الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطأ التلميذ في القسم يفيد المعلّم و المتعلّم.

محمد كشكار

2010 / 4 / 6
التربية والتعليم والبحث العلمي


أنطلق دائما من نفس البحث الذي أجريته عام 2000 علي عينة تونسيّة تتكوّن من74 شخصا مستوي تعليم عالي.
السؤال المطروح في البحث: أعطوا تعريفا للخليّة العصبيّة ؟
نتائج البحث: 6 أشخاص المستجوبين أعطوا تعريفا صحيحا و كاملا, 59 أعطوا تعريفا صحيحا لكنه ناقص, 1 أعطى تعريفا خاطئا و8 لم يجيبوا علي السّؤال.
نستنتج من هذا البحث البسيط و المحدود في الزمان و المكان و العدد, أنّ المتخرّجين من التعليم العالي يخطئون في بعض الأحيان, و لا أستثني نفسي طبعا, فما بالك بالتلميذ؟
لننظر أوّلا في وضع الخطأ في المنظومة التربويّة عموما: يكتب الباحث الفرنسيّ’’ ميشال سارول" )1990 ( في مقال في كتاب
’’ تساؤلات حول التقييم" صفحة 110: نقتبس منه بنوع من التصرّف ثلاث آراء مختلفة حول مكانة الخطأ و دوره في التعليم:
ـ يعتبر العالم السّلوكيّ الأمريكيّ’’ سكينر’’ أن الخطأ مضرّ بيداغوجيّا.] ...[
ـ يقول’’ كراودر’’ إن الخطأ ليس ممكنا فقط بل متوقّعا في تكوين التلميذ.] ...[
ـ في نظام ‘‘لوقو ‘ للتّعلّم بالحاسوب, أين يبرمج المتعلّم الكمبيوتر بنفسه, يعتبر الخطأ, ليس فقط ممكنا أو محبّذا, بل طريقة تربويّة تشجّع التلميذ علي اكتشاف الأشياء بنفسه. ]...[
ـ تفرّق المساحة المخصّصة للخطأ في الدرس بين التعليم الخطّي و الفوقيّ )من الأستاذ إلي التلميذ( و التعليم المتفاعل )من الأستاذ إلي التلميذ و من التلميذ إلي الأستاذ و من التلميذ إلي التلميذ ;( أين يأخذ الأستاذ في اعتباره تصوّرات التلميذ حول موضوع الحصّة ويمكّنه من بناء معرفته بنفسه متفاعلا مع الخطأ. فالخطأ ينشّط انتباه التلميذ و يدفعه إلي إعادة التفكير والبحث عن الأسباب ] ...[
نقترح ثانيا عدّة طرق لإصلاح الخطأ استنادا إلي مقال ورد في نفس الكتاب المذكور أعلاه صفحة 123 للأستاذين ‘’قرانج
و ‘’رفّان’’ :
ـ يأخذ التلميذ على عاتقه إصلاح خطئه, أو يستعين بزميله.
ـ يقف عمل الأستاذ عند هذا الحدّ إذا كان الإصلاح الذاتي صحيحا لأن التلميذ اعتمد على نفسه و برهن علي كفاءة عالية
و المدرسة البنائيّة المنسوبة الي’’ بياجي’’ و’’ فيقوتسكي’’ تحبّذ هذا التّمشّي لأنه يخفّف من وصاية الأستاذ على التلميذ .
ـ إذا كان الإصلاح الذاتي خاطئا, يقوم الأستاذ بحثّ التلميذ على الرّجوع إلي التجربة أو إلى الدرس أو يعطيه معلومات إضافية أو يسأله شفويا أو كتابيّا حتى يساعده من جديد علي البحث على الجواب الصّحيح.
ثالثا, إذا عرفنا أن العلوم التجريبيّة تقدّمت عبر سلسلة طويلة من الأخطاء فلا نعجب من خطأ ارتكبه التلميذ في القسم أو نلومه أو ننهره. عندما يخطئ التلميذ يستفيد هو و زملاؤه أوّلا لأنهم سيعرفون الجواب الصّحيح و يستفيد الأستاذ ثانيا لأنه سيكتشف مستوي تلامذته مما يجبره على الإعادة أو تعديل درسه تماما أو تقديم درس آخر في بعض الأحيان.
نرجع الآن إلى واقعنا التّونسيّ بعد عرض النّظريّات )يعيبون عليّ دائما الاستشهاد بالنّظريّات و هل هنالك عمل لا يعتمد على نظريّات مسبّقة( و أطلب بكل لطف من زملائي التحلي بسعة الأفق لأن كل الأخطاء الّتي سأعرضها عليهم قد قمت بها سابقا و يمكن أن أقع فيها لاحقا فلا تغضبوا منّي و خذوا ملاحظاتي على أنها وجهة نظر لا أكثر و لا اقلّ: بعض الأساتذة يحتكرون الكلمة و يستعرضون عضلاتهم الفكريّة في القسم و لا يتركون مجالا للتلميذ الجيّد حتى يتمرّن علي التجربة و الخطأ و يقصون التلميذ الضّعيف, ليس عن قصد بل عن جهل بتاريخ و فلسفة العلوم و تعلّميّة الموادّ, فيتعقّد التلميذ وينفّر أو يكره المادّة تماما.
أعطي أمثلة علي ما سبق:
ـ المثال الأوّل: في حصّة الأنقليزيّة, يتكلّم الأستاذ أكثر من التلميذ ليملأ الفراغ لأنه لا يتمتع بمخبر مجهز بالحواسيب و السمّاعات الرأسيّة و هنا أطرح سؤالا: إذا لم نوفّر الفرصة للتلميذ كي يتعلّم النطق السّليم و التركيب الصّحيح في المعهد فأين سيتعلمهم إذا ؟
ـ المثال الثاني: في حصّة العلوم الطّبيعيّة, يحضّر الأستاذ الخلايا, بين صفيحتين زجاجيّتين, و يضعهما في المجهر و يضبط الرؤية
ثمّ يدعو التلامذة للمشاهدة فقط. من قال أن التلميذ يشاهد الخلايا و لا يشاهد فقاقيع الهواء و يحسبها خلايا؟ هل يتعلّم التلميذ من محاكاة الأستاذ فقط ؟ لماذا لا يقوم التلميذ بالتجربة من أوّلها إلي آخرها حتى و إن ارتكب خطأ؟ ما ضرّ لو كسر التلميذ, عن خطأ, آلة مهما ارتفع ثمنها؟
يبرر زملائي عدم إشراك التلميذ بكثافة البرنامج و ضيق الوقت و المحافظة علي التجهيزات و عدم انضباط التلامذة و الاكتظاظ في القسم و رب عذر أقبح من ذنب.
أرجوكم, اتركوا التلميذ يجرّب و يخطئ و سنحاول الردّ بكلّ لطف و موضوعيّة على حججكم الواحدة تلو الأخرى و قد يكون ردّي خاطئا:
ـ لنفترض أن البرنامج طويل و أنت قمت بواجبك و أنهيته في الآجال المحدّدة. قمت بواجبك نحو من؟ نحو المتفقّد؟ هل فهم التلامذة نصف البرنامج؟ ما الفائدة من حشو الأدمغة دون فهم؟ أستثني برنامج الباكلوريا لأن التلامذة مطالبون بامتحان وطني.
ـ اعلموا أن التجهيزات معدّة أساسا للاستهلاك و تخصّص لها ميزانيّة تعويض كل عام. هل بحجّة المحافظة علي مجهر أو حاسوب نحرم أبناءنا من التعلّم عن طريق التجربة و الخطأ؟ هل أجهزة المخبر أثمن من تكوين مخ تلميذ؟ اعلموا أن لوازم المخابر تعوّض و التلميذ الفاشل لا يعوّض و فشله قد يكلّف الشعب ألف حاسوب و ألف مجهر.
ـ التلميذ الّذي يعمل في القسم على حاسوب أو مجهر لا يجد وقتا للتهريج فينضبط بطبيعته و لا يجد مجالا للتشويش.
ـ المواد الّتي تجري فيها تجارب مثل العلوم و الفيزياء و التقنية, تعمل بنظام الأفواج, يعني نصف القسم, 20 تلميذ أو أقلّ فهي ليست مكتظة.
خلاصة القول: ‘’الخطأ هو محرّك القسم ‘’ ومثير للنقاش فالحصّة التي تخلو من الخطأ هي حصّة ميّتة لا يشارك فيها التلامذة و لا يبدون رأيهم فلا يتعلّمون لا علم و لا حريّة و لا ديمقراطيّة و لا سلوك حضاري بل يتربّون علي الذلّ و الخنوع للآخر دون نقاش.
يجب أن لا ننسي أن القسم هو المكان الوحيد الذي نقول فيه للمخطئ أحسنت أمّا في الحياة العمليّة, قد يعاقب الطّبيب أو المهندس المخطئ أو غيره بفصله عن العمل و حتى مناظرات التشغيل أيضا لا يسمح فيها بالخطأ لكثرة المترشحين.
أنهي دائما كل مقالاتي بطرح إشكالية: كيف نغير النظرة السلبيّة إلي الخطأ إلي نظرة ايجابيّة عند التلميذ و الأستاذ و الولي ؟
في النهاية أنا لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بتواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد لا بالعنف لا اللفظي و لا المادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ارتكاب الخطا في الخطا
طه طه ( 2010 / 4 / 6 - 21:50 )
اطروحتك قيمة ومنهجيتك سليمة للغايةفهي ناجعة وفعالة الى ابعد حد ولكن تطبيقها على ارض الواقع العربي مستحيل لان البديهيات التى ترجعك الى الصواب مغلوطة فالناس لفرط جهلهم باصول التعليم العالمي بما فيهم الاساتذةيحسبون انهم يحسنون صنعا حينما يشرفون على التلقين الخرافي المتعفن فيخرج التلميذ صنيع ايديهم وما رضعوه من خرافات فيدخلونه في ثقافة الملك والشيطان وما يحل وما لايحل فالموروث الثقافي المقدس لايمس بسوء ولايحق لاي كان ان يخطا فيه ولو عن غير عمد فالويل للتلميد الذي ينتقد شخصية عمر بن الخطاب فيزجر على الملئ وينبذ حتى يستتاب فالامر ليس انك تخطا وتخطا وتخطا حتى تدرك الصواب وانماالمشكلة في الصواب انه خطا ما دام انك تبداه بافتتاحية غير علمية وهي البسملة وتنهيها بالحمدلة وهذاهو عين الخطا فليبق التلميد ضحية الخطا لانه استاده حشاه بالخطا وتكريمه مرهون بمقدار خطئه ما دام لايتعدى المحذور فخطا التلميذ هو صوابه فلا نصححه بخطا اكبر نكبله به طول حياته فيخرج للحياة مقولبا منهوكا بيجوز وما لايجوز ضيق الافق سيئ الظن معتوها يستعصى على امهر الاطباء علاجه ودواليك حتى يصبح هو الاخر فتاكا

اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست