الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تفقد الرياضة جوهرها

مفيد صيداوي

2009 / 11 / 26
عالم الرياضة


ألرياضة تاريخيا أداة جيدة لتوحيد الشعوب وتقاربها وهي أيضا جيدة لتوحيد أبناء الدولة الواحدة بكل طوائفها وقومياتها ومشاربها السياسية ، وفي تاريخ اليونان القديم جاء أن الألعاب الأولومبية التي كانت تجرى على سهل الأولمب ومن هنا جاء اسمها القديم ، وجاء إسمها الحديث الذي نستعمله " الأولمبيادة "، كانت عاملا في توحيد القبائل اليونانية .

والرياضة فن وتدريب ومران وروح رياضية ، فهي إن خلت من هذه الروح الرياضية التي تعني التعاون ،التفاهم ، المحبة للغير والاستعداد الدائم لتقبل النتيجة لي أم علي ، فهي تفقد روحها ، تفقد خصوصيتها وتفقد رسالتها .
والرياضة في النظام الرأسمالي أصبحت سلعة للربح والخسارة وفيها من الشروط على اللاعب ماهو قريب من شروط العبودية ، ولأنها سلعة أصبحت أيضا تجارة ، وأصبح هناك من يشتري الفريق ومن يبيعه ومن يشتري اللاعب ومن يبيعه وأصبح للاعب أو للفريق دلال يدل عليه ويساوم باسمه أو عنه ويربح من هذه المساومة ومن المفاصلة ، النظام الرأسمالي أفقد الرياضة روحها .

ولكن ما زال للرياضة بريق وسيبقى لها هذا البريق ، قال والدي ( طلبت روحه الرحمة ): لم يكن أيامنا كرات قدم كما هي اليوم فاستعضنا عن ذلك بعمل كرة من الجلد وحشوناها بقطع القماش البالية ، المهم أنها تشبه الكرة والمهم أن نلعب ، ولذلك تدرك الأنظمة الرأسمالية وكل الأنظمة أهمية الرياضة ولذلك تحاول أن تخفي الكثير من العورات من خلال الرياضة ، فتدفع الملايين لشراء لاعبين ليلعبوا باسم البلد المعين وليقول الحاكم ها نحن فزنا ... فريقنا فاز ، ولكم في دول مختلفة من العالم والعالم العربي نماذج لا حاجة لذكرها .

أتيت على ذكر هذا بعد متابعتي للمباراة الرياضية بين منتخب الجزائر الذي انتهز هذه الفرصة لأبارك له النجاح ولكل المنتخبات التي فازت ، وهذه هي روح الروح الرياضية ، مع شقيقه المنتخب المصري الذي ربح المباراة البيتية في القاهرة ، وقام شباب يحب الرياضة من هنا من قرانا ومدننا العربية بالسفر إلى مصر لمشاهدة هذه المباراة لأنهم يحبون الرياضة ويحبون الجزائر ومصر ويحبون أن تصل المنتخبات العربية إلى المستويات العالمية ، فنحن نبحث عن النجاحات للعالم العربي ولنا بسراج وفتيل لأننا نشعر أن كل الإخفاقات في العالم العربي ، كانت عوننا على مصائبنا وإخفاقاتنا هنا أيضا .
إذا كان من الطبيعي أن تكون المباراة الثانية في الخرطوم يوم الأربعاء الموافق 18-11- 2009هامة و" حامية " رياضيا ..... وأن نفرح جميعا للمنتخب الفائز رغم مشروعية أن يؤيد كل منا لأسبابه الخاصة أحد المنتخبين .
وأتساءل بحرقة وغضب وعتب ،لماذا قام جزائريون بالهجوم على مصالح مصرية داخل الجزائر ؟ لماذا هوجمت شركة الطيران المصرية في الجزائر ؟ ولماذا تلفظ مصريون ضد الجزائر كبلد كوطن عربي ؟ لماذا أدخل مؤيدون لهذا المنتخب أو ذاك آلات حادة للملعب الدولي في الخرطوم ؟ وبأي حق تستطيع الدول المشاركة أولا بعدم رؤية مخابراتها المنتشرة بين المتفرجين لمثل هذه الآلات الحادة ؟ فنحن لا نستطيع أن نفهم هذه السلطات التي كانت تقمع المظاهرات الشعبية ضد العدوان الإسرائيلي على غزة ولا تستطيع أن تمنع عدوانا على مصالح دول شقيقة أو أن تعاقب من يحمل الآلات الحادة أثناء مباريات رياضية !!
وأنا أسمع هذه الأخبار المؤذية للأذن والعين تذكرت الثورة الجزائرية الخالدة ثورة المليون شهيد . تذكرت الدعم المصري المنقطع النظير أيام الزعيم الخالد جمال عبد الناصر لبلد المليون شهيد ، تذكرت شعرنا والشعر العربي والمصري بشكل خاص الذي تغنى بالثورة الجزائرية ، تذكرت خطب قادة الثورة أحمد بن بلا وهواري بومدين إلى جانب عبد الناصر وخالد محيي الدين وغيرهم .
هذا هو الأصل في العلاقات العربية العربية تضامن وكفاح ووحدة عربية ضد الإستعمار والإمبريالية والرجعية ، ولكن عندما تزول هذه الشعارات التي مازالت صحيحة حتى اليوم من الخطاب الرسمي العربي ويطفو على السطح بدلا من ذلك الخطاب " الفئوي " القطري بدل القومي. والطبقي المنتسب لأوسع شرائح الشعب ، ويستبدل بخطاب العجز ، خطاب " أمريكا كل شيء ... أمريكا هي القوة العظمى " ونحن لا نستطيع .. تصبح روح كرة القدم على ماهي عليه وتصبح وسائل إعلام القطاع العام والقطاع الخاص ( وخاصة تلك المدعومة من وراء البحار ) هي المحرك لروح الشر والكراهية بين الشعوب العربية لتبرز من خلال لعبة كرة قدم .

إستمعت بعمق لما قاله وزير الخارجية المصري أبو الغيط مساء 19-11-2009 لتلفاز " العربية " في لقاء خاص ، وأصدق كل ما جاء على لسانه من اتصالات ومحاولات قبل المباراة لاطفاء محراك الشر ، ولكن القضية ليست عندما "يقع الفاس بالراس" ماذا أفعل من اتصالات لتهدئة الوضع ، وهذا مهم بحد ذاته ، ولكن المهم ماذا أبذل من جهد حقيقي وعيني في سبيل الوحدة العربية في سبيل روح رياضية عالية على مدار السنوات ، في سبيل أن يشعر العربي في تطوان أن قضيته هي بالضبط قضية السودان كما كان في سالف العصر والأوان .

هذه التربية ... تربية عبد الناصروخالد محيي الدين ، وبن بلا وبومدين التي ابتعدنا عنها ، ونربي الآن لعصر الامارات والدويلات عصر القبيلة ، وعصر أولياء العهد ، والولاءات للغير وليس للشعب والوطن .. وهذا ما يجب أن تعود له الشعوب العربية والحكام العرب لئلا نعود على ما جرى ولنضع الأمور في مكانها الطبيعي ولا نحول لعبة كرة قدم إلى حرب داحس والغبراء الجاهلية ، بين دولتين بدلا من أن تكون عاملا في تقريب وحدة الدولتين " الامارتين " بدلا من أن تكون داعما للبيت العربي الآمن المقاوم الناهض ولا ضرر من الإستفادة من الأوروبيين يا أولي الألباب .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حالة غش في ماراثون بكين تلتقطها الكاميرات


.. تحدي الأبطال | حماس لا ينتهي مع بكي ووليد في Fall Guys و Hel




.. دوري أبطال أوروبا.. أربعة متأهلين من بينهم ريال مدريد وباريس


.. نجم ريال مدريد يحتفل بعد الإطاحة بالسيتى مرددا: الله أكبر




.. في 70 ثانية رياضة.. 6 منتخبات عربية تتنافس على لقب كأس آسيا