الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الكوميديا التراجيدية وجدلية الخسارة لدى شكسبير
ضياء ثابت السراي
2010 / 7 / 5الادب والفن
لم تكن مسرحية الليلة الثانية عشرة لشكسبير مجرد كوميديا تثير المرح في نفوس القراء أو المشاهدين ، بل كانت كوميديا تحمل طابع التراجيدية في الكثير من الشخصيات الفاعلة في المسرحية .
وقد فعل شكسبير في هذه المسرحية فكرة (الكوميديا التراجيدية)
( Tragicomedy) مع شخصية ملفوليو(Malvolio )الذي كان مدير منزل الدوقة اوليفيا (Olivia) والعاشق المتيم لهذه السيدة ،الذي انطلت عليه الحيل التي حاكها له خدم وأقرباء سيدة القصر.
ملفوليو كان شخصية مثلت الالتزام والنظام وقد أشار الكثير من النقاد الانكليز إلى انه كان رمز لمجتمع البيورتن، الذي امتاز بتقاليده الخاصة وأصوله في الحياة ... والحقيقة أن هذه الآراء ليست ببعيدة عن الصورة التي رسمتها أنامل شكسبير لهذه الشخصية ،التي أمتعت القراء بالمواقف التي وقع فيها خلال أحداث المسرحية ،لكنه كان في نهاية الأمر ضحية للمجتمع وضحية لغروره وكبرياءه اللذان وجها أفعاله وسلوكياته إلى أن يكون ساذج تنطلي عليه الحيل والمكائد .
(الكوميديا التراجيدية) ( Tragicomedy)، تقنية الكتابة بفن السخرية المتزن للوصول إلى جدلية الخسارة على كل المستويات في الحياة والتي تبدأ من عدم تقييم الفرد لذاته بالشكل الصحيح ،حيث يقوم الفرد برسم صور ذاتية تبتعد عن الحقيقة وتعطي انطباعات للفرد نفسه بأنه فوق المستوى الواقعي للبشر الآخرين وانه الأفضل... لذا فان أي تصرف يدعم أفكار الشخصية تلك باتجاه تعظيمه تكون حقيقية بالنسبة إليه، وهذا الذي حدى بملفوليو إلى الجنوح نحو ألا حقيقة والابتعاد عن الواقع وتصديق أكذوبة حب سيدة القصر له ... وبالتالي فانه تحول إلى سجين في إحدى غرف القصر متهم بالجنون أو المرض .
والكوميديا الترجدية تكون على اغلب مرافقة للشخصيات الثانوية في العمل الادبي رواية كان او مسرحية ...وتدعم الكوميديا التراجدية الحبكة في المسرحية او الرواية بشكل عام وتكون احداثها على مستوى البحكة الثانوية للشخصيات الثانوية ايضا ...لكنها تقود في اغلب الاعمال الى ان تفعل وتدفع وتحرك الحبكة الرئيسية في العمل الادبي .
السخرية التي امتازت بها مسرحية الليلة الثانية عشرة لم تكن سخرية مبتذلة لغرض الضحك والمرح ،ولم تكن سخرية رخيصة ... بل كانت سخرية موقف وأشخاص ومكان وزمان في أن واحد وبطريقة محترمة أضفت على المسرحية جو من السكون الذي قد يرافق الضحك فلا يستطيع القارئ أن يضحك فقط !! بل يضحك ويعتصر قلبه حزنا في الوقت ذاته لان التعاطف الذي أوجده شكسبير بين القارئ والشخصية كانا سبب تلك الحسرة التي قد تطغى على الابتسامة في اغلب الأحيان ... فلا يتسنى للقارئ أن يتمتع بالابتسامة في هذا الموقف أو ذاك بلا أن تتحرك مشاعره نحو التعاطف مع الشخصية مثار السخرية .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - مفاهيم التراجيديا الكوميدية
محمد العربي
(
2010 / 7 / 6 - 08:25
)
لم يكن شكسبير صاحب هذه المدرسة في الفن ،اذ لم يكتشفها شكسبير بل كانت من افكار ومكتشفات ارسطو الفيلسوف الشهير ، لكن شكسبير استطاع توظيفها بعد ان استلهمها من ارسطو.
التراجيديا الكوميدية او الكوميديا التراجيدية لاتمثل فن يمكن الوقوف عن مفرداته بل هي وسيلة من وسائل الفن ، وفي الليلة الثانية عشر لشكسبير لايمكن ان نعد ملفوليو كشخصية فاعلة لانه مجرد شخصية ثانوية في المسرحية ،وباعتقادي قد يكون مجرد شخصية اعتيادية لاتمثل الرمزية او الحافزية في المسرحية .
.. تعرّفوا إلى قصة “الخلاف بين أصابع اليد الواحدة” المُعبرة مع
.. ما القيمة التاريخية والثقافية التي يتميز بها جبل أحد؟
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان
.. حلقت شعرها عالهوا وشبيهة خالتها الفنانة #إلهام شاهين تفاصي
.. لما أم كلثوم من زمن الفن الجميل احنا نتصنف ايه؟! تصريحات م