الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام المقاتل: من يقاتل, أين يقاتل و لماذا يقاتل ؟

محمد كشكار

2010 / 3 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سأحاول الإجابة حسب اطلاعي المتواضع دون الدخول في التفاصيل و دون تحيّز لأحد الأطراف المتحاربة لأنّّهم كلّهم مسلمون.
لن أتكلّم في هذا المقال عن الجرائم الفظيعة التي يرتكبها المحتل الأجنبي الإرهابي في حق المسلمين لسببين اثنين:
- أوّلا لأنّها قضيّة واضحة لدى الرأي العام الإسلامي و الضّحايا من المقاومين و المدنيّين الأبرياء المسلمين و غير المسلمين يموتون بشرف من أجل تحرير بلادهم من المحتل و النضال ضدّه حقّ أباحته كل الشرائع السماويّة منها و الأرضيّة.
- ثانيا لأنّ قتل المسلم لأخيه المسلم جريمة أبشع و أشنع من جريمة المحتل وهي بالرغم من كونها قضيّة لا تقبل تبريرا و لا تحتمل فلسفة و تحليلا فهي غير واضحة في أذهان الناس ربّما لأسباب نفسيّة.
جنّب المحتلّون بلادهم الحروب و صدّروها إلى بلداننا و نحن بتناحرنا زدنا البلاء بلاء و كبّرنا مشروعهم بأياد مسلمة و طبّقنا سياستهم حرفيّا لا بل دعّمناها بحروب أهليّة تحصد الآلاف من مواطنينا فوصلنا إلى نتائج كارثيّة من التدمير الذاتي لم يكن المحتل يوما يحلم بها فنحن منفّذو المؤامرة حتّى لو كانوا هم مهندسيها.
أبدأ بالسؤالين الأوّلين في العنوان: أين يقاتل الإسلام المقاتل و من يقاتل ؟ و أحاول الإجابة قدر المستطاع:
- يقاتل "الإسلام المقاتل" في الجزائر حيث يقتل المسلم أخاه المسلم جنديا كان أو إسلاميا.حصدت الحرب الأهلية عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء مع العلم أنه لا يوجد في البلاد محتل أجنبي واحد.
أصيح هنا و بأعلى صوتي صيحة فزع و ألم شديدين: ألا يكفي الشعب الجزائري "المليون و نصف المليون شهيد" الذين قتلهم الاحتلال الفرنسي ؟
- يقاتل الإسلام المقاتل في العراق حيث يتقاتل الشيعي والسنيّ و يموتان دون قضيّة فيما بينهما و تحصد مئات الآلاف من الأرواح البريئة و لا يموت من الأعداء إلاّ بعض الآلاف و الشعبان العراقي و الإيراني لم ينسيا بعد مليون قتيل في حرب بين أشقّاء في الدّين و التّاريخ.
- يقاتل الإسلام المقاتل في أفغانستان و عدد الموتى من المسلمين المقتولين بأياد مسلمة يفوق بكثير عدد الموتى من المسلمين المقتولين بأياد غربية.
- يقاتل الإسلام المقاتل في ولاية وزيرستان حتّى خلتها بلدا معاديا لباكستان و أرضهم مستباحة للطيران الأمريكي.
- يقاتل الإسلام المقاتل في فلسطين حيث يتقاتل الحمساوي و الفتحاوي و العدوّ يتفرّج و الاثنان ينفّذان سياسته أحسن منه و في المقابل حصيلة مخجلة لقتال العدو الصهيوني المحتل تتمثّل في احتجاز حماس لجندي إسرائيلي واحد في حين أنّ اثنا عشر ألف أسير فلسطيني يقبعون في سجون العدو.
- يقاتل الإسلام المقاتل في الصومال حيث يتسابق القاتل المسلم و الجوع على الإجهاز على ما تبقّى من آدميّة الصومالي.
- يقاتل الإسلام المقاتل في أمريكا و اسبانيا و بريطانيا و آخرا و ليس أخيرا في الهند حيث يقتل المئات و الآلاف من المدنيين الأبرياء من مسلمين و غير مسلمين و لا يجلب هذا القتال للمسلمين إلا الكره و الاحتقار و يشوّه الإسلام تشويها لم يقدر على فعله أعداءه على مرّ 14 قرن.
أعود أخيرا للسؤال الثالث في العنوان: لماذا يقاتل الإسلام المقاتل ؟ و أطرح الفرضيّات التالية:
- إذا كان يقاتل من أجل نشر الإسلام في بلدان إسلامية فعليه أن يدفع السيّئة بالحسنة.
- إذا كان يقاتل من أجل نشر الإسلام في بلدان غير إسلامية فأكبر عدد من المسلمين اليوم موجود في اندونيسيا و ماليزيا و الصين و أوروبّا و أمريكا الشماليّة و الجنوبيّة حيث دخل الإسلام و تربّع بالكلمة الطيّبة و الدعوى بالّتي هي أحسن و لم يدخل بالعنف.
- إذا كان يقاتل أعداء المسلمين فهم واضحون في فلسطين و العراق و أفغانستان, هم المحتلّون الذين يلبسون الزى العسكري.
فما ذنب الآخرين إذا من مواطنين مدنيين مسلمين و غير مسلمين ؟ بعد هذا المسح غير الشامل لـ"بطولات" الإسلام المقاتل, أعتذر لبعض الإسلاميين المناضلين الشرفاء حتى و لو كنت أختلف معهم في الرأي والوسيلة و أقصد الأبطال اللبنانيين و غيرهم الذين دافعوا عن بلادهم ضد ثلاثة جيوش معتدية, الأمريكي و الفرنسي و الإسرائيلي و أجبروهم على الهروب بجلدهم. أحترمهم و أقف إجلالا لتضحيتهم لأنّهم حدّدوا عدوّهم العسكري و ضربوه في الصميم في بيروت و الجنوب و العراق و فلسطين و أفغانستان.
خلاصة القول: المسلم إنسان و مواطن عادي ككل مواطني العالم يسالم من سالمه و يعادي من عاداه و لا يحتاج إلى التضحية بالروح و الدم ضد مسلمين مثله أو ضد مدنيين أبرياء غير مسلمين لم يحاربوه. كفانا إزهاقا للأرواح و سفكا للدماء دون قضية. يحتاج المواطن المسلم كغيره من غير المسلمين إلى محيط يتوفّر فيه العمل الجماعي و العلم و السلم و الديمقراطيّة و يتوفر فيه قطاع عام و خاص يخصص ميزانيّات ضخمة للبحث العلمي.
سوء تدبيرنا و تناحرنا أجبر الآلاف من علمائنا على الهجرة - حفاظا على ذكائهم و علمهم من تلوّث جهلنا و تخلّفنا و عصبيّتنا القوميّة و الدينيّة المتطرّفة و حروبنا العبثيّة - إلى فضاء الحريّة و الخلق و الخصوبة العلميّة لا البيولوجية, إلى الفضاء المتوفّر ّفي بلاد غير المسلمين أين أبدع الحائز على جائزة نوبل العالم أحمد زويل الأمريكي-المصري و اخترع مجهرا ذو أربعة أبعاد يستطيع رصد جزيئات الذرّة في زمن لا يتجاوز "ثانية على مليون مليار" و يسمّى هذا الزمن القصير جدّا جدّا "فمتوثانية"** و أين أخرج مصطفى العقّاد الأمريكي-السوري الروائع مثل شريط الرسالة و شريط عمر المختار و ذهب شهيدا لتعصب إرهابي أعمى في نزل في الأردن وأين يشارك العالمان فاروق الباز الأمريكي-المصري و محمد الأوسط ألعياري الأمريكي - التونسي في صنع المركبات الفضائيّة الأمريكيّة. فالعائق إذا ليس الدّين في حد ذاته بل فهمنا للدّين الذي يتمثّل في التفسير و التأويل الإنسانيان الخاضعان للخطأ و الصّواب وفق المنهج العلمي الّذي تحدّثت عنه في مقال سابق و هذان التفسير و التأويل ليس حكرا على رجال الدّين بل يجب أن يخرجا عن سلطتهم و يتولاّه معهم العلماء من جميع الاختصاصات مثل علماء الألسنيّة و علماء الأنتروبولوجيا و علماء النفس و الاجتماع و علماء التربية و علماء الحياة و الفيزياء و الكيمياء و غيرهم و لا نترك "رجل الدين" هذا الموظف الدخيل على الحضارة الإسلامية يفتي في أمور دنيانا كما يشاء دون رقيب و لا حسيب و أقصّ عليكم طرفة معبّرة في هذا المجال رواها الأستاذ القرضاوي - وشهد شاهد من أهلها - في برنامجه بقناة الجزيرة: " كنّا مجمع علماء الدين في ندوة علميّة حول "التخصيب الطبي للإنجاب عند النساء" و كان المحاضر يتكلّم عن بويضة المرأة (وهي خليّة واحدة لا يتجاوز قطرها تقريبا عشر واحد من مم) فهمس "عالم دين" في القاعة قائلا لزميله: هل المرأة أصبحت تبيض أيضا".
أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب – لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع – بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"..."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف لا المادي و لا اللفظي".

**Une femtoseconde vaut 10-15 secondes. Une femtoseconde (fs) est pour une seconde ce qu’est l’épaisseur de la lettre « I » sur ce papier par rapport à la distance terre-soleil (150 millions de km). (Internet).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفهم الخاطيء
عبدالناصرجبارالناصري ( 2010 / 3 / 29 - 08:56 )
ياأستاذ مع أحترامي وتسليمي لكل ماذهبت أليه ولكن الجواب الحقيقي الذي يرد على كل مشاهد الدم (هو الفهم الخاطيء للأسلام الحقيقي


2 - شكرا اخي
سليم ( 2010 / 3 / 29 - 09:52 )
شكرا لك على هذا الطرح الجميل

ولكن اسمحلي بمداخلة بسيطة اخي الحبيب الاسلام دين عزة وقوة
وعدم التساهل في في قضية التوحيد
انت خير من يعلم ان الاخوة الشيعة اخلوا بالتوحيد واشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وهنا وجب على المسلمين نصحهم فان ابوا فواجب قتالهم حتى يعودوا الى الله والا ضاع الاسلام

اما الاخوة في الجزائر فاخرجوا فرنسا ليحكمنا ماهو اشد من فرنسا نفس ونفس الفسوق ونفس العصيان ونفس المخالفة لشرع الله تعالى ولذا وجب اولا مجادلتهم بالتي هي احسن فان ابوا فان الله تعالى قد انزل الحديد فيه باس شديد ومنافع للنا اكرر شكري واحترامي


3 - أنا مصدوم يا ادارة الحوار المتمدن
معلق ( 2010 / 3 / 30 - 09:36 )
2 قززتني المداخلة رقم
أنا مصدوم يا ادارة الحوار المتمدن لسماحكم لهكذا فكر في هكذا موقع
أنا مصدوم


4 - اخي معلق ماتنصدم حفظك الله
سليم ( 2010 / 3 / 30 - 10:50 )
نعم اخي لا تنصدم هذا شرع الله لا قولي ولا قولك اشكر الاخوة المحترمين في ادارة الحوار على مساحة الحرية الرائعة التي يوفرها هذا الموقع المحترم لمختلف الاراء


5 - أنا مصدوم يا ادارة الحوار المتمدن
معلق ( 2010 / 3 / 30 - 19:44 )
اعود مرة اخرى الى ادارة الحوار المتمدن
لا أريد لهذا المخلوق القادم من اعماق الحقد والتوحش من تورا بورا أن يناديني تقية و زورا و بهتانا باخي وهو خصمي في كل شيء ابتداء بالجانب الأنساني
سحقا و تبا لدين و عقيدة لا تقوم لها قائمة على مدى التأريخ الا بهكذا منطق و فكر ومنهج وأسلوب همجي متخلف متوحش مافيوي
أي رب و نبي هذا شرعه
أنا مصدوم يا ادارة الحوار المتمدن من سماحكم لطفيلي من ايتام القاعدة والوهابيه والسلفيه ببث سمومه في موقع لا ينبغي لمثله أن يلوثه


6 - العرب والمسلمين هم من يحاربوا شعوبهم
صباح ابراهيم ( 2010 / 5 / 26 - 19:07 )
الدول الاسلامية منشغلة باصدار الفتاوى التي يفتي بها شيوخ الدين والذين يلاقون التشجيع من قبل حكوماتهم لاستمرار حكم الشعب بقمعهم تحت الستار الديني ، ولا تهتم الحكومات الاسلامية بالعلم والتطوير وتشجيع مراكز البحوث العلمية وتشجيع المخترعين والعلماء ، وهذا السبب الذي يهاجر علمائنا الى الدول الاوربية والامريكية ويلمع نجمهم هناك ويبدعون لانهم يجدون الارض الخصبة التي تشجعهم ومراكز البحوث العلمية التي تستقبلهم .
لو عمل العالم المصري احمد زويل في مصر ، هل كان سيبدع في عمله ؟ وكذلك العالم فاروق الباز وغيره ، ولماذا لايعودون لتطوير بلدانهم بعد ان حصلوا على اعلى الدرجات العلمية ؟ الجواب معروف ، انهم سيهملون .
في السبعينات عاد عالم عراقي متخصص في العلوم الغذائية، وكان المسؤول عن اعداد الطعام لرواد الفضاء في وكالة ناسا الفضائية . وبعد عودته للعراق ليقدم خدماته حاربوه ، وعينوه في كلية الزراعة لاطعام البقر .
واخيرا عاد الى امريكا ليواصل ابحاثه وتقديم خدماته للامريكان الذين شجعوه بدل العراقيين الذين خذلوه .

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد