الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضمان الديمقراطية في العراق يحتم الحد من تصعيد التوترات السياسية

صلاح كرميان

2010 / 1 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عانت معظم الاحزاب والتيارات والشخصيات المشاركة في العملية السياسية في العراق من القمع والملاحقة من نظام صدام حسين لحين سقوطه. وكانت تلك الاحزاب تدعو في مناهجها وبرامجها وبياناتها وشعاراتها السياسية الى ضرورة انهاء الدكتاتورية واقامة نظام ديمقراطي تعددي برلماني يتيح الفرصة أمام الجميع للدخول في العملية الديمقراطية والمساهمة في السلطة التي يحق للشعب المشاركة في اقرارها عن طريق صناديق الاقتراع. حتى ان بعض الاحزاب والكيانات السياسية كانت ولاتزال تحمل اسم الديمقراطية تحت مسميات مختلفة كالحزب الديمقراطي والتيار الديمقراطي والتجمع الديمقراطي وما شابه ذلك. وقد تحقق اسقاط النظام الدكتاتوري بعد التدخل العسكري من قبل القوات الامريكية والقوات المتحالفة معها في التاسع من نيسان عام 2003. ولكن الديمقراطية التي كانت الاحزاب العراقية تدعي بها وتتشدق بها قادتها باتت تتعرض الى عمليات مبرمجة من المسخ والتحريف والتشويه، بعد ان تحققت لتلك الاحزاب الحصول على حصصها من الكعكة العراقية وفق لما تسمى بالتوافقات والمحاصصة الطائفية، وأصبحت تقوية المواقع السياسية التي حصل عليها زعماء تلك الاحزاب هو الهاجس الاول لديهم. ونتيجة لذلك نرى أن الصراعات والنزاعات السياسية تتفاقم يوم بعد يوم.
فقبل أشهر كان السيد المالكي يدعو الى ضرورة تقوية السلطة المركزية واخضاع سلطة اقليم كوردستان والمحافظات الاخرى الى سلطة المركز. بينما تتردد الى اذهاننا تصريحات بعض الزعماء السياسيين واعضاء في مجلس النواب العراقي الى ضرورة تعديل الدستور وفق رؤاهم السياسية الضيقة لانها تنص على منح الحريات السياسية لاحزاب لاتروق لهم وتعالج بعض القضايا الشائكة التي تعتبر خطوطاً حمراء لتوجهاتهم، وذلك لان بعض المواد الدستورية تحد من سلطاتهم وتعارض برامجهم السياسية المحددة. كما اقدمت جهات عديدة ومن منطلق قومي على التلاعب في نسبة أصوات الناخبين وتمرير قانون الانتخابات في مجلس النواب على ضوءها بهدف تقليل نسبة المقاعد البرلمانية المخصصة للمحافظات التي تقطنها السكان الكورد.
وعلى الرغم من أن الدستور ينص على ان النظام في العراق نظام ديمقراطي اتحادي، ويكفل الحريات الاساسية كحرية التعبير والصحافة والاجتماع والتظاهر السلمي حسب المادة (36) ويجيز حرية تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية ويحرم اجبار أحدٍ على الانضمام الى اي حزبٍ او جمعيةٍ أو جهةٍ سياسية، او اجباره على الاستمرار في العضوية فيها، كما نصت عليها المادة (37). ألا انه وفي الاونة الاخيرة وبالتحديد بعد الانشقاقات التي حدثت في صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يترأسه السيد جلال طالباني رئيس جمهورية العراق الحالي، وبالاخص بعد أن ترك السيد نوشيروان مصطفى الذي كان نائباً لامين العام، صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني، صفوف الحزب نهائياً بعد فشل محاولاته لاصلاح الحزب وتحديد الصلاحيات الواسعة للسيد طالباني، ومن ثم تأسيسه لحركة التغيير وقراره دخول الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستان بقائمة مستقلة، حيث استطاع استقطاب شرائح كبيرة من المثقفين والسياسين المعارضين لسلطة الاحزاب الكوردية في اقليم كوردستان و والمطالبين بضرورة القضاء على ظواهرالفساد والمحسوبية والمنسوبية المستشرية في كل مرافق الحياة السياسية والاجتماعية والشفافية في السياسة المالية والكف عن التلاعب بالمال العام من قبل السلطات الحزبية. وفي أعقاب الفوز الساحق لقائمة التغيير في الانتخابات البرلمانية لاقليم كوردستان التي جرت في 25/7/2009، فقدت قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني صوابها نتيجة لفقدانها القاعدة الجماهرية في محافظة السليمانية التي كانت تعتبر معقلاً لانصارها ومركزاً لسلطتها ونشاطاتها التنظيمية. مما حدا بها ومن خلال ميليشاتها والادارت الحكومية المسيطرة عليها الى اللجوء الى اتباع أساليب قمعية لارهاب انصار التغيير واتبعت اسلوب قطع الارزاق بطرد الموظفين والعمال من وظائفهم أو نقلهم الى وظائف ادنى . وقد توجت تلك الاجراءات باطلاق النار على العديد من الناشطين المعارضين ومحاولات عديدة لاختطاف الاخرين منهم، بعد اقدام السيد جلال طالباني بتخوين نائبه السابق السيد مصطفى و كيل اتهامات خطيرة اليه أمام جمع من انصاره في المؤتمر المصغر لحزبه. وتلت ذلك تكثيف الحملة الاعلامية ضد السيد مصطفى وحركة التغيير من خلال الصحف والقنوات الاذاعية والتلفزيونية ومواقع الانترنيت التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني لتشويه صورته واالنيل من شخيته وموقعه الجماهيري.
عود على بدء في الحديث عن الديموقراطية وآفاقها المستقبلية في العراق، فأن تلك الممارسات ما هي الاّ انتهاكات صريحة للديموقراطية وحقوق الانسان في حرية التعبير والرأي والعقيدة السياسية. وانها تنافي بشكل صارخ مواد الدستور التي اتفقت على صياغتها واقرارها الاحزاب والتيارات السياسية المشاركة في الحكومة الحالية وبضمنها الاتحاد الوطني الكوردستاني، الحزب الذي يترأسه السيد طالباني الذي يفترض به أن يكون حامياً للديموقراطية بصفته رئيس جمهورية العراق، في ظل دستور يكفل الحريات السياسية ويدعو الى قبول الاخر، لاسيما كونه نائب لرئيس منظمة الاشتراكية الدولية. وتجري كل الاعمال المنافية للديموقراطية دون أية علائم الاستنكار أو الادانة أو تدخل من قبل حكومة السيد المالكي أو مجلس النواب العراقي أو رئاسة اقليم كوردستان، باستثناء التصريح الصحفي الاخير لرئيس أقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني حول ضرورة التوقف عن القيام بالاعمال التي من شأنها زعزعة الامن والاستقرار، دون الاشارة الى مصدر تلك الاعمال والقائمين على تأجيجها. فمثل هذه التصريحات لاترتقي الى مستوى التهديد الذي يطال كل من يعارض سياسة الاحزاب الحاكمة التي تتقوى بميليشياتها المسلحة تحت مسميات مختلفة.
فمن أجل ضمان الديمقراطية لابد من الحد من التوترات السياسية القائمة على الساحة السياسة حالياً ولاتتم ذلك بدون تدخل زعماء الاحزاب الرئيسية المشاركة في السلطة. وكذلك يتوجب نزع سلاح الميليشيات الحزبية وفرض سلطة القانون، سواءاً في اقليم كوردستان أو على مستوى العراق بشكل أعم. وبعكسه فالحديث عن الديمقراطية ماهو الاّ هراء وشعارات تفقد بريقها في ضوء الواقع المعاش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس