الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة وفاق وطني عراقي

عمر أبو رصاع

2010 / 4 / 6
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


حكومة وفاق وطني
يبدو أن الديمقراطية العراقية الناشئة تمرُّ بظرف عصيب، وأن النظام الدستوري الذي صِيغَ للحيلولة دون تركّز السلطة في يد فئة أو طائفة، يَفشلُ الآن في تأدية مهمّته، لخَلَلٍ في الوعي السياسي لدى بعض أطراف العملية السياسية.
المشهَدُ الانتخابي العراقي يُفيد بأن المالكي تَفاجَأ بنتيجةٍ لم يكن يتوقعها، مما جعله يفقد البوصَلة ويقدِّم عرضاً سياسياً بدا دون مستوى النُضج المطلوب، فبعد أن أشاد بالمفوضية العليا للانتخابات وبنزاهتها وهو متقدم، عاد ليطعن بها، ويتهِمُها بالتزوير عندما تقدمت عليه القائمة العراقية بقيادة عَلّاوي، ثم هدد بعد ذلك بقانون الاجتثاث، وبإجراءات من شأنها أن تدفَع الأمور نحو الأسوأ، ، مثل اللجوء إلى المحكمة الاتحادية غير ذات الاختصاص، لتأويل المادة 76 من الدستور؛ رغم أن تأويل الدستور ليس ضمن اختصاصات هذه المحكمة التي حددتها المادة 92، إضافة لتعبئة الأنصار والنفخ في كير التحزب الطائفي الخطير، كل هذا حتى يتمكن من التفوق بأيِّ طريقة على خصمِه، وليس هذا بالأمر المقبول من سياسي حريص على بلاده، يفترض به الارتقاء إلى مستوى الوعي بحجم ونوع المسؤولية التاريخية، خصوصاً أن وضع العراق لا يحتمل مثل هذا الخطاب المشحون.
لم يكن هذا ضرورياً، وفيه استعجال واستعداء لا لزوم لهما، فالمالكي يعرف يقيناً أنه حتى لو تم تكليف علاوي فلن ينجح بدون ائتلاف دولة القانون، والائتلاف الوطني العراقي، والتحالف الكردستاني، فهي معاً تملك الأغلبية المطلقة في المجلس، وبالتالي حسب نص الدستور بعد خمسة عشر يوماً من التكليف، سيعود رئيس الجمهورية لتكليف غير علاوي لو وقفت هذه الكتل الثلاثة ضده، ذلك أن كلّ يغني على ليلاه، فائتلاف دولة القانون ضده بحكم أنه منافسه، وأما الائتلاف الوطني العراقي فتكتل تحكم إيران إلى حد بعيد توجهاته مما يضعه بالضرورة في مقابلة علوي الرافض للتدخل الإيراني في الشؤون العراقية، وأما التحالف الكردستاني فيعتبر القائمة العراقية ألدُّ أعدائه، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات في كركوك، والتي أبْرَزَت القائمة بقوة في إطار الصراع المَحمُوم على هوية المدينة.
بالمثل فإن تشكيل المالكي للحكومة من الكتل الثلاث، ليس أمراً جيداً لا لحلفاء العراق ولا للمالكي نفسه، فحكومة تأتي وفق هذا التوافق البرلماني ستضعف المالكي كرئيس، وهي المشكلة التي كان يعاني منها، وكذلك الأمر في حال تشكيل علاوي لحكومة وفق أي صيغة أخرى، إذ سَتَنتُج حكومة ضعيفة ومثيرة للقلق، فضلاً عن أن زيادة الاحتقان الطائفي ستكون نتيجة في الحالتين.
يبقى الحَلُّ الأمثل، وهو وصول الطرفين معاً لصيغة تفاهم، ربما على طريقة نجم الدين أربكان وتانسو تشيلر في تركيا، أو من خلال تقاسم الصَّلاحيّات، فيكون تشكيلهما للحكومة طَوقُ نجاة للعراق، كما أن من شأن مِثل هذا الاتِّفاق أن يُنتِج حكومة قويَّة وقادرة على فرض سياستها، خصوصاً فيما يتعلَّق بوحدة العراق وسيادة الدولة على كلّ أراضيه وثرواته، ومن شأن هذا التحالف أن يَضرِبَ التمزُّق والاحتقان الطائفي في مَقتَل، ويقدِّم للعراق حكومة تعبر عن مختلف أطيافِه وطوائِفِه، فاتفاق علاوي والمالكي سيجر الجميع خَلفه، وما اتضح من خلال تطور الخطاب المعلن خلال الأيام القليلة الماضية أنه أخذ منحى أقل حِدّة وأكثر إدراكاً لضرورة الحوار والتعاون من أجل مصلحة ومستقبل البلاد، والائتلاف الوطني نفسه أعلن صراحة أنه لن يشارك إن لم يكن علّاوي في الحكومة، لذا نَأمَل أن يجلس قُطبَا اللعبة معاً، ليتوصلا إلى تفاهم حول هذه المسألة لمصلحة العراق، غير ذلك فإن أي حكومة بقيادة أحدهما مع إقصاء الآخر، ستؤدي إلى زيادة الاحتقان الطائِفِي، واعتلال السيادة العراقية، والمزيد من العنف الداخلي، وهذا آخر ما نتمناه للعراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي