الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق الجرذان في العراق

ساطع هاشم

2010 / 4 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لاادري اذا ماكانت اسطورة الجنة وجهنم ستبقى خالدة في اذهان العراقيين ام لا , فاذا ما كانت هناك جهنم حقا فقد عاشها العراقيون على مدى اربعين سنة من حكم الطغاة البعثيين , وسبع سنوات من حكم رجال الدين المؤمنين المتقين .
وكل مانعرفه عن صفات جهنم كما وردت في الميثولوجيا العراقية القديمة وفي مخيلة الناس منذ فجر السلالات وحتى القرون الوسطى الاسلامية ...مرورا بالمغول والتتار والحكم العثماني ...قد تحققت على ارض الواقع خلال الجيلين الاخيرة وتحول العراق كله مسرحا لجهنم تلك...التي صاغها المعتقد والخيال الشعبي العراقي وحاول تجنبها ودرء اخطارها ..بالتيمم والصلوات ...بالعمل والملل وتعذيب الذات ...بالطاعة والانصياع ...بالصبر والانتظار ... بالجَلد والحكمة ...ورغم ذلك فقد وقع فيها بدنياه قبل اخرته .
فبعد اربعين سنة قضاها العراقيون ينتظرون الفرج في محطات الجلادين البعثيين , ركبوا خلالها قاطرات الموت والدمار , قاطرات السجون والمعتقلات والوشايات واذابة الاجساد بالتيزاب , قاطرات الحرب لاجل الحرب والدمار لاجل الدمار , قاطرات المنافي والتهجير القسري والمقابر الجماعية والمسح الكيمياوي والموت لاجل الموت.........
وصلوا اخيرا الى محطة الجندي الامريكي ...فأبتسموا بعد نسيان الابتسام ...وامتلاوا املا وتفاؤلا بعد اربعين عام ....ومن فرط ابتهاجهم غنوا كل انواع الغناء ...دون ان يدرون ان رقابهم ستسلم للذبح ثانية وسوف يتحولون الى اسرى فور الوصول للمحطة القادمة .....محطة المؤمنين المتدينين المتقين الواسعة والممتدة من دولة الفقيه ....الى دولة العراق الاسلامي .... ولك وحدك ان تتخيل اعماق انفاقها المظلمة ......
اقول هذا ونحن نعيش فصول الجحيم الجديدة بانتخاباتنا وديمقراطيتنا المزورة ...المحروسة بخطباء الجوامع وميليشيا المؤمنين وفساد النفوس وحراب رجال الدين وسطوتهم وجشعهم والمحتفى بها بالمسيرات المليونية ...وتطبير الرؤوس وتعطيل العمل والدراسة ...وقطع الماء والكهرباء...والغاء التنمية والتعمير..وسن قوانين اللامساواة واللاعدالة ...في برلمان اللصوص ورجال الاعمال الدجالين .
يطلق عادة على رجال الدين الذين يمتهنون السياسة في العالم المعاصر اوصاف مثل دجالين وكذابين ومنافقين وغيرها الكثير ويرجع ذلك في قسمه الاكبر الى تعقد مفهوم السياسة نفسه بالعالم الحديث وتحوله الى علم واختصاص قائم بذاته ولان ممارستها ونظرياتها بحاجة الى التفرغ الكامل وتحتوي على الكثير من المضامين التي لاتتوافق مع منهج الدين وهذا مافهمه العقلاء من رجال الدين في العالم (وفي بلادنا ايضا) منذ العقود الاولى للثورة الصناعية في القرن التاسع عشر وتراجعوا منذ ذلك الحين لانهم ادركوا تماما ان زج انفسهم بالسياسة سيجبرهم اجلا ام عاجلا على خلط الكفر بالايمان وارتكاب المعاصي والذنوب , حيث السياسة في المجتمعات الصناعية والتي في طريقها للتحديث هي غيرها التي كانت في المجتمعات الزراعية/ الفلاحية عندما كان الدين هو الطريقة الوحيدة لتفسير العالم والظواهر , ففي تلك الازمنة المنقرضة لم تكن هناك حاجات زماننا الصناعي والتكنلوجي الحالي لاالمادية منها ولا الروحية فكانت الاجابة على الاسئلة الصعبة من اختصاص وهموم قوى علوية خارقة وكان الناس قانعين بما يقوله لهم الملا والسيد والحجي والزاير والفقيه والقس والاب وغيرهم ...من اجابات وتأويلات اما الان فلا احد يقبل بدعاوي وتأويلات الحجاج والملالي والشيوخ والدراويش والقساوسة والفقهاء للعلوم والمعارف والاداب والفنون ولما ينبغي ان يكون او لايكون فقد اصبح المتعلمين سادة انفسهم ومبتكري قيمهم وبغير حاجة الى تعاليم تاتيهم من وراء القبور فقد تعقدت الحياة بشكل كبير واكتشف الانسان الحديث مالم تعرفه جميع الحضارات السابقة مجتمعة واصبح التعليم اجباريا الى كل من هم دون السادسة عشر من العمر واصبح لكل زاوية في هذا العالم ولكل مهنة مختصين مهنيين يكرسون سنوات طويلة من حياتهم للبحث والدراسة وهذا التقدم المتسارع في العلوم والتكنلوجيا يقابله عندنا ركود وجمود وتخلف كثيف في العقليات والاذهان التي مازلت متعلقة بالغيب وبكل ماهو محتضر وميت منذ اكثر من قرنين من الزمان .
طبقة رجال الدين المتخلفة والفاسدة هذه التي تتحكم بمصير العراقيين الان لها جيوش مجهزة بانواع الاسلحة الحديثة للوصول الى انذل الاهداف , سوف يستعملونها ضد اي طبقة اخرى تنافسهم على السلطة وتحاول ازاحتهم , وفي سباقهم المحموم كالجرذان لابتلاع (جبنة) السلطة فهم على كامل الاستعداد لاغراق العراق بالدماء في سبيل كراسيهم واموالهم المنهوبة من قوت الشعب البائس وسوف ننتهي مرة اخرى الى الحلقة المفرغة التي لاتنتهي ..طغيان استبداد ..دكتاتورية ...مقابر قتلى ...وضحايا حربنا الاهلية الدائمة تشب وتتوسع في الافاق ...وكأن هذا هو قدر العراقي ومصيره المشؤم لما بقي من عمر الازمنة ....
فاذا كان الامريكان قد احتاجوا ثلاثة اسابيع لاقتلاع البعثيين ونظامهم من العراق ...فالعراقيون الان بحاجة الى ثلاثين سنة وربما ثلاثة قرون لاقتلاع طبقة رجال الدين واحزابهم وميليشياتهم ونظامهم الجائر هذا منه....الذي سلطه علينا بول بريمر ورحل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - للجرذان أبواق
حسين محيي الدين ( 2010 / 4 / 22 - 13:43 )
الاخ ساطع . مقالة رائعة ولكن هل تعلم ان لهؤلاء الجرذان أبواق ؟ وان هذه الابواق تجدها في الكثير من الاوساط الاعلامية والثقافية من اليسار ومن اليمين وهنالك من يعتقد بأن بوش هو المهدي المنتظر وهومخلص العراقيين وهو كفيلهم في الجنة ومن يسقيهم من ماء الكوثر ويدعون الله ليل نهار لكي يطول عمر الاحتلال ويلعنون حتى الممانعةالسلمية وهم نفسهم من روج لصدام حسين من قبل . أقول قولي هذا لعلهم يهتدون

اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح