الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب البرنامج السياسي الواضح للتكتلات السياسية العراقية

نجاح العلي

2010 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


افرزت التجربة الديمقراطية في العراق نسقا جديدا في العمل السياسي ما زال موضع جدل كبير بشأن التجربة الديمقراطية الفتية التي مانزال نعيش حيثياتها، فهل نحن نسير بالاتجاه الصحيح وهل كانت التجربة الديمقراطية التي مازالت تداعياتها مستمرة، هي الانموذج الذي يراد ان تحتذى به دول المنطقة الاقليمية وبخاصة الدول العربية؟
بداية يمكن القول انه لم يكن لدى الطبقة السياسية التي كانت تعيش خارج العراق على ما يبدو معرفة كاملة وتقدير حقيقي وواقعي لحجم التخلف في العراق وعلى الاصعدة كافة، اذ سحقت ممارسات النظام الشوفيني الاحادي السابق الفئات الفاعلة والتي يعتمد عليها في أية عملية نمو وتطور، المتمثة في المعلمين والمدرسين واساتذة الجامعات ورجال الدين والشعراء والفنانين والاطباء والمهندسين وهذه الفئات من المجتمع التي يعول عليها في البناء الاجتماعي والديمقراطي هاجر معظم الفاعلين والمؤثرين فيها ، اما المتبقي منها فقد انكفأت على نفسها وشلت امكانياتها بالعطاء واحداث التغيير، جراء اما تسييرها من قبل السلطة الشمولية الاحادية ونهجها، واما بتحجيمها وابعادها عن الحراك الاجتماعي وبالتالي فقدانها لتاثيرها المطلوب في بقية فئات المجتمع، هذا الامر ادى الى بروز فئات اجتماعية من المرتزقة والمنتفعين واللصوص والمرتشين والفاشلين والوصوليين والنفعيين وبرزت تلك الفئات في اولويات السلم الاقتصادي والاجتماعي وبهذا فقد المجتمع قادته المؤثرين الذين يقع عليهم العبء في النهوض بالعملية التنموية للنهوض بالمجتمع لتحقيق دولة الرفاه الاجتماعي التي ينشدها الجميع.
لم يكن بمقدور بنية المجتمع العراقي الاستجابة الايجابية المطلوبة لهذا لتغيير الكبير في الحدث السياسي او الانسجام مع معالمه ومظاهره وافرازاته التي يستحيل تجاوزها، رغم ان هذا التغيير قد اصاب عمق المفاهيم والمسلمات التي كانت سائدة، كما كان للمفاجآت السياسية، المواجهات الطائفية، مقاومة الوجود الاجنبي عسكريا، التدخل غير المسبوق لدول الجوار وتأثيراته المدمرة كذلك، كل ذلك اضافة الى ضعف الاستعداد على المستوى السياسي والمعرفي بطبيعة الوضع وافرازاته جعل الامور تسير بطريق متعرج وخطر، وكادت القوى الاجتماعية والسياسية المعنية بالتغيير ان تفقد مواقعها في مرحلة معينة، اذ حدث شرخ كبير في العلاقة بين الطبقة السياسية التي وصلت الى السلطة في العراق وبين يقية فئات المجتمع العراقي، وهو اسوأ واخطر امر قد تواجهه اي قوى سياسية وقد تكون اكثر خطورة من الانقلاب العسكري التي يتردد ذكره مع قرب اجراء اي انتخابات.
ومن الامور التي رافقت العملية الديمقراطية هي مبالغة وسائل الاعلام والسياسيين في تصور عمق الوعي العام للمواطن العراقي واحساسه بالانتماء والمواطنة كما جرى التهويل في الامكانيات الاقتصادية للبلد ومايمكن ان ينتظره المواطنون من مستقبل وردي زاهر جعل الكثير يحلق في الوهم ويبني احلاما لاتمت للواقع بصلة مما اشعر المواطن بالخيبة المضاعفة والتراجع والانطواء حالما تجلت الامور فعادت بنتائج مخيبة للامال، فلم يتحقق اي من هذه الوعود مما اصاب الكثير منهم بخيبة الامل، حتى اصحاب الشهادات والكفاءات الذين كانوا خارج العراق وعادوا بقوة وهمة عالية بعد 2003 رجعوا الى دول المهجر بعد ان راوا صعود الهويات الطائفية والذهبية والقومية التي بدات تأخذ مداها واتساعها على حساب الهوية الوطنية التي يفترض ان ينشدها الجميع كاساس للانتماء العراقي وبدل ان نستقطب الكفاءات المهاجرة لتحقيق البناء والاعمار والنمو جنبا الى جنب مع تطور العملية السياسية الجارية في العراق شهدنا هجرة بقية الكفاءات من علماء واطباء واصحاب الشهادات العليا الى خارج العراق بفعل عوامل مختلفة ومتداخلة بينها القتل والتهجير والترهيب والاستقصاء والتهميش.
ان الكتل السياسية التي تطرح نفسها على ساحة الانتخابات التي ستجري يوم السابع من اذار المقبل رافق تشكيلها بعض الجوانب الايجابية المتمثلة بتركها الخطاب الطائفي الذي رافق حملاتها في انتخابات 2005 التي جاءت نتائجها بمكونات مثلت فرزا طائفيا حادا انتقلت تبعاته الى الفئات الشعبية وكادت تتوسع جراءه الحرب الطائفية الاهلية لولا ان سلم الله، ومن الاشياء الايجابية الاخرى التي رافقت تشكيل التكتلات الكبيرة هو احتوائها على مختلف التلاوين المذهبية مما يقلل من مخاوف استئثار اقلية او اثنية معينة في صنع القرار كما انه يبعد العزف على الوتر الطائفي الذي فقد تأثيره ومسوغاته، لكن ما يؤخذ على الاحزاب والكتل السياسية انها لاتملك برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واضح المعالم وآليات التطبيق وقد يعود السبب في ذلك تعدد الاحزاب والشخصيات والحركات والتجمعات ذات المرجعيات والاتجاهات المختلفة والمتنوعة في تكتل سياسي واحد من الصعوبة بمكان ان تتفق على برنامج سياسي محدد وقابل للتطبيق وفق آليات معدة سلفا.
ما يهم اغلبية الشعب العراقي وهم من الكادحين والفقراء المعدمين ان تستقر الاوضاع و يستتب الامن ويعم السلام والوئام وان يحصلوا على الخدمات العامة الضرورية التي تهمهم قبل اي شيء اخر، وهذا لايمكن ان يتم بعيدا عن السلطة الوطنية والحرية والديموقراطية والعمل على توفير الحد المطلوب من العدالة الاجتماعية والمساواة لتحقيق دولة القانون.. دولة الرفاه الاجتماعي التي ينشدها الجميع.
*اعلامي واكاديمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل موضوعي رصين
عباس عبد الرزاق الصباغ ( 2010 / 1 / 18 - 09:27 )
الاستاذ نجاح العلي المحترم
موضوع الكتل السياسية الموجودة حاليا في الساحة العراقية من المواضيع الشائكة جدا ومن نواحٍ عدة اهمها عدم وضوح البرامج السياسية التي يفترض ان تعلن وبوضوح وشفافية وايضا مسألة التمويل والوعود التي تطلقها تلك الكتل ومصداقيتها التي بموجبها يتحدد مستقبلها السياسي وهناك مسائل اخرى تثير الريبة
موضوعك اكثر من رائع


2 - لابد من توضيح الامور
نجاح العلي ( 2010 / 1 / 18 - 16:32 )
الاستاذ الفاضل عباس عبدالرزاق الصباغ شكرا لمتابعاتك المستمرة
وارجو ان تتحفنا بمقالاتك وتحليلاتك عن البرامج الانتخابية للاحزاب السياسية لكي يطلع عليها الناخب العراقي ليكون على بينة من امره عند الادلاء بصوته في صناديق الاقتراع في اذار المقبل

اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان