الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الاحساس بالمواطنة العراقية

نجاح العلي

2010 / 7 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان المجتمع العراقي ينظر الى المواطنة بمنظور آخر يختلف عما هو متداول في ثقافات الشعوب الاخرى رغم ان الدستور العراقي قد اوضح ان المواطن العراقي هو كل من ولد لاب او لام عراقيين، لكن وفق المنظور الاجتماعي العراقي الذي تشكل بفعل طغيان المد القبلي والعشائري على الحياة العراقية، ان المواطن لابد ان يكون ذا حسب ونسب ووجاهة لكي يتبوأ المناصب السياسية والوظيفية، اما معيار الكفاءة والمهنية والنزاهة فهي ليست ذات اهمية او انها اشياء ثانوية.
ليس الوطن الذي ينتسب إليه المواطنون هو الذي يحدد لهم نوع الهوية التي إليها ينتسبون، فالوطن الواحد قد تتعاقب عليه نظم مختلفة بل ومتناقضة، وقد يوجد تداخل لدى البعض بين مفهومي المواطنة والهوية الا ان هناك فوارق كبيرة بينهما، فالمواطنة انتساب جغرافي إلى أرض معينة، والهوية انتساب ثقافي إلى معتقدات وقيم ومعايير معينة.
وبتعبير ادق ان الهوية لازمة للمواطنة؛ لأن المواطنين لابد لهم من نظام سياسي، وعلاقات اقتصادية واجتماعية، وقوانين تضبط هذه العلاقات. وكل هذا إنما يبنى على معتقدات وقيم ومعايير؛ أي على هوية معينة لذلك يمكن اعتبار الهوية إذن هي النظارة التي يرى من خلالها المواطنون ما هو مناسب أو غير مناسب، صالح أو غير صالح لوطنهم. فإذا اختلفت النظارات اختلف تقويم الناظرين إلى ما ينظرون إليه، وإن اتفقوا على الحقائق الحسية، وإذا صح هذا فإن المواطنين مهما كان إخلاصهم لوطنهم وحرصهم على مصلحته لايمكن أن ينظروا إلى تلك المصلحة باعتبارهم مواطنين فقط، بل لابد أن ينظروا إليها بحسب هوياتهم.
في نقاش علمي مع بعض العراقيين المتخصصين في علم الاجتماع بعضهم مقيم في داخل العراق والبعض الاخر قرر العيش والاستقرار خارج العراق، اجمع هؤلاء المتخصصون وفق تحليل علمي ودراسات اكاديمية على ضعف المواطنة العراقية داخل العراق لعدة اسباب اهمها الاهمال الحكومي والتفاوت الطبقي والشعور بالغبن والحرمان وتغليب الهويات الاثنية والقومية والدينية والمذهبية والعرقية على حساب الهوية الوطنية، في حين نجد ان العراقي المقيم في بلدان اخرى وبخاصة في الغرب يجد الرعاية والاهتمام به وبعائلته واهمها الضمان المعاشي والصحي ما يقوي مبدأ ومفهوم المواطنة لديه فلا غرابة ان نجده يفتخر بانتسابه الى هذه الدولة التي لم يولد فيها لانها احتضنته ووفرت له ملاذا مرفها بغض النظر عن ميوله الدينية والايديولوجية او مهاراته او تحصيله العلمي.
انها دعوة لمراجعة الذات العراقية وجلدها للوصول الى المواطنة الحقة المبنية على الولاء والكفاءة والمهنية بعيدا عن الانتماء القومي والديني والمذهبي والطائفي والعرقي التي اثبتت التجارب القريبة فشلها خاصة في تبوؤ المناصب الرسمية والمهنية، والرجوع الى الهوية الوطنية باعتبار العراقيين متساوين في الحقوق والواجبات، وان الحقوق هذه مثبتة دستوريا لكنها على ارض الواقع منتهكة وغير معمول بها واستعيض عنها بالمحسوبية والحزبية الضيقة والولاء الديني والمذهبي والقومي.
*اعلامي واكاديمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضعف المواطنة بسبب السياسات الخاطئة
مناف سالم ( 2010 / 7 / 15 - 10:28 )
اعتقد ان السبب الرئيس لضعف المواطنة العراقية هو الساسات الخاطئة للسلطة في تعاملها مع المواطنين باعتبارهم قطيع لابد ان ينقاد بقوة ومهانة مما سبب ردة فعل وقطيعة وكره لهذا السلطة ومن ثم انعكس الامر على اشاعة مفهوم اللاابالية وخاصة الجيل الذي دخل في الحروب والحصارات ليخرج ويرى ان الجالسين هم من حصلوا على الثروة والسلطةوالنفوذ والجاه وبقي هو مهمشا لاحول ولا قوة له

اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام