخوان المسلمون بخطوات ثابتة دون ان يتنازل عن رأيه ورفضه لتطبيق الشريعة الاسلامية وقوله بانها لا تصلح للقرن العشرين وان الاسلام في حاجة الي رسالة ثانية... ومن الاساليب الاخري المشروعة ان يفر المفكر او الكاتب بفكره الي حيث يأمن، فقد فر محمد نفسه الي يثرب واختبأ المسيح عندما اشتدت الوطأة عليه حتي قبض عليه واعدم وفر لينين الي فرنسا وفر ابوالعلمانية الفليسوف الانجليزي جون لوك الي هولندا عندما اخذت الشرطة تلاحقه لنشاطه الفكري والسياسي من اجل دولة الحق والقانون وكما عقب بعض الاخوة يستطيع الدكتور القمني ان يفر بفكره الي رحاب الدنيا الواسعة وقد سبقه الي ذلك د. نصر حامد ابوزيد......يقول الشاعر والمفكر العرآقي الكبير معروف الرصافي في مقدمة كتابه ( كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس )..ونشر هذا الكتاب الذي اتم تأليفه في العام 1933 بعد وفاته بتسع وستين سنة ولاندري سبب عدم تمكنه من نشره في حينه مع عدد آخر من المؤلفات ، ربما ضيق ذات اليد...يقول الرصافي :( واني لأعلم انهم سيغضبون ويصخبون ويسبون ويشتمون، فان كنت علي قيد الحياة فسيؤذني ذلك منهم، ولكني سأحتمل الأذي في سبيل الحقيقة والا فليس لي ان اهتف باسمها ولا ان ادعي حبها كما يدعيه الاحرار، وان كنت ميتآ فلا ينالني من سبابهم خير كما لا ينالهم منه خير فان سب الميت لا يؤذي الحي ولا يضر الميت، كما قال محمد بن عبد الله عظيم عظماء البشر.)
وما يستعصي علي الفهم ايضآ ان يكتب د. القمني بحثآ بعنوان ( الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الاسلامية ) ثم يقول بعد ذلك انه يفرق بين ( الدين السماوي ) وبين التراث الاسلامي...خلاصة ذلك البحث ومنطوقه دون ان ينطق به القمني بالطبع هو ان الدين الاسلامي نتاج صناعة ارضية كاملة وان لا دخل للسماء به..واتي بحشد من المرجعيات ليؤكد ان الاسلام بعقيدته وشعائره وطقوسه يضرب جذوره واصوله في المجتمع المكي وفي العقيدة الحنيفية التي كان جد محمد يقود لواءها. وان عوامل اقتصادية تجارية وسياسية قومية في جزيرة العرب كانت تحتم ظهور نبي...وان محمدآ لم يأت بجديد تحت شمس الصحراء الحارقة سوي بعض التحويرات والتسميات هنا وهناك...اليست هذه خلاصة البحث الذي انتهي اليها د. القمني دون ان تكون لديه الجرأة ليقولها بكلماته...فلماذا يريد ان يتحاور مع ( اصحاب الفضيلة؟)..اليس ليقول لهم ( ما اقصدش والله ) وان ما اورده هو من امهات كتب التاريخ والسير الاسلامية وان ليس له الا اجر المناولة...هذا هزل في وقت جد...ونقول للدكتور القمني علي الطريقة القرآنية مهما فعلت لن يرضي عنك تلامذة محمد بن عبد الوهاب وحسن البنا مالم تتبع ملتهم.
في ظني انه ما كان خافيآ علي احد ان الدكتور القمني يتدرع بالتقية في جميع كتاباته وبحوثه وحتي في بحثه ( الحزب الهاشمي...) الذي يؤكد فيه ان الدين الاسلامي دين ارضي لا ينفك بالصلاة علي محمد كلما ورد اسمه ( صلي الله عليه وسلم ) وهي مفارقة لا يمكن قبولها الا علي مضض ولكن لم نحسب ان ينسف الدكتور القمني مشروعه الفكري عندما حمي الوطيس بقوله (ان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان فردا فى مواجهة الجزيرة والعالم كله ، وكانوا هم الخطأ كله وكان هو الصواب كله) و(وأنى لم أجد فى الإسلام ما يصرفنى عنه إلى غيره ، بل ماحدث هو يقينى به عن درس وفهم وقناعة، واختياره عن روية وتدبر) و( وسلمت إيمانى الغيبى لعلام الغيوب ، وخضت فى البحث فى المساحة التى يمكن ان تخضع للبحث والمناقشة وهى مساحة الواقع الأرضى وليس السماوى .) و(ويقيمون من أنفسهم حراساً للإسلام بأسلحة رديئة تشينه ولا تنصره ، والإسلام متكامل بذاته وليس بحاجة إليهم ولا إلى أسلحتهم الفاسدة .) و(، لأن سيد القمنى يفرق بين الدين الذى هو على رأسنا جميعاً ويبن البشر ، يفرق بين الدين السماوى وبين التراث الإسلامى بما فيه من حكايا البشر وسير البشر) و(لذلك كان التراث الإسلامى عندى هو محل النقد والتفنيد والدرس وليس الإسلام كدين ) و(أكرر ولا أمل التكرار : أرفعوا أيديكم عن ديننا فهو كامل بذاتة مستغن عن دفاعاتكم الرديئة لأهداف لا علاقة لها بديننا )..والواضح ان د. القمني يتوب هنا حتي قبل ان يستتاب امام محكمة التفتيش.
لاشك ان اسلوب التقية الذي يتخذه الدكتور القمني وافتقاره الي الجرأة يشوش علي القارئ ويجعله في حالة من عدم اليقينية....والحركة التنويرية تحتاج الي الجرأة في اقتحام كهوف الظلام...وقد ارتبطت الحركة التنويرية في اوربا في القرن الثامن عشر بالهجوم الكاسح علي معاقل الدين لتحرير الانسان من خرافاته واساطيره التي تكبله ولاعلاء شأن العقل واعماله لفهم الاشياء والاحداث وناموس الطبيعة فهمآ علميآ ومهد ذلك لقيام الدولة العلمانية.وانزواء الكنيسة ..والجرأة والاقتحام هما ما يفتقدان في اعمال الدكتور القمني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تظلم !
المعلم الثاني ( 2009 / 8 / 9 - 22:20 )
كيف تلوم من يخشى على حياة أسرته؟...

قد يكون الدكتور القمني مستعدا للتضحية بنفسه (و أرى في ذلك خطأ وهو تحقيق هدف المجرمين الباغين تصفيته) لكنه ليس من حقه الحكم على أسرته و من يحب بالاختطاف و التعذيب حتى الموت...

يا أستاذ أحمد ألست تعيش هنا وترى وتسمع أم أنك في بلاد أوربا حيث لازالت الكلمة حرة ولم تطبق فيها الشريعة بعد


2 - في الأمتحان يكرم المرء أو يهان
جهاد مدني ( 2009 / 8 / 10 - 11:49 )
أفضل عبارة جاد بها الأسلام هي { إن الله لايكلف نفساً إلا وسعها } وهذا ماغفل عنه السيد موضوع النقاش في غمار سجالاته عبر وسائل الأعلام المختلفة. المشكلة ياسيد أحمد بأن الغالبية تعاطى مع ردة فعل السيد سيد القمني بشكل عاطفي ولم يلتفتوا للنتائج النفسية التي ترتبت وتواصل الترتيب عليها. فلوا تبرأ وتراجع كل من ذكرهم ومن لم يذكرهم التاريخ من علماء وأعلام التغيير والتنوير خوفا من دفع مستحقات مشروعهم طمعاً في العيش أيام أُخر لما وصل التقدم العلمي والفكري على مانراه عليه اليوم. الأمر الأخر وهو لو أن الكاتب ينشر أفكاره لقاء ثمن ودعم من جهة أخرى ثم توقفت عن دعمه , هنا يجوز له أن يناقض أفكاره التي كان قد قبض ثمنها, وهذا جائز وفق منطق الكتابة بغرض التعيش. الكاتب الكبير بدأ مشروعه بناء على قناعاته الذاتية ولم يكن زبوناً لأي جهة ما, ووضع في حسابه أن رحلته الفكرية فوق هذه الطريق بالذات تحدق بها أخطار أولها التشهير وأخرها رصاصة في مقتل, وهنا لا مجال للتقية والألتفاف واللعب بالألفاظ, فأنت إما إصلاحي أصيل تحمل نعشك فوق كتفك أو راض عن الحال ومادح لفكره أو السكوت من ذهب. وسأنهي ببيت الشعر هذا

قلت لها شرفتينىيا خير زائرتى
الا تخشين من الحراس فى الطرق
قالت ودمع العين يسبقها من يركب
البحر لا ي


3 - الجرأة والاقتحام هما ما يفتقدان في اعمال الدكتور القمني
زويا صقر ( 2009 / 8 / 10 - 12:39 )
100% كلام صحيح
الجرأة والاقتحام هما ما يفتقدان في اعمال الدكتور القمني
شكرا للكاتب

اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة