الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق-جنوب افريقيا ؛المصالحة والفساد وكرة القدم

احمد مكطوف الوادي

2010 / 7 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من تابع ويتابع مباريات كأس العالم المقامة حاليا في جنوب افريقيا وفي اغلب مدنها ، تسعة مدن وبعشرة ملاعب من أروع مايكون ، سيدرك حجم التطور الذي وصلت له تلك الدولة وقدرتها على تنظيم اكبر حدث لبطولة كروية في العالم وإنجاحها امنيا وإداريا وفنيا .و تقع جمهورية جنوب افريقيا الفيدرالية في الطرف الجنوبي للقارة السمراء، حيث يلتقي المحيطان الاطلسي والهندي، وعدد السكان نحو 48 مليون نسمة، وتتكون من تسعة اقاليم أو مقاطعات، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تتوزع السلطات الثلاث فيها بين ثلاث مدن ، العاصمة السياسية وهي بريتوريا وفيها مقر الحكومة، مدينة كيب تاون وفيها مقر البرلمان(480 عضوا)، مدينة بلومفونتاين وفيها مقر السلطة القضائية، ومدينة جوهانسبرغ عاصمة الذهب والاقتصاد وفيها مقر المحكمة الدستورية العليا، يشكل السود الافارقة 85 بالمئة من السكان، والبيض المنحدرين من اصول اوروبية ( بريطانية وهولندية وألمانية وفرنسية) 9 بالمئة ، ويطلقون على انفسهم اسم الافريكان، ويتحدثون لغة مشتقة من الهولندية ممزوجة بكلمات ألمانية وإنجليزية أطلقوا عليها اللغة الأفريكانية، ويشكل الملونون والآسيويون نسبة 4 بالمئة من السكان، ثم الهنود 2 بالمئة من نسبة السكان. وبحسب إحصائيات أجريت في العام 2001 فأن 80 بالمئة من السكان مسيحيون، 1.5 بالمئة مسلمون، 1.2 بالمئة هندوس،0.2 بالمئة يهود 0.3 بالمئة ديانات محلية، بينما يشكل عديمو الدين 15 بالمئة. ويعترف في جنوب افريقيا بـ 11 لغة ، ولكن الانكليزية هي اللغة الرسمية الأولى والأكثر انتشارا.
هذه الدولة التي خرجت حديثا من صراع عنصري ملون بين أقلية بيضاء حكمت البلاد واضطهدت سكانها وبين أكثرية سوداء اضطُهدت وحكمها البيض في أسوأ نظام للفصل العنصري لمدة 40 عاما.
ومن يتابع الفريق الجنوب إفريقي لكرة القدم ، سيلاحظ إن جميع الفريق يتكون من الأفارقة السود وطبعا لست هنا في مجال الاعتراض أو النقد فكما تقول الأهزوجة الشعبية (البيه خير يبين بالساحة) وهي محاكاة لقاعدة (الرجل المناسب في المكان المناسب)
والكفاءة وحدها من يحدد من سيكون حارس المرمى ومن سيكون المدرب ومن سيكون صانع الألعاب في الفريق ، دون الالتفات إلى تزيين الفريق بوجوه شقراء وبيضاء للإشارة للمصالحة والشراكة الساذجة والكاذبة التي تطبق في العراق والتي في حقيقتها إنها محاصصة .
هل يمكن للعراق أن يخطوا كتلك الخطوات ؟
فمثلا لو كان فريقنا القادم الذي سيشارك في بطولة الأسياد الأسيوية للدفاع عن لقبه كرديا بالكامل هل سيسمح العرب والتركمان بذلك أو قل هل سيسمح من نصبوا أنفسهم محاموا دفاع عن حقوق تلك المكونات ؟
ليستفادوا هم ومقربيهم وأتباعهم ومريديهم من كل ذلك ؟
ولو كان الفريق عربيا بالكامل ترى هل ستنقل حكومة الإقليم مباريات المنتخب على شاشات قنواتها؟
وهل ستسمح بنصب شاشات عملاقة في مدن الإقليم؟
ولو كان الفريق سنيا وكان كل لاعبيه من السنة فهل سيتابع الشيعة مبارياته؟
ولو كان العكس صحيحا وكان الفريق شيعيا بالكامل هل يتوقف الإخوة العرب وقنواتهم الفضائية وما يعرف بالمحللين الإستراتيجيين عن وصمه بالطائفي؟ لقد ضاعت العديد من الكفاءات الكروية في العراق واستنزفت واضمحلت الطاقات الجبارة في كل الميادين بحسرة وألم
إن ما يجري اليوم في عملية تشكيل الدولة العراقية بما فيها الرياضة العراقية من صراع مرير ومحاصصة مقيتة في كل شي وعلى كل شيء مابين الاتحاد واللجنة الاولمبية واللاعبين والمدربين وإدارة الأندية الجماهيرية أمر مخجل وهو لا يتوقف على حال الرياضة كما أسلفنا وإنما هو حال البلد بأكمله (محاصصة عفنة) جاءت بالكثير من الفاشلين إداريا وسياسيا وبالسراق واللصوص وبقايا البعث ليتربعوا على إدارة الكثير من مؤسسات الدولة لتصبح إقطاعيات لهذا الحزب أو لتلك الفئة .
إن احترام الاختصاص والكفاءة في تشكيل الحكومة القادمة وفي كل تشكيلات الدولة سيحدث طفرة في الأداء السياسي والخدماتي ولكن على مايبدو إن الكيانات السياسية الموجودة حاليا لا يمكن لها أن تتجاوز مسألة المحاصصة وما سفراؤنا الجدد الذين بدئوا بتسلم مهامهم لخير دليل،فقد عين سفيرا كل من لم يستلم حصته من كعكة الداخل وكل من فشل في الداخل وكل من تعب من حر الصيف ولوعة الحياة في العراق والكثير ممن لم يعرفوا عن السفارة سوى فلم عادل إمام (السفارة في العمارة) .
وكذلك فأن الصراع المرير على السلطة اليوم ينبئ باستحالة وصول الأكفاء والذين يعملون للوطن فقط،وقد علق السيد ريس الوزراء نوري المالكي على استقالة وزير الكهرباء بقوله(انه لا يعرف شخصا أكفأ منه) أي وزير الكهرباء وأنا أقول لقد صدقت يا رئيس الوزراء وربما لا تعرف أكفأ من وزير التجارة ووزير التربية ووزير المواصلات والخارجية ووووو ؛ فلا برنامج واضح لاستقطاب الكفاءات التي يزخر بها العراق وكيف سيصل إليكم والى أسماعكم مهندس في الكهرباء من نكرة السلمان أو الزبير أو القائم أو حتى من المحمودية لا سيما لو كان مستقلا وصامتا ومهمشا
كثيرا ما كنا نسمع من المحللين وأرباب الفضائيات والزاعقين الصائحين عن المصالحة وتجربة جنوب افريقيا في المصالحة ،ترى هل يدركون ويفهمون ماذا تعني المصالحة في جنوب إفريقيا ؟
إن المصالحة التي ينشدها الجميع في العراق من اجل السلم المجتمعي و الأهلي يجب أن تبدأ بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومن ثم التصالح مع الشعب الذي أصبح في واد والطبقة الحاكمة في واد أخر.
وربما هم يأخذون واحدا من معاني المصالحة فقط ويتركون الباقي ،يأخذون فقط (عفا الله عما سلف ) فيعفى عن من تلطخت أياديهم وجيوبهم بدم العراق وأموال العراق ما قبل وما بعد 2003اما باقي مفردات المصالحة فلتذهب إلى الجحيم مع إن العفو الأفريقي له شروطه ومسوغاته القانونية والتي تبدأ بالاعتراف والاعتذار .
التقيت يوما بأحد الأفارقة البيض وطبعا لم اعرف انه جنوب افريقي إلا حين رأيت العلم يطرز صدره
قلت له :ما رأيك بمانديلا
قال:احترمه كثيرا،حتى وان كان اسودا فقلبه ابيض
قلت له وزوما:قال اكرهه ليس لأنه اسود ،اكرهه كإنسان ،لأنه لا يطبق مايقول،انه عنصري
هل تحب الساوث افريكا وعلمها : وكيف لا أحبها وفيها نما لحمي واشتد عظمي وعقب قائلا لا اكره الرئيس لعرقه ولونه ولكني لا أحبه كشخص واكرهه كسياسي
وزوما الرئيس الحالي اتهم عام 2006بتهمة اغتصاب هزت البلاد، وأثناء محاكمته تمَّت تبرئته من التهمة لاحقا،ثم أقرَّ زوما بأنه كان قد ارتكب خطأ بممارسته الجنس بشكل غير آمن مع امرأة كان يعرف مسبقا بأنها تحمل فيروس الايدز (HIV). وقد كانت تلك المرأة أيضا ابنة أحد أصدقائه وهو متهم اليوم بإقامة علاقة مع سونونو كوزا، وهي ابنة إيرفين كوزا، رئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي تقام في البلاد وقام الرئيس بدفع تعويضات لأسرة سونونو، البالغة من العمر 39 عاما، وذلك لتسببه بحملها بطفلة وضعتها في الثامن من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويهاجمه خصومه السياسيين وأبرزهم باتريشيا دو ليلي، زعيمة حزب الديمقراطيين المستقلين في جنوب أفريقيا فتقول(هو ذلك الشخص الذي يبشِّر دوما بالسلوك الجنسي المسؤول، لكنه يبعث برسالة تقول: لا تفعلوا ما أفعل، بل افعلوا ما أقوله لكم).
ودافع الناطق بأسم الحزب الحاكم (حزب المؤتمر الوطني الأفريقي) بالقول (من المعيب استغلال قضية خاصة كهذه لتحقيق مكاسب وأغراض سياسية. هذه قضية خاصة، وقد جرى حلُّها، ومن الانتهازية بمكان أن تعمد الأحزاب السياسية إلى إثارة الصخب بشأنها من جديد) ويتخوف الكثيرون من صعود زوما وتحوله إلى شخصية كاريزمية محببة للكثير من السود من خلال خطاباته الممزوجة بالغناء والصراخ والرقص وتحويل الجماهير إلى كتلة تصفق فقط وبالتالي إثارة المشاعر العنصرية عند البيض مرة أخرى خصوصا بعد قراءته لأناشيد تذكر بفترة التمييز العنصري وتلويحه بهزيمة البيض وبالتالي التخوف من انحراف المسار الديمقراطي للبلاد وعودة التكتلات العرقية التي يأمل الكثيرون هناك بتجاوزها،والنزوع نحو التسلط والدكتاتورية شأنها شأن الكثير من جمهوريات افريقيا،وزوما المعروف في افريقيا على انه مدمن جنسيا من خلال زيجاته الكثيرة وصداقاته فقد تزوج خمسة مرات وانجب اكثر من 19 طفلا لم يتهم بالفساد الإداري ولم يتهم زوما بضياع الأموال التي كان شعاره أثناء الانتخابات بالقضاء على الفساد ومحاربته وقد تقدمت حكومته بخطوات واثقة وما تنظيمه المونديال ونجاحه إلا دليل على ذلك ولم يتهم زوما بتعيين الأقارب وبناء القصور وغياب الكهرباء والخدمات ولم يتهم زوما بالتقصير في ملف التحضيرات لكأس العالم
ربما ينظر البعض إلى زوما بعد هذه المقدمة ألان من منظار أخر يخص إدمانه الجنسي وخروجه عن المألوف الذين يتصورونه وأنا أظن انه اشرف بالكثير من السراق والمرتشين من المسؤولين سابقا ولا حقا الذين يسرقون المال العام و الذين يحملون إلى نسائهم وأعراضهم وبناتهم مال سحت وحرام مقتطع من أفواه اليتامى والجائعين ومغتصب من أهله ومستحقيه فقد يكون زوما قد اغتصب فتاة لكن المسؤول السارق قد اغتصب حقوق الملايين، ولا ادري كيف يغفلون عن إرادة الله وعدله وحكمته والذي عاش في العراق يعرف كيف كان سلوك عوائل الطغاة من النظام السابق وجلاوزته وجلاديه وما آلت إليه أحوالهم بعد ذلك في التشرد والضياع .
قلت للإفريقي الذي التقيته هل كنتم مخطئين سابقا:قال وكيف لا، لقد عملنا الفظائع وأخطأنا كثيرا أما اليوم فنحن نعيش في دولة واحدة بنفس الحقوق ونفس الواجبات وبلدنا يتقدم وسننظم كأس العالم عن قريب
وألان لا اعرف ماذا سيقول ذلك الافريقي حين يرى فريقه الوطني اسودا من حارس المرمى وحتى أول لاعب في ساحة الخصم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيه طيبه
هند كريم ( 2010 / 7 / 6 - 14:21 )
كثيره هي المواعظ التي على السياسين العراقيين الاقتداء بها وماقدمه الاستاذ احمد .جنوب افريقيا واحده من تلك الموعظ... لعلهم يعقلون بواحده منها ويتنازلون عن اسلوب المحاصصه الطائفيه المقيته التي مازالت تهدد بنشوب حرب اهليه اذا مابقي المتنفذين العزف على اوتار الطائفيه والقوميه...التي تهمش دور الكفاءات العلميه المخلصه والنزيهه في الاخذ بدورها وتطبيق الشخص المناسب في المكان المناسب...مازالت الكره في ملعب هؤلاء ولم يفوت الاوان للسير بخطى صائبه نحو الطريق الصحيح من انشاء حكومة تكنوقراط مع المحافظه على الاستحقاق الانتخابي ودون تهميش دور القوى الوطنيه ذات الايادي البيضاء في تشكيل الحكومه المقبله ....

اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع