الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات العراقية وكواشف الذات

اسعد الامارة

2010 / 3 / 5
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


مرت الانتخابات التشريعية بالعراق الحديث بعد سقوط معاقل الدكتاتورية بعواصف كبيرة وارهاصات لا مثيل لها في المنطقة باسرها حيث برزت كتل وتيارات جديدة قدمت للعراق الضحايا والشهداء حتى بات المشهد العراقي ممضخا بالدماء عبر عقود الدكتاتورية اوسنوات السبع العجاف بعد السقوط وفي كلا الحالتين مر العراق بخبرة لا يستهان بها ومر العراقيين بتجربة جديدة خبروا فيها من هو الذي يستحق فعلا ان يكون منافسا قويا حتى وان اختلطت الاوراق وتشابهت الشعارات فيقول استاذ علم النفس السياسي البروفيسور قدري حفني اذا كانت الملامح الظاهرية تندرج تحت ما يسمى بالملامح الطبيعية فإن ثمة ملامح اخرى يصطنعها البشر وتلعب دورا أخطر في تشكيل الصورة الادراكية ولعل ابرز تلك الملامح يتمثل في تلك الملابس وملحقاتها حيث تلعب العمامة لدى السيد او الشيخ وهي التي برزت بشكل ملفت وواضح في الانتخابات العراقية السابقة حتى ظن معظم الناس ومنهم البسطاء انها مدعومة من المراجع الدينية وكان الحجاب ايضا من كواشف الهوية الدينية لدى عامة الناس ويضيف (د.قدري حفني) ان كواشف الهوية الدينية هي رسالة موجهة للآخر لاستظهار النموذج الاخلاقي للفئة المرشحة ولكن لم تعد تنطوي هذه على العراقيين بعد تلك الدورة الانتخابية السابقة وما صاحبها رغم ان ما غرسه المجتمع او الاسر في نفوس ابنائها عبر عمليات التنشئة الاجتماعية من صور ادراكية عن الرموز الدينية له تأثير قيمي واضح في السلوك إلا ان الحقائق كشفت الكثير من تلك المواقف وانواع السلوك السياسي الممزوج بالهوية الدينية فظهرت الكثير من الهنات والهفوات وزلات اللسان اللااخلاقية التي تضخمت عند الفرد العراقي المعروف عنه بالمبالغة دائما وهو سلوك يعبر عن التفريغ او التنفيس لما يجول بدواخله بسبب شدة الضغوط التي تعرض لها وما زال يعيشها حتى بات يتعايش معها كسلوك سوي وهو يعد من اخطر الظواهر غير الطبيعية.
ان الانتخابات العراقية لها خاصية تتميز بها بسبب مكونات المجتمع العراقي "الخليط المتجانس" ان صح القول او سمحنا لانفسنا ان نطلق هذا المفهوم رغم ان تصنيف الناس ليس حق طبيعي لاي شخص كان حتى المتخصص ولكن نسمح لانفسنا لان نقول ان مزج النص الديني بالعملية الانتخابية يحمل لغة غامضة او هي فكرة تتغير بتغير السياسة وتغير الزمان والمكان والظرف والحالة وليست سمة ثابتة في الاشخاص او ممن يكونوا مكلفين بالفتوى والذين عرف عنهم الاتزان النفسي والتوافق الانفعالي ومن ذوي الشخصيات الهادئة ، اما السياسي فهو معروف منذ الازل وحتى يوم القيامة يبقى سياسيا وان كان تربى دينيا او تعلم في الحوزات او المدارس الدينية لذا كشف العراقيين بحدسهم المعروف عن النوايا وعرفوا ان الطائفية ليست طريقا معبدا بديلا للدكتاتورية او نقيضها ،إن لم تكن صنوا لها وهذا ما اثبتته سنوات السبع العجاف والقتل والتدمير بعد السقوط وما آل اليه الصراع الآن ومآزق الاتفاقات والاختلافات وأخرها التسقيط المتعمد لكل من شارك بالعملية السياسية ، ان التعامل مع النتائج الراهنة عبر منظور غير مألوف للعراقيين او مستورد او شبيه من بعض دول الجوار سيقود الى استنتاجات منها اختلاط المعتدي والضحية معا ً وضياع جديد لاربع سنوات من التشويه والتناحر الجديد بغير صورة الطائفية وانما بصور بديلة مستلة من الفكرة الاساسية لها او هي باسلوب محور كما هو الحلم او الكابوس لدى الحالم وهذا ما يعرفه من درس النفس.
تبين لنا الانتخابات مرة اخرى كواشف الذات الفردية او الجمعية للكيانات بشكل مباشر او غير مباشر على شكل هفوات او ارهاصات او هنات لاشعورية ويعود بنا التاريخ مرة اخرى الى الفرضية القائمة على التربية المتسلطة المتشددة وهي مصدرا ً للضغينة المفرطة وهذا ما اطلق عليه علماء النفس بـ "عمى النفس" حينما يقود واحد من الكيانات الدعوة مرة اخرى الى تألفات تدعو الى تأجيج الصراع بدلا من حله او تحييد المواقف السياسية لحين ايجاد الحلول التي زرعت بفن ايام الفترة الدكتاتورية البغيضة وهي معضلات صعب حلها بقرار سياسي آني او فردي فلذا لا يمكن للعراق ان يقوده شخص واحد يتحمل ذنب الجميع وتترك الجرائم الكبرى بالغفران مع النسيان دون ان تحقق العدالة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم