الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناضل الدكتور يعقوب زيادين في شبابه 88 عاما الحلقة الثانية

عناد ابو وندي

2010 / 1 / 10
سيرة ذاتية



المناضل الدكتور يعقوب زيادين في شبابه 88 عاما
شيخ المناضلين والحركة السياسية الأردنية وشبابها
(الحلقة الثانية)

لقد تعرض شيخ المناضلين للسجن والاعتقال والضرب ولم يزل في ريعان الشباب في وقت قتلت الشيخوخة أشباه مناضلين في سن الثلاثين والأربعين حيث لم يتعرضوا للسجن والاعتقال والضرب وان تعرضوا يكون في صورة اقل منه..لكنهم انهزموا مبكرا وهو الشيخ في النضال لم يانهزم بعد.
الدكتور يعقوب زيادين يتجاوز كل الاطر الحزبية، فهو جزء من الذاكرة الوطنية الاردنية، وعلم من اعلام النضال في الاردن والوطن العربي التي يحتضن الكثير من المناضلين خريجي السجون والمعتقلات.
وهو المناضل عن قناعة ودافع عن أفكاره ، لكن له شرف الصدق، وربما تكون علاقته مع الشيوعية علاقة مع إطار للنضال ورفض الفقر والظلم وليست علاقة مع إلحاد ديني، وهو الذي يقول عن نفسه أنه بدأ حياته متدينا جدا، وهو ابن أسرة مسيحية من قرية السماكية.
ويقول زيادين ان من ربط رزقه ورزق اطفاله بمؤسسات الحزب (أي حزب) وامواله لن يستطيع امتلاك القدرة على نقد سياساته الخاطئة مضيفا ان استقلاله الاقتصادي ساعده على المحافظة على موقفة وكشف الأخطاء التي ارتكبها بعض رفاق دربه. ويروي ابو خليل قصة طريفة عن والدته الفلاحة التي شاركت في تظاهرات للمطالبة بإطلاق سراحه مع معتقلين آخرين حيث قابلن المرحوم هزاع المجالي، وكان وقتها وزيرا للداخلية، وكان معها ابنه خليل وعمره آنذاك حوالي أربعة أعوام الذي صعد الدرج صارخا "وينو هزاع بدي أطخه"، ويضيف فارتفع صوت والدتي الفلاحة: "يا خيّي يا هزاع لماذا لا تلغوا قانون الطوارئ" وبعدها بأيام تم اطلاق سراح المعتقلين. لقد كان طبيب وانسان رؤوف يعالج الفقراء مجانا يصادقهم ويحدثهم ويشجعهم وبدن استعلى لقد جمع تحدي الحكومة الاردنية وصداقة الفقراء، وبين التميز المهني والاجتماعي والمشاعر الوطنية والشعبية العالية.
ويتذكر شيخنا الخيمة التي ولدى فيها وعاش الى جانب أهله وأبناء قريته التي لم يسكنوا المدن او القرى ويعشون في بيوت الشعر في معظم الفصول، مستغربا الى ان تلك الايام ما زالت منطبعة في ذهنه حيث الحياة المتواضعة البسيطة، ويقول الى انه عمل كثيرا على مساعدة أهله في تلك الفترة ورعى الغنم لفترة قصيرة بأمور الفلاحة.
ويشر زيادين في "البدايات" )سيرة ذاتية.. اربعون سنة في الحركة الوطنية الاردنية ،دار ابن خلدون ، بيروت 1980) الى انه دخل المدرسة مبكرا والحياة كانت صعبة مما انعكس على حياتهم حيث كان الاطفال يذهبون حفاة شبة عراة ويجلسون على الارض الباردة في الشتاء،ولكنها يقول كانت حلوة.
ولفت الى ان قريتة فقيرة جداً، كان معظم الطلاب أبناء صفه الصغار، جوعى في معظم الأحيان، يأكلون خبز القمح وخبز الشعير، أو خبز الذرة، وأعتقد أني كنت الطالب الوحيد الذي يملك رغيفاً من خبز القمح.. ويضيف أعتقد أنني مبكراً فكرت كيف يمكن القضاء على هذا الفقر، كيف يمكن التغلب عليه، وأول ما خطر في بالي أن الصلاة والتضرع لله ليحل المشاكل كانت هي اللي دخلت في ذهني.
ويثنى زيادين على والدته الفلاحة الأمية الجميلة التي شجعته على الذهاب للدراسة قائلة ، اذهب للدراسة في الخارج ، إذا أخوك الكبير لا يعطيك فلوس أنا عندي فلوس أقدر أعطيك إياها، ، عندما جاء والدي يقول.. رآني نايم، وسأل عني: إذا أكلت؟ قالت له: يعقوب لم يأكل اليوم، مُضرب عن الطعام، لأنك ما طمأنته على مسألة ذهابه للجامعة للدراسة، غضب وقال: لا أبداً سأبعثك قوم.. كل أنهض من نومي مع إني أكلت قبل دقائق، أنا آكل وأتظاهر باني قد رضيت وقبلت.. وتمت المسألة تحت ضغط الوالدة بشكل خاص، وذهبت لدمشق في السنة الأولى، درست..
وبين د. يعقوب زيادين: وضعنا العائلي ليس سيئاً يعني، كان افضل الموجود في القرية، لدينا قطيع من الماشية، ، لافتا الى ان مصاريف.. القرية في تلك الفترة بسيطة.
وشكلت النقلة من حياة البداوة من بيوت الشعر الى مدينة دمشق العريقة المعروفة بتاريخها وبحضارتها وبأنها مجتمع آخر.. مجتمع جديد مبينا ان اول حادث شاهده في دمشق هز كيانه وتفكيره مظاهرة في ساحة من ساحات دمشق تطالب بالخبز، عشرات من النساء مع أطفالهن، وهجموا على بلدية دمشق، وكانت في ساحة (المرج) يطالبن بالخبز، ويشتمن رئيس الوزراء السوري في تلك الأيام.
ويتابع فوجئت ، معقول فقر في قريتي وفي مدينة ضخمة كبيرة مثل الشام القصور والبنايات وهذه الشوارع، هنا دخل عامل جديد مؤثر، القضية ليست قضية قرية فقيرة، هناك مشكلة واسعة تضم ملايين البشر وبلدان عديدة ، وبدأت أفكر من جديد كيف ممكن حل هذه القضية وكيف ممكن القضاء على الفقر والتعاسة .
ويقول لقد أثر عليَّ منظر النساء السوريات المحجبات مع أطفالهن يصرخن ويطالبن بالخبز في أحد صباحات دمشق الباردة ، لافتا الى ان اعوام 41-42 كانت دمشق تعج بالجنود السنغاليين وبالجنود الأستراليين أثناء الحرب العالمية.. بداية الحرب العالمية الثانية أيضاً لماذا كل هذه الجيوش؟ نحن في تلك الفترة لم يكن عندنا أي وعي سياسي، لا أحزاب ولا نوادي مستذكرا آخر أيام المدرسة الثانوية بالسلط حيث اثر أستاذ التاريخ الذي كان يحدثنا وهو خريج الجامعة الأميركية ومن الأوائل الذين تخرجوا ، تحدث عن أيام الحرب العالمية الأولى، وعن ثورة أكتوبر الاشتراكية، ً، أيضاً هذه الكلمة رسخت في دماغي.
وبين د. يعقوب زيادين: انه درس السنة الأولى بدمشق حقوق، ولاحظت أني لا أصلح لهذه المهنة، ورغبتي كانت دراسة الطب، انتقلت الى دراسة الطب، ولكن بقيت قضية الفقر والتعليم تشغل بالي.
ويتابع في أحد الأيام في أواخر أيار عام 43 كنا نستعد للفحوص آخر السنة، وسمعت أحد الزملاء من الأطباء يتحدث عن الاستغلال وكيف ينمو رأس المال، وكيف يُستغل العمال وكيف..، لأول مرة أسمع مثل هذا الكلام، اعجبني الكلام وتفسير قضية الفقر.
وأول صدام مع الظلم واجهه يعقوب، كان عندما عاد إلى قريته في إجازة عيد الفصح، ليجد أن سكانها محجور عليهم صحياً بسبب ظهور حالة تيفوس. اتضح أن الطبيب المسؤول فرض هذا الحجر بعدما رفض والده رشوته بتنكة سمن. هنا، طبّق يعقوب أول درس له في مواجهة الاستبداد، فرفع برقيّة إلى وزير الصحة، وطُرد الطبيب.
عاد زيادين إلى بيروت منتشياً، وتابع نشاطه في «الحزب الشيوعي اللبناني» الذي أصبح يمارس نشاطاته سرّاً، وحاضر في طرابلس عن الشيوعية والنظام الاشتراكي. لم تكن أيامه هناك سهلة. الجفاف، ثمَّ الفيضان الذي ذهب بقطيع أهله من الأغنام، قطع عنه المصروف. حينها ساعدته معلّمة من صيدا ماديّاً ومعنوياً، اسمها سلوى زغيب، وشاركته الهمّ العام من خلال خدمة اللاجئين الفلسطينيين، وشاركته حياته عندما تزوّجا لاحقاً.
وجد الطبيب الشاب عند تخرّجه عملاً في مستشفى «أوغستا فيكتوريا» أو «المطلع» في القدس، فضمن من خلاله مأوىً ومصدر دخل. هنا أيضاً عاش أفكاره الشيوعيّة.
أضرب مع كامل أطباء المستشفى وممرّضيه عن العمل، إثر قرار وكالة الغوث بإغلاق المستشفى، ونجح في النهاية بالتصدي للقرار. آنذاك، قابل الرفيق يعقوب مندوب وكالة الغوث الأميركي «الملوّن»، فنصحه: «عد إلى أميركا ودافع عن حقوق الملوّنين، عوضاً عن إلحاق الأذى بضحايا العدوان الأميركي الإسرائيلي».
في القدس أيضاً لم يكفّ الدكتور يعقوب عن العمل السياسي، إذ ازدادت شعبيته بين المقدسيّين بعد التصدي لقرار إغلاق المستشفى، حتى جاءت انتخابات 1956 وفاز فيها عن مقعد القدس إلى جانب خمسة شيوعيين في الضفّتين، ليكون أول صعود رسمي للشيّوعية في الأردن وفلسطين.
لقد كانت الاوضاع في الاردن في فترة حكومة سليمان النابلسي الوطنية تبشر بالخير مما أسهم في «رفد آمال الناس بحكم وطني ديموقراطي»، كما يقول زيادين في مذكّراته «البدايات». في ذلك الوقت، شُكّلت لجان لمكافحة الفساد، وأُجريت المفاوضات لإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية، وسُمح للحزب الشيوعي بإصدار جريدة «الجماهير» الأسبوعية... إلى أن أقيلت حكومة النابلسي، وبدأت مطاردة الوطنيين والشيوعيين، ليقضي يعقوب 12 عاماً في المعتقلات. آنذاك كانت زوجته وابناهما، خليل وخالد، قد هاجروا إلى عالم آخر، إلى ألمانيا الديموقراطيّة.
كان معتقل «الجفر» يرمز إلى نهاية العالم. المعتقل الذي أقامه قائد قوات البادية البريطاني غلوب باشا في جنوب البادية الأردنية للحماية من غزوات البدو، ضمَّ عدداً من الرموز الوطنية: بهجت أبو غربيّة، فؤاد نصّار، منيف الرزّاز، آمال نفّاع وغيرهم. حوّله المعتقلون إلى مدينة صغيرة تضم مزرعة للخضار والفاكهة، مراكز للترجمة، ومحاضرات تثقيفية وتعليمية، وعيادات طبية لمعالجة المعتقلين والسجّانين وعائلاتهم.
يتبع.............










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين موقف الدكتور
علي الغالبي ( 2010 / 1 / 11 - 04:54 )
اين موقف الدكتور يغقوب الرائع من موقف بعض السياسيين الاردنين الدكتور وقف ضد ظلم البعث بالعراق والسياسيين الاردنيين يمجدون صدام بعضهم يطلق اسمه على شارع في عمان والاخر يسمي ابنه باسم صدام


2 - ...عن البداوة
خولة ( 2010 / 1 / 11 - 09:26 )
أن نتمنى الصحة والعمر المديد للدكتور زبادين فذلك لأملنا في عودة الدراويش لترجمة تبه المتعبين من عمال الفكر واليد لكي يترجموا تيه التائهين ولا يتحولون الى مجرد كم من حثالة.لا زالت المقاربة الواعية التي تحترم الكائن في فكر زيادين جديرة بالتنويه فهي لا تقصي الانسان بسبب النشئة ان تكون من البدو او الحضر علما انها اختارت التمدن والتقدم والحداثة.لم نجد في كتابات زبادين اي ترديد مسطح اخرق لنبذ البداوة او التباهي الأرعن بفوائد العلم,كانت النادرة والحكاية والطرفة في سيرة الطليعة في البدايات مشحونة بالدرس الراقي والعلمي لأولي الأبصار.كم مرة توقفت دون ابتسامة السخرية اذ وفي القرن الفائت في سجن الحاكم العربي حيث تمكن احد رفاق زيدان وفي بداية تجربة التفريخ الصناعي ان يسجل اندهاش الحارس البدوي وهو برى الدجاجة تعطي صوصا وفراخا في معمل مصنع بالسجن لا شك انه حتى في الخارج وفي الحاضرة من يشكك في علم التفريخ٫لقد سجلت السيرة اندهاش البدوي وواصلت الدفاع عن توطين البدو وتعليمهم والأرتقاء بهم٫ترى هل يحمل البدوي حتما جينات التخلف٫

اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين