الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعياد الميلاد ليست احتفالية بعيد الجيش ، لتلغى بسبب تزامنها مع عاشوراء

مارسيل فيليب

2009 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من مفارقات شرقنا العربي والأسلامي ، والتي تستعصي على العد ، أن هذ الشرق رغم كونه منبع الأديان السماويه ، لكنه أيضاً منبع الرياء والفساد والخطيئه ، تسحق فيه حقوق الأنسان والمرأه والطفل .. تسحق فيه حقوق الأقليات الدينيه والقوميه بابشع الوسائل .. لكن سلطات الدول العربيه والأسلاميه تتفاخر رغم ذلك بعدلها البائس ، وتستمر عروض حكامنا على الفضائيات المختلفه رغم ذلك لحرق البخور حول مزابل تراث فضائلنا الأخلاقيه .
تطرز دساتيرها كما هو دستورنا العراقي بعبارات حقوق الأنسان ولضمان حرية التعبير والمساواة .. لكن وبشكل غير مباشر، يلغى ذلك بحدود وحواجز التنكيل والتكبيل والتكفير ، عندما يشترط الدستور ، بأن الأسلام هو دين الدوله الرسمي ، وهو مصدر أساس للتشريع ، وبأنه لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام ..!
وأمس أحتفل العالم كله بليلة عيد الميلاد المجيد ، تخللته قداديس منتصف الليل ، وفي باحات الكنائس هنا في سدني ، حمل الأطفال فوانيس الزينه الملونه والشموع المضيئه وهم يدورون متقافزين بفرح حول شجرة عيد الميلاد المزينه بمصابيح ملونه تحيطها الهدايا المغلفه التي تدغدغ قلوب الأطفال لمعرفة ماتخفيه من لعب وحلوى وملابس جديده ، وعلى مقربة منها مجسم لمغارة المهد ، وآخر لسانتاكلوز ( باب نوئيل ) ، والبعض منهم تشبه بكبار السن مزاحماً اياهم في شراء ايقونات الرموز الدينيه .
وحدهم مسيحي العراق حُرموا " قسراً " من الفرح علانيةً بحجة تزامن ميلاد السيد المسيح مع العاشر من محرم يوم مقتل الأمام الحسين بن علي وأخوه العباس في واقعة "الطف" قبل أكثر من 13 قرنا ، يوم الجمعة من عاشوراء في محرم سنة إحدى وستين من الهجرة .
لأن كما قيل .. أن القيادات الكنسيه في المحافظات العراقيه عدا أقليم كردستان العراق ، أتخذت قراراً بعدم إجراء مراسم الاحتفال بأعياد الميلاد والاقتصار على أداء القداس في الكنائس والبيوت لأن العيد يتزامن مع إحياء الشيعة لأيام عاشوراء ، حيث طلب رئيس اساقفة الكلدان في البصرة الاسقف عماد البنى الى جميع الكنائس عدم اقامة احتفالات عيد الميلاد علناً كونه يصادف ذكرى حزينة لدى الشيعة ، علماً أن ذكرى عاشوراء تصادف السبت غداً ، فيما عيد الميلاد هو اليوم الجمعة .. هذا القرار التي سارعت بعض القيادات الشيعيه للثناء عليه ، وبمبرر ما يعنيه من اننا ابناء وطن واحد .
ومع كامل احترامي لقناعات كل القيادات الدينيه ، لكن المفروض برجل الدين ، أي دين أن يكون صادقاً وصريحاً ، فالألغاء جاء لأسباب كثيره .. سوء الأوضاع بشكل عام وتدهور الوضع الأمني ، بدء مع أستهداف الكنائس بالتفجيرات والتصفيات الجسديه وتفجير المحتشدات السكانيه اينا كان ، ولا أستبعد هنا أن القرار أتخذ بضغوط من جهات مسلحه ومتطرفه معروفه للجميع ، خاصة بمدينة البصره .. لأننا لو اعتمدنا مبرر الغاء اعياد الميلاد لتزامنها مع احزان آل البيت كما قيل ، ومع مراسيم عاشوراء التي تبدأ طقوسها الحزينه من أول محرم ، وتنتهي في العشرين من صفر ، فأن ذلك يعني أننا لن نحتفل في 2011 ايضاً ، لأن اعياد الميلاد ستصادف 19 من محرم ، ورأس السنه الميلاديه ، للسادس من صفر 1433هـ ، ولن نحتفل أيضاً في 2012 ، لأن عيد الميلاد سيصادف الثاني عشر من صفر ، واعياد رأس السنه الميلاديه الثامن عشر من صفر 1434هـ .

ومع أحترامنا لمشاعر المسلمين بكل مذاهبهم الأربعه ، ولكل مناسباتهم الدينيه ، لكن القرآن نفسه يعتبر حدث الولادة واحدة من المعجزات التي اختص بذكرها ، في سورة مريم وسورة آل عمران وغيرها .. لكن أهم مانود الأشاره له ، ما ذكره القرآن في وصفه لمشهد الميلاد ، حتى أنه وصف الحلوى التي أكرم الله بها الحاضرين لذلك المولد، وهو التمر والرطب، حيث يقول ...
" وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلي واشربي وقري عيناً فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً " 25 ، 26 ( مريم ) .

فأن كان الله قد أمر بتوزيع الحلوى والأحتفال بمولد السيد المسيح في القرآن ، فبأي حق تلغى الأحتفالات لتزامنها عاشوراء .

هل يمكن أن يكون الله قد غير قناعاته بعد مأساة واقعة الطف .. الا يكفي العراقيين احزاناً طوال أربعة عقود سوداء لحكم الدكتاتوريه المقبور ، وامتداداً لكل الكوارث التي عاشها شعبنا بكل انتماءاته بعد التغيير عام 2003 ، في ( عراقنا الديمقراطي الجديد والمزدهر ) .

قلوبنا معكم يامسيحي العراق ، قلوبنا معكم يامسيحي الموصل والبصره وبغداد ، قلوبنا معكم في كل شبر من العراق الموشح بسواد مكفهر يريده البعض أن يكون أبدياً .

مع صادق تمنياتنا بأعياد ميلاد آمنه لكم ولعوائلكم وكل الطيبيين والطيبات من بنات وابناء العراق .
نتمناه لكم عام سلام وأستقرار وفرح دائم ، نتمناه لكم غدٍ يغمره الأمن والتسامح ... وليكن المجد لله في العلى .. وعلى الوطن العراقي السلام .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #