الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الرجل الذي باع العالم- أوضياع بين السينما و المسرح

محمد نبيل

2010 / 2 / 20
الادب والفن


تحتضن العاصمة الألمانية برلين فعاليات مهرجانها السينمائي في دورته الستين، والذي انطلق في الحادي عشر من فبراير الجاري وحتى الحادي والعشرين منه. مهرجان هذا العام والذي افتتحه المخرج الصيني "وانغ تشيوانان" بفيلمه الجديد "توان يوان "، سجل مشاركة باهتة للأفلام العربية. ومن بين الأفلام العربية القليلة في المهرجان، نجد الفيلم المغربي: "الرجل الذي باع العالم " للمخرجين سهيل وعماد نوري الذي شارك في إطار "مسابقة بانوراما". عرض الفيلم المغربي في برلين، لم يخل من ردود تتأرجح بين عدم وضوح رؤية المخرجين على مستوى السيناريو و الإخراج السينمائي، و الإشادة بمحاولة الفيلم المغربي المتواضعة.

الألمان ينسحبون ... وكنديون يستغربون

سينما إيكس ، القاعة رقم 7 في الطابق الأول ، عرفت حضورا مهما للجمهور الألماني و بعض المغاربة المقيمين في ألمانيا ، الذين قدموا لمشاهدة الفيلم المغربي "الرجل الذي باع العالم " . و من بين الحضور كذلك، الممثل "سعيد باي" و طاقم الفيلم (عائلة نوري زوجة نوري و ابنيها المخرجين و المصور ...) . الجو هادئ جدا، خارج و داخل قاعات السينما التي تستقبل عشاق الفن السابع و المهتمين بالفيلم المغربي، و كلهم يتساءلون عن مضمون الفيلم، بل متحمسين لمشاهدته، و خاصة أن بعضهم قرأ أن الفيلم يتناول موضوع المثلية الجنسية...أما البعض الآخر من الجمهور الألماني، فيريد التعرف على فيلم قادم من دول الجنوب، و يرغب في اكتشاف صورة المغرب و ثقافته.

بعد بداية عرض فيلم "الرجل الذي باع العالم" بنصف ساعة تقريبا، بدأت أفواج من الجمهور الذي غصت به القاعة، تنسحب على يمين القاعة و يسارها في حركة مثيرة. الأمر لا يمكن فهمه وبسرعة، لكن وبعدما تكررت عملية الانسحاب تأكدت أن هناك شيء ما أحس به المنسحبون. فما هي حكاية الفيلم و دلالات الانسحاب ؟

فيلم "الرجل الذي باع العالم" يحكي عن مدينة مجهولة في منطقة مجهولة المعالم في سياق حرب ما. إكس وناي، شابان زميلان في العمل ويتقاسمان نفس المسكن، وتربطهما علاقة حميمية، و صراع من أجل تحقيق السعادة التي تكون في بعض الأحيان صادمة، وتؤدي إلى الجنون. السيناريو كتبه سهيل نوري، ومستوحى من رواية "قلب ضعيف" للكاتب الروسي دوستوييفسكي .

حكاية الفيلم و انسحابات البعض من الجمهور، يلخصها الناقد السينمائي الكندي "بيير باجو" في "أن الفيلم المغربي كان يجب عرضه في مهرجان للمسرح التجريبي، بدلا من مهرجان برلين"، لكن زوجته ذهبت بعيدا، واستغربت من قرار عرض الفيلم في إطار "مسابقة بانوراما"، كما أكدت على "أن الفيلم المغربي هو محاولة هاوية فقط، يجب أن تعرض في لقاء للفن وليس في مهرجان سينمائي من حجم مهرجان برلين الدولي. دنيا ، مغربية مقيمة في برلين، أحست بالالتباس و هي تتابع الفيلم، بحيث لم تجد خيطا يجمع شتات الصور . هذا الرأي لا يتفق معه "سريم الفاسي الفهري"، رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام، والذي حضر إلى برلين و شاهد العرض المغربي، حيث أشاد بالفيلم ، و أكد لي أن " فيه رؤية عالمية، و لا يرتبط بمكان أو بلد ما ، و اختياره في مهرجان برلين دليل على جودته".

علاقة الفيلم برواية "قلب ضعيف" للكاتب الروسي المعروف دو ستوييفسكي علاقة ملتبسة ، و المخرج سهيل نوري قال أمام من تبقى من الجمهور الحاضر في نهاية عرض فيلمه، إن "الرجل الذي باع العالم " ليس له مرجعية تاريخية، و المكان ليس مهما بالرغم من أن دو ستوييفسكي تحدث في روايته عن مدينة "سان بترسبورغ" . الفيلم حسب رأيه يمثل" الموجة الجديدة ".

الرجل الذي ضاع بين المسرح و السينما ...

عندما يضيع خيط السينما تظل كل الرهانات ممكنة . فيلم "الرجل الذي باع العالم" يتأرجح بين السينما و المسرح ، فأداء الممثل "سعيد باي" الجيد، عبر عن حماسة و حضور أمام الكاميرا ، وكأن الممثل على خشبة المسرح . مسؤولية المخرجين، الإخوان نوري، ربما هي التي فوتت على الفيلم فرصة الظهور في شكل مغاير .

الحديث عن السينما و الفيلم المغربي ، يدفعنا لا محالة إلى طرح أسئلة للاقتراب من الجمهور بغية إثارة مسألة تقييم الفيلم في عرضه الثاني في مهرجان برلين السينمائي. العديد أكد لنا أن التصوير وحركة الكاميرا في بعض المشاهد من الفيلم، شد العديد من الجمهور، لكن البعض الآخر عبر عن ضياعه بين موسيقى صاخبة أو غير أصلية، و صور طائشة بفعل مونتاج سيء. حركة الكاميرا تشير إلى أن الرؤية الإخراجية ينقصها شيء ما، ما سبب للبعض في الدوخة، و منهم من سلم أمره للنوم في النصف الثاني من الشريط. سيدة ألمانية شاهدت الفيلم، وأبت أن تطرح سؤالا في نهاية العرض على المخرجين "الإخوان نوري"، عن من هو المخرج و من ظله....لكن جواب المخرجين لم يكن مقنعا حسب رأي البعض.

لماذا قدم بطل الفيلم إلى برلين على حسابه الخاص...؟

قبل بداية العرض كنت رفقة صديقة مغربية مقيمة في برلين ، و إذا بالممثل "سعيد باي" يمر بجانبنا . تبادلنا أطراف الحديث كعادتنا نحن المغاربة في مثل هذه المناسبات. حكينا عن الفيلم و المغرب، و متاهات السفر وأشياء أخرى. سألته عن ما كتب عن الفيلم من علاقته بالمثلية الجنسية، فرد علي قائلا : "فيلم الرجل الذي باع العالم لا يعرض هذه المسألة، بل هي علاقة إنسانية بين صديقين، و المغاربة بطبعهم يتبادلون القبل و التحايا ".

قصة مجيء الممثل "سعيد باي" إلى برلين لحضور عرض الفيلم الذي يشارك بطولته تعد مثيرة، و تطرح أكثر من سؤال . فهو القادم من المغرب إلى العاصمة الألمانية على حسابه الخاص لتمثيل المغرب، و الفيلم الذي يشارك فيه. هذا أمر ما لم يكن ينتظره "سعيد باي " حسب ما عبر لي عن ذلك. استغربت بدوري لهذا الأمر الذي وقع مع " باي"، لأنه في علمي، الحضور إلى مهرجان برلين يتم بالتعاقد أو الاتفاق مع إدارة المهرجان، أو في إطار العلاقة مع المنتج أو مع البلد الذي يمثله الفيلم...الخ فلماذا يقع "لسعيد باي " ما لا يقع للآخرين ؟

الصحافة الألمانية تتجاهل "الرجل الذي باع العالم "...

الحضور الإعلامي الألماني الكبير ليس بغريب عن مهرجان برلين، فالصحافة دعامة أساسية لهذا اللقاء السينمائي الدولي . فكل صباح وقبل بداية العرض الأول ضمن البرنامج اليومي، يطلع الصحافيون و النقاد على ما تكتبه الصحافة الألمانية عن الأفلام المشاركة في مختلف المسابقات. فبعد مرور يوم واحد على أول عرض لأي فيلم ، نقرأ على صدر الصحف مقالات إخبارية و نقدية و لقاءات مع المخرجين و الممثلين . لكن فيلم " الرجل الذي باع العالم " تجاهلته الصحافة في ألمانيا . و لحد كتابة هذه السطور، و بعد عرض الفيلم ثلاث مرات في المهرجان (الفيلم المغربي يعرض أربع مرات أمام الجمهور)، كانت هناك إشارة مختصرة جدا عن الفيلم "لصحيفة تاغسشبيغل" اليومية و الصادرة من برلين ، وتفيد بأنه على الرغم من الإمكانيات البسيطة، أوصل الفيلم المغربي، "فكرة السعادة التي لا تكتمل عند بطل الفيلم إلا عندما يحس بها الآخرون".

مشاركة عربية خجولة

المشاركة العربية خجولة في مهرجان برلين السينمائي في دورته هذا العام، حيث يغيب الفيلم العربي تماما من المسابقة الرسمية. و من بين الأفلام العربية القليلة المشاركة ، نجد الفيلم العراقي " ابن بابل" من إخراج محمد الدراجي ، والذي عرض في مسابقة بانوراما. هناك أيضا، الفيلمين المغربيين "الرجل الذي باع العالم" و "الطنجي 8 "، من إنتاج مغربي فرنسي ، ويشارك في مسابقة فوروم ، و هو لمخرجه ايفان بوكارا . الفيلم المصري «المسافر" لمخرجه "أحمد ماهر" عرض على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي ضمن سوق أوروبا للأفلام. الفيلم الوثائقي "عايشين" من إنتاج قطري سويسري، للمخرج السويسري نيكولا فاديموف، يشارك هو أيضا في مسابقة فوروم . وتعد هذه التجربة الأولى من نوعها ، حيث لم يسبق لقناة عربية أن قدّمت عملاً سينمائيًا وثائقيًا ضمن مشاركة رسمية في هذا المهرجان الذي يعدّ أحد أهمّ أربعة ملتقيات سينمائية عالمية هي إلى جانب برلين، جائزة الأوسكار الأمريكية، ومهرجان "كان" في فرنسا و"البندقية" بإيطاليا. و عرف مهرجان برلين كذلك، عرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني "بدرس" والذي تدور أحداثه حول قرية "بدرس" الفلسطينية الواقعة في الضفة الغربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا