الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدايات الدعوة - كهيعص 15

أمجد المصرى

2010 / 2 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فى الصباح الباكر أقبل نعش السيدة بهيجة محمولا فى هودجها إلى مثواها الأخير فى القبر الأبيونى الخاص بأسرتها ، و قد كان خلف النعش رهط من الرجال ساروا صامتين فى الموكب المهيب ، و خلفهم النساء منتحبات بعويل و صراخ مزق قلوب بناتها و أبكاهن كثيرا ، و عند القبر استقبل النعش عديد من التجار و الأشراف و الأقارب فى مقدمتهم الشيخ يرقة الأبيونى إبن عم الفقيدة ، الذى قرأ بعض التلاوات ثم أذن بمواراة النعش إلى جوف القبر ، بعدها تفرق الجمع كل فى طريق و لم يبق مع الشيخ سوى الشيخ نعمان ( أزميل ) و طماطم ابنة الفقيدة
أبدى الثلاثة دهشتهم و امتعاضهم من اختفاء معمر و تخلفه عن شهود مراسم دفن زوجته
طماطـم : لم يأبه بموتها ، وهى التى وجدته ضالا فهدت وعائلا فأغنت و جائعا فأطعمت
أزميـل : و مع كل ما كان منه فليس أمامنا إلا مواصلة دعمه و مناصرته من أجل مشروعنا الكبير
يـرقـة : زواجك اليوم على بهى يا طماطم ، هى وصية أمك و أوامر السيد أزميل ، عسى أن يكون خيرا من قريبه

طماطـم : أستحلفكما بحق السماء فأنا لا أثق بهؤلاء القوم
أزميـل : أعملى ذكاءك و فطنتك يا طماطـم ، هو أبوك بالتبنى وله حق تزويجك ، و سوف تجنين الكثير من ذلك
طماطـم : السمع و الطاعة يا أزميل
أزميـل : اليوم أنقل نوقى و بضائعى من مخازن دارك فيصير لك خالصا ، هلمى إلى الهودج و سأجعل حراسا بصحبتك حتى تبلغى الدار ، زفافك الليلة فلا يكدرنك شيء
يـرقـة ( بعد مغادرة طماطـم ) : يا ليت شعرى ، لا أدرى كيف سنلم بأخبار كهيعـص بعد رحيل بهـيجـة
أزميـل : لا تبالى فكل شيء محسوب ، الحارسان اللذان لا يفارقانه هما من رجالى ، وينقلان أخباره أولا بأول إلى عاملى ياقوت
يـرقـة : لا أدرى ما الذى جعله يتخلف عن الجنازة
أزميـل : لقد قضى ليلته ساهرا بالمنظرة حتى الفجر بصحبة الصغيرة عـاتكـة بنت أبى صقر
يـرقـة : فيم عساه يتحاور معها وهى الصغيرة الغريرة ؟
أزميـل ( مبتسما ) : هى التى تؤنس وحدته منذ حل أهلها بالمقام ، و تبيت بمخدعه كل ليلة منذ مرضت بهيجة
يـرقـة : و هل تصلح لشيء ؟
أزميـل : العـرب يفاخذون الصغار ويلوطون بهم ، وينكحون الدواب و لاتعوزهم الحيلة فى قضاء أوطارهم
يـرقـة : ياللعار ، و هل يرضى أبوها ؟
أزميـل : أبلغه أوامرى له أن يطلبها من أبيها ، و أن يكف عن الشطط و النزق كيلا يفسد عملنا ، هذه راحلتى متأهبة لتوصيلك ، صحبتك السلامة
يـرقـة ( منصرفا ) : صحبتك السلامة
عند الغروب وصل معمر إلى كهف الشيخ يرقة ، و لما وجد السيد أزميل فى حضرته ألقى عليهما السلام و أقبل فقبل يديهـما و جلس
أزميـل : لم تشهد دفن السيدة بهيجة يا معمر ، و فى حلوق بناتها غصة منك
مـعـمـر : قضيت الليلة مؤرقا أفكر فى نكاح بـهى و طماطم كما أمرتنى ، وقد انتقل لمقامها منذ الظهيرة و صار بعلها

أزميل : علمت أنك قضيت ليلتك بلا نوم ، و أن الصغيرة عـاتكة كانت قد شاركتك التفكير بذلك الأمر وبأمور أخرى


معـمـر : أرى ربك الباب لا يخفى عنك شيئا من أمرى ، يا ويلتى ، أخشى أن تعاودنى نوبات الصرع اللعينة


أزميل : إن عاودك صرعك فالشيخ حاضر لطرد شياطينك النجسة بالعصا ، عليك بطلبها من أبيها الليلة طالما أنت تهوى التفخيذ ، وحذار من الشطط و النزق فأمامنا مهمام جسام لا تحتمل الانشغال بالنزوات و التوافه


معمـر : لك السمع و الطاعة يا سيدى ، ألم يحن الوقت بعد لتأديب بنى الأعفر و غـزو ديارهم ؟


أزمـيل : بلى ، إن كان رجالك قد تأهبوا للقتال و الغزو ، فسوف أعطيك الموعد


معمــر : هم متأهبون لتلك الغزوة المباركة ، وقد أعددنا لهم ما استطعنا من قوة و من رباط الخيل


أزمـيل : حسـنا ، عند الفجر تجمع رجالك وتحاصر بنى الأعفر ، و تعمل سيوفك فى رقاب رجالهم و تسبى النساء و تـغـنم الأرض و المال ، و تتحفظ على الغنائم و الأسلاب و السبايا ، ريثما ننتخب حصة كل منا ثم توزع الفيء على رجالك


معـمـر : غدا تأتيك بشارات النصر المؤزر ، ألا تسمح لى بتوزيع الفيء بعد انتخاب حصة كل منا ؟


أزميـل : دعـنى أجـربك هذه الــمرة ، و إن وجدت منك ما يسوء فسوف تكون الأخيرة ، لتنطلق الآن لتستكمل الاستعداد ، وتزف البشرى لرجالك المرابطين أن ساعة الحق قد حانت


مـعـمر ( متأهبا للانصراف ): سأكون دائما عند حسن الظن ، وفى الفجر تحين ساعة الحق ، و على الخير نلتقى


يـرقة ( مودعا ) : لا تنس أن تلقى فيهم خطبة حماسية ، و تقرئهم أسجوعة الضـبـح ، و الباب ناصرك
إمتطى معمر صهوة جواده تملؤه الحماسة وانطلق بصحبه فارسيه عائدا إلى داره ، وما أن بلغ الدار حتى أمرهما باستدعاء أبى صقر ليلحق به بالمنظرة
أبـو صقـر ( بالمنظرة ) : لبيك يـا معـمر
معـمر : أبشر يـا إبـريق ، إنى استنكحت فرج ابنتك
أبـو صقـر ( متهللا ) : يشرفنى أن أنكحك ابنتى بسماء فنتصاهر و نصير أهلا
معـمـر : بل عـاتكة هى من أبغى نكاحها
أبـو صـقـر : عاتكة لم تزل صغيرة على النكاح ، لتأخذ بسـماء
معـمـر : بل عاتكة يا أبا صـقر ، إنها أوامـر الباب أبلغنيها أزميل اليوم ، و قال أن مبيتها كل ليلة فى فراشى يتحدث به الركبان
أبـو صقـر : ليكن ما شاء الباب و ما أمر به أزميل
مـعمـر : إليك البشرى الثانية ، عند الفجر نخوض غزوتنا المباركة على ديار بنى الأعفر ، دعنا نجمع الرجال و نلقى فيهم خطبة
أبـو صقر : هذه أخبار مفرحـة ، سأذهب لجمع الرجال بفنـاء الدار
معـمـر : شريطة ألا تكون جلبة و لا صياح كيلا تتسرب الأخبار
فى الفناء المكتظ بالرجال ألقى معـمـر خطبة قصيرة بصوت خفيض بدأها بتلاوة ما تيسر من أسجوعة الضـبـح ، ثم أعلن خطته و موعدها فتهللت أسارير الرجال و بايعوه و أقسموا له يمين الولاء
أبـو صـقـر : يا أيها الناس لقد حانت ساعة الحق ، أنصروا الباب ينصركم و يثبت أقدامكم ، الفجر موعدنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ادعوا لهم معى
زين العابدين ( 2010 / 2 / 8 - 23:50 )
لاحظ أطباء علم النفس أن كثيرا من مؤلفى روايات البورنو أو الذين يحبون الكتابة الجنسية يعانون من ذكريات مؤلمة خاصة بالجنس منها الاعتداء الجنسى فى الصغر والشعور بالشذوذ وأحيانا ذكريات مؤلمة مماثلة تخص أقرب الأقرباء فى العائلة كالأم والأب والأخت والأخ ولا أدرى لماذا تذكرت ذلك هنا فادعوا لهم معى أن يتخلصوا من تلك الذكريات حتى نقى أبناءنا وبناتنا من تأثيرهم المرضى


2 - أستاذ أمجد أنت رائع
عرفة خليفة الجبلاوي ( 2010 / 2 / 9 - 06:59 )
الكاتب المحترم

هذا مقال رائع يعبر عن رقي فكري عميق. أقول لصاحب التعليق رقم 1، لماذا تمر على المقالات تشتم وتسب وتهزأ دون أن تحمل فكرا أو تعليما. هل هذه هي رسالتك في الحياة؟


3 - إلى الأستاذ / زين العابدين- تعليق 1
أمجد المصرى ( 2010 / 2 / 9 - 09:03 )
أنت محق تماما فيما ذهبت إليه ، فما بالك بالذين يقدسون البورنو و الشذوذ و يسعون ليتمتعوا به فى جنتهم الموهومة مع الحور العين و الغلمان المخلدين يحتسون فيها الخمر و يفتضون البكارات فى حضرة إلههم ؟ و ما بالك بالذين يسرقون و يقتلون و يزنون و يتمنطقون بالأحزمة الناسفة و يفخخون أدبارهم ليدمروا حيواتهم و حيواتنا من أجل بلوغ تلك المنكحة الأخروية ؟ هذه الرواية هى لكشف و فضح خيبتهم و ما يعانونه من أمراض عقلية و نفسية تشكل خطرا على البشرية جمعاء لا عليهم فقط ، هم كزعيمهم و شارع شريعتهم الدموية منذ 14 قرنا يحاربون معارك صفرية لا تنتهى إلا بقضاء طرف على الآخر كالحيوانات المفترسة فى الغابات ، لا يعرفون كيف يعيشون و لا يرضون للآخر أن يعيش ، هذه الرواية هى للمساهمة فى إيقاظهم من غيهم و إيقاظ العالم لمخاطرهم على هذا الكوكب ، إن يكفرون و يفتون بقتل من لا يؤمن بتلك الخرافات و يقدسها ، البورنو الحقيقى هو أن تكون نساؤكم حرث لكم تأتون حرثكم أنى شئتم ، قبلا و دبرا و غير ذلك ، شكرا لمرورك


4 - الأستاذ / عرفة خليفة الجبلاوى
أمجد المصرى ( 2010 / 2 / 9 - 09:07 )
شكرا لمرورك و تعليقك الرائع و إطرائك الكريم ، أسعد دائما بمقالاتك القيمة و أستفيد منها أيما استفادة ، لك وافر تحياتى


5 - الاخ المبدع امجد المصرى
ابو الدحداح ( 2010 / 2 / 9 - 12:00 )
مقاله جميله معبره..
لاتتاخر حتى نعرف ماذا سيفعل معمر بهذه العاتكه الصغيره..
وهل سيأتيه ازميل بالكفيت..؟!
الى الامام يااستاذ امجد فاحتمال العقول تصحو من غفلتها.


6 - الزميل الملهم أمجد المصري
أبو لهب المصري ( 2010 / 2 / 9 - 16:41 )
ملحمتك هذه فيها العبر
خصوصا لهف معمر على مفاخدة الصغيرة عائكة بالرغم من إنشغاله بهموم النبوة ........ يالها من مثابرة وثبات على المبدأ (مبدأ المفاخدة)
دمت لنا بصحة وأيام سعيدة
تحياتلا للجميع


7 - إلى الأستاذ / أبو لهب المصرى
أمجد المصرى ( 2010 / 2 / 9 - 18:13 )
أهنئ نفسى و أهنئ السادة القراء و إدارة الموقع بعودة إسهاماتك تتلألأ على صفحات الحوار المتمدن ، يظن البعض أن عاتكة كانت الثانية بعد رحيل بهيجة ، و لكن المصادر الموثوقة ( نسبيا ) أشارت أنها كانت التالية مباشرة ، بل ذهب البعض للتأكيد أنها كانت ضرتها فى السر على طريقة الزواج العرفى ، لك وافر التحية


8 - إلى الأستاذ / أبو الدحداح
أمجد المصرى ( 2010 / 2 / 9 - 18:23 )
إن صحوة العقول تحتاج إلى الكثير من الوقت و الجهود المتضافرة باتجاه مخاطبة العقل لكشف الزيف و الباطل ، أمـا الكفيت فلا أدرى أين ذهبت بقية القدر الذى أتى إلـى المقبور ، شكرا لمرورك و تشجيعك

اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت