الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد العلمانية وامكانية تحقيقها في عالمنا العربي

نجاح العلي

2010 / 4 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر


مازلنا في عالمنا العربي بين مؤيد ومعارض ومتحمس وناقم على العلمانية كاسلوب حياة واسلوب حكم في مجتمعات تتميز بالتنوع الديني والمذهبي والفكري والثقافي والاثني.. بينما نجد ان اتجاهات فلسفية وفكرية تتجاوز العلمانية لما بعدها امثال هابرماز ورث وهو الفيلسوف الاول في العالم بعد نيله مؤخرا جائزة كيوتو للفلسفة باشارته الى مجتمع ما بعد العلماني، ومحاولته اشاعة مصطلح (تلسين المقدس) والذي يقصد به ان المفاهيم الحديثة من قبيل المساواة والعدل هي صيغ علمانية لمفاهيم دينية متأصلة وهذا ما نتفق معه ونؤيده ونعتقد بانه الاكسير والحل الناجع للقضاء على الكثير من مشاكلنا وبخاصة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
ومن المهم الاشارة هنا الى ان العلمانية نشأت في الغرب بشكل طبيعي نتيجة لظروف ومعطيات تاريخية، دينية واجتماعية واقتصادية وسياسية، خلال قرون من التدريج والنمو، والتجريب، حتى وصلت لصورتها التي هي عليها اليوم.. والعلمانية تعني ببساطة شديدة حرية الاختيار في الشأن الديني على المستوى الفردي.. والفصل بين المؤسسة الدينية والمؤسسات الدنيوية في الشأن العام.. اي بمعنى اخر فصل الدين عن ادارة الدولة.
وتختلف الظروف التي نشأت فيها العلمانية وتكامل مفهومها عبر السنين اختلافاً جذرياً عن ظروف البلدان التي جلبت إليها جاهزة متكاملة في الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية والتاريخية والحضارية، كما هو الحال في الدول العربية ودول الشرق الاوسط مثل تركيا، فالشرط الحضاري الاجتماعي التاريخي الذي أدى إلى نجاح العلمانية في الغرب مفقود في بعض البلاد الإسلامية، بل فيها النقيض الكامل للعلمانية، ولذلك كانت النتائج مختلفة تماماً.
فقد اشيعت العلمانية في اوربا وانحسر الدين بشكل تدريجي طيلة ثلاثة قرون من الصراع الفكري قام باثارته داروين بتفاحته التي اثبتت الجاذبية وغاليليو وتلسكوبه الذي اثبت ان الارض دائرية ومارتن لوثر ومواقفه الجريئة ضد ألوهية وتقديس الكنيسة.
ومنعا لسوء الفهم انا لست ضد تقديس الدين بل ضد تقديس وتأليه رجال الدين.. وهذا ما اشار اليه القرآن الكريم في اكثر من موضع.. والذي اكد على التبصر والتفكر في الامور الدينية والدنيوية والنقاش والمجادلة بالتي هي احسن وفق المعطيات والاستدلالات المنطقية والعقلية لاقامة الحجة على الخصم.
,ومن المهم هنا الاشارة الى اتجاهين ادبيتين وفكرييين في منطقتنا العربية تاثر بالعلمانية الاول كان يرفض كل ما هو قديم واعتباره من مخلفات عصور الظلام والتخلف، انطلاقا من مقولة هيجل (ان دقة العقل المفهومة التي تتسم بالتفوق قد تجاوزت الدين).. ومقولة ماركس الاكثر تشددا ومصادرة لحريات الاخرين ومقولته الشهيرة التي لا تخلو في الغلو والتشدد (الدين افيون الشعوب) واعتقاده ان الغاء الدين ومنعه شرط ضروري لرفاهية الانسان..وابرز رجالات هذه الاتجاه (أدونيس) و(البياتي) و(محمود درويش) و(جابر عصفور).
أما الاتجاه الاخر فيسعى الى إعادة قراءة التراث من وجهة نظر عصرية وتأويله وتوظيفه بشكل يحقق مواءمة بين التراث والعصرنة وابرز رجالات هذا الاتجاه (محمد أركون) و (حسين أمين)، و(حسن حنفي) و(محمد عابد الجابري).
والاتجاه الثاني اكثر مقبولية وقدرة على التحقق في عالمنا العربي الذي يتميز بتمسكه الشديد بتراثه وقيمه الدينية والاجتماعية على ان يقود هذا التيار شخصيات دينية وفكرية وادبية لها القدرة على الاقناع بالرجوع الى ادلة وحجج من تراثنا بدل التعكز والاستدلال بمدارس واتجاهات فكرية غربية لاتجد قبولا لدى مواطنينا الذين تتملكهم (فوبيا الغرب) ومؤامراتهم من اجل الاستجواذ على خيراتنا وقيمنا وغزونا ثقافيا وسياسيا.. وابرز مثال حاضر ونموذح يحتذى به حاليا تركيا التي تشترك كثيرا في خصوصياتها مع عالمنا العربي ونجحت فيها العلمانية دون المساس بالحريات الدينية او الاجتماعية بل ان من يقود العلمانية هم حزب اسلامي.
*اعلامي واكاديمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على