الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن...تطور نوعي مستمر

نصر حسن

2009 / 12 / 8
ملف - في الذكرى الثامنة لتأسيسه -09-12-2009 -, الحوار المتمدن إلى أين؟


مثل الحوار المتمدن على امتداد سنواته الثمانية مرجلا حرا للأفكار والآراء المتعددة في صورة جديدة غير معهودة من قبل , مفصحا عن وسيطا مبدعا حياديا نزيها تجاه مختلف الأفكار والآراء ,متجاوزا الاستقطاب السلبي في العالم العربي ,الذي طغت عليه الأصولية الفجة لرأي أو حزب أو عقيدة أو عرق ,تمنعه من اللقاء مع الآخر المختلف , متجاوزا بذلك حالة الانسداد أو الدوغما التي عطلت تفاعله وتطوره وتقدمه ,وأسرته في الأحاديات الإطلاقية المتوازية ,وحصرت الشعوب في حالة ضبابية مضطربة غير فاعلة أمام نظم حكم مستبدة وعادات وتقاليد متخلفة من جهة , كما أمام استحقاقات عالمية مضطردة ضاغطة من جهة أخرى , جاء الحوار المتمدن ليقدم علاقة حية بين الأفكار والآراء والمثقفين والمفكرين ليكون بحق محورا للتطور الفكري السياسي الإنساني الأصيل .
نقطة أولى, جوهرية تميز فيها الحوار المتمدن ,أنه تجاوز النسق التقليدي في التعاطي الصحفي أو السياسي أو الفكري البسيط مع محددات العالم العربي والإسلامي وجملة العوامل التي تتفاعل فيه , بتوفير ساحة حرة تتلاقى وتتفاعل فيها الآراء ضمن مستوى تصورات متطورة , تجاوزت السجال والتفاعل السطحي ,ونفذت إلى دائرة التنمية والتربية على مفاهيم العلمانية والحرية والمساواة واحترام الآخر وتمكين المرأة, مؤسسا لبناء نسق فكري قيمي جديد في الحياة العامة , مبتعدا عن سياقات الضغط والإكراه التي سادت على مستوى الأنظمة والحركات السياسية على اختلافها التي أرهقت الضمير الفردي والجماعي للشعوب وشوهت خياراته , وبذلك دفعت خيارات الحياة الحرة إلى الواجهة.
ونقطة ثانية مؤسسة لنسقها الجديد ,هي فرض ضرروة مفهوم التسامح في ساحة الموقع ,مساعدة البعض على الانتشال من النزعات العصبية والسلبية في العلاقات البينية بين الأفراد والتنظيمات والشعوب ,وتلك خطوة كبيرة على طريق التنوير والحداثة العملية .
وثالثة ,مساهمتها الجادة في تدقيق وتحديد المفاهيم والمصطلحات الفكرية والسياسية والثقافية بحيادية ومهنية عاليتين جعلت من الموقع مغذيا فكريا صحيا من جهة ,ووعت وأشرت ضحالة كل حياة وفكر خاضعين إلى اعتباطية نهج الاستبداد والأحادية والتقاليد المتخلفة التي مابرحت في تكريرها أنظمة الاستبداد باستمرار ,وتعيد إنتاجها بهذا الشكل أو ذاك ,حسب مصلحتها ودوام سيطرتها على الحياة العامة.
ورابعة ,أنها دخلت دائرة الإنتاج الفكري عبر حملات مستمرة متعددة لفضح سياسة الاستبداد والظلم والانحرافات في الحياة العامة من جهة ,وحملات مكثفة لتوعية وتنمية حس المشاركة في هموم الناس وخاصة المضطهدين والفقراء , وأصبح الموقع يعج بالحركة الإعلامية الفكرية الحقوقية ,الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تعرية أنظمة الاستبداد والتقاليد غير الإنسانية التي خطها الظلم والتهميش لعقود.
و خامسة ,أنها صححت التصورات والفهم الخاطئ لعلاقة الفرد أو الشريحة الفكرية أو السياسية أو الدينية أو العرقية مع الكلية الاجتماعية , ونقلته من قاع النسب والحصص وأقلية / أكثرية ,إلى شكله الإنساني الجدلي التاريخي أي التعددية , وهذا هو أحد أهم انجازات الحوار المتمدن لأنه خطوة أساسية نحو فهم الآخر وتأسيس رابطة مشتركة معه على طريق الحياة الحرة .
وسادسة , أنها أعطت مساحة حرة للفكر الديني والإسلامي تحديدا لكي يعبر عن نفسه ويتحاور مع الفكر العلماني الديمقراطي الحقيقي ,مع ما يشوب هذا الطرح من أصولية من بعض الاتجاهات السياسية الإسلامية من جهة ,ومن جمود وعدم نضج وقدرة على الحوار والتفاعل من بعض المحسوبين على قوى اليسار والعلمانية من أخرى , متصالحة مع حقيقة دور الإسلام في صناعة الضمير الفردي والجماعي للمسلمين , وهذا طرح علماني جديد للدين غير معادي له , وهو جوهري وأساسي وندعو إلى تطوير علمانية غير معادية للإسلام بل متناغمة معه لاشتقاق مستقبل مشترك حقيقي ومتسق مع مقولة فرويد في كتابه (( مستقبل وهم )) بمعنى ارتباط الإنسان العميق بماضيه وجوهره وحنانه الكبير إليه, الأمر الذي يلعب دورا كبيرا في عملية الانسجام الداخلي الفردي والاتساق الاجتماعي العام ,والاستعداد للتفاعل والتطور والتقدم المستقيم نحو الحداثة .
والأمر حقيقة يطول في تعداد ما قام ويقوم فيه الحوار المتمدن خلال زمن قصير, مع التأشير الواضح على حركية متنامية في قدرة الموقع وإدارته ,والتطور الخلاق والقدرات المهنية العالية التي تظهر في تبويب وإعادة تنظيم الموقع وتجديده المستمر, مستفيدا ببراعة من الإمكانيات الفنية التي تتيحها تطور شبكة المعلومات الكونية ,ومرونة التعامل معها في إطار خدمة الكتاب والقراء وسهولة المشاركة الفورية في الرأي , والحفاظ على خط الموقع وهدفه العام في نشر قيم العقلانية والديمقراطية والتسامح ,والابتكار المتتالي لصيغ جديدة على هذا الطريق , وتعميق النظرة النسبية إلى الأمور والتخلي عن احتكار الحقيقة ,لاشك أنه رهان كبير على المستقبل القائم على الحب والتعايش وتنمية قيم الجمال وكسر حدة الكراهية والخوف من الآخر التي يتم تعميمها من قبل أنظمة الفساد والاستبداد ووكلاء صناعة الانقسام ومروجي التمزق والصراع, جاعلا قيم المحبة والتعايش إطارا للتسامي الرمزي وللتماسك الإنساني بدلا من تزييف وشيطنة الآخر المختلف , مجمل ذلك يؤسس بصدق للتعددية الفعلية كعلاقة جدلية حية , هي الوجه الأكثر حقيقة وجمالا للتاريخ الإنساني .
أحيي بحرارة وتقدير كبيرين الحوار المتمدن ممثلا بإدارته المبدعة الرائعة أولا ,وخطه الفكري الثقافي الحقوقي الكبير المستقل ثانيا ,وبكتابه على اختلافهم وتعددهم اللذين نشترك أو نختلف في الرأي معهم ثالثا ,ولملايين القراء الذين وجدوا فيه ضالتهم رابعا , ولكل الجنود المجهولين اللذين يساهمون بهذا الشكل أو ذاك في تنمية قدرة الموقع وتعزيز صموده في وجه الديكتاتورية والظلم والظلام خامسا ,مصرين على أن نكون منه ومعه على الدوام أولا وأخيرا.
د.نصر حسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة