الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أدونيس: عائدون إلى القرون الوسطى

اسكندر حبش

2010 / 5 / 6
الادب والفن



05/05/2010

للوهلة الأولى، بدا الأمر وكأننا داخلون إلى حفل استقبال أكثر مما نحن داخلون إلى حضور لقاء حواري مع أدونيس. القاعة الأنيقة في فندق «البريستول» (بيروت) أضفت جواً مهيباً على «الحدث»، وكثرة النُدُل المتنقلين بين أرجاء القاعة، شكلّت جمهوراً لوحدها، قبل أن «يضيعوا» بين المدعوين الذين تكاثروا تدريجاً. تنظيم «أنيق» تُشكر عليه جامعة البلمند التي دعت إلى لقاء الشاعر والمفكر. ربما أحبت الجامعة في ذلك أن تتفادى إحراجاً ما. هذا ما خطر في بالي، وأنا أستعيد قصة غياب الجمهور عن أمسية أدونيس في معرض الكتاب الفرنكوفوني، الذي أقيم منذ أشهر في بيروت. بالتأكيد، لا بد أن جامعة البلمند بحسن تنظيمها حققت فوزاً على معرض الكتاب الفرنكوفوني. لقد وضعت الشاعر والمفكر في مكانه الصحيح هكذا لن يستطيع أي محاضر أن يغض الطرف، مستقبلاً، عن دعوة أخرى فيما لو جاءت من الجامعة نفسها، إذ تتيح له أن يبدو «متميزاً» ومميزاً إن من ناحية الحفاوة أو الحرص أو الجمهور.
اللقاء الحواري مع أدونيس، أمس (بدأ في السادسة مساء واستمر لغاية الثامنة)، لم يحفل بالكثير من الأفكار الجديدة، بل نستطيع القول إنه استعاد ما نظّر له طيلة حياته، من الناحية الفكرية، ولم يتطرق إلى القضايا الأدبية، بصفتها قضايا مستقلة بحد
ذاتها. من الناحية الفكرية، خلص أدونيس الى القول بصددها «أعتقد أخيرا أن البلاد العربية سائرة نحو قرون وسطى جديدة، لا بالمعنى الإسلامي، بل بالمعنى الكنسي القروسطي».
في أيّ حال، وبالعودة إلى تفاصيل هذا اللقاء، كان بدأه جورج دورليان الذي رحب بالشاعر والحاضرين، معتبرا أن «الحوار مع أدونيس ليس بحاجة إلى دعوة، إذ أنه ممكن في أي وقت وفي أي مكان، لأن الشاعر لم يغب عن لبنان وإن كان يقيم في فرنسا».
رغب أدونيس في محاضرته أن «يأخذ من الحاضرين أكثر مما يسمع، معتبراً أننا نعيش (نحن العرب) في عالم تقوده وتوجهه المسبَّقات السياسية والدينية الفكرية، وهي مسبَّقات شبه مطلقة، وليست سابقة على التجربة بل تعرقل التجربة وتبطلها. وقد حدد المسبَّقات على الشكل التالي: المسبق السياسي والمسبق الديني الفكري والمسبق الحياتي.
بدأ أدونيس الحديث عن هذه المسبَّقات منذ عهد السقيفة التي اعتبر أنها أعاقت الحياة السياسية والعربية وصولاً إلى عصر النهضة، الذي علينا أن نطرح عليه العديد من الأسئلة، لأنه لم يستطع أن يترجم تحولات وظروف المجتمع. قرر أدونيس أن عهد السقيفة كرس «إسلام الخلافة الذي ألغى إسلام الرسالة»، ووجد أن النص الديني ألغى ثقافة الجسد، لكن أدونيس أشار إلى أن هناك أختراقات ومعارضات للنص الديني سماها قراءات أولها «القراءة الشعرية» معتبراً أن الشعراء منذ القرن الثاني للهجرة تخلوا كلياً عن المرجعيات الدينية، بينما وجد أن جميع الفلاسفة (وهذا ما أسماه بالقراءة الفلسفية) من دون استثناء قاموا بمحاولة للتوفيق بين ما أسماه الوحي الإسلامي والعقل اليوناني إذ فهموا أن الوحي لا يقره إسلام الخلافة (أي الشرع). أما القراءة الثالثة، فهي «قراءة الصوفية» التي وجدها أكثر جذرية لأن القراءة الصوفية غيرت مفهوم الله ذاته.
هذه القراءات التي وردت في محاضرة أدونيس مساء أمس، موجودة في العديد من كتبه النظرية، بدءاً من «الثابت والمتحول»، وحتى «الصوفية والسوريالية»، لكنه قدمها أمس، عبر محاولة الدخول إليها آنيّاً، أي من اللحظة المعيشة. من هنا، اختصر كل هذه الأفكار في النهاية بعدة نقاط انتهى منها الى أن الإسلام الإيديولوجي السياسي أنهى إسلام الرسالة وحل محله في جميع الميادين ليصبح اليوم إسلام البرقع والحجاب والفتوى، وأن النزعة القومية العربية أنهت العروبة الثقافية وأنهت الآخر، وأن سياسة الدول العربية الراهنة أنهت الوطن ومفهوم المجتمع الواحد، كما أن النتاج الفكري الأدبي الراهن يبتعد عن ملامسة القضايا الجوهرية، فهو شعر يغني ولكن لا يتكلم وفكر يتكلم لكنه لا يقول شيئاً، ليجد أخيراً أن النزعة الإرجائية هي التي تسيطر على كل شيء أساسي فهو يرجأ لأسباب شتى سياسية وأيديولوجية ويبقى خارج البحث وينسى أمره مستشهداً بما سماه هيديغر «نسيان الكينونة»، هكذا نحن في نظر أدونيس في حال من النسيان التاريخي لأمر آخر.


عن السفير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في