الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن و الطابع اليهودي لكيان الاحتلال

نضال حمد

2004 / 6 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


مفاجأة جديدة يطلقها الرئيس الفلسطيني من مقره المحاصر في رام الله، ليرسلها مدوية عبر صفحات صحيفة هآرتس الإسرائيلية، والمفاجأة الجديدة غير كل المفاجآت السابقة. معروف ان الناس قد اعتادوا على مفاجآت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وهي كثيرة، لكن هذه المرة أخذت تصريحاته المفاجئة حول يهودية الدولة الصهيونية بعدا جديدا ، فهي تعتبر تصريحات حارة جدا، وقد تحرق لسان الذي يتلفظ بها، وهناك من يقول أنه لا يجوز التلفظ بها لأنها تقفز فوق الثوابت الوطنية الفلسطينية وأيضا فوق قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية المتعاقبة. وعلى هامش تلك ذكر المجلس الوطني المغتال بأيدي السلطة الفلسطينية يجب القول هنا أن قرارات المجلس تنص على علمانية الدولة الفلسطينية ورفض القبول بيهودية الدولة الصهيونية، حتى وأن حصل السلام المنتظر بين الجانبين. والدولة العلمانية تعني دولة لكل مواطنيها من المسلمين والمسيحيين واليهود. وبما ان الميثاق الوطني الفلسطيني الذي تم إعدامه من ايضا من قبل السلطة الفلسطينية، لا يعترف بشرعية كيان الاحتلال، فاستعمال العبارة من قبل رئيس السلطة الفلسطينية لا تخلو من الاثارة، وهي ذات معاني و دلالات كبيرة، لأنها تنسف حق العودة ومبدأ العودة من اساسه، فكيف يعود اللاجئ الفلسطيني لاراضي الدولة اليهودية المزعومة؟
نأمل أن لا يكون أبو عمار جدي في تصريحه أعلاه، لأنها المرة الأولى التي يتحدث فيها بهذا الوضوح عن انتقائية ويهودية كيان اسرائيل. وهذه المرة لن يكون الشعب الفلسطيني متسامحا مع مثل تلك التصريحات، فقد مل شعب فلسطين من تلك الألاعيب والفقاعات التي لا تخدم سوى الآخرين.

بالرغم من أن الرئيس عرفات ومن معه قد ألغوا بغير وجه حق الميثاق الوطني الفلسطيني في مؤتمر غزة للمجلس الوطني بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون، ورغم ان ذلك تم بطريقة عجيبة غريبة ومثيرة للجدل، وبالرغم من انه قد تم لهم ذلك بعد توقيعهم اتفاقية اوسلو وقبل ذهابهم لكمب ديفيد، حيث يقال ان عرفات رفض التخلي عن حق العودة.لكن حتى هذا الالتفاف وذاك الالغاء للميثاق الوطني لا يمنحان عرفات ومن معه حق التخلي عن حق العودة وعن الثوابت الفلسطينية. كما ان لا شيء يمكنه منع الشعب الفلسطيني من التمسك بحقوقه الوطنية الثابتة والغير قابلة للتصرف، وأهمها حقه بالعودة والتعويض وإقامة الدولة المستقلة، حتى لو تنازلت السلطة الفلسطينية او بعض رموزها عن هذه الحقوق. فالتمسك الشعبي بالثوابت الوطنية الفلسطينية سوف يكون دائما سدا منيعا بوجه أي تنازل أو تفريط من قبل الجانب الفلسطيني. ومن هذه الزاوية يجب الانطلاق فلسطينيا نحو وضع حد للتصريحات الأخيرة في هآرتس حيث قال الرئيس ياسر عرفات أنه " يفهم بالتأكيد وقطعا أنه يجب الحفاظ على الطابع اليهودي لدولة اسرائيل".

هنا بالضبط تكمن المعضلة في حل لغز التصريح أعلاه و فهم رؤية عرفات الجديدة للطابع اليهودي للدولة. عن أي دولة واي ارض واي دستور وأي حدود وأي بشر يتحدث رئيس السلطة الفلسطينية ؟؟؟؟ فقرارات المجلس الوطني الفلسطيني تنص على قيام دولة فلسطينية مستقلة لكل مواطنيها، ولا تعترف بيهودية كيان إسرائيل حتى بعد التوصل لسلام او تسوية دائمة، لأن فلسطين التاريخية بطولها وعرضها وسكانها لم تكن كيانا صهيونيا ولا غيتو لليهود، بل كانت لأصحابها العرب من كل الديانات، وهناك مليون فلسطيني عربي من غير اليهود لازالوا يعيشون في الدولة التي يريدونها دولة عرقية لليهود وحدهم، وهناك مدن وبلدات فلسطينية كاملة في الجليل والمثلث والنقب بسكانها وما لها وما عليها لازالت في فلسطين التاريخية، فلسطين التي تصير وفق التصريح إسرائيل اليهودية.

بالمناسبة تحضرني الآن قصة ظريفة وحساسة حصلت معي شخصيا في العاصمة النرويجية اوسلو، فقبل عدة أسابيع اثناء مواجهتنا للحملة الإعلامية الصهيونية على هامش عرض الحافلة المدمرة في وسط اوسلو ،حدث أن حصل نقاش بيني وبين بعض اليهود،وعندما استعملت عبارة دولة يهودية قامت قيامتهم وثارت ثائرتهم ، فأجبتهم بأنني لست مخترع العبارة وأنكم تقاتلون ليل نهار من اجل أن يعترف العالم بيهودية كيانكم في فلسطين، وقلت أن شارون وبوش رددا هذه العبارة في أكثر من مناسبة، وأن يوسي بيلين شريك بعض الفلسطينيين في تفاهمات جنيف التي تنازلت عن حق العودة، ردد علنا أنه لا يقبل بأي تغيير في يهودية الدولة وأقر بأن إسرائيل دولة لليهود،كما أن تلك العبارة أصبحت لازمة من لوازم السياسة الإسرائيلية. ولا اعرف ما هو السر الذي يجعلهم يواجهون الناس بقوة عندما يقولون دولة يهودية مع أنهم أنفسهم يرددون المصطلح بلا كلل أو ملل، وفي نهاية المطاف هذا هو لب الفكرة الصهيونية.

تصريحات الرئيس عرفات مثيرة فعلا، إذ كيف يعقل أن يردد أبو عمار تلك العبارة ويبدي تفهمه وتأكيده على يهودية الدولة، فأين هم المليون فلسطيني الباقون على أرضهم في فلسطين التاريخية ؟

وأين تقع حقوق اللاجئين الفلسطينيين في الشتات وفي مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة على خريطة تصريح عرفات الأخير؟
لا يكفي أن يتحدث أبو عمار عن الأوضاع الصعبة للاجئي لبنان فالقضية ليست إنسانية فقط لا غير، أنها قضية وطن وارض وحقوق وثوابت، واللاجئ الفلسطيني المقيم في امريكا واوروبا و اسكندنافيا او في مخيمات البقعة واربد والوحدات وعين الحلوة والرشيدية وشاتيلا واليرموك ورفح والمغازي وجنين وبلاطة والدهيشة وعسكر وطولكرم له نفس الحق والحقوق في العودة والتعويض، وجل هؤلاء من المتمسكين بحقهم الفردي والجماعي بالعودة كما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية، وهؤلاء لم يبدوا لا رغبة ولا نية في التخلي عن حقهم بالعودة، وقد حصلت مؤتمرات شعبية كثيرة في امريكا وأوروبا والعالم تؤكد على قضية اللاجئين والتمسك بحق العودة وعدم التنازل عنه او تفويض احد القيام بذلك.

نأمل أن لا يكون الرئيس الفلسطيني مقتنعا بما قاله وأن يكون كلامه مجرد كلام عابر في مقابلة صحافية عابرة، لأنه هناك ثوابت فلسطينية لا يستطيع أحد القفز فوقها او التخلي عنها، وهي من ثوابت الشعب الفلسطيني المعروفة، مثل حق العودة والحرية والاستقلال والدولة الحضارية العلمانية والديمقراطية،دولة لكل مواطنيها تلتزم مبادئ حقوق الإنسان واحترام القانون ومبدأ الحريات الشخصية والدينية والصحافية والسياسية والاقتصادية، تنسجم مع مستجدات وسمات العصر الجديدة، في مجتمع تعددي يرفض التفرقة العنصرية والعرقية والدينية ونظرية تفوق أحد الأجناس البشرية على غيره من البشر،وهناك مقدسات وثوابت فلسطينية لا تزول بالتقادم أو مع مرور الزمن حتى ولو أن الشعب الفلسطيني يعيش في سجون جماعية في وطنه وخارجه،وكذلك وهو يعيشو في زمن التغييرات المثيرة التي حدثت في عالم ما بعد هجمات نيويورك وواشنطن و احتلال العراق واستباحة فلسطين المحتلة.

من عوامل الصدف المثيرة تصريح جاء يوم أول أمس أيضا على لسان رئيس وزراء فرنسا السابق ميشيل روكار الذي شن هجوما شرسا على إسرائيل واصفا إياها "بالحالة الشاذة" ومعتبرا أن "وعد بلفور الذي أعطته بريطانيا لليهود بإقامة دولة لهم في فلسطين خطأ تاريخي". ففي ندوة حول العلاقات بين أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط عقدت في مكتبة الإسكندرية قال ميشيل روكار" إسرائيل قامت تاريخيا على نزعة عنصرية... إسرائيل حالة فريدة لأنها أقيمت على وعد وتجمع فيها ملايين اليهود من دول العالم وأصبح لها كيان بل أصبحت تهدد جيرانها، وأصبحت حالة شاذة في المجتمع الدولي لأنها قامت على التهديد المسلح للمنطقة". وبين كلام روكار وتصريح عرفات تكمن الحقيقة الفلسطينية الغائبة، فلا وجود للخزعبلات الصهيونية التي على أساسها تم إنشاء الوطن القومي لليهود بوعد من بلفور وزير خارجية التاج البريطاني الاستعماري في فلسطين. فقد كان وعدا من دولة لا تملك حق إعطائه لبشر لا يملكون حق امتلاكه، فالواعد والموعود كلاهما من المستعمرين والعنصريين الذين عادوا العرب وكانوا ولازالوا السبب في نكبة الشعب الفلسطيني وتقسيم البلاد العربية الى دويلات تدور في فلكهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر