الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موت بحر البلطيق

محمد نبيل

2009 / 10 / 5
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر



لم أكن أعرف أن بحر البلطيق يواجه مخاطر بيئية كبيرة، قد تعصف بثرواته البحرية، ما يهدد سلامة سكان البلدان المطلة عليه، لكن اللقاء الصحفي الذي نظمته مؤسسة ميديا 21 (منظمة دولية تعنى بالشؤون الإعلامية ويوجد مقرها في جنيف )، في مدينة دانسك البولندية، سمح لي و زملائي بالإطلاع على العديد من الحقائق التي كشفت عنها مضامين المداخلات العلمية، لمتخصصين في شؤون البيئة، ينتمون للعديد من المنظمات و المراكز العلمية، من بينها المعهد الفنلندي للشؤون الدولية الذي كان شريكا في تنظيم هذا اللقاء العلمي لفائدة صحافيي بلدان بحر البلطيق.

المواد الكيماوية السامة، و الملاحة البحرية و ناقلات النفط، و الفلاحة ، وقضية مادة الفوسفور، كانت أهم نقاط اللقاء الصحفي. فمنطقة بحر البلطيق تتعرض للتلوث منذ عهد الإتحاد السوفيتي و قبل حدوث كارثة تشيرنوبيل ، كما اعتبرت منطقة ميتة . ومن أجل التخفيف من حجم الكارثة البيئية في بحر البلطيق و إنقاذها من الموت، قامت مؤسسات ومنظمات أهلية من قبيل لجنة حماية البيئة البحرية في بحر البلطيق المعروفة باسم (HELCOM) والتي تقوم منذ تأسيسها عام 1992 بإجراءات للحد من المخاطر البيئية التي تهدد مستقبل بحر البلطيق، و هذه اللجنة هي التي صاغت اتفاقية هلسنكي الموقعة عام 1974 *، لكن هذه الاتفاقية لم تخضع للتطبيق العملي إلا في عام 1980 لأسباب متشابكة و معقدة، يعود بعضها إلى عدم رغبة بعض الحكومات في الدفع بعملية تحصين البحر من التلوث بشكل عام .

عقبات في وجه حماية بحر البلطيق
و بالرغم من توقيع اتفاقية هلسنكي و التي لم تدخل حيز التطبيق بشكل رسمي إلا في عام 2000 ، فإن بلدان بحر البلطيق ينتظر منها بدل الكثير من الجهود لحماية و إنقاذ المنطقة من كارثة بيئية . هذا الواقع المعقد و المقلق دفع بمنظمة عالمية لحماية الطبيعة معروفة باسم " WWF" ، إلى دق ناقوس الخطر عام 2005، و نبهت إلى أن أغلب الثروة السمكية الموجودة في بحر البلطيق مصابة بالتلوث، و غير صالحة للبيع في بلدان الإتحاد الأوروبي .

ووفق تقارير المنظمات البيئية الدولية، تعد ألمانيا و الدانمرك أولى البلدان التي تحترم المعايير البيئية في بحر البلطيق، كما تعمل جهودا لإنقاذ بحر البلطيق، في ما توجد بولندا و روسيا في آخر لائحة الدول التي تهتم بقضية حماية البحر، و ثرواته و سلامة سكان البلدان المنتمية إليه .

جهود انقاد بحر البلطيق من الموت لم تتوقف، إذ تأسس صندوق دولي لدعم تطوير البيئة في دول بحر البلطيق في شهر مايو المنصرم، و الهدف من هذا الصندوق ، هو تسهيل عملية تنفيذ البلدان المطلة على بحر البلطيق لمقررات مخطط الاتفاق الذي تم إعلانه عام 2007 ، كما اقترح الإتحاد الأوروبي إستراتيجية لدعم جهود المنظمات، و الحكومات لتطوير مجال بحر البلطيق و حمايته من كل المشاكل البيئية ، و خاصة أن الاتحاد يهدف إلى رفع مستوى كفاءة وقدرات وسائل وآليات حماية البيئة، ومنها زيادة استخدام مصادر الطاقة البديلة بنسبة 20 بالمائة وذلك بحلول عام 2020. لكن عقبات الحد من تلوث بحر البلطيق ما زالت حاضرة بقوة ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فشلت فرنسا بإقناع قادة وزعماء دول في أوروبا الشرقية، بالتوصل إلى اتفاق يشمل كافة أعضاء الاتحاد الأوروبي على صفقة شاملة بشأن التغير المناخي في المحادثات التي جمعتهم في مدينة دانسك نهاية العام الماضي.

جهود محدودة
وتأتي أهمية بحر البلطيق البيئية لأسباب عدة، من بينها الأسباب الصحية و الثقافية و الاجتماعية و التاريخية، فقرابة 60 مليون نسمة يقطنون في دول بحر البلطيق، و 60 في المئة من سكان المنطقة يقطنون في المدن، الشيء الذي يدفع اهتمام المنظمات الأهلية و المختصين وبعض الحكومات و الإتحاد الأوروبي ، لجعل بلدان المنطقة جذابة و مثيرة ثقافيا و تاريخيا و قبلة للسياح.

ومنذ عام 1973 حين عقد أول اجتماع للتباحث حول مصير بحر البلطيق و المخاطر التي يتعرض لها، مازالت جهود انقاد هذا البحر من كارثة مرتقبة محدودة و نسبية، و تستدعي المزيد من الضغط على الحكومات وشعوبها . ومن أجل هذا الغرض هناك العشرات من المنظمات الأهلية و المؤسسات العلمية التي تجند أعضائها، و مجموعة من المختصين في الشؤون البيئة، لشرح مخاطر و تداعيات التلوث في بحر البلطيق، و الدفاع عن مستقبل كل المنطقة. فهل يتحقق الحلم و يتم انقاد بحر البلطيق من الموت، أم أن تجاهل الحكومات و الضغط الذي تمارسه المؤسسات الصناعية سيظل قائما؟

* من أجل الإطلاع على مضامين اتفاقية هلسنكي، يرجى النقر على هذا الرابط: http://www.helcom.fi/stc/files/Convention/Conv1108.pdf )

• صحافي مقيم في ألمانيا











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى