الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشأت العلمانية في الوطن العربي

عناد ابو وندي

2009 / 8 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد نشأت العلمانية في الوطن العربي في ظروف مغايرة تماما عن ظروف نشأتها في الغرب الرأسمالي، خصوصا في عصر النهضة والتي سعت الى تحرير مجتمعها من قيود الكنيسة.
ففي القرن التاسع عشر كانت المنطقة العربية تستمد قيمها وعاداتها وقوانينها من الشريعة الإسلامية.
ومهدت الفترة الاستعمارية التي دشنتها الحملة الفرنسية عام 1798 الطريق الى تحولات فكرية واجتماعية وسياسية، نتجت عن أنماط السلوك الغربي.
وأشارت كافة المراجع ان رواد العلمانية في منطقتنا كانوا في معظمهم من غير المسلمين، مما أسهم في تبريرات النمط المعادي للعلمانية للعمل ضدها باعتبارها تهدف الى تدمير الدين الإسلامي، مع انها في واقع الأمر تعمل في سبيل الحد من تأثير الدين، أي دين، على سلوك وحياة وقوانين النشاط الإنساني، وهكذا ظهر بين مصلحي تلك الفترة – أعوام النشأة الأولى للعلمانية – اتجاهات، احدهما إسلامي والآخر مسيحي، اذ اعتبر اصحاب الاتجاه الأول أن ضرورة السعي لتحقيق التحديث والتطور، لا يعني بالضرورة التخلي عن منجزات الحضارة الاسلامية، وكان من أبرز رموز هذا الاتجاه رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الافغاني وخير الدين التونسي وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وعبد الحميد بن باديس، وكل هؤلاء من أشد علماء الاسلام غيرة على الدين وقيمه.
أما الاتجاه الآخر، المسيحي فقد تشكل من مجموعة من المسيحيين، العرب وأبرزهم شبلي شميل وفرح انطون وجورجي زيدان ويعقوب صروف وسلامة موسى ونيكولا حداد، ونزع هؤلاء الى تغليب الهوية الدينية القومية على النزعة الدينية، وهنا لا بد من الإشارة الى أن التيار القومي العربي الحديث نشأ أيضا على يد مجموعة من المسيحيين العرب!
ورغم الجهد الحقيقي الذي بذله هؤلاء المفكرون الرواد، ومن تبعهم فيما بعد مثل قاسم أمين واحمد لطفي السيد، الا أن الاجتهادات الخاطئة كان لها الدور الأبرز في عدم نجاح العلمانية في منطقتنا العربية من أن تسود.
ومن أهم هذه الاجتهادات المغلوطة ما روجته "طبقة المعممين" من أن العلمانية هي رديف للكفر والإلحاد، و"كمذهب" مناوئ للديانات السماوية والدين الإسلامي على وجه الخصوص، حتى بات الحديث عن العلمانية من المحرمات والممنوعات، ونالها من التشويه ما نال "الشيوعية والاشتراكية" فيما بعد، ليس بسبب قصور فهم هذه الطبقة، ولكن لضمان استمرار سيطرتهم على قنوات الفكر والتشريع وبالتالي التأثير الذي يشكل العناصر الأساسية لبقاء هذه الطبقة كجزء من الطبقة الحاكمة أو على الأقل كسند لها، تلعب دورا في توعية الرأي العام وفقا لمصالح النظام السياسي الذي وجد في هذه الطبقة خير معين على تجنيد تفسيرهم للدين لضمان بقاء سطوة الحكام وسيطرتهم.
واذا كانت العلمانية منجز اجتماعي تاريخي سياسي شامل، ولا تعني فقط فصل الدين عن الدولة ولا يمكن نسبتها لمجموعة بعينها أو للشكل بعينه من النظم أو من الأفراد.
وتشير الكثير من المراجع ان العلمانية ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر عندما كانت الدولة كيان صغير لا تتحكم في حياة الناس الخاصة ولكن عندما تغولت الدولة في ستينات القرن الماضي وأصبحت التنين الذي تحدث عنه "هوبس" ثم ظهور السوق الغير خاضع لأي معايير أخلاقية ثم ظهور الإعلام المرئي الذي يصل إلى منازلنا يغير أحلامنا ويجب أن نعرف العلمانية في ضوء هذه التغيرات بمعنى المسألة لم تعد فصل الدين عن الدولة..
وعرف زكي نجيب محمود العلمانية وقال إنها من العلم أو من العالم وإذا كانت من العلم أو من العالم فهي وصايا إسلامية في النهاية أن نهتم بعالمنا أن نهتم بالعلم العلمانية هي سلة علوم في الاقتصاد و السياسة والجغرافية وفي المطبخ كما أنها تخل في تنسيق الحدائق بمعنى أنها علوم لكل شأن.
وتعتمد العلمانية على الديمقراطية السياسية التي تجعل الحكومة تعبير عن إرادة الناس وعكس ذلك ستكون علمانية ناقصة استبدادية، هذا يعني أنها تحرير المجتمع من سلطة بعينها أي سلطة رجال الدين.
ويشير مصطلح "العلمانية" إلى وجود فصل واضح بين المؤسسات أو السلطة السياسية وبين المؤسسات أو السلطة الدينية. أما في المجال السياسي، فان المصطلح يشير إلى أن الأحزاب السياسية، والهويات والبرامج المعتمدة تستند إلى منطلقات، وديناميكيات وعوامل تختلف عن مثيلاتها في المجال الديني.
واستهدفت الحركة العلمانية في صيرورتها إلغاء تدخل المؤسسات الدينية، التي تنسب سلطتها إلى مصادر غيبية، في حياة الناس الجمعية وشؤونهم العامة.
بمعنى أوضح، استهدفت العلمانية تحرير العقل من معيقات نموه وتعظيم العوامل التي تعمل على تقدم المجتمعات بدون الاستحواذ عليه. ولم تستهدف العلمانية المسّ بالعالم الروحي لأي فرد.
وقد عملت العلمانية على التقدم في كافة مجالات الحياة الإنسانية مثل المجال الاقتصادي والثقافي مما انعكس على توفير المناخ المناسب لحرية المعتقد الديني والتأكيد على حق كل فرد في ممارسة العبادة والارتقاء والتوسع في مجالات الحياة الروحية وتنويع مصادرها وتجلياتها.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكراً
سيمون خوري ( 2009 / 8 / 27 - 05:21 )
الاخ الكاتب ، شكراً على هذا التوضيح والمساهمة الهامة في حوار الديمقراطية والعلمانية.


2 - هكذا تكون
ahmed ( 2009 / 8 / 27 - 10:05 )
هكذا تكون المقالات الجادة شكرا جزيلا
قيل اقرأ
واقول لكم اقرؤا اقرؤا ودعوا عنكم الكتابةالترفية
سلامات

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد